تتمة أحكام الزكاة

[حكم -138] لكل من الخمس والزكاة والنذور والكفارات والاوقاف موارد ومصادر يعني محل اكتسابها ومحل بذلها وصرفها وتصديرها،
معينة ومفصلة بالشرع.
فعلى المكلف ان يكون واعياً ويعرف كيف يحصل عليها واين يبذلها.
يعني لا يخص بها مراجع الدين والوكلاء ويحرم الفقراء من اقربائه ومعاريفه
ولا يبذلها لمعاريفه ولشؤونه التي يعرفها ويحرم الحوزات العلمية تتلكأ في مسيرتها النافعة الضرورية لخدمة المسلمين وارشادهم وتوفير العلماء والخطباء والكتب الكثيرة وتعليم الطلاب الكثيرين.
فإذا لم يلتفت أصحاب الحقوق لمطاليب العلماء المخلصين العاملين في نشر الاسلام فانه لم ينتشر الحق وتغلق الحوزات العلمية.
نعم ان بعض الوكلاء اساؤوا التصرف فادخروا الأموال مع حاجة المسلمين وتوقف مؤسسات الدين بسبب العوز المالي فلم يهتموا بالمهمات.
ولكن ليس كل وكلاء المراجع هكذا وليس المراجع راضون بهذه الصورة.
فعلى  المخمس العاقل والمزكي الرشيد ان يراجع المراجع الباذلين للأموال المتدخلين في تموين المؤسسات وانتشال الفقراء وتكثير فضلاء العلم والخطباء وشمول عملهم لكل نواحي حي المعمورة بكل جد واجتهاد وبكل ما أوتوا من حال وقدرات.
ولا يجوز تموين الشيوخ المتبطرين المهملين لخدمة الاسلام والمسلمين
وهم قليل في رجال الحوزات العلمية ومعروفون
والمجاهدون والمخلصون والصائبون في العمل أيضا معروفون.
[حكم -139] تعرض السيد السبزواري (قدست نفسه) هنا لاثبات ولاية الفقيه ولكن لم نتعرض لها الا بمحلها ان شاء الله عند الكلام على الحكم والقضاء
ولكن لا بد ان نعرف فعلاً ان الفقيه الرشيد والمخلص والمجد في خدمة الأمة الاسلامية انه منصوب من قبل الأئمة(ع) ويجب ان يرجع المؤمنون إليه في كل حوادث المسلمين ومنها الشؤون المالية إذا كان أمينا في التعجيل بصرفها الى محلها اللازم.
[حكم -140] لا يشترط في المرجع الذي يراجعه في محاسبة الحقوق ان يكون مقلداً له بل كل خادم للشريعة وعامل اسلامي يجب تموينه وانجاح مشاريعه المهمة في نشر الدين وخدمة المسلمين.
سواء كان مرجعاً دينياً او وكيلاً لفلان من المراجع أو لفلان
وقول صاحب العروة رحمه الله واتباعه المعلقين له بان يراجع المقلد له،
لا دليل لهم واحكام الحقوق الشرعية تأبى هذا التقييد،
وأنت ترى الروايات حين يسأل السائل من الإمام لم يجب الإمام(ع) بلزوم مراجعته،
وانما يقول ضعها في إخوانك ويصف المستحقين.
وانما قلنا بلزوم مراجعة اسياد الحوزة لان ادارتها وتمويينها من ضروريات الدين ومهمات نشر الاسلام فلا يقصر المكلف في تموينها وتشجيع الآخرين اليها وبالجملة اذا كان مقلدك مكتفياً وعنده ما يصرفه لمشاريعه،
ومرجع آخر او وكيل مرجع محتاج لمشاريعه وضروريات عمله الاجتماعي فلا يجوز لك ان تؤديها الى مرجعك وتحرم الجهة اللازمة والمراجع.
الآخرين بحيث ترى عالماً مخلصاً قديراً على تكوين حوزات وتخريج علماء وخطباء قد تعطل عن العمل بسبب الفقر والحاجة.
وآخر يدخر الأموال العظيمة ووكلاؤه يتلاعبون ما يشاؤون.
