57) عقيدتي في سنة النبي محمد(ص):

معنى السنة: أنها قول المعصوم وفعله وتقريره وذلك بأن يرى شخصاً يفعل شيئاً ويقره ولا ينهاه ويترك شيئاً ويقرُّه فلا يأمره وكون هذا الإقرار طبيعياً بحيث لو كان واجباً أو مأموراً به شرعاً لما حصل مانع للمعصوم من أن يأمر أو ينهى وإلا فلو كان مانع من عناد السامع وحصول أذىً للمعصوم أو ضرراً آخر فلا يعتبر سكوت المعصوم إقراراً وتأييداً شرعياً، ومن ذلك مثلاً أن رسول الله(ص) لم يرفع علياً ويعلنه خليفة من بعده في جمع حاشد فيه كل أصحابه في طول مدة تبليغاته إلا في حجة الوداع وهي أواخر عمره وحتى نزل عليه قوله تعالى: ((وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)) فالنبي لم يبلغ بعض الأمور خوف أنها لا تطبق وتنقلب عليه وعلى أهل بيته وعلى دينه بالضرر الأكثر من تركها لكثرة المنافقين وشدة سِرِّيتهم حوله حتى أن النبي لم يحزر في ظاهر الحال كما تقرأ في عدة آيات: ((لا تَعْمَلُونَ)) ((وَلَوْ نَشاءُ لأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ)) سورة محمد(ص). ولذا ترى أن حديث الرسول(ص) قد تشوش كثيراً واختلفت الأمة عليه، ولذا إن الشيعة لا يتوثقون بحديث أنه للرسول(ص) إلا عن طريق أهل بيته الطاهرين أو كان مدعوماً بأحاديث لأهل البيت(ع) وذلك لأن حديث الرسول قد حورب بثلاثة وجوه منها أنه قد حرف بما خالف معناه تماماً مثل قوله النبي(ص) (صلُّوا على كل برٍّ وفاجر من أهل القبلة وحسابه على الله) أي صلاة الجنازة حرف إلى (صلوا خلف كل بر وفاجر...)، يعني اعتمدوا المجرمين والفاجرين المفسدين في الأرض أئمة لكم وقادة في عباداتكم ومعاملاتكم بينما يقول الإمام الصادق(ع): (لا تصلِّ إلا خلف من تثق بدينه) أي عادلاً متمسكاً بتدينه وقال: (إن إمامك هو إمامك يوم القيامة إلى الجنة فانظروا خلف من تأتمون)، وحرفوا حديث: (ضربة علي يوم الخندق تعدل عبادة الثقلين) حرفوها إلى أحاديث تدل على سوء أخلاق الإمام علي(ع)
وأن فاطمة كانت تشكوه عند أبيها رسول الله(ص) وهذا كذب قطعاً، وهكذا خالفوا كل عبادة وكل حكم شرعي.
والثانية: أنهم نهوا عن نقل الأحاديث بشدة وأحرقوا كمية كبيرة من الأحاديث.
والثالثة: أنهم أرعبوا الرواة الصادقين وقتلوهم، فقد قتل معاوية حوالي عشرة آلاف صحابي من كبار الصحابة من النساء والرجال وسلَّطوا الرواة الكذابة واعتمدوهم أمثال كعب الأحبار اليهودي وأبي هريرة الذي ضربه عمر وأدمى ظهره لكذبه على رسول الله وعكرمة الذي كذب بمئات الأحاديث، وإلا فكيف تتصور هذا الاختلاف في مذاهب الأمة حتى في الصلاة التي تقام في كل يوم خمس مرات من غير النوافل الكثيرة وقد قال النبي(ص): (صلُّوا كما رأيتموني أصلِّي) فأين صلاته فيهم 23 عاماً لأن النبي كان يصلي ومعه علي من أول البعثة من قبل أن تفرض على الناس وكيف اختلفوا فيها وفي الوضوء وما شابه؟! فهذا لا يصدق لولا المحاربة الشديدة لأحاديثه وسيرته والعمل الجاد في ابتداع مخالفاته من بعده والحملة المدروسة والمنتظمة على ذلك ولذا قال تعالى: ((أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ (29) وَلَوْ نَشاءُ لأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ (30) )).
والمؤمرات المنتظمة السرية ((ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ (26) فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ (27) ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللهَ وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ (28) )) سورة محمد أي أحبط صلواتهم وعباداتهم.