فصل في الطلاق الخلعي

حكم- الخلع بالضم مأخوذ من الخلع بالفتح وهو مصدر من خلع يخلع بفتح العين في الماضي والمضارع لانه ثبت ما كان لامه او عينه احد حروف الحلق الستة وهي الهمزة والهاء والعين والحاء والغين والخاء, يكون عينه مفتوحا في الماضي والمضارع من الافعال الثلاثية ومعناه الفصل والنزاع لان الزواج هو التلابس بينهما كما في الاية [أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ...](1), فالخلع هو نزع الزوج لزوجته ونزع المرأة لزوجها مثل اللباس حين ينزعانه والخلع بالضم هوا سم مصدر عن الخلع بالفتح مثل الغسل اسم مصدر عن الغسل بالفتح الذي هو المصدر.
حكم- يحرم الاضرار بالزوجة التي تفتدي نفسها بالبذل كما يحرم عليها ان تطلب الخلع اذا لم تضطر فعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال من اضر بامرأة حتى تفتدي منه نفسها لم يرض الله له بعقوبة دون النار لان الله يغضب للمرأة كما يغضب لليتيم الا ومن قال لخادمه او لمماوكه او لمن كان من الناس لا لبيك ولا سعديك قال الله له يوم القيامة لا لبيك ولا سعديك اتعس في النار ومن ضار مسلما فليس منا ولسنا منه في الدنيا والاخرة وايما امرأة اختلعت من زوجها لم


تزل في لعنة الله وملائكته ورسله والناس أجمعين حتى اذا نزل بها ملك الموت قال لها ابشري بالنار فاذا كان يوم القيامة قيل لها ادخلي النار مع الداخلين الا وان الله ورسوله بريئان من المختلعان بغير حق الا وان الله ورسوله بريئان ممن أضر بامرأته حتى تختلع منه)(2).
وعن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) : (ايما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة)(3).
حكم- الطلاق على ثلاثة اقسام:

 

أ- ان الرجل يكره المرأة ويطلقها ويعطيها المهر ان كان قبل الدخول بنصف المهر وان كان مع الدخول فالمهر كله.

ب - هي تكرهه وهو يريد ابقاء زواجه بها وهي تفدي نفسها ببذل مهرها وغيره له حتى يطلقها وهذا يسمى طلاق الخلع.

ج - كلاهما كارهان لبعضهما فهي تكرهه وتبذل له مهرها وهو ايضاً يكرهها فيقبل بذلها ويطلقها ويسمى مباراة.

 

حكم- الاية التي استند عليها في الخلع وقبول الفدية له قوله تعالى [أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ] اي تطلقونها [وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا] (لانك طلقتها باختيارك لا باختيارها فلا تأخذ من المهر الذي فرضت لها [إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ] بحيت يراها معانده كارهة له اما مع كراهته لها ايضا فيقبل الفدية منها بطلاق مباراة واما هي تكرهه فقط ويراها سوف لاتصلح الحياة له وانما تنغص حياته [فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا](4), فلا حرمة عليها ان تبذل له ما تفدي به نفسها حتى يطلقها ولا حرمة عليه في قبول ذلك البذل.
حكم- قال تعالى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا](5) كانوا اذا مات قريب لهم مسكوا زوجته وحبسوها اما تملكا او تزوجا بدون رضاها [وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ](6) الفعل الحبس والضغط كان الازواج اذا كره الزوجة يحبسها ويضربها ويقهرها على ان تفدي نفسها بالمهر وغيره ليطلقها به وهذا حرام ولا يملك شرعا المال البذول بالقهر والجور الا ان تكون امرأة شريرة تعمل الفاحشة اما بالزنا او بالشتم والاذى له ولاهله والكفر والمعناد الشديد فيجوز له ان يضغط عليها بما امر الشرع فان استمرة بالفحش اخذ الفدية منها وطلقها, فالواجب ان يعاشر الزوجة بالمعروف الا اذا كانت سليطة مؤذية مفتنة.
حكم- اول خلع حصل بالاسلام هو عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في قصة جميلة بنت عبد الله بن أبي: انها كانت تحت ثابت بن قيس وكان يحبها وتبغضه فقد قالت يارسول الله: لا انا ولا ثابت لا يجمع رأسي ورأسه شيء والله لا اعيب عليه في دين ولا خلق ولكن اكره الكفر في الاسلام ما اطيقه بفضا: اني رفعت جانب الخباء فرايته اقبل في عدة فاذا هو اشدهم سواداً واقصرهم قامة واقبحهم وجهاً فنزلت الاية وكان قد اصدقها حديقة فقال ثابت يارسول الله مرها فلترد علي الحديقة التي اعطيتها فقال لها رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ماتقولين؟ قالت نعم وازