49) بقية عقائدي بالأئمة(ع):

1- عقيدتي في أنه يجوز القسم أو النذر أو العهد مع الأئمة ومع الأنبياء والصالحين. وذلك أولاً تبعاً للقرآن الكريم إذ أقسم الله تعالى بعدة أشياء كونية (والشمس وضحاها) والواو للقسم و((لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ)) واللام للقسم وقوله تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ)) (10) الفتح. والمبايعة معاهدة، وقوله: ((فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) )) الواقعة.
والأحاديث متظافرة على جواز ذلك، ولكن الفرق أن النذر أو القسم باسم الله لا يجوز نقضه وفيه كفارة حنث النذر واليمين، وأما إن أقسم بغير الله من المقدسات أو غير المقدسات أو نذر لها ثم نكث وعده أو عهده أو قسمه وما شابه فلا كفارة عليه ونحن مستعدون للمناقشات إن شاء الله تعالى. فلاحظ جيداً.
2- وأما التوسل والتشفع بالنبي والأئمة فقد مرّ في باب الشفاعة وهي أهون من التشفع بهم في الآخرة وبتنقيح المناط والقاعدة الفلسفية: حكم الأمثال فيما يجوز ولا يجوز واحد.
3- وأما التقبيل للضريح فهو كالتقبيل لوجه الإنسان ويده إن كان أباً أو أماً أو كبير القدر أو العمر أو العلم أو النسب كما إذا كان من ذرية رسول الله (ص) بل هو مما تعارف بين البشرية أن الإنسان يحترم الملك أو الإمام ومن شابه بتقبيل ردائه أو كتفه وفيه الملابس وغير ذلك، بل إنَّ في كتاب الله لعبرة عظمى للمشككين والمرتابين فإن الإنسان يقبل جلد القرآن الكريم وما هو إلا من جلد حيوان وهو مما تسالم جميع البشرية والعقلاء في الأرض من كل الأديان على جواز ذلك فليكن مثله تقبيل ضريح الإمام والنبي (ص) وكما يقول الشاعر:
وما حب الديار شغفن قلبـي                        ولكن حب من سكن الديـارا
بل إنه مما تعارف قديماً وحديثاً أن بعض من يشتد حبه للشخص من ملك أو إمام للمسلمين أنه يقبل الأرض بين يديه ولم يرد بمنع ذلك للسنة ولا للشيعة، ثم إني أتساءل مع كل العقلاء أنهم إذا أحبوا شخصاً واعترفوا بجلالة قدره وأرادوا أن يعلنوا ويظهروا هذا الحب والاحترام فماذا يفعلون غير التقبيل ولمس الأيدي ومسح الأكتاف وتقبيل الأقرب من أبدانهم فالأقرب من عباء ورداء والكفن إن كان ميتاً مكفناً والقبر إن كان مدفوناً وما شابه وإلا فكيف نعلن للملأ حبنا لرسول الله وأهل بيته الطاهرين وأولياء الله الكرام يا ترى حتى نُعرف بذلك عند الناس ونثاب به عند الله وقد ورد بالاتفاق أن النبي كان في طوافه يستلم أركان الكعبة ويقبلها فماذا يقصد من تقبيل الحجر ولمسه إن كنتم تتفكرون؟!
4- لمس القبور وما شابه أو النظر إليها:
إن للمَّس الأثر النفسي الكبير كالنظر، فإن حرمة لمس المرأة التي لا تحل مطلقة وقد ورد (أن لا تصافح امرأة لا تحل لك إلا من وراء الثياب ولا تعصر كفها). الإمام الصادق(ع) (ومن صافح امرأة لا تحل له غلت يداه إلى عنقه يوم القيامة بسلاسل من نار ثم يؤمر به إلى النار ولها مثل ذلك)، ولذا ورد في الحديث أيضاً في النظر الحرام: (الناظر والمنظور في النار ومن نظر إلى امرأة لا تحل له كحله الله بأميال من نار). وفي النظر المستحب والمأجور قال: النظر إلى الكعبة أو القرآن عبادة والنظر إلى وجه علي عبادة والنظر إلى بيت علي عبادة والنظر إلى وجه المؤمن عبادة والنظر إلى وجه العالم أو الإمام العادل عبادة وهكذا وهو كثير في هذا المجال. وقد ورد في تفسير قوله تعالى: ((قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94) )) سورة طه.
إن موسى إنما تعجل لمسِّ لحية أخيه ورأسه ليسكن غضبه ويسكن غيظه ويهدأ قلبه من الفجعة والألم لأن الرحم إذا مست سكنت وبهذا روايات عديدة ثابتة في الآداب الإسلامية.
فإذا كان مس الرحم يبرد القلب أفليس رسول الله وأهل بيته هم آباء الأمة وجعل الله معهم الرحمة والبركة والشفاعة وهم نور الله وكرامته في خلقه وباب الله الذي منه يؤتى.
فلماذا نرتاب في مسهم وبيوتهم والتبرك بأضرحتهم التي أذن الله أن ترفع وهي محفوظة بملائكة الرحمة والرضوان؟

لماذا نرتاب فيه ونقعد عنه مع المنافقين الخالفين.