[حكم -141] ان ذكر القرآن الكريم ثمانية اصناف من الناس الذين تحل لهم وفيهم الزكاة من ذكر المورد وليس لوجوب البسط واذا جاءت حصة من الزكاة لا يجب البسط للاصناف الثمانية وانما يصرفه بالصنف الموجود والذي اشتدت حاجته في الوقت الحالي.
وان كان البسط وتعميم النفع لاكثر من جهة أفضل ويتحرى الأهم فالاهم
[حكم -142] الاجهار بدفع الزكاة الواجبة أفضل من الكتم ليتعلم الناس.
وأما الصدقة المندوبة فالأفضل الإسرار بها بشرط ان ينوي المزكي للواجب ارشاد الآخرين وليس بقصد الرياء والسمعة والتمنن على الاخرين.
[حكم -143] اذا لم يوجد في بلده فقير جامع الشروط لأخذ الزكاة يجوز نقلها الى بلد فيه فقراء وحوائج مستحقة للزكاة.
وحينئذ اذا توقف صرفها في موردها على النقل فاجرة النقل على الزكاة وان لم يتوقف فأجرة النقل عليه.
[حكم -144] وان تلفت فمع التعدي والتفريط فهو آثم وأما مع عدم التفريط فمجرد التأخير مع وجود المستحق يكون ضامنا.
ففي صحيح ابن مسلم قلت لابي عبد الله(ع) رجل بعث بزكاة ماله لتقسم فضاعت هل عليه ضمانها حتى تقسم؟ فقال(ع) : ((اذا وجد لها موضعاً فلم يدفعها إليه فهو لها ضامن حتى يدفعها وإن لم يجد لها من يدفعها إليه فبعث بها الى أهلها فليس عليه ضمان لأنها خرجت من يده))(1)
ولا فرق بالنقل الى القريب أو البعيد مع الاشتراك في ظن السلامة.
[حكم -145] اذا اعطى الفقير مرة واحدة فلا حدَّ بالعطاء حتى يغنيه لاكثر من سنته ولكن اذا اعطاه تدريجاً ففي المرة التي يغنيه بمقدار قوت سنته لا يجوز ان يأتي مرة أخرى ويعطيه لانه صدق عليه الغنى لقوت سنته.
وأما بالمرة قبل الغنى فهو فقير وقد ورد اطلاق الاغناء للفقير فلا مانع للزيادة وأما في طرف القلة فقد ورد كتاب أحمد بن اسحاق الى علي بن محمد العسكري(ع) ((اعطي الرجل من اخواني من الزكاة الدرهمين والثلاثة؟ فكتب افعل ان شاء الله تعالى))(2)
ولكن يكره ان يعطى بأقل من حصة نصاب لصحيح ابي ولاد: ((لا يعطي أحد من الزكاة أقل من خمسة دراهم وهو أقل ما فرض الله عز وجل من الزكاة في اموال المسلمين فلا تعطوا أحدا من الزكاة أقل من خمسة دراهم فصاعداً))(3)
[حكم -146] يستحب استحبابا مؤكداً للفقير الذي يستلم المال أو العامل كذلك وقيل يجب ان يدعوا للذي يعطيه بالخير والبركة والقبول من الله تعالى.
كما في الآية [خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ] (4)
[حكم -147] يكره للمالك المزكي ان يطلب ما زكاه بشرائه من الفقير أو العامل واسترجاعه نعم لو أراد الفقير ان يبيعه فالمالك احق به وتسقط الكراهة لأنه مستجيب لطلب الفقير.
وخصوصاً لو كان حيواناً لا يستطيع الفقير حمله وتربيته او جزء حيوان لا يستفيد منه.
وهكذا كل الحقوق الشرعية كالخمس والكفارات والنذورات.
لان طلب المالك استرجاع المال يسبب ذلاً للفقير وكأنه يمن عليه ان اعطاه ما هو بحاجته وأما بطلب الفقير الارجاع فلا منة ولا اذلال بل قضاء حاجة.
[حكم -148] اذا قدم الزكاة قبل رأس السنة أو قبل الحصاد فلا تعتبر زكاة حتى يأتي وقتها فيحتسبها اذا شاء وقد عبر في العروة (لا يجوز تقديم الزكاة) والاصح ان يقول لا يجزي وليس لا يجوز وكيف كان فان قدمها فهي دين أو وديعة ويرجعها متى أراد. 
[حكم -149] يجوز للحاكم الشرعي أو للفقير الاستدانة من أصحاب الفلاّة أو ممن عليهم زكاة أو خمس وغيرهما مما لم يحن وقته فيستقرض الى ان يحين وقته فيحتسب عليه من ذلك الحق إذا كان بالصفة التي يجوز له أخذ ذلك الحق.
وأما اذا استغنى المشروع المطلوب له الحق استرجعها منه حتى يصرفها بوجوهها الشرعية.
[حكم -150] لا يجوز للفقير ولا للحاكم الشرعي ولا للعامل  الاحتيال لارجاع الزكاة الى المالك بان يأخذ حصة منها ثم يهبها له ثم يأخذ مقداراً ثم يرجعه وهكذا حتى يسقط عنه الحق أو يرجعها بعنوان المصالحة بشيء يسير عن الحق الكثير.
أو يعطي للفقير درهما ويحسب عليه خمسين درهم.
أو يبيع المالك الى الفقير شيئاً يسوى درهما بألف درهم.
أو يبيع الفقير الى المالك شيئاً يسوى ألف درهم بدرهم،
ثم يرجعه المالك الى الفقير زكاة بمقداره أي درهماً واحداً بعنوان أنه ألف درهم. فإن كل هذه الحيل تضييع لحق الفقراء وتوقيف لمشاريع الاسلام وكذب على الشرع.
[حكم -151] نعم قد قلنا ونقول في باب الخمس ان شاء الله تعالى بوجوب تسليم الزكاة والحق كاملاً ثم بعد التسليم يهدي بجزء قليل للمالك لتأليف قلبه اذا كان جديداً في التدين والالتزام ولاجل ان يلتزم ويستمر بالتزكية واعطاء الحقوق،
وأما لو كان هو نفسه فقيراً أيضاً ومعوزاً في مصاريفه فقد قلنا في مسائلنا المارة الذكر.
بأن يعطي جزءاً من الزكاة ويأخذ الباقي ولعله الغالب له لتوسعة الرزق على عياله واتينا على ذلك بأحاديث.
[حكم -152] لو كان المال غائباً عنه كالضائع والمدفون المنسي موضع دفنه فلا زكاة عليه حتى يحصل عليه ويستعمله وأما لو كان في صندوقه وتحت يده ولكنه غفل عنه فلم يستعمله فالظاهر وجوب الزكاة عليه لأنه غير ممنوع عنه ومجرد الغفلة لا تسقط الحق عنه.
[حكم -153] كما تجري الفضولية في المعاملات كذلك تجري في العبادات المالية بأن يأتي اجنبي عن الزكاة يأخذ الزكاة من مال المالك للنصاب ويعطيه الفقير أو لمن له الزكاة.
فإذا رضي صاحب المال صح وان لم يرضَ وجب استعادة المال
وكذا بان يصرف الفضولي من ماله للفقير ثم يرجع لمالك الزكاة فان رضي بذل له ما اعطاه وان لم يرضَ لم يعطه لأنه لاحق له.
أو يأخذ الفقير بدون اذن من مال مالك الزكاة ثم يسترضيه فان رضي قرت له حصة من الزكاة وان لم يرض وجب ارجاع ما أخذ.
[حكم -154] لو كان من عليه الزكاة مطيعاً وهو يعطي الزكاة لجهة معينة أو مؤخراً لها لتحصيل شيء في نفسه فلا يجوز اجباره والأخذ منه بدون رضاه.

وأما إذا كان جاحداً طامعاً بالحق ولا يريد ان يبذله لأهله جاز للفقير أو للحاكم الشرعي أن يأخذ منه قهراً أو يجبره على العطاء.


(1) الوسائل 39/1 و3 المستحقين.

(2) الوسائل ب23ح1 المستحقين.   

(3) الوسائل ب23 ح3المستحقين.

(4) التوبة 9/103.