41) عقيدتي بما في الجنة:ً

حسب التدرج الذي سرنا عليه من أول الخلقة إلى الحياة إلى البرزخ وإلى مواقف القيامة والآن لنتعرض بشيء ما إلى ما في الجنة:
1) النهر على باب الجنة: إنني اعتقد أنه على باب الجنة وقبل الدخول فيها نهر يغتسل منه المؤمنون فيذهب عنهم المرض والحزب والشيب والأمراض النفسية من الحقد وظن السوء وما شابه كما في الآية: ((وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (47) لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ (48) )) سورة الحجر، ومما ورد أن رسول الله ( قال لامرأة عجوز مزاحاً بأن العجائز لا يدخلن الجنة فشكت ذلك إلى العباس فسأل العباس من النبي(ص) فأجابه نعم وكذا الشيوخ لا يدخلون الجنة، ثم فصّل له بأنه يرفع عنهم الشيب والعجز ثم يدخلون الجنة.
2) والنهر الآخر هو في الجنة وهو غير الأنهر الأربعة ففي آيات كثيرة ورد ((تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهارُ)). وورد أيضاً أن قصور الجنة يُرى ظاهرها من باطنها فهي كالزجاج يرى النهر تحتها يترقرق كالزلال أو أنها مخصوصة تحت الجنات أي تحت الزروع فقط وإني قد احتملت حين كتبت التفسير أن تكون فروع الأنهر بجنب أساسات البيوت وهي التحت المجازي فلا يلزم أن تكون في التحت الحقيقي.
3) وفي الجنة الأنهر الأربعة: وهي آية 15 من سورة محمد(ص) ، فالماء طيب الطعم والرائحة وليس آسناً وكذلك اللبن يبقى طازجاً طيباً والخمر ليس هو كخمر الدنيا وإنما هو خالص وموجب للنشوة بدون إذهاب العقل وفساد البدن والنفس والعسل المصفّى، وأحد هذه الأنهر ينبع من (بسم) والآخر من (الله) والثالث من (الرحمن) والرابع من (الرحيم) والبسملة تمثل ولاية الله وولاية نبيه وولاية أهل بيته الطاهرين، وعن أمير المؤمنين (أنا النقطة تحت باء بسم الله)، يعني أن بولايته يبدأ الحق النازل من الله تعالى، والذي ينتهي بنا إلى ولاية الله مروراً بولاية النبي فافهم جيداً، هذا وقد ورد في الحديث أن الذي يشرب الخمر أنه يحشر سكراناً إلى وادي سكران في نار جهنم ولو عفا الله عنه فلا يذوق خمر الجنة.
4) إن في الجنة نوعين من الغناء:
فمنه ما يسمع من جريان النسيم على أغصان الأشجار بأوتار موسيقية مسعدة، ومنه غناء ورقص الحور العين مع النساء بالتجاوب ومضمون غناء الحور نحن الطاهرات فما طمثنا، نحن الغانيات فما قبحنا، نحن المسعدات فما شقينا، نحن الأبيضات فما كلحنا... وما شابه هذا المعنى وجواب المؤمنات الداخلات في الجنة، نحن المؤمنات فما كفرنا، نحن الصابرات فما جزعنا... إلى آخره، وقد ورد أن الذي التذَّ بالغناء بالدنيا وجلس مجالس الغناء إنه يحرم من لذة الغناء في الجنة.
5) في الجنة اجتماع برسول الله(ص) وأهل بيته(ع)، فقد ورد (يا علي أنت وشيعتك على منابر من نور مبيضة وجوههم وهم حولي في الجنة).
6) في الجنة ضحك عجيب إنه قد ورد بأنه يرى في الأجواء خيوط نور للشمس تهتز وتبرق، فيقول أهل الجنة يا رب ما هذا النور المنبعث الذي يسر القلوب وقد قلت في كتابك ((لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً (13) )) سورة الدهر، فيجيب الملائكة أن علياً والزهراء عليهما السلام قد تضاحكا، والظاهر أن هذه الإشعاعات المسرة هي لكل العظماء والعظيمات في الجنة.
7) إن رسول الله ( مع علي أمير المؤمنين(ع) في بيت واحد كما عن النبي(ص) فقيل له فكيف تباشرون نساءكم؟ فقال يضرب بيننا بسور من نور.
8) مقادير النساء:
قد ورد أن من توسط بين امرأة ورجل فجمعهما بالزواج الحلال زوجه الله ألفاً من الحور العين في الجنة، وأما من نساء الدنيا فلكل واحد أيضاً أعداداً بحسب درجته ورغبة النساء به.
9) شفاعات الأزواج:
استفيد من بعض الأحاديث بمسألة الشفاعة للجمع بين الزوجين أنه لو كان الرجل أعلى درجة من زوجته فاختيارها بيده فإن رغبها شفع لها فرفعها لدرجته وتزوجها وكذا إذا كانت هي من أهل النار وقد رغبها فإنها تخرج لأجله، وإن كانت هي أعلى درجة ورغبته رفعت درجته إليها وكذا إذا كان هو من أهل النار وقد رغبته فيخرج لأجلها وإن كان الأعلى درجة لم يرغب فالآخر منهما سوف يغنيه الله بآخرين أو أخريات.
10) زواج النبي محمد (ص) :
إن من جملة زوجات النبي (ص) الدنيويات أنه قال (لزوجته خديجة(ع) عند وفاتها سلمي على ضرائرك في الجنة فقالت من؟ فقال مريم بنت عمران وكلثم أخت موسى وآسية بنت مزاحم زوجة فرعون)، هذا بالإضافة إلى زوجاته الصالحات.
11) مدة المباشرة مدداً متطاولة ولا يقذف السائل عند النهاية وإنما يخرج ريح فيه النشوة وهو أطيب رائحة من المسك وينتهى به مباشرة كل مرة ولا يخلو الإنسان من مباشرة في وقت من الأوقات إلا شذوذاً فإنه يفرغ من واحدة فيمسك بالأخرى ولا يحس بالضعف.
12) إنه لا يوجد في الجنة تكليفات وأحكام وجوب أو تحريم وإنما الإنسان نفسه متكاملة فلا يشتهي ما هو منكر فلا يرغب بجماع محارمه مثلاً أو نساء الآخرين أو الولدان الذين يخدمون وما شابه وغير ذلك مما هو حرام في الدنيا، هذا بالإضافة إلى عدم تفرغه عن الحلال الذي بيده كما أنه لا يصيح عند التكلم ولا يشتم ولا يتكلم كلاماً فاحشاً فهو لطيف في كل حالاته وكل شيء حوله لطيف.
13) فوائد الحور العين للنساء:
سألت بعض النساء إنكم أنتم الرجال تقولون في الدعاء (اللهم زوجنا من الحور العين برحمتك يا أرحم الراحمين) ونحن هل نقول ذلك ما هي فائدة الحور لنا في الجنة؟
قلت أولاً: أن هذا الدعاء لم يرد خبر بأنه مخصوص للرجال فهو عام والثواب عليه شامل للنساء.
وثانياً: أن التزويج ليس معناه المباشرة والمجامعة الجنسية بل هو أعم أي أن الاستئناس بالآخرين وكون شخصٍ مصاحباً لهم أنه تزوج وتزويج معهم، فالأخوان الساكنان سوية يقال لهما في اللغة العربية أنهما زوجان من الأشخاص والإصبعان المشار بهما يقال بأنه أشار بزوج إصبعيه فكل إصبع بالنسبة للآخر زوج.
وثالثاً: أنه قد مر آنفاً أن الحور تراقص نساء الدنيا ويرقصن سوية بين يدي رجالهن فهن أنس وفرح متزايد لهن وهذا مما يرغب به العقلاء أيضاً.

عقيدة أمي بالحور العين:
إن الوالدة رحمها الله تعالى كانت تعتقد بأن الحور العين تستأنس بها النساء كما يستأنس بها الرجال ولكن الفرق كما قلنا أن الرجل يجامع الحور العين وأما النساء فإنها تستأنس بصحبتها، فإنه كانت جدتي أم أبي رحمهما الله كانت تشدد في أوامرها للوالدة كما هي العادة بين الكنّة والحماة، فلما ماتت جدتي سألنا الوالدة هل إنك راضية عن جدتي أم حاقدة عليها لشدة خلقها معك فكان جواب الوالدة مكرراً بإعلان الاستغفار لها والترحم عليها قائلة (تقلبها الحور والولدان ما عندي وقفة معها بمقدار رمشة عين)، رحمهم الله وإيانا جميعاً إنهن كن من الصالحات الطيبات وقد ربيننا بأحسن التربية فجزاهن الله وجميع آبائنا وأمهاتنا وجميع المؤمنين والمؤمنات خير جزاء المحسنين ونحن نتمثل بقول الشاعر دائماً.
لا عذب الله أمي إنهـا شربت             حب الوصي وغذتنيـه باللبـن
وكان لي والد يهوى أبا حسن              فصرت من ذي وذا أهوىأباحسن
14) أكثر أهل الجنة البُله:
الإنسان الأبله هو ضعيف التأثر مدحاً وذماً وكذا حين التعدي عليه إنه لا يحقد بل لبساطة عقله ينسى ويتجاوز ولهذا إن الله سبحانه لا يعذبه بالنار بل يتجاوز عن سيئاته لأنه في الغالب يكون مظلوماً مهضوماً حقه والحق لا يضيع بحضرة الله تعالى فيدخله الجنة ويرفعه بالدرجات بمقدار ما له من التدين، بل قد ورد أنه لا يحاسب في قبره أيضاً إلى يوم القيامة وأنه يترك كالطفل والمخبول، وضعف تحسسه بأذية الظالم له لا يوجب سقوط حق مظلوميته، (وإن الله للظالمين لبالمرصاد).
15) في وصف بناء الجنة وسعتها:
ورد عن النبي(ص):
(الجنة بناؤها لبنة من فضة ولبنة من ذهب وملاطها المسك الأذفر وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت وتربتها الزعفران من يدخلها ينعم ولا يبأس ويخلد ولا يموت، وفي الحديث: أن بيوت الجنة كالبللور يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها وتجري تحتها الأنهار وإنما ينستر ما أراد الإنسان أن يستره بأسوار من النور، وعن النبي ( (الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض) 1327، وفي آخر (مسيرة خمسمائة عام) 1328، فلو حسبنا أن السير في كل يوم خمسة كيلومتر والسنة 365.3 يوم × 500 = 913250 كيلومتر ما بين طبقتي الجنة يعني ما يقارب مليون كيلومتر، وقال (الجنة مائة درجة ولو أن العاملين اجتمعوا في إحداهن وسعتهم) 1329.
16) في وصف الحور العين والنساء:
قد ورد أنها لو اطلعت إلى الدنيا لأشرقت عليها بأكثر شعاعاً وجمالاً من الشمس وأنها يرى باطن جسمها كما يرى ظاهرها ولا دماء لها ولا أمعاء، ولعل كذلك نساء الدنيا في الجنة وإن النساء هي أجمل من الحور العين قال تعالى: ((إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً)) وليس بالتوالد ((فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً (36) عُرُباً أَتْراباً (37) )) أي متميزات ومتساويات بالأعمار والصفات.
وقال تعالى: ((فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (56) )) سورة الرحمن، وقصور الطرف أي أنها لا تنظر إلا صاحبها ((كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ)) لامعات منورات، وقال: ((حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ (72) )) وهذا نوع من الحور إنه المقصورات كل واحدة في خيمتها غير تلك اللواتي يطفن ويرقصن ((وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ)) أي كحيلات العيون (عين) بمعنى واسعات العيون، ((وكواعب أترابا)) النبأ (33)، جمع كاعب وهي البارزة النهدين.
17) في وصف الرجال:
إنهم جرد من الشعور مرد أي ناعمي البدن مكحولون وكأنهم أبناء عشرين عاماً في ريعان شبابهم تشع من جمالهم الأنوار، قال تعالى: ((وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ)) أي جميلة براقة ((إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ (23) )) سورة القيامة أي تنظر إلى رحمة الله وعطائه. ((وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ (8) )) سورة الغاشية.
18) في وصف الأطفال والقاصرين:
إن الإنسان الذي يموت قبل البلوغ على ما في الأخبار يربيه إبراهيم النبي (ص) فحينما يلحقه أهله من أبويه وغيرهم يرونه شخصاً كبيراً متكاملاً وأنه يقف على باب الجنة محبنطياً فيقال له ادخل الجنة فيقول: لا أدخل حتى يدخل أبواي قبلي فيشفع لأبويه وبعض أقربائه ويخلصهم إن كانوا من أهل النار، ولعل المجانين والمعتوهين الذين ماتوا قبل أن يكلفوا بالشرع لقصورهم كذلك، وفي الخبر أنه لما قتل عبد الله الرضيع في يدي أبيه الحسين(ع) بكى عليه وتأسف كثيراً، فنادته الملائكة (دعه يا حسين فإن له مرضعة في الجنة).
19) في وصف اللباس:
إن الرجال كالنساء يلبسون الحرير والديباج والأساور والذهب والفضة كما في حديث النبي(ص) (يا علي لا تلبس الذهب والحرير فإنهما زينتك في الجنة)، (الذهب والحرير حرام على رجال أمتي إلى يوم القيامة)، قال تعالى: ((يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقابِلِينَ (53)) الدخان، والسندس والاستبرق نوعان من الحرير.
وقال: ((يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الأَرائِكِ نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً (31) )) سورة الكهف.
20) في وصف الأثاث:
قال تعالى: ((مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ)) أي وسائد مزركشة، ((خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ)) أي بسط تحتهم برّاقة، ((حسان)) أي حسناء جميلة هذا ما ذكر لأهل الطبقة السفلى وأما للعليا ((مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ (54) )) وهو أغلى نوع من الحرير ولعل فيه بريقاً ونور، ((مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (20) )) سورة الطور، ((عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) )) أي مربطة من جوانبها سورة الواقعة، ((مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ (16) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ (17) )) لا يشيبون ولا يضعفون و لايقبحون ((بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18) ))، يصبّ فيها من الأباريق (من معين) أي عيون حلوة، ((يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ (71) )) سورة الزخرف، ((فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (13) وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ (14) وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15) )) سورة الغاشية، مخدات ووسائد صغيرة ((وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ)) بسط وسجاجيد منتشرة كثيرة، ((وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا (15) )) سورة الدهر، أي فيها طول وعنق كالقارورة.
21) في وصف البساتين والزروع:
إن الناس كل على قدر عمله فقد كان رسول الله(ص) يقول من سبّح تسبيحة أو هلّل تهليلة أو ذكر أي ذكر لله غرست له شجرة في الجنة فقال أبو بكر يا رسول الله إذاً كثر شجرنا في الجنة، فقال نعم ولكن لا ترسلوا إليها ناراً فتحرقوها، وعلى رأس الأشجار شجرة طوبى التي لها في كل بيت فرعاً وأغصاناً وفيها من كل أنواع الفواكه والأطعمة، وفي الجنة لا يحتاج الشخص للصعود لقطف الثمر وإنما يكتفي بأن ينظر إلى أي ثمرة أعجبته وهو في حال الانطراح او الجلوس أو أي حال فتنزل إليه ويقطفها، قال تعالى: ((وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً (14)) سورة الدهر، ((وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ (54) )) سورة الرحمن، بمعنى أن الثمار قريبة من الأيادي.
ومن الأثمار في الجنة ما هو للنكاح لا للأكل وذلك أنه يقطفها وتنفتح له وإذا بها فتاة تعجبه. وهناك أشجار للاستظلال: قال تعالى: ((وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَماءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ (33) )). ((وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً (14) )) سورة الدهر، ((لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً (57) )) سورة النساء، وعلى كل حال فلأهل الدرجة العالية جنتان أي بستانان وفيها أنواع النعيم ومنها (من كل فاكهة زوجان) لعله رطب ويابس أو كبير وصغير وهكذا، ((فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (15) )) سورة الروم، والروضة هي الحديقة.
22) في وصف العيون المائية:
ذكر في سورة الرحمن أربعة أنواع من العيون المائية فلأهل الجنتين العالية ((فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ (50) )) سورة الرحمن.
ولا هل الجنتين الأوطأ، ((فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ (66) )) أي فوارتان مثل النافورة التي أحدثت في عصرنا حيث الماء فيها يتصاعد بدون جريان، ((وَجَعَلْنا فِيها جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ (34) )) سورة يس، ((إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ (51) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (52) )) سورة الدخان، ((يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً (5) )) وهو مادة عطرة، ((عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً (6) )) سورة الدهر، ((وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً (17) )) وهو الحلو الحامض، ((عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً (18) )).
23) الخدم:
قال تعالى: ((وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (24) )) وهو حجر كريم بحري يتلألأ من الجمال ويستر لغلاء ثمنه وكأنه يضيء، وفي حديث أن فضل المخدوم على الخادم في الجنة كفضل القمر على سائر النجوم أو (الشمس)، يعنى بالجمال والراحة والتنعم وتحصيل النكاح.
24) السكن:
قد مرَّ بأن الجنات طبقات ولكل أهل طبقة مجموعة من البساتين ذكر منها في سورة الرحمن اثنين لأهل العليا واثنين لأهل السفلى وهذه بعضها وإلا فالحدائق والجنان لا تعد ومعها وبينها بيوت السكن، قال تعالى: ((لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ الْمِيعادَ (20) )) سورة الزمر، ثم إن بعض الناس لا يحصلون على سكن وإنما يتضيفون هنا وهناك كما في الحديث ما مضمونه: (من ضيع الصلاة ضيع الله ماله وأهله في الجنة)، فقيل كيف يضيع الصلاة؟ فقال: يصليها في آخر وقتها متقاعساً متكاسلاً ولا يحافظ على حدودها، فقيل كيف يضيع الله عليه ماله وأهله؟ قال لا يكون له سكن في الجنة وإنما يتضيف عند هذا وعند ذاك ولا يرى أقاربه وأهله في الآخرة.
25) أنواع الفواكه وبقية الأطعمة:
قال تعالى: ((فاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21) ))، ((وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ (33) )) سورة الواقعة.
وكل أكل وفاكهة مذكورة في الدنيا مثلها على أحسن ما يكون في الجنة لقوله تعالى: ((كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً)) (25) سورة البقرة، أي متقارباً بالجودة ولذة الطعم.
26) الذين يطيرون في الجنة:
ورد في الأحاديث المتفقة عن النبي(ص) أنه قال بأن جعفر بن أبي طالب عليهما السلام قطعت يداه فأبد له الله بجناحين يطير بهما في الجنة)، وعن الإمام الصادق(ع) (رحم الله عمي العباس(ع) فلقد كان نافذ البصيرة صلب الإيمان جاهد في سبيل الله وأبلى بلاء حسناً حتى قطعت يداه فأبدله الله بجناحين يطير بهما في الجنة)، وقيل أن أبناء المؤمنين الذين يموتون أطفالاً أنهم يكونون طيوراً في الجنة، وأن بعض الشهداء كذلك.
27) المخصوصون من الرجال والنساء:
هناك إضافات نعيم لبعض المتميزين في الدنيا مثل ما روي في المبتلين الصابرين.
(إن للمبتلين الصابرين لدرجات يغبطهم بها أهل الجنة)، ولكل من الأنبياء والأولياء درجات مميزة عن الآخرين مثل ما للنبي محمد (ص) حيث أنه له درجة المقام المحمود، ومثل ما لفاطمة(ع) فإن لها درجة السيادة المطلقة على نساء أهل الجنة أجمعين، ومثل بيت معين يسمى بيت الفرح خاص لمن قد أفرح الأيتام وبيت خاص لأهل السخاء من الناس مثل عبد الله بن جعفر(ع) وكثرة سخائه.
28) النور والطقس:
في الأحاديث أنه ليس في الجنة حر ولا برد ولا نور مزعج ولا ظلام وإنما الجو كمثل ما بين الطلوعين في الصيف وفي الآية: ((لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً)) من جهة الحر ومن جهة قوة النور ((وَلا زَمْهَرِيراً)) من جهة البرد.
29) بقية مناظر الجنة:
قال أمير المؤمنين(ع) (فلو رميت ببصر قلبك نحو ما يوصف لك فيها لعزفت نفسك عن بدائع ما أخرج إلى الدنيا من شهواتها ولذاتها وزخارف مناظرها ولذهلت بالفكر في اصطفائها، أشجار غيبت عروقها في كثبان المسك على سواحل أنهارها وفي تعليق كبائس اللؤلؤ الرطب في عساليجها وأفنانها وطلوع تلك الثمار مختلفة في غلف أكمامها تجنى من غير تكلف...
فلو شغلت قلبك أيها المستمع بالوصول إلى ما يهجم عليك من تلك المناظر المونقة لزهقت نفسك شوقاً إليها ولتحملت من مجلسي هذا إلى مجاورة أهل القبور استعجالاً بها جعلنا الله وإياكم ممن سعى إلى منازل الأبرار برحمته) خطبة (164).
30) الهدوء والسلام والتسليم والراحة والتحابب:
قالت تعالى: ((لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ (35) )) سورة فاطر.
((وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ (23) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24) )) سورة الرعد.
((أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً (75) خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً (76) )) سورة الشعراء، ((لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً (25) إِلاَّ قِيلاً سَلاماً سَلاماً (26) )) سورة الواقعة، يعني لا صياح ولا كلام سخيف ولا فاحش وبذيء وإنما تحيات مستمرة في كل لقاء، ((وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (47) لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ (48) )) سورة الحجر، ((فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ (10) لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً (11) )) سورة الغاشية.