4- وصيَّتي لمسؤولي الأوقاف والمؤسسات الإسلامية:

إنك أيها المسؤول ومعاونوك إنما عليك أن تحفظ هذا الوقف من الضياع والسرقة والتهديم والخراب والأوساخ والإهمال وتطبيق الأمور التي فرضت في ذلك الوقف.
وإليك بعض الوقائع الدالة على التقصير في إدارة الأوقاف:
1- إحدى المكتبات الإسلامية للمطالعة أغلقها المتولي وعطَّل وقفيتها عن الممارسة لسبب أو آخر ومعلوم أن تعطيل وإهمال الوقف عن ممارسة ما وجد له حرام شرعاً، نعم لو قصد غلقها مؤقتا حتى يتم الجرد وجلب الكتب المستعارة أو تنظيمها وتنظيفها لا بأس ولكنه ليس كذلك فإنها مغلقة ومغبرة سنين
2- وقع نزاع في حسينية وكان فيها مجلس حسيني في أيام عاشوراء الحسين(ع) فبدل أن يتدخل جماعة للإصلاح أو طرد المتنازعين وتخليص الحسينية والمجلس منهم بالعكس فإنهم تعصَّبوا جميعاً وغلقوا الحسينية إلى غير رجعه مدة سنين للحسينية وإلى غير رجعة للمجلس الحسيني، وعلى كل حال إنهم لم يغضبوا على بعضهم وإنما انصبَّ جام غضبهم على الحسينية وعلى صاحبها الإمام الحسين(ع)، وما رأيت منهم رجلا رشيدا يدعوهم للإصلاح أو لفتح الحسينية وإقامة المجلس ولو بالإعراض عن الطرفين المتنازعين.
3- إن الحسينيات إنما وجدت:
أ) لإقامة مجالس العزاء الخاصة لوفيات النبي وأهل بيته الكرام والعامة لوفيات بقية الناس.
ب) ومجالس الاحتفال بأفراح الإسلام وأفراح الناس العامة من زواج ورجوع من سفر وشفاء وخلاص من ورطة.
ج) ووجدت أيضا لإيواء الفقراء ومساعدة المظلومين وتطمين الخائف وإعانة الضعيف وإسكان المشرَّد وما إلى ذلك وخصوصا التي تكون في منطقة فيها حرم أهل البيت(ع) وعظماء الإسلام فإن زوار الحرم منهم من لا يستطيع استئجار سكن مدة زيارته ومنهم الضائع ومنهم العاجز فعلى الحسينيات فتح هذا الباب للناس حتى لا يذهب المال الذي بنيت به والجهود التي أقيمت بها هدراً وإن الحسينيات والمؤسسات التي تغلق بوجه المشرَّدين والزوَّار وتدعهم وعوائلهم يبيتون في الأزقة والشوارع إنها مقصرة أمام الله في واجبها الشرعي ولا يكفي أنه يقام فيها الحفل والعزاء والصلاة وغيرها نعم من احتمل أنه مجرم أو سارق أو جاسوس على الناس من قبل النظم الظالمة وما شابه، إنه يحتاط في أمره ويستنفد خبره لئلا يظلم بظن السوء ولا يظلم بفعل المخالفات.
د) من جملة مهمات المساجد والحسينيات والمدارس أن يسمح للناس بالوضوء في أيام الزيارات الضخمة التي يعجز كثير من الناس أو يشق عليهم الوصول إلى حمامات ومغاسل الصحن الشريف فليفرج أمرهم ويسمح لهم بالوضوء والتخلي في المدارس والحسينيات والمؤسسات الدينية كما أنه على المؤمنين الكرماء أن يفتحوا بيوتهم لنفع الزوار وقضاء حوائجهم في الأيام الحرجة على ما يقول المثل (الناس على الناس والكل على الله) أو (الناس للناس والكل على الله)
4- إن بعض متولي الأوقاف من المدارس الدينية يتجاوزون على الطلاب وغيرهم من ذوى الحقوق في تلك المؤسسة فمجرد غيبة قليلة من الطالب يسلب المتولي منه حق السكن في الغرفة أو يقطع معاشه ومجرد زلة قليلة يطرد من الدرس وهكذا وهذا ظلم وتعدي يقول في الحديث الشريف (إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك) ((إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (14)) (وإن يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم).
5- على أصحاب المؤسسات والمدارس الدينية وما شابه حفظ ودائع المراجعين والساكنين ولا يساهم في وضياعها وإن وقعت خيانة من غيره فالموضوع يرجع للشرع والعرف بتقصيره وعدم تقصيره فليبرء ذمته على كل حال ولا بأس هنا للإشارة إلى ما حصل لي من المشكلة:
إنني أودعت مخطوطات من كتبي عند أحد طلاب العلوم في إحدى المدارس الدينية وقلت له إنني أريد السفر لمدة شهر أو أكثر وإنه يباح لك أن تفتح الدفاتر وتطالع فيها بشرط إرجاعها بظرفها وحفظها وعدم إضاعتها ورحبنا ببعضنا وتعاهدنا على ذلك وأخبرت الخادم بهذا الاتفاق والأمانة عند الشيخ فسافرت ورجعت بعد أشهر فسألت عن الحوزة قيل لي أنها انتقلت فسألت عنها مجموعه من الفضلاء ولعدة أيام حتى توصلت لمكانها الثاني فسألت الخادم الذي كنت قد أخبرته بأن دفاتري أمانة عند الشيخ فقال لي بأن الشيخ سافر وأنه باع مجموعة من كتبه وبعثر البقية التي لا يريدها في الزبالة وأنا رأيت دفاترك في الزبالة وفيها آيات وأحاديث وأنا لا أستطيع أن أقرأها لأنها عربية فحفرت لها في حديقة المدرسة ومزقتها احتياطا حتى لا يبقى منها أثر من الآية والحديث ودفنتها، فلطمت على رأسي وقلت إنها أتعاب دراستي وقد كتبتها في عدة سنين وأصررت عليه شديداً أن يخرجها لي حتى قهرته على ذلك فحفرنا سويةً الحديقة وأخرجتها وإذا بها ناقصة وممزقه وهي حوالي عشرين دفتر أي أكثر من ألفين صفحة فأصلحت عدة أوراق منها وراجعت الفقه من جديد وكتبت الرسالة مرة أخرى وبعد أكثر من سنة قال لي أحد الفضلاء بان عنده عدة من دفاتري فأحرق قلبي مرة أخرى لأني أصادفه في كل يوم ولم يخبرني حتى كتبت المواضيع مرة أخرى وهذا ظلم عظيم وفساد الضمير.

6- يجب على أهل المساجد والحفلات والمجالس استغلال الفرص من تواجد علماء وفضلاء وطلب الخطب منهم في الناس والتساؤل معهم عن الدين ففي الحديث الشريف: (سل عن أمر دينك حتى يقال لك مجنون)، وحديث آخر: (من مشى إلى عالم خطوتين وجلس عنده لحظتين وتعلم منه مسألتين أعطاه الله في الآخرة جنتين) وحديث ثالث عن الإمام الصادق(ع): (ليت السياط على رؤوس أصحابي ليتفقهوا في الدين)، وعن الإمام الباقر(ع): (لو علم الناس ما في طلب العلم لطلبوه بخوض اللجج وسفك المهج).