بقية عقائدنا:

44) عقيدتي في التوحيد الصادق:

التوحيد الذي يتشدق به الناس منه ما هو صادق وموافق للقواعد الفرقانية والحقائق المعصومية في أحاديث النبي(ص) وأهل بيته الكرام ومنه ما هو منحرف 180درجة عن الحق وباطل ومعاكس لصريح الحق فإلى الحديث عنه:
التوحيد لله تعالى عملي وفكري:
فأما الفكري فهو:
1- أن تعرف بأن الله واحد في ذاته لا شريك له في خلقه.
2- واحد في صفاته فإنه الفرد الصمد بالخلق والرزق والموت والحياة ولا شيء دونه في التدبير، كما يقول أمير المؤمنين(ع) (عرفت الله بفسخ العزائم ونقض الهمم)، وفي عبارة أخرى إني لما هممت بشيء فلم احصل على ما هممت له فعرفت أن المدبر غيري.
3- وإن صفاته عين ذاته فليس هو ذات طرأ عليه العلم فصار عالماً والخبرة فصار خبيراً كما هي الحال في خلقه، فإن الشخص الجاهل يدرس ويجرب التجارب فيكون عالماً خبيراً.
4- وأنه واحد بعبادته فلا يصح عبادة غيره والتوجه إلى غيره.
5- وأنه واحد في الدعاء والرجاء فإنه هو المرجع.
والثاني التوحيد العملي:
وأنه واحد في الطاعة والشريعة وسياسة وإدارة أمور البشرية، وسيأتي بعض بيانه والتمثيل له، كان هذا فهرست التوحيد والآن نبيّن بعض الأمور التي تبيّن ما يخالف التوحيد الحق وما يوافقه فأما توحيد الذات فيخالفه ما يقوله بعض المسلمين:
1) إذ قالوا بأن الله جسم يمكن أن يرى:
1- أقول وأين درجة الرب من المربوب حتى يستطيع الإطلاع عليه إلا أن يكون رباً مثله ويصاحبه والذي غرهم بهذا القول هو التفسير الساذج الذي افتراه كبراؤهم وساداتهم فأضلوهم السبيل، ويكفي في ردهم: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11) )) الشورى، فلو قال ليس مثله لعلمنا أنه جسم ولكن لا مثيل له، ولكن قال ليس كمثله أي ليس بجسم حتى يمثَّل فهو سالب موضوع المثلية، ومعلوم أن كل ما تجسم دخل موضوع المثلية وإن كان شاذاً عن كل مثال.
2- قالوا بأن لله أجزاء وأعضاء حتى قال أحد الجاهلين من قادة الدين: (سلوني عن كل شيء عن الله إلا عن بطنه وفرجه)، أقول: إنه لا يعرف أن لله فرج أم ذكر وأنه لم يحزر بأن لله زائدة دودية واثنى عشري أم أن طعامه ينتقل بدون أمعاء وهكذا من مناقشات السفلة والمعتوهين.
3- وقال بعض البعداء عن الإسلام من شيوخ المسلمين بأن الله يتشبه بخلقه راوياً عن الكذبة من الأصحاب والتابعين بأن الله تعالى ينزل في كل ليلة جمعة بين السماء والأرض راكباً على حمار بعض نصوص الرواية تقول أنه حمار أسود ينادي يا عبادي سلوني استجب لكم، وإني أتساءل مع المعتوه الذي روى هذه الرواية أن عباد الله ركبوا في الأبولو وعبروا الأجرام السماوية فلماذا بقي ربهم وخالقهم على حمار لم يتخذ من دونه بدلاً؟
4- وتطبيقاً لذلك أنه خطب أحد الخطباء على جماعة الرعاع قائلاً (ليس تحت جبتي إلا الله)، وهم رأوا كلامه قرآناً نازلاً.
5- وخطب آخر فجعل درهما تحت قدمه فقال: (إن ربكم تحت قدمي)، يعني أن الله يتلبس بكل شيء حتى بالدينار والدرهم.
6- وقال آخرون بأن لله طيور خاصة يتلاعب بها (وإن عبد القادر باز الله قد طار إليه).
7- وروى بعض أساتذة التأليف والتصنيف في عبارة (قط قط) بأن الله تعالى يأتي يوم القيامة صفاً صفاً فيقول لجهنم ((هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ)) فيمد رجله في جهنم فيقول هل امتلأت فتقول قط قط ويحس أهل النار بالبرد وخمود النار فيقولون من هذا الذي مد رجله فبردت علينا النار ويجابون أنه الله فيتعلقون برجله وبعضهم يخرج وبعضهم يسقط ويخلد!!!

ونرجع لأصل التقسيم الخامس:
أن الله سبحانه وتعالى واحد في الدعاء والرجاء ولا يتوجه لغيره في شيء من ذلك، إن هذا القانون في التوحيد يتهمون به الشيعة بأنهم يخالفونه بينما عمل الشيعة هو عين الحقيقة التي أمر الله بها لأن التوجه للنبي بالتوسل وللإمام(ع) هو توجه لمن بعثه سبحانه وجعله شفيعاً لعباده ورحمة لهم وأنه وسيلة لهم إليه، وقد أقرها القرآن بأن توسل أبناء يعقوب من أخيهم يوسف وأبيهم أن يدعو الله لمغفرة ذنوبهم، وراجع بعض التفصيل الذي قد مر في مواقف يوم القيامة قريباً ودقق به ولا تتقوّل على الشرع بتخطيء ما هو عين الشرع ((وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى))، ((يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ)).
وأما الثاني وهو التوحيد العملي فله توجيهان:
الأول نخاطب به الفسقة الذين يزعمون أنهم يعبدون الله ولكنهم يعبدون الشيطان ويراؤن العباد بعباداتهم وأعمالهم وهو صفات المنافقين وضعاف الدين غير المخلصين، قال تعالى: ((إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلاَّ قَلِيلاً (142) )) النساء.
والذي يقال لهم يوم القيامة: (يا فاسق يا خاسر يا غادر بطل عملك وحبط أجرك)، ويقول الله تعالى لهم: (أنا خير شريك من عمل لي ولغيري تركته لغيري).
والثاني نخاطب به المخالفين للنبي وأهل بيته من بعده والذين اتخذوا خلفاء وقضاة واعتمدوا على رواة ومحدثين كذبة وتركوا الرواية عن أهل البيت(ع)، فترى الصحاح مشحونة برواية الصحفيين الأمويين الذين ضعهم معاوية ومن لف لفه ولا تجد حديثاً عن أهل البيت(ع) وإن وجد فهو على الغالب ما هو مكذوب على أهل البيت كالأحاديث المروية على النبي وبقية الأنبياء والأولياء وأنا لا أريد هنا أن أسرد الروايات التي هي عار وخزي على رواتها وقد اعتبروها دستوراً إسلامياً، أمثال ما ينسب للنبي من حضور مجالس الباطل وينهاه عمر فلم يرعو عن الغي وأنه يسابق زوجته وأنه يسهو ويصحح له أبو بكر وأنه لا يستحي فيكشف فخذه أمام أصحابه وعثمان يستحي وأنه يصلي على المنافق فينهاه عمر فلم ينته وتأتي الآية مصدقة لعمر ومخطئة لسفير الله وهكذا من الخرافات التي استفاد منها المرتدون أمثال سلمان رشدي وغيره، وكيف كان فقد روي عن الإمام الصادق(ع):
(من أصغى إلى متكلم فقد عبده فإن كان راوياً عن الله فقد عبد الله وإن كان راوياً عن الشيطان فقد عبد الشيطان)، ثم لنصغي إلى كتاب الله، فسنجده كثيراً ما يعبّر بالإشراك ولا يعني الإشراك بالله وإنما بالطاعة والعمل المزعوم أنه لله ويسمي الشخص كافراً معبراً في غير الكافرين بالله وإنما كافرون بنعمة الله وبالسيرة التي فرضها الله وبالرجال الذين نصبهم الله على الأمة:
1) غير المتقي كافر: ((مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ... تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ (35) )) الرعد.
2) إطاعة الأحبار أشراك بالله تعالى: ((اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31) )) التوبة، إنهم لم يشركوا باتخاذ أحبارهم أرباباً ولم يعبدوا رهبانهم ومع ذلك عبر الله سبحانه بإشراك رهبانهم بعبادة الله ومثلهم بإتخاذ المسيح شريكاً لله تعالى، وعليه فإطاعة القادة الذين ليسوا من قبل الله هو إشراك بالله تعالى.
3) الكذب على الله أو النبي أو الإمام كفر: ((وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً... أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (19) )) سورة هود.
4) الظلم مخرج للإنسان عن ولاية الله تعالى: ((وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (19) )) سورة الجاثية.
5) الذي يعمل السيئات يعبد هواه: ((أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ... أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ (23) )) سورة الجاثية.
6) اتباع أي شيء من الأحكام أو من الأشخاص باسم الدين بدون حجة شرعية انه إشراك بالله، قال الله تعالى: ((قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (33) )) سورة الأعراف، فإطاعة أي حكم قد نزّل به سلطاناً يعتبر توحيداً لله واتباع غير ذلك يسمى إشراكاً بالله.
7) المسلم الذي يتخذ دينه لهواً ولعباً ومصلحة ويغتر إنه كافر: ((وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قالُوا إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ (50) الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا )) (51) سورة الأعراف، ولو قصد غير المسلمين لقال: اتخذوا الدين فإنه قال دينهم هذا بغض النظر عن الروايات الكثيرة على أن هذه الآيات في ظلمة أهل البيت بعد رسول الله 4 .
8) المنافقون الذين لا يعجبهم بعض الحق النازل ليسوا أولياء المسجد وأنهم كافرون مع أنهم مصلون ويستغفرون الله: ((وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ (32) وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) وَما لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (34) وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (35) )) سورة الأنفال، نزلت في النعمان الفهري الذي ردّ على النبي(ص) في نصبه علياً خليفة من بعده ولعلها نزلت قبل حادثته أيضاً.
9) المنافقون وضعاف الدين كفرة: ((إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49) وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (50) )) سورة الأنفال.
10) المنافقون والفاسقون والمجرمون كفره: ((يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ... لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طائِفَةً بِأَنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ (66) الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ (67) )) سورة التوبة.

11) وكما في الحديث (ليس بين الإيمان والكفر إلا ترك الصلاة).