الكلام في مال التجارة

[حكم -10] اختلف الفقهاء في حكم مال التجارة في مال الكبار كما اختلفوا في مال الصغار والمجانين والأخبار على شكلين ما يأمر بالتزكية لمطلق المال المتحرك بالتجارة سواء للكبار أو الصغار أو المجانين وهي كثيرة وواضحة المتن وصحيحة وموثقة السند والروايات الأخرى تقول بعدم التزكية وهي عندي غير واضحة المتن بل يظهر منها التقية والتغطية لشيء وظروف الأئمة لم نعلم بتفصيلها.
فمن الموجبات محمد بن مسلم عن ابي عبد الله(ع) قال: ((هل على اليتيم زكاة؟ قال(ع): لا الا ان تتجر به أو تعمل به)) وهكذا لابن فضيل ويونس وابي شعبة وغيرهم وبهذا الوضوح.
وأما الأحاديث التي فسروها بعدم الزكاة:
أولاً: الأحاديث الحاصرة للزكاة في الأمور التسعة.
وفيه: ان مال التجارة هي من الذهب والفضة حيث تصريح بعضها بانه الدرهم والدينار اذا حركا في التجارة لا اذا ادخرها ولم يحركها لانا سلمنا بعدم الزكاة في جميع مواد الزكاة بالنسبة للصغير والمجنون وتبعنا المشهور في حمل صحيح مسلم على التقية القائل (ليس على مال اليتيم في الدين والمال الصامت شيء فاما الغلاَّت فعليها الصدقة واجبة)(1)
ولكن اذا حركت في تجارة فلا شافع للاغضاء عنها ولا دليل لهم.
ثانياً: موثقة عمار قلت لابي ابراهيم(ع) الرجل يشتري الوصيفة يثبتها عنده لتزيد وهو يريد بيعها أعلى ثمنها زكاة؟ قال: لا حتى يبيعها قلت فإذا باعها يزكي ثمنها؟ قال: لا حتى يحول عليه الحول وهو في يده)(2)
وفيه: أولاً قد فرض فيها الزكاة وإنما يؤخرها رحمة به لسبب أو آخر، وثانياً لعله لم يكن تاجراً وهل كل من يؤخر شيئاً يريد زيادة الثمن يجب عليه الزكاة.
وثالثاً: الجارية ليس الغلات ولا النقود ولا من المواشي فهي من سائر المواد التجارية كالاثاث التي يخمس التاجر فيما زاد من ثمنها بعد مؤونة السنة كما سيأتي وفي المهذب احتج في رد أو تخصيص الأخبار الكثيرة الموجبة للزكاة بكل صراحة ووضوح بالمستفيضة ولم يعرفها انها لأي راوٍ  وعن أي امام (3)
ويقول انها آبية عن التخصيص.
وعلى ذلك فإني لم أرَ أي وجه لمجاهدة ومجابهة القول بوجوب مال التجارة سواء في مال الطفل او الجنين أو المعتوه أو العاقل.
الا قول أحد الفضلاء ان الروايات مهما كانت انها حبر على ورق وإنما نحن علينا ان نتبع المشهور لأنهم اتقى منا ويأتي بمثال بحوالي عشرة اسماء من العلماء المعروفين بالورع والتقوى ويضخم الخطاب ويقول كيف اني أخالف فلان الذي كان يفعل كذا وكذا وفلان الذي نوره كذا وفلان....
فأقول له وهل أقوال هؤلاء العلماء قدس الله ارواحهم إلاّ حبر على ورق وكيف تخالف المجموعة القليلة المخالفة لهم بالقول وفيهم من القداسة ربما بما يزيد عن بعض هؤلاء المحترمين حيث اوجبوا زكاة مال التجارة.
وكيف لا تقبل رواية الثقات عن أهل البيت(ع) وقد قالوا لك ((لا عذر لموالينا بالتشكيك فيما يرويه عنا ثقاتنا))
وهذا يساوق استفادتنا من القرآن الكريم فلو أزحنا الروايات التي هي أساس علمنا ومدار احكامنا لعدمنا معنى القرآن أيضاً.  
نعم ربما يدفعون الوجوب الظاهر في مال التجارة من الروايات الكثيرة بمثل صحيح ابن مسلم ((ليس على مال اليتيم في الدين والمال الصامت شيء فأما الغلات فعليها الصدقة واجبة)).
حيث حذفوا وحذفنا معهم ذيلها.
وموثق ابي بصير: ((ليس في مال اليتيم زكاة وليس عليه صلاة وليس على جميع غلاته من نخل أو زرع أو غلة زكاة))
وقد مر ان قلنا بعدم الزكاة بمواد الزكاة التسع وسلَّمنا ذلك ولكن هذا لا يدفع حيثية التجارة.
وكذلك قول ابي الحسن عن أبي عبد الله(ع): ((كان ابي يخالف الناس في مال اليتيم عليه زكاة)).
وسلمنا كل ذلك ولكن حيثية الصغر وفي خصوص المواد الزكوية لهم تعم التجارة بل هي أخص منها.
[حكم -11] ومع اعتراف الفقهاء بكثرة وأهمية الروايات الموجبة قال السيد الشيرازي رحمه الله: (ان صدور هذه الأخبار المتكاثرة البالغة فوق حد التواتر مع عدم أي اشارة للتقية ورواتها من اجلاء الاصحاب الذي يعرفون لحن القول حتى كانوا يقولون أعطاه من جراب النوره مع ان كثيراً منها صدرت بغير سبق سؤال ملجيء وكون كثير منها مخالفاً للاحتياط كما في مال اليتيم والمجنون، في غاية البعد بل القول بالوجوب اقرب جداً من هذا القول)(4).
[حكم -12] لم تربط الأحاديث الشريفة إخراج زكاة مال التجارة بالولاية الشرعية والاب والجد وقد شط بالعروة المقام فربطها بالحاكم الشرعي ونحمد الله ان لم يرجعها للإمام المعصوم(ع).
وإنما في الروايات تخاطب من اتجر بمال الصبي من الثقات الذين آمن بهم أهل الصبي فسلموهم ماله فالروايات تخاطبه باخراج الزكاة فراجع.
مثل خبر ابن مسلم ((ان تتَّجر به أو تعمل به))
والعطار ((قلت لابي عبد الله(ع) مال اليتيم يكون عندي فاتجر به؟ فقال: إذا حركته فعليه زكاته))
وهذا ظاهر بانه ليس ولي وإنما هو مستودع وموثوق من جانب الصبي وأهله
[حكم -13] المغمى عليه ان كان كالنائم يوماً أو يومين ونحوهما فهذا عليه الزكاة في مواد الزكاة.
وأما لو كان كالمعتوه والمجنون وطويل الأمد فهذا يشكل وجوب الزكاة على مواده الا اذا حركت في تجارة فكما قلنا انها لا تقصر بقصور صاحبها وانما الزكاة على النمو فيها كما اشتهر استحبابا وخلاف المشهور وجوباً.
فالمعتل الذي يغمى عليه ساعة بعد ساعة وتستمر فيه الحالة شهوراً يشكل وجوب الزكاة على المواد التسعة.
[حكم -14] إذا علم بوقت البلوغ او بتمكنه من التصرف وشك بوقت تعلق الزكاة بني على التعلق لفعلية البلوغ والتمكن والشك بعدمها.
وان علم بوقت التعلق وشك بوقت البلوغ أو التمكن فالحكم بالبراءة للشك بالوجوب حين التعلق.
وان جهل التاريخين فالبراءة أيضاً والاحوط فيهما الأداء أو المصالحة.
[حكم -15] إذا اشترى شيئاً بخيار فلا يمنع من الزكاة على المشتري وان كان الخيار تمام الحول فمن اشترى نصابا من الانعام أو من النقود وكانت عنده طول العام فعليه الزكاة وكذا الغلاّت اذا كانت في حوزته حين الانعقاد.
[حكم -16] لو اشترك بالمال الزكوي جماعة فلا زكاة إلا على الذي حصته نصاب كامل وهذا في جميع صور وجوب الزكاة سواء في مال التجارة لمال الصغير أو غيره المخصوصة بمال الكبير الكامل.
[حكم -17] قلنا بعدم الزكاة بما ليس بملك فلا تجيب على المال الموقوف سواء الوقف العام أو الوقف الخاص كما مر في خبر الفضيل قال: ((سألت أبا الحسن الرضا(ع) عن صبية صغار لهم مال بيد أبيهم أو أخيهم هل يجب على ما لهم زكاة؟ فقال(ع) : لا يجب في مالهم زكاة حتى يعمل به فإذا عمل به وجبت الزكاة فأما إذا كان موقوفاً فلا زكاة عليه))(5)
نعم لو استلم الموقوف عليه حصته فهي ملك له وخرج ما ملكه عن الوقفية فيجب عليه الزكاة ان كان نصابا
[حكم -18] لو تمكن المغصوب منه أو المجحود والمحجور عنه تحصيل المغصوب بسهولة ولم يفعل فالأحوط وجوب الزكاة عليه.
وكذا المرهون ان تمكن من فكه ولم يفكه.
وذلك لخبر زرارة في رجل ماله عند غائب لا يقدر على اخذه قال(ع): ((فلا زكاة عليه حتى يخرج فإذا اخرج زكّاهُ لعام واحد فان كان يدعه متعمداً وهو يقدر على اخذه فعليه الزكاة لكل ما مرَّ به من السنين))(6)
[حكم -19] لو كان له دين وتمكن من استيفاء الدين بسهول ولم يفعل لم يجب عليه اخراج زكاته حتى لو لم يسترجع الدين مسامحة أو فراراً من الزكاة.
والحديث صريح (لا صدقة على الدين ولا على المال الغائب عنك حتى في يدك)(7) الا ان في صحيح اسماعيل: ((سألت أبا عبد الله(ع) أعلى الدين زكاة؟ قال(ع) لا الا ان تقر به))(8) فحملوها على استحباب التزكية اذا قصد عدم استرجاء دينه لكي يفر من الزكاة ولكن اشكل عليه بان (تقر) بالقاف وبالنقطتين وليس بالفاء بالنقطة الواحدة (تفرَّ) فهو كغيره من الأخبار 
[حكم -20] زكاة القرض على المقترض حتى يرجعه لمقرضه وان كان يصح التبرع عنه من المقرض أو غيره وزكاة مال المضاربة حسب الحصص فإن كان حصة العامل نصابا فعليه زكاة حصته وإن كان حصة المالك نصابا فعليه زكاة حصته.
[حكم -21] لو كان مقدار من المال موهوبا بحيث نقص ماله عن النصاب بعد الهبة فما دام لم يقبض الموهوب فالزكاة على حالها على المالك اذ لا يكون الواهب واهبا حتى يقبض الهبة وكذا المنذور ما لم يقبضه لانه يتمكن التصرف فيه الا انه لا يتمكن اخراجه من ملكه أو اتلافه.
[حكم -22] لو استطاع الحج بالنصاب فعليه الزكاة ما لم يصرف منه شيئاً ينقصه عن النصاب ولو استطاع بعد تعلق الزكاة أو بعد العام فعليه الزكاة سواء نقص النصاب بالحج أم لا نعم لو كان مشمولاً لمن يستحقون الزكاة ولو بسبب تقدمه لاكمال اوراق السفر الى الحج بحيث لو تراجع يخسر مالاً واتعاباً كثيرة يمكن اكمال استطاعته من الزكاة.
[حكم -23] الكافر تجب عليه الزكاة ولا تصح منه ما دام لا يعتقد بنية القربة.

ولو أسلم سقط الوجوب الذي سبق الكفر وإنما يجب عليه من بعد اسلامه ولو اشترى المسلم من الكافر تمام النصاب بعد تعلق الزكاة فلا يجب على المسلم ولو اشترى قبل تعلق الزكاة فتعلقت به بعد ملكية المسلم وجبت على المسلم.


(1) الوسائل ب1 ح2 من تجب عليه.

(2) الوسائل ب5 ح7 من تجب عليه.  

(3) مهذب الأحكام 11/33..

(4) الفقه ج1 / ص180 الزكاة.   

(5) الوسائل ب2 ح4 من تجب عليه.

(6) الوسائل ب5 ح7 من تجب عليه.

(7) الوسائل ب 5/ح6 من تجب عليه

(8) الوسائل ب6/ح13.