2- الوصية بالوصية والتواصي:

وهذه الوصية الثانية: إذا كان للإنسان على الناس حقوقاً ولهم عليه كذلك فيجب عليه إذا قربت وفاته أن يوصي من بعده بما له وبما عليه حتى يفرغ ذمته من حقوق الناس ويفرغ ذمم الناس من حقوقه، وإذا لم يكن له ولا عليه استحب أن يوصي بالهداية والعقيدة الصحيحة أي بأصول الدين وفروعه وحسن الأخلاق حتى يكون آمراً بالمعروف في حياته وبعد موته ففي الحديث الشريف (إن من كمال العقل الوصية)، (من مات ولم يوص مات ميتة جاهلية)، (إن الوصية تطيل العمر).

وآيات الوصية كثيرة ومنها:

1- وصية الأنبياء باتباع الإسلام فإنه بعد قوله ((رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ...)) قال ((وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) البقرة 132.
2- الوصية بحسن الأخلاق وترك المحرمات: ((قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ))، و((وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)) الأنعام 152.
3- الوصية التي تأمر بالوحدة الإسلامية بعد رسول الل .
((وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)) الأنعام 153.
4- ومن أحكام الوصية:
((فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ)) البقرة 182.
أي إذا رأى في الوصية ميلاً عن الحق أو ما يخالف الشرع فغير ما يخالف الشرع إلى ما يوافقه وأصلح بين الورثة والمطالبين فليس هو بآثم.
5- ثم أن تقسيم الإرث إنما هو بعد أداء الوصية الواجبة من الأمور المالية وما شابهها كالديون المالية، كما في الآية ((يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً)) النساء11.
6- كما أنه يجب على جميع المؤمنين أن يتواصوا بالمعروف ويتناهوا عن المنكر، كما قال تعالى: ((ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ)) (17) سورة البلد.
وفي سورة العصر ((إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ)) (3).