الباب الثاني و هو مجموعة وصاياي

3- وصيَّتي إلى قادة المسلمين اجتماعياً ودينياً:

قد تقدم ذكر وصيَّتين و هذه الوصية الثالثة:
3- وصيَّتي إلى قادة المسلمين اجتماعياً ودينياً:
إن قيادة الدين إنما هي بالعلم الواسع و العدالة النفسية و العدالة بين الناس و حسن إدارتهم وليس هي باستصغار المجتمع و اعتبارهم أبناء الأفراس و اعتبار النفس من شعب الله المختار والناس المساكين لمسكنتهم تطبعوا هذه الأخلاق من العلماء و اعتبروها علامة على الأعلمية أو القداسة حتى قال لي أحد العوام أنني لا أقلد إلا السيد فلان قلت له لا بأس و لكن ما المخصص له دون غيره قال أنه حين يسلِّم عليه الناس لا يقوم لهم و لا يرفع رأسه ينظرهم و إنما يكتفي بأن يسلِّم يده الشريفة يتبرَّكون بها و يقبِّلونها.
قلت له و هل هكذا كان رسول الله و أمير المؤمنين و الأئمة عليهم السلام؟‍‍
أقول يا سبحان الله انقلب المعروف منكراً و المنكر معروفا، أين الإمام الصادق(ع) الذي يقطع الطواف ليسير مع الفقير و يقضي حاجته. و أين الإمام الحسن(ع) الذي يجلس على الأرض مع الفقراء الذين دعوه لأكل كسرات الخبز معهم فأكل شيئاً معهم ثم دعاهم للطعام عنده.
و أين رسول الله(ص) الذي التفت إلى رجل كان مرتهباً من مقابلته و حق له أن يرتهب من مقابلة نور الله و سفيره الأعظم للعباد.
فقال له اربد عليك إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد و تخبز العجين.
أين هؤلاء العظماء من مسؤول شرعي عاشرته لا يرد السلام إلا بحركة الرأس و إذا أطال السائل سؤاله طردوه عنه ولو شاء أجابه أحد الفضلاء من الحاشية و إن لم يشأ فيطرد و لا يجاب
أين كرم الإمام الحسين(ع) إذ يعطي أعرابيا ثلاثة آلاف دينار من شخص يأتيه الفقير لا يعطيه شيء ويطرده اتباعه وهو يدَّخر الأموال.
أين زين العابدين و هو الملك الحقيقي للدولة الإسلامية في حينه إذ جاءه فقير قد عيَّره الناس لشدَّة مسكنته مع أنه موالٍ لأهل البيت الكرام و الكرماء فأعطاه قرصين يابسين لا تعمل بهما أسنانه فاشترى باحدهما سمكة وبالأخرى ملحا ثم يأتيه صاحب السمكة ويرجع القرص لأنه لا تعمل فيه أسنانه و يهب له السمكة و الأخر كذلك و يهب له الملح ثم يسترجع الإمام(ع) القرصين.
أين قوله تعالى: ((وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35) )) التوبة.
أين هذا القول من الشخص الذي يتحيَّر أين يضع المال و أين يدَّخره ويخلِّف وراءه أموال قارون يتلاعب بها صبيانه السليطون الأشحاء، وكل الناس حوله يعيشون الضيم والظلم وكثير من العوائل رجالها مسجونة أو مقتولة ونساؤها و أطفالها مرعوبة فقيرة و في غير العراق أيضا من المؤمنين، و يتلاعب هو و أتباعه بما لا يتصور من الأموال.

ورد في الحديث الشريف عن النبي (ص) : ( (لا يصلح العوام إلا الخواص) فقيل يا رسول الله و من الخواص فقال العلماء و الأمراء و العباد و الأغنياء، فالعلماء هداة الخلق فإذا كان الهادي ضالا فمن يهدي الضال، و الأمراء رعاة الخلق فإذا كان الراعي ذئباً فمن يرعى الغنم و العباد أدلاء الخلق على الله فإذا كان الدليل تائها فمن يدل التائه و الأغنياء أمناء الله في الخلق فإذا كان الأمين خائنا فمن المؤتمن) كلمة الرسول للسيد حسن الشيرازي قدست نفسه.