فصل تتمة احكام التجارة وغيرها

[حكم -86] كما قلنا وكما هو ظاهر ان المال المملوك من أي جهة كانت من تجارة أو هبة أو مصالحة أو ارث إذا نوى به التجارة ومارس ذلك القصد بان اشترى به شيئاً وحاول بيع الشيء وانتظر به الربح والزيادة وقد بلغ النصاب وزيادة ومضى حول على المال المتناهي وربح فعلاً ولم يخسر فعليه في رأس السنة الزكاة.
ومعلوم  ان الزكاة للمال في كل عام بخلاف الخمس فان الخمس في العمر مرة واحدة فما خمس فلا يخمس ولو بقي اعوام العمر
[حكم -87] اذا كان المال من النصب الزكوية الانعام الثلاث أو الغلات الاربع واعطى زكاته رأس العام فلا يجب فيه زكاة التجارة
الا اذا ربح نقوداً بمقدار النصاب غير المواد التي زكاها وكانت نصابا أيضاً.
[حكم -88] إذا كان مال التجارة اربعين غنمة فبدلها أو بعضها في العام سقطت زكاة الانعام كما قلنا في تفصيلها وثبتت زكاة التجارة لأن التجارة مناطها التبديل والتغيير للزيادة والربح.
فالمواد الزكوية مناطها بقاؤها في طول العام وزكاة التجارة تزكى هي واثمانها عند رأس العام ولو لم يظهر الربح الا قبل رأس السنة بقليل
كما في الخبر عن ابي عواض عن ابي عبد الله(ع) قال: ((في الرجل يكون عنده المال فيحول عليه الحول ثم يصيب مالا آخر قبل ان يحول على المال الاول الحول قال: اذا حال على المال الاول الحول زكاهما جميعاً))
[حكم -89] مال المضاربة ما دام لم يحصل الانضاض(1) وارجاع رأس المال وتقسيم الربح فلا يعتبر فيه رأس سنة ولا زكاة فيه
فإذا ربح المال وحصل الانضاض أو رجع ببعض المواد قبل كمال الانضاض وسلم رأس المال للمالك،
وأخذ كل من المالك والعامل حصتهما فقد حصلت لهما رأس السنة وان لم تمض سنة، وعلى من حصل له النصاب الزكاة
ويشير الى ذلك موثق سماعة: ((عن الرجل يربح في السنة خمس ماءة وست ماءة وسبع ماءة هي نفقته وأصل المال مضاربة قال(ع) ليس عليه في الربح زكاة))(2) وسبب ذلك ان الربح قليل بحيث خرج منه نفقته.
[حكم -90] ديون الناس مقدمة على حق الله بل هو وقاية لدّين الناس فما دام الشخص مديوناً فقيراً فلا يعطي زكاته وإنما يعطي الديانة ويخرج المصاريف لعيشه وعياله فإذا زاد على حاله ومتعلقيه ومتعلاقته زكى الزائد وسيأتي في باب الخمس قول الإمام(ع) ((الخمس بعد الغنى)).
وهنا أيضاً لا زكاة على فقير وحادثة الظهار دليل على ان غنى النفس والعيال مقدم على الزكاة وسائر الحقوق الشرعية.
ففي تفسير الآيات(3) في حادثة أوس بن الصامت وزوجته خولة بنت المنذر عن أبي عبد الله(ع) في صحيح أبي بصير قال : ((سمعته يقول: جاء رجل الى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال يا رسول الله ظاهرت من امرأتي. قال اذهب فاعتق رقبة. قال: ليس عندي. قال: اذهب فصم شهرين متتابعين. قال: لا اقوى. قال: اذهب فاطعم مسكيناً. قال: ليس عندي. قال: فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)أنا اتصدق عنك فاعطاه تمرا لاطعام ستين مسكينا قال: اذهب فتصدق بها فقال: والذي بعثك بالحق ما أعلم بين لابتيها أحداً أحوج إليه مني ومن عيالي قال فاذهب فكل واطعم عيالك))(4)
[حكم -91] اذا كان له تجارتان او اكثر فلكل واحدة رأس سنتها نعم له ان يوحد سنينها بان يزكي الجميع عند رأس سنة المتقدم فيكون للجميع رأس سنة واحدة بل له أيضاً ان يصبر الى حين يحين رأس سنة التجارة المتأخرة فيزكي الجميع إذا لم يكن يحصل تلف شيء من زكاة التجارة المتقدمة بهذا التأخير.
بل ربما يفضل التأخير لتوحيد اخراج الزكاتين اذا زادت الارباح وزاد نصاب الزكاة بذلك.


(1) الانضاض: هو تصريف البضاعة وتحويلها الى نقود منها رأس المال ومنها الارباح.

(2) الوسائل ب14 ح6 ما تجب فيه الزكاة

(3) سورة المجادلة 58/ 1-4

(4) الوسائل 2/ الكفارات.