54- وصيَّتي عدم الزنا ومقدماته:

قال الله تعالى ((وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً (32)))- الإسراء.
الفاحشة هو الجرم العظيم ولذا ذكر في سياق قتل النفس الأبناء كالآية قبلها وعموم الناس كالآية بعدها, كما ذكر في ضمن هذه القطعة من الآيات أكل مال اليتيم ونقض العهد والخيانة بالميزان وتبذير الأموال، ثم إن النواهي في القرآن على قسمين فمرة يقول لا تفعل كذا أو يحرم كذا مثل ((وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ)) ((حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ)).
فالتحريم فيها لمجرد الأكل ولا يحرم بقية التقلُّبات ومثل ((حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ)).
فالتحريم لمجرد الأمر المعهود من مورد التحريم وهو التزوج والمباشرة الجنسية ولا يحرم ممارسة الحياة معها ورؤية بعض جسدها وما شابه.
وأما حين يقول (لا تقربوا الزنا) –((ولا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ)) إسراء 33- 34.
((تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَقْرَبُوها)) البقرة 107.
((لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى)) نساء 43.
((لا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ)) الأنعام 153 .
فهو نهي شديد لجميع التقلُّبات في الشيء وليس في وجه معهود واحد كالأكل أو الجماع و ما شابه, وكذا مثل قوله تعالى: ((إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) )).
فإن الأمر بالاجتناب يعني جمع التقلُّبات, ولذا ورد في الحديث أنه يحرم في الخمر عشرة أشياء كما سيأتي وهنا في الزنا سوف نبيّن أن جميع التقلبات المقاربة له محرم، ففي شرح موضوع الزنا لابد أن نلمّ بجميع الأعمال الجنسيّة المحرّمة حتى نستوضح معنى الزنا ونروي فيه الروايات.
1- يحرم حرمة مغلظة اللواط وهو فعل الذكور بالذكور فإن لم يدخل فهو اللواط وإن دخل فهو الكفر وفي اللواط الحد مشدد أكثر من كل الجرائم ويتنوع إلى ستة حدود: أ- القتل بالسيف, ب- القتل بالحرق بالنار, ج- القتل برجم الحجارة، د- الرمي من شاهق, هـ- إسقاط حائط عليه حتى الموت, و- قتل ثم حرق, وهو ممن يخلد في النار.
2- ومن الكبائر مساحقة النساء وبدون التعري فيه التعزيز، ومع التعري أي بحك الفرج بالفرج فيه حد الزنا, أي الضرب مئة جلدة, وهن من أنواع الجيفة على الصراط.
3- تحرم المحارم وهي من النسب سبعة ومن الزواج أربعة, والرضاع مثل النسب والمجموع أحد عشر رجل على إحدى عشرة إمراة, آباء وأبناء وإخوة وأبناء إخوة وأبناء أخت وأعمام وأخوال,ومن الزوج آباء الزوج وأبنائه وأزواج الأمهات والبنات وللرجال تحرم الأمهات والبنات والأخوات وبنات الأخ والأخت والعمات والخالات.
ومن الزواج تحرم أمهات الزوجة وبناتها وزوجات الآباء والأبناء وتحرم أخت الزوجة ما دامت أختها زوجة.
4- تحرم التي لاط بأخيها أو ابنها أو أبيها إذا كان اللواط مقدماً على العقد.
5- تحرم الزوجة في حال الحيض والإحرام بحج أو عمرة والصوم وأمام ناظر محترم وفي المساجد لحرمة الجنابة فيها.
6- يحرم نظر الزوج أو الزوجة بشهوة في حال موت أحدهما ولا يحرم رؤية العورة.
7- يحرم التشهِّي أو اللقاء الجنسي لغير المعقودة شرعاً مؤقتاً أو دائماً.
8- يحرم العقد لمن هي في ذمة زوج أو في عدة طلاق أو وفاة منه.
9- في حال الإحرام يحرم كل أنواع التشهي الجنسي مع الزوجة.
10- يحرم التشهي الجنسي مع الزوجة أمام الناظر المحترم.
وأما التحريم في المساجد أو في الصوم أو في الحيض فلا يحرم الملاعبة غير المسبِّبة للجنابة (يعني بقذف المني أو بالدخول بها).
11- يحرم للإنسان أن يلعب بأعضائه التناسلية بيده أو بأي عضو أو بأي حاجة وهي العادة السرِّية التي تعزيرها ضرب يده حتى تحمر وأنه يأتي يوم القيامة مخزياً يده كالفرج وفي يده وفرجه تشتعل النيران.
وبعد توضيح موارد التحريم نقول أن جميع حركات المرأة أمام غير المحارم والزوج حرام وفيها آيات:
أ- فكشف ما زاد على الوجه والكفين والقدمين حرام, قال الله تعالى بالنسبة للوجه ((وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ)), جمع خمار وهو ستار الشعر وقال الإمام الصادق (ع) (كل ما زاد عن الوجه فهو جيب), فالرأس جيب والرقبة جيب والأذن جيب والخدود الزائدة عن مقدار الوجه كلها جيوب يجب سترها.
ب- يجب ستر جميع البدن بثوب عريض سميك طويل, فلو كان قصيراً فهي لم تستر البدن ولو كان ضيقاً فهي كاسية عارية لأنها قد أظهرت ارتفاع وحجم أعضائها وخصوصاً إذا كان الضيق بقرب أعضائها, ولو كان رقيقاً فكذلك هي كاسية عارية, قال الله تعالى ((يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ)).
والجلباب هو الثوب الواسع السميك الطويل وورد عن النبي (سيكون في آخر الزمان نساء كاسيات عاريات وفي الفتن داخلات ومن الدّين خارجات وفي جهنم خالدات فالعنوهن فإنهن ملعونات).
ج- صوت المرأة عورة: إذا كان بتخضُّع كما قال تعالى ((فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ)) فتكلم المرأة لابد أن يكون طبيعياً حتى لا يرغب السامع.
د- مشية المرأة عورة: ولذا يقول الإمام الصادق (ع) (ليس للنساء إلا حواشي الطريق), وفي الآية ((وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ)).
فإن المرأة إذا ضربت رجلها بالأرض في المشي خشّ حجلها وبعض ذهبها وحاول اللصوص سرقتها ولاحقوها على ذلك وحاول الجنسيّون مراقبة مشيها للكيد بها والاعتداء عليها ففي هذه المشية جرائم متلاحقة.
هـ- مفاكهة المرأة حرام: ومفاكهتها أي ممازحتها بالكلام وأما بالأعضاء والحركات فهو الزنا بعينه.
و- مصافحة المرأة زنا: وفي الحديث (لا تصافحها إلا من وراء حجاب ولا تعصر كفّها).
ز- التفكر بالجماع بالمرأة إنه زنا بل فيه شيطنة أكثر من الزنا, فانه بالتفكير يتخيَّل ويفكّر بكيفيّات لا يستطيع أداءها فيما لو كان يزني بها حقيقة فالتفكير أوسع من العمل دائماً فيكون الأثر في نفسه بالغاً.
وبهذا تمت التوضيحات في كل ما هو نوع تقلب بالجنس,ومقدمات للزنا أيضاً كما في الخبر: (إن العين لتزني وإن الأذن لتزني وإن اللسان ليزني وإن اليد لتزني وإن الرِجل لتزني وإن القلب ليزني)، وأمر الزنا عظيم فانه يحرق البيوت, فقد ورد (إن الزنا يدع البيوت بلا قع) أي خرائب وحرائق، (الزنا يورث الفقر)- (و إن البيت الذي يعمل فيه بالزنا لابد أن تطلع عليه الشمس فتطهِّره) أي ينهدم سقفه وحائطه فتدخله الشمس – (إذا شاع الزنا كثر موت الفجأة)- (بشروا الزاني بالفقر و لو بعد حين, والقاتل بالقتل و لو بعد حين)- (إذا شاع الفساد نزل البلاء و إذا نزل البلاء عم). و عن النبي 4 : (سبعة يظلُّهم الله في ظل عرشه يوم لا ظلَّ إلاّ ظله: إمام عادل, وشاب نشأ في عبادة الله ورجل قلبه معلَّق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه, ورجلان تحابَّا في الله فاجتمعا على ذلك و افترقا عليه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه, و رجل دعته امرأة ذات منصب و جمال فقال إنّي أخاف الله رب العالمين ورجل تصدَّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) فصاحة 1726.