15) مناقشة مع رجل يصدُق فيما يضر:

سيد صادق، لماذا وشيت على أخيك المؤمن وكشفت سرَّه؟ أما تخاف من الله أن يكشف سرك ويفضحك يوم القيامة.
صادق: مهلاً مهلاً أنا دائماً صريح ولا أحب الكذب.
قلت: سبحان الله ومن أمرك أن تكون صادقاً وصريحاً,حتى تفشي أسرار الناس وتوجب لهم الإهانة والضرر.
صادق: الله أمر بالصدق ألم تسمع إلى قوله تعالى: ((قالَ اللهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الفوز العظيم (119))- المائدة.
قلت:إن هذه الآية على خلاف قولك أدل وأظهر فإنها تقول لك إن هذا يوم ينفع الصادقين بما نفع صدقهم, لا بما فضح المسلمين وآذى المؤمنين, بل عليك أن تقرأ قوله تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (19))- النور.
وما شابه من آيات وأحاديث فضح المؤمنين وإشاعة المنكر والوشاية عليهم والغيبة والبهتان.
ألم تسمع قوله تعالى: ((لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً (8))- الأحزاب.
فإن الله تعالى سوف يسألك إنك لماذا صرّحت وصدقت فان كان في الصدق والصراحة ضرر وإثم فانك تعاقب كما يعاقب الكذاب والمفتري والمحارب لله ورسوله وللمؤمنين, قال الإمام الصادق (ع) في تفسير الآية أنه (يسأل عن صدقة على أيّ وجه قاله فيجازى بحسبه, فكيف يكون حال الكاذب مجمع البيان).
ولذا قال النبي (ص) : (إن الصدق في الإفساد والفتنة كذب عند الله وإن الكذب في الإصلاح صدق عند الله). بل إن بعض الصدق يسبِّب قتل الإنسان وسفك دمه فيؤتى بالصادق يوم القيامة فيقال له: اشرب هذا الدم, يقول لماذا يا رب فيقول: (إنك صدقت فسبّبت لأخيك المؤمن القتل فأنت شريك القاتل) فتشرب الدم وتدخل مع جماعة القاتلين في نار جهنم فإما أن يشفع لك بعد عدَّة من السنين وإما أن تخلد فماذا نفعك صدقك؟!.
وفي الحديث يحل الكذب أو يلزم في ثلاثة مواضع: على السلطان الجائر وعلى الزوجة اللجوج, وفي الإصلاح بين الناس, كما إذا سألك شخص هل سبَّني فلان فتقول له بالعكس إنه مدحك وقال أنه أخي وأنا أحبه وكذا وكذا...
فكذبك هذا سوف يصلح بينهما ويسبب لك أن تحشر يوم القيامة مع المصلحين والصالحين والأتقياء وفي رضوان الله تعالى، بل أزيدك على هذا أنك لو صدقت في أمر صالح ونافع أنك تسأل يوم القيامة لماذا صدقت؟ إذ لعلّه كان رياءاً وسمعةً وأنفةً على الناس وتكبراً عليهم وما شابه ذلك, فإنه مع هذه النيّات لا تثاب بل تعاقب حتى على الصدق الإصلاحي فلاحظ جيداً.