أهمية تأويل الحلم:

وتفسير الحلم ليس بالشيء الهين بل هو سر من الأسرار ولذ ا جعله الله تعالى جزءاً من نبوة يوسف (ع), إذ قال ((وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحادِيثِ وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (21) )) يوسف.
((رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحادِيثِ)).
وهذا التأويل يعني به تفسير الأحلام فإنه علم مكتوم مكنون لا يعطى إلا لمن امتنع من الزنا والقضايا الجنسية المحرَّمة كيوسف (ع) وكابن سيرين حيث أنه كانت قد دعته امرأة في شبابه فامتنع فرزقه الله علم الأحلام.
كيف تفسِّر الأحلام للناس ولنفسك:
1- إني أوصي الشباب المؤمنين والفتيات المؤمنات أن يطالعوا قصص الأنبياء والأولياء في الأحلام وتأويلها وماذا حصل لهم ولا يكتفوا بمؤلف واحد كابن سيرين بل عليهم بغيره, حتى يكون عندهم ملكة وعلم بتأويل الأحلام.
2- عدم التفسير الضار وإنما فسِّر بما هو نفع للرائي والمرئي وإلا فاتركه فإن الأحلام بحسب ما فسِّرت.
3- لكل شيء من المرئيات في الحلم معاني حسنة يمكن للإنسان أن يميل إليها فالصعود معناه الترفيع بالرتب وزيادة الإيمان والوصول للسعادة والنزول معناه التواضع والاستكانة والخشوع والزنا بالمحارم معناه حج بيت الله فهو دخول بالحرم الشريف كما في كتاب ابن سيرين، والكلام الفاحش معناه التزوج والانطلاق مع الزوجة بما يشاء من الفعل والكلام، والموت معناه طول العمر ورفع الجنازة,معناه رفع شأن وزيادة عزة الرائي والوصول المتكامل إلى طاعة الله ورضوانه والتعري معناه التخلص من الذنوب والتغوط والتبول معناه التخلص من الأذى وهجوم الكلاب وما شابه من الحيوانات الضارية المؤذية معناه عدوّ تتخلّص منه بالدعاء الكثير إن شاء الله.
4- رؤية الأنبياء والأئمة المعصومين وفاطمة الزهراء والملائكة لا يفسر في الشيطان أبداً, فقد ورد في الحديث: ((من رآنا فقد رآنا ولا يتمثل بنا الشيطان ومن رآنا فبشِّروه بالجنة)), حتى ولو كان من رآهم فاسق فاجر فبشره بأن الله سوف يرزقه الهداية وأنه يكون من أهل الجنة إن شاء الله.
5- لا تفسر بالسوء مستنداً إلى تفسير يوسف لحلم الشاب السجين له بأنه سوف يصلب وتنتف الطير رأسه فإن يوسف (ع) نبي يعلم بالواقع السر الإلهي وأن أولئك كانوا من أعوان السلطان الظالم وكانوا كفره و يعلم أن عاقبتهم على شر وأنت لست بنبي ولا الذي تفسر له كافر أو سلطان جائر فلا تفسر له وتؤذيه حتى لو كان فاسقاً فلعل عاقبته على خير.
6- إذا علمت بحلم أن فيه شر فلا تفسرّه, وقل خير إن شاء الله وأمر الرائي بالصلاة ركعتين والدعاء والتصدق على الفقراء فإنه حتى لو كان في الواقع معناه سيئاً فأنه يرفع عنه السوء, فإن الصدقة تطفئ غضب الرب وتدفع البلاء المبرم.
7- لا تتعجل بالتفسير وإنما فكّر وقلب وجوهه حتى تفسِّره بما ينفع أكثر.
8- أفضل وأصح الأحلام ما كان فيه النائم متوضئاً طاهراً نظيفاً هادئاً وبعد نصف الليل, وأسوأ الأحلام وأكثرها اضطراباً, لكونها من الشيطان وغير صادقة ما لو نام خائفاً أو تعباناً أو جائعاً أو مجنباً أو وسخاً أو متألماً أو في وقت مكروه فيه النوم كوقت طلوع الشمس ووقت غروبها, أو في وقت صلاة لم يؤدها أو كان تحته شيء مقدس كالقرآن أو كان عارياً, فإن الشيطان يتلاعب به في هذه الأحوال.
9- وكتب بعض العلماء أوقاتاً للحلم الصادق من الكاذب معتمدين على بعض الأحاديث والتوجيهات ولا بأس بها ولكنها ليست قطعية وإنما عليك أن تفسّر بالخير, ولا تحكم على حلم بأنه أضغاث, ألم تر إلى ملك مصر قد رأى حلماً مهماً جداً, ويعتبر من قبيل الوحي ومع ذلك قال جماعته الجهلة ((أَضْغاثُ أَحْلامٍ وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلامِ بِعالِمِينَ (44) )) يوسف، فهذا الجواب خطأ وجرأة على الواقع ولذا إنهم لمّا قدَّموه ليوسف (ع) فسَّره بأمر اقتصادي هام جداً كما سيأتي توضيحه.