رد من لا يقبل حجة إلا من القرآن:

من مصائبنا في هذا الزمان أن كل ذي بدعة في الدين يستند إلى القرآن وكل خمار وقمار وزناء ولواط وفاجر وديوث ومكذب للحق ومكذب للنبي وأهل بيته الطاهرين (ع)، فإنه يستند إلى القرآن ويقول هذا في القرآن, وهذا ليس في القرآن، وكل من كلَّمه بثابتة من ثوابت الإسلام والإيمان يقول: لا أقبل ولا أصدق إلا إذا جئت بنص قرآني واضح على ذلك.
أقول لهذا الجاهل الجريء على الله وعلى سنة المعصومين (ع) من النبي وأهل بيته الكرام عليهم الصلاة والسلام أقول له: أنك إذا لم تعمل إلا بتصريح القرآن فلا تصلِّ ولا تصم ولا تحج ولا تزكِّ ولا تورث ولا توصِ ولا تعمل أي شيء في الإسلام فإنه ما من شيء قاله القرآن الكريم إلا ترك تفريعه وتوضيح أحكامه على النبي وأهل بيته (ص) .
وإلا فهل ذكر لك القرآن كم ركعة تصلي؟ وكيف تحج، وكيفيّة الصوم وكم شيء تصوم عنه إلى الليل، وأين الآية التي تحدِّد الليل، وفي الإرث ما لا يقل عن خمسمائة مسألة، منها حوالي عشرين مسألة أصلية تتفرع منها فروع كثيرة فأين هذه الفروع في القرآن وماذا يقول الرجل للمرأة إذا أراد عقدها؟ وهكذا الاعتكاف والحقوق والمعاملات والقضاء والأوقاف والصدقة والهبة والوصيّة والوديعة … وغيرها كثير.
إن قلت أنها لا توجد في القرآن قلت: إذاً الإسلام ناقص وغير متكامل لكل ما يصوِّر الإنسان من الأحكام، كمثل السفلة الذين ردوا بأن رسول الله (ص) قال لأعرابي فلاح جاهل (أنتم أعلم بشؤون دنياكم)، ومثل الأحمق الذي روى عن النبي 4 (إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به وإذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنما أنا بشر) نهج الفصاحة 931.
ومثل أعوان المجرمين والظلمة إذ رووا عن النبي (ص) في الدفاع عن اللعناء (اللهم إني بشر فاجعل لمن لعنته كفارة لذنوبه). أقول فأين قوله تعالى عنه (ص) (إنه لا ينطق عن الهوى) وأين ((وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الأَقاوِيلِ (44) لأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) )) الحاقة، وما ثبت متواتراً أن رسول الله أعلم خلق الله بكل ما خلق الله.
وثانياً: أنت الذي تريد كل شيء أن تفهمه من القرآن الكريم ما مقدار فهمك للقرآن من محكم ومتشابه وخاص وعام ومجمل ومفصَّل ومبهم ومبين وناسخ ومنسوخ وظاهر ونص وتأويل وتفسير وأسباب النزول وغيرها؟
إنما هو عند أهل بيت النبوة, راجع ما سبق وقول أمير المؤمنين (ع) في وصف الأئمة بعد رسول الله (ص) وأنهم يعملون بالقرآن ناسخة وحلاله وفرائضه ورخصه وخاصة …
ثم لاحظ حديث أمير المؤمنين (ع) حين بعث ابن عباس لمحاججة الخوارج (لا تخاصمهم بالقرآن فإن القرآن حمَّال ذو وجوه تقول ويقولون, ولكن حاججهم بالسنة فإنهم لن يجدوا عنها محيصاً) نهج البلاغة مكتوب 77
وأخيراً إن مثلك كمثل أحد الأصحاب, إذ تجاسر على رسول الله حين طلب دواةً وكتف ليكتب لهم ما إن تمسَّكوا به لن يضلُّوا من بعده أبداً فقال هذا الصحابي إن الرجل ليهجر حسبنا كتاب الله, فتصايح الأصحاب معه بأن النبي لا ينطق عن الهوى وطردهم رسول الله قائلاً (لا ينبغي عند نبي نزاع)، فقالوا يا رسول الله: نأتيك بدواة وكتف؟
قال: (أبعد الذي قلتم وفعلتم؟ ولكن أوصيكم بأهل بيتي خيراً).
إن هذا الرجل مثلك فإنه قال: حسبنا كتاب الله, وهو يجهل كل شيء من كتاب الله حتّى أن امرأة ترد عليه في فتواه في المهر المخالفة للقرآن فينزل من المنبر مخاطباً نفسه: كل الناس أفقه منك حتّى المخدرات في البيوت. (راجع الغدير ج6 لتعرف مجموعة جهالته).
نعم إنما جزع المجتمع من الروايات واعتقد كذبها غالباً بسبب الروايات الواردة عن طريق السلاطين المجرمين وخلفاء الكذب والجور من بني أميّة وأمثالهم وأعوانهم وأتباعهم والشيوخ في المساجد يلحُّون بها على المجتمع حتّى جزع مما يسمع, ومنها:
1- الله يمد رجله في جهنم حتّى تقول:قط قط، (راجع مادة قط قط من الصحاح).
2- الرسول يجلس مجلس الغناء ويحكم عليه أبو بكر بأن هذا مجلس الباطل فلم يرعوِ عن الغي, حاشا وحاشا رسول الله.
3- النبي لا يستحي من أصحابه أن يظهر فخذه إلا من عثمان معتذراً بأن الملائكة تستحي منه.
4- الرسول يسابق عروسه بين يدي الأصحاب ومعلوم أن الممدوح هنا بنت الخليفة.
5- الرسول يشك بنبوّته مادام عمر في الحياة (ما تأخر عني الوحي إلا ظننت أنه نزل بابن الخطاب).
6- الرسول يسهو في الصلاة وأبو بكر يصحِّح له.
7- الرسول يتعجل بالصلاة على المنافق فينهاه عمر فلم ينته فتنزل الآية تصدِّق عمر وتخطِّئ النبي (ص) .
8- الله يشك بإيمان أبي بكر وحبه له فيرسل جبرئيل (ع) سائلاً من النبي بأني راضٍ عن أبي بكر فهل هو راضٍ عنّي... وإن هذا الغبي الذي اخترع هذا الحديث لم يشعر بأنه تشكيك بدين الرجل إذ لو أجاب بأني غير راضٍ عن الله فما تفسيرها عند هؤلاء القصاصين غير كفره ووضوح عدم أيمانه؟!
9- الرسول يتعشَّق زوجة زيد في حال زوجيتها ويكرر سبحان الله برؤيتها.
10- وأنه دخل مع أبي بكر المدينة والنبي لا شيء بنظر الناس وإنما هو كشعرة في لحية أبي بكر.
11- أبو بكر وعمر شيوخ الجنة, ومعلوم أنه ليس في الجنة شيوخ، بل كلهم شباب.
12- إن سليمان نبي الله عشق زوجة جاره أوريا القائد الإسلامي وقتله حتّى أخذها.
13- إن إبراهيم خليل الله (ع) كذّب مراراً في الدين.
هذا ولكن لو ترك هذا المتنكر للأحاديث, الجاهل لو ترك هذا الطريق وأخذ علمه من الصادقين وأئمة الحق المبين لما وقع بهذه التوهُّمات ونكر الحق برؤية الباطل قال أمير المؤمنين (ع) (بنا اهتديتم في الظلماء وتسنَّمتم العلياء …) خطبة (ص) نهج البلاغة. (وراجع ما سبق في الإمامة).