41- وصيَّتي بالدعاء:

قال الله سبحانه: ((قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً)) الفرقان77 والآية ((وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)) البقرة 186 أي ان الدعاء مشروط باستجابة أوامر الله تعالى والإيمان بأن الله سميع للدعاء ومجيب له ولذا ورد في الحديث عن النبي(ص) قال: (يأتي على أمتي زمان تكون فيه أمراؤهم على الجور وعلماؤهم على الطمع وقلة الورع وعُبَّادهم على الرياء وتجارهم على أكل الربا وكتمان العيب في البيع والشراء ونساؤهم على زينة الدنيا فعند ذلك يسلط عليهم شرارهم فيدعو خيارهم فلا يستجاب لهم) وفي دعاء الاستغفار ورد في نهج البلاغة أن الإمام(ع) سمع شخصاً يستغفر الله تعالى ولعله كان يستغفر معتاداً ولم يكن ملتزماً فقال له (ثكلتك أمك أتدري ما الاستغفار؟ الاستغفار درجة العليين وهو اسم واقع على ستة معان: أولهم الندم على ما مضى والثاني: العزم على ترك العود إليه أبدا والثالث أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله أملس ليس عليك تبعة والرابع: أن تعمد إلى كل فريضة عليك قد ضيعتها فتؤدي حقها والخامس: أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالأحزان حتى تلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد والسادس: أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية فعند ذلك تقول أستغفر الله) نهج البلاغة. ثم إن الدعاء إنّما يستجاب بالتدرّج نبيّن ذلك لك ثمّ نبيّن أسباب عدم الإجابة يجب على الإنسان الذي يريد أن يدعو و يتمنّى إجابة دعائه هذه الأمور:
1- أن يعلم بأنّ اللّه مجيب الدعاء و قادر على كل شيء وأنّه رحيم ودود عطوف رؤوف.
2- أن يستغفر اللّه تعالى.
3- أن يصلّي على محمّد وآله.
4- أن يبدأ فيدعو للغير كما عن الزهراء(ع) تقول لولدها الحسن(ع) (يا بني الجار ثمّ الدار).
5- يطلب من الآخرين أن يدعوا له في قضاء حاجته ففي الحديث القدسي عن اللّه تعالى: (ادعني بلسان لم تعصني به). و هو لسان غير الداعي فإنّ الداعي قد عصى اللّه يوما ما.
6- أن يبدأ بالثناء على اللّه جلّ جلاله و ذكر نعمائه و شكره عليها، ففي الآية ((لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ (7) )) إبراهيم.
7- أن يكون الدعاء مسبوقا بعبادة ففي الحديث من قضى فريضة أو نافلة فانّ له عند اللّه دعوة مستجابة. وفي الآية ((وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخاشِعِينَ (45)) البقرة.
8- أن تتأكّد بأن لا يكون في دعائك شيء من الظلم على أحد من الناس و لو ظُلمت فاحلم ما استطعت ففي الحديث أنّ من المظلوم من يصبح بدعائه ظالماً كمن ضُرب ولده فيدعو على الضارب بالهلاك أو هتك العرض وما شابه ومعلوم أنّ الهلاك أكثر من حقّ ضرب الولد.
9- أن يكون دعاؤك في أوقاته المفضّلة و مكانه وحالاته فمن الحالات أن تكون منكسر القلب خاشعاً متلهّفاً للإجابة ففي الحديث القدسي (أنا عند المنكسرة قلوبهم).
10- أن تحسن ألفاظ الدعاء بحيث لا يكون بصورة نقد للمولى سبحانه أو لأنبيائه أو لأوليائه وإنّما يتكلّم الشخص موقّراً للّه و لعظماء خلقه.
11- إذا قصدت التكلّم بفصاحة فلا تلحن مخالفاً للقواعد العربيّة من النحو و الصرف و اللّغة ففي الحديث أنّه لا يجاب حديث ملحون.
12- إذا دعوت اللّه بألفاظ الأدعية الواردة في القرآن و السنّة فهو أفضل و يجوز أن تدعو بكلام غير منصوص.
13- إن لم تجب فكرر الدعاء بدون جزع و تنفّر بل برضى و قبول فانّ اللّه يعرف المصلحة لك أكثر من نفسك كما في الدعاء (ولعل الّذي أبطأ عنّي هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور).
14- لا تتمنّى الموت فإنّك إن كنت صالحاً تستزيد ثواباً ببقائك و عملك الصالح وإن كنت خاطئاً مسيئاً فلعلّك بالبقاء تتوب ويحسن عملك وتحشر مع الصالحين بل تمنَّ الشهادة.
15- أن تصحب دعائك بالصدقة فإن الصدقة تدفع البلاء المبرم و تطفىء غضب الرب.
أفضل أوقات و مواطن الدعاء: قد ذكرت الآيات والأحاديث أوقات مقدَّسة ومواطن موقَّرة عند الله وأحوال مقربة الإنسان و ان بها تنفتح السماء و منها:

  1. أحد المساجد وخصوصاً المعظمة كالمسجد الحرام و مسجد الرسول و الاقصى والكوفة.
  2. في حرم أحد المعصومين عليهم السلام أو ذراريهم من عظماء الإسلام كالسيدة زينب(ع) والعباس(ع) ومسلم بن عقيل وأولاده أو أصحابهم الكرماء كسلمان في بغداد و عمار وأويس في الرقة من الشام.
  3. في حالة نزول المطر أو قضاء حاجة مؤمن أو نزع روح مؤمن أو هلاك مجرم فاسق أو عند مريض أو مسجون ظلماً و ما شابه و عند اجتماع المؤمنين وخصوصاً مع تأمينهم على الدعاء بقولهم آمين.
  4.  في وقت آذان الصلاة و فيها و بعدها و عند دفن مؤمن و الصلاة عليه وفي رمضان و اشهر الحج و الأشهر الحرم ذي القعدة و ذي الحجة و محرم و رجب و في شعبان و في يوم الجمعة أو العيد أو وفاة إمام أو ميلاد إمام من المعصومين الأربعة عشر.