شروط تحليل المحلل

حكم – قد مر أن الزوج إذا طلق زوجته ثلاث مرات حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره و هذا الغير هو المحلل و يشترط في المحلل
أ- أن يكون بالغاً فإن لم يبلغ و أن أمكن أن يدخل فيها فلا اعتبار و أن دخل و قذف فهو بالغ و أن كان عمره صغيراً
ب- أن يطأها في قبلها و لايكفي دخول الدبر
ج- أن يكون العقد دائماً و لذا عبر القرآن [فَإِن طَلَّقَهَا] يعني الثاني [ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا] (1) أي لامانع على الأول و مطلقته أن يتراجعا بعدما حللها الزوج الثاني باعقد و الدخول
حكم – في الحديث عن سماعه بن مهران قال سألته عن المرأة التي لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجاً غيره و تذوق عسيلته و يذوق عسيلتها و قد قال الله تعالى [ الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ] قوله يذوق عسيلتها و تذوق عسيلته يدل على دخول القبل لأن دخول الدبر لم تتم اللذة لها بل و لا له و أن كان فيه بعض اللذة .
و ثانياً – اختلفوا في العسيلة هل لذتهما بالدخول آم لا يكفي حتى يقذف في فرجها و قذفها معه أيضا و هو اوج الشهوة و الذي بعده البرود و السكون , نعم قد روي عن أبي جعفر و عن أبي عبد الله (ع) حتى زوجاً غيره و يدخل بها و يذوق عسيلتها و تذوق عسيلته (2) فقد جعل الدخول غير ذوق العسيلة و الأصل في العطف التأسيس و ليس التأكيد فالعسيلة المني فلو عزل قبل القذف فإن العسيلة لم تتم منها يعني اللذة و لا منه
حكم – لو لم يقدر على الدخول لشلل أو كبر أو عنن فلا يصح التحليل به و كذا لو دخل و لا شهوة له كالخصي و لا يحلل دخولها في الزنا و لا بالشبهة و لا بعقد محرم كالمسلمة يعقدها كافر ولو كانت ذمية يحصل تحليلها للأول بعقد الكافر لها و دخوله بها و لو عقدها مسلم و عنده زوجة مسلمة و لم يستأذن المسلمة فإن قلنا بأن العقد للذمية باطل بعدم إذن المسلمة فهذا ليس بمحلل و أن قلنا بصحته و أن كان حراماً فهو محلل و كفى جماعه لأرجاعها
حكم – إذا وطأها زوجها الثاني بحالة محرمة كما إذا كان احدهما محرماً أو صائماً أو في المسجد أو هي حائض أو نفساء أو وطأها و هي مظاهرة و قبل أداء الكفارة أو موالاة كذلك فانه محلل و أن كان حراماً بالعارض لأنه دخول من الزوج فان طلقها بعد هذا الجماع الاثيم حلت للاول أن يعقدها
حكم – إذا طلقت ثلاثاً ثم طلبها زوجها بعد مدة كافية لأنقضاء العدة من طلاقه و مدة عدة المحلل كبعد ستة أشهر فانها قضت ثلاثة للعدة من الأول و ثلاثة من الثاني فادعت إنها قد تحللت بتزوج شخص و طلاق الشخص الثاني لها فهي متهيئة لرجوع الأول بها صدقت أن كانت ثقة فعن الصادق (ع) في رجل طلق امرأته ثلاثاً فبانت منه فأراد مراجعتها فقال لها إني اريد مراجعتكي فتزوجي زوجاً غيري فقالت لي قد تزوجت زوجاً غيرك و حللت لك نفسي أتصدق و يراجعها ؟ و كيف يصنع ؟ قال إذا كانت المرأة ثقة صدقت في قولها
حكم – لو شك الزوج أو غيره بحصول الطلاق فالأصل عدم الطلاق و بقاء الزوجية و لو علم بالطلاق و شك في عدده بنى على الأقل و قيل إذا كان الشك بين التسع و الثلث يشكل البناء على الثلث و جواز الرجوع بعد النكاح المحلل لا حالة الحرمة و الأصل الموضوعي مقدم على الأصل الحكمي
حكم – إذا ارتد المحلل حرم عليها فهو كما لو مات و كما لو طلقها فان بعد الدخول جاز ارجاع الزوج الأول لها و أما لو كان ذلك قبل الدخول بها في القبل فلا تحل للأول من أن يعقدها.
حكم – طلاق الحامل لا تحتاج إلى الانتقال إلى اطهار فيجوز أن يطلق بعد وطأها ثم يرجعها ثم يطؤها أو لا يطؤها و يطلق ثم يراجعها و يطؤها أو لا يطؤها ثم يطلق فيكون ثلاث طلاقات و هي لا زالت حاملاً فلا يحتاج اذاً وطأها أن ينتقل من طهر المواقعة بل يصح الطلاق مطلقاً لأن حيضها لا يعتبر حيضاً حتى تضع كل ما في بطنها من الاجنة كما عن اسحاق عن أبي ابراهيم (ع) قال الحامل يطلقها زوجها ثم يراجعها ثم يطلقها ثم يراجعها ثم يطلقها الثالثة ؟ قال تبين منه و لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره (3) و الخلاصة إذا كان زوج الحامل قد جامعها ثم في أول انتهاء المجامعة طلقها صح الطلاق و هكذا اليائسة.
قصة تشيع إيران على يد العلامة قدس سره بسبب الطلاق بالثلاث
حكم – ورد في المصادر التاريخية و منها شرح الفقيه المجلسي و غيره مضمونها : أن المغول من بعد ما فتحوا بلاد الإسلام و حكموها في دول آسيا و قد اهتدوا إلى الإسلام على يد العلامة خاجة نصير الدين الطوسي و هو كان قد سحبوه قسراً من إيران حين استولوا عليها و بذكائه و علو همته خفف عداوتهم على المسلمين و لذا لم تكن هجمتهم على العراق شديدة نعم انهم قد قتلوا الخليفة العباسي المفسد و المستهتر بالدماء و الأعراض و هو المستعصم و هو السابع و الثلاثون من الظلمة و الفجرة في سنة 656هـ = 1258م و كان مغرماً باللعب بالطيور و متفنن بمطاردة النساء و قد تسلسل نسل هولاكو في حكم بعض دول آسيا و منهم محمد خدا بنده معناه محمد عبد الله و لكن اعداء الشيعة سموه خربندة بمعنى عبد الحمار لأنه قد تشيع على يد العلامة رحمه الله و على ما اتذكر انه السادس من بطون هولاكو و مجمل القصة أن الملك محمد تشاجر مع زوجته فقال لها أن طالق ثلاثاً ثم تندم على قوله فجمع العلماء من المذاهب الاربع فكلهم افتوا بحرمتها حتى تنكح زوجاً غيره و قالوا لا خلاف بين العلماء و لكن له مستشار من منطقة آبل اخبره بأنه في العراق علماء يحللونها لك بدون محلل و لكن علماء البلاط ذموا اولئك العلماء و قالوا أن مذهبهم مبتدع و لا عقل لهم و لا يليق بالملك أن يرسل لهم و لكن الملك اصر على استقدام بعضهم ليسمع كلامه و يرى حجته و كان المرجع في الحلة هو أبو القاسم المحقق الحلي و لكن المحقق قد اعتذر عن ترك شؤون الحوزة فأرسل معهم ابن اخته الحسن بن علي بن المطهر العلامة الحلي قدس سره فدخل المجلس و جعل نعله تحت أبطه و جلس في جنب الملك ففرح المخالفون و رأوا الحجة لتكذيبه و اسقاط حجته فسألوا ثلاثة أسئلة لماذا لم تنحني احتراماً للملك فقال لم يأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالانحناء له فضلاً عن غيره من الناس و أن الله قد حرم الركوع و السجود إلا له ففرح الملك فعلم بأنه على حق و هم على باطل قالوا لم لم تختر مكاناً غير مجلس الملك ؟ قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) للقادم أن يجلس ما انتهى به المجلس فهل تركتمولي مجلساً انتهي إليه ؟ فرأى الملك و الحاضرون أن لا مجلس فارغ له فقال الملك انه على الحق و انتم على باطل قالوا لماذا رفعت نعلك معك و لم تخلعه في مكان النعل أليس من العيب أن تحمل نعلك في المجالس قال خفت أن تسرق نعلي كما يقال أن نعل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قد سرقه الحنفية فضج الحنفية و قالوا أن لا حنفية في زمان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فقال الشافعية فقام الشافعية فقال المالكية فضج المالكية فقال الحنبلية فضجوا و كذبوا اقواله و أقروا أن لاتوجد هذه المذاهب على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فألتفت إلى الملك و قال أترى كيف أقروا كلهم أن لا وجود لمذاهبهم و فقههم في زمان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) و أما نحن الشيعة فإنا نتبع أمير المؤمنين (ع) الذي تربى في حجر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)  و هو اعلم هذه الامة و قد قال في حقه (أنا مدينة العلم و علي بابها) وقال اقضاكم علي وهو نفسه واخوه وابن عمه وصهره ووزيره ووصيه و قد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (خلفت فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي..) فسأله الملك عن طلاقه لزوجته فقال ارجع إلى زوجتك فان طلاقك باطل , فضج العلماء قالوا قد طلقها ثلاثاًً فقال أولا ليس في القرآن الطلاق الثلاث إنما [ الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ] و معناه مرة بعد مرة و ليس بلفظ واحد و إلا لقال طلاقان أو طلقتان [ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ... فَإِن طَلَّقَهَا ...] (4) يعني لاتكون ثلاث إلا فيما بينهن رجعتان ثم رمى نعله و قال القيتك ثلاثاً فهل رميته ثلاثاً لما زعمت الثلاث قال أن الطلاق أيضا كذلك و القول غير صادق مالم يكن الفعل اكثر من واحد
و ثانياً القرآن فرض حضور شهود للطلاق و إلا فهو باطل و أنت طلقتها و هي معك بالفراش و لم تحضر شهوداً
و ثالثاً – لابد أن تنتقل من الطهر الذي هي فيه إلى طهر آخر . و هكذا استوفى جميع الحجج في بطلان الطلاق فامتنع الملك و الحاضرون و تكررت نفوس العلماء و فشلت محاولاتهم الظالمة في محاربة مذهب الحق و بقي العلامة في طهران سنتين و ألّف بعض الكتب هناك و اسس الحوزات و تشيع خلف كثير نقاشه

و انتشر التشيع في ايران من يومه ثم اخذ بالتوسع و كثرت النقاشات بين اهلها حتى استتب التشيع في 90 % من ايران و لكن حصلت انتكاسة بعد موت أو قتل الملك محمد و كان إبنه صغيراً فرباه المنافقون فخالف التشيع و حصلت مظالم للشيعة و لكن الامر لم يطل حتى انتشروا و استتب التشيع و الحمد لله تعالى


(1)البقرة 230و 229

(2)الوسائل   اقسام

(3)الوسائل ب20ح6   اقسام

(4)البقرة 229