19- ثورة الإمام الحسين(ع) لنصرة الحق:

إن الإمام الحسين(ع) هو المنتصر الذي تثبت في الأرض أطروحته وتنبذ جميع الأفكار والنظم الأخرى، و لكن ليس الانتصار في زمانه وشخصه وهو عالم بذلك ولذا تراه قد خطب في مكة قبل التوجه للعراق وفي كربلاء أظهر فيها أنه مقتول لا محالة وأن ذلك عهد معهود من الله إلى رسوله ثم إليه وكان يتلوا آيات الشهادة وكان يقول:
أنه قادر أن ينتصر ولكن ثواب الله بالشهادة أولى، وقال النبي 4 له حين جلس عند قبره شاكياً قال له: يا بني اخرج إلى العراق فإن لك درجة في الجنة لا تنالها إلا بالشهادة.
وحين ألح عليه ابن عباس أن لا يخرج قال: شاء الله أن يراني قتيلا.
قال فما معنى حملك هذه النسوة قال: شاء الله أن يراهنَّ سبايا.
وقد تبين لابن عباس أنه عهد للإمام(ع) بالقتل والسبي وماذا يستطيع أن يعمل أمام عهد الله لأوليائه؟ فسلَّم ابن عباس للأمر وودَّع الإمام وكان ضريراً وإلا لصحب الإمام(ع).
ومما أنتجت ثورة الحسين(ع): قيام ثورات على إثر الهيجان بمقتله ولكن بعضها غير مخلصة للإمام(ع) وإنما طامعة مخادعة كثورة بني العباس حيث خرجت باسم ثارات الحسين وكان شعارها الحزن على مقتله وهي منافقة مستفيدة وقد ظهر بعد ذلك خداعها بعد أن نصرها رجالات الشيعة فإنها قتلت أهل البيت بأكثر من قتل بني أمية لهم كما قال الشاعر:

تالله ما فعلت أمية فيهـم                   معشار ما فعلت بنو العباس

فإن يزيد حين قتل الحسين(ع) لم يقتل السبايا من النساء والأطفال وأما المهدي العباسي فإنه قتل سبايا الحسين شهيد فخ من نساء وأطفال وشيوخ بعد أن أماتهم جوعاً وعطشاً، وكان يأكل مع جماعته أحسن الطعام بين أيديهم وهم يتضوَّرون جوعاً، وإن بعض حكام بني العباس قد تأسف لعدم وجوده ومشاركته بمقتل الإمام(ع)، ومنهم المتوكل العباسي إذ لم يشترك بمقتل الحسين فتوجه إلى قبره ليهدمه. والبعض الآخر من الثورات كانت مخلصة ولكنها لم تعمل شيئا وفشلت وطوردت وقتل زعماؤها وأكثر عسكرها، ومنها ثورة زيد الشهيد بن الإمام زين العابدين الذي ثار وعنوان ثورته
(الرضا من آل محمد 4 ) ولم يدعُ الناس لإمامته وإن زعم أتباعه ذلك جهلاً أو تجاهلاً.
ومنها ثورة الحسين شهيد فخ رضي الله عنه.
ومنها ثورة السيدين إبراهيم ومحمد ذي النفس الزكية.
ومنها ثورة زيد النار وغيرها وغيرها......
ولم تنتصر ثورة حسينية وداعية بثارات الإمام الحسين إلا الثورات التي قامت بعد أكثر من مأتي عام تقريبا.