النظر إلى وجه العالم عبادة:

في هذا الحديث سؤال هل جعل الله ثواب هذا النظر اعتباطاً وأن الله يمنع من يشاء و يمنع من يريد بدون قانون و نظام؟ فمعناه أن تصرفات المولى سبحانه عبثية و حاشا لله ذلك، جواب السؤال: ورد في أحاديث أخرى وهو أن النظر إلى وجهه يذكرك الآخرة ويزهدك في الدنيا أقول إني قد عشت في كنف العلماء وجربت ذلك مع مجموعة من العلماء أمثال السيد محمد طاهر الحيدري والسيد عبد الأعلى السبزواري والسيد محمد حسن البجنوردي والسيد محمود الشاهرودي والشيخ آغا بزرك الطهراني وغيرهم قدس الله أرواحهم، كما أني رأيت صور مجموعة كبيرة من العلماء الورعين فرأيت هذه الصفة أيضا من أمثال السيد عبد الهادي الشيرازي والسيد مهدي الشيرازي ومرتضى الأنصاري والسيد أبي الحسن الأصفهاني والسيد محمد حسن المرعشي والسيد شرف الدين والسيد محمد حسن المجدد الشيرازي وغيرهم أنك ترى منهم الزهد والتقوى والدعوة إلى التفكر بالآخرة وكأنك ترى صور الأنبياء و الأوصياء صلوات الله عليهم كما أني عايشت أيضا مجموعة من العلماء ترى فيهم الأبهة والعنجهية والكبرياء على الناس والتشخيص أمام الآخرين ومن جملة تلك الصفات أن من يسلم عليهم لا يسلمون بالسلام التام و ربما يمدُّون أيديهم ليقبلها ويسمُّون كل الناس غير صنف العلماء والحوزويين أنهم عمايديون، فالعمايدي لا حصة له من الاحترام فالذي بهذه الصفة من العلماء كنت أتأنف من حضور مجلسه وهو مخالف للشرع ولأوصاف رسول الله وأهل بيته الكرام صلوات الله عليهم بل إن النظر إلى بعض صور غير الورعين من الناس سواء كان حوزوياً أم غيره كالنظر الآثم الذي هو النظر إلى النساء المتبرجات وكالنظر إلى السكارى والبعداء عن المولى سبحانه وبقية السفلة والفاسقين والمستكبرين و الذي سبب كون النظر إلى وجه العالم الورع التقي يذكر بالآخرة و يزهد في الدنيا أنه كان في نفسه و نظراته و أحواله و تفكيراته كلها بالآخرة فإنه إذا أراد النوم جاء في ذهنه أنه كيف سينطرح حين ينازع الروح وبماذا سوف يواجه ملك الموت و حين يطفئ الضوء يتذكر ظلام القبر و وحشته ووحدته و حين يتيقض من النوم و يتحرك قائما يتذكر كيف سينغلق عنه القبر ويقوم منه للحساب وحين يدخل حدائق وبيوتاً نظيفة يتذكر كيف سيدخل الجنة وتحت راية من و حين يخاف من شيء و حين يرى النار يتذكر نار الآخرة و عذابها كما في حديث أمير المؤمنين(ع): (فهم و النار كمن قد رآها فهم فيها معذبون و هم و الجنة كمن قد رآها فهم فيها منعَّمون).
و لما حصلت له هذه التفكرات انتقلت هذه الأفكار إلى سحنات وجهه أسارير جبينه فشع بنور الله و صار يدعو إلى الآخرة بالنظر إليه كما قال تعالى: ((إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ)).