ثلاث عورات لكم:

إن كثيراً من الناس إنما يعبدون الله مادامت العبادة لا تضر بمصالحهم وإلا لطلبوا عنها المعاذير وسلكوا درب السلامة والسعادة الشيطانية ولو كان باطلاً ومأثوماً قال الإمام الحسين (ع) (الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم فإذا محّصوا بالبلاء قل الديانون).
وقال الله تعالى ((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ (11)) الحج.
وفي سورة الفجر ((فَأَمَّا الإنسان إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15)) ويطمئن ويلتزم بالإيمان ويحسب نفسه أنّه من الصالحين ولا أحد أفضل منه في الناس ولا يدري أن إكرام الله له بهذا المال أو بغيره إنما هو استدراج وابتلاء وليس دائماً هو نتيجة كما نطقت الآية ((وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ (16)) الفجر.
ولم يبقِ شيئاً من الاحتمال بأن هذا لطف من الله به حتّى يتأدب ويمحِّص ذنوبه حتّى يستحق أعلى درجات الجنّة والرضوان، وهذا التفكير الضيق والجهل هو الذي هلك به أكثر الأمم ونجى به الأنبياء والأولياء الذين ابتلاهم الله بأنواع البلاء وصبروا وواصلوا الجهاد في محاربة النفس والشيطان.
يجب على الإنسان أن يتوسل بالله تعالى ويتشفّع بالنبي وآله الكرام عليهم الصلاة والسلام ليرزقه الله حسن العاقبة التي رزقها لأحب الخلق إليه كخاتمة الحياة التي كانت لسيد الوصيين وأمير المؤمنين (ع) أنه حين ضربه أمير المؤمنين فرح لخاتمة أعماله في الشهادة في سبيل الله في المسجد في المحراب وفي حال صوم وفي حالة صلاة ويا لها من كرامة في ختم أعمال الصلاح في نهاية العمر ولذا أعلن صائحاً: (فزت ورب الكعبة) وقال: ((لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ))، وهنيئاً له ولرسول الله وأهل بيتهم في جهادهم وصبرهم ومواصلتهم طريق الحق حتّى النهاية.
ويا ليتنا نسير سيرتهم ونقتدي صبرهم ومواصلتهم لنحشر معهم يوم القيامة فرحين مسرورين كما في الآية ((وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً (5) ... وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً (11) )) الطلاق.
ولا نكون من الذين قال فيهم رسول الله 4 في حديث (إن الرجل منكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتّى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتّى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنّة فيدخل الجنّة) نهج الفصاحة 578.
ولا يقول قائل بأنّه محصن من الشيطان الرجيم كلاّ فإن الشيطان يجري في فكره وبدنه كجري الدم في أوردته وشرايينه, فليتعوذ منه وليتوسل بالله سبحانه أن يعصمه من الارتداد والزلل وأن يوفقه لخير العمل وأن يجعل خاتمته على خير وصلاح إن الله سميع الدعاء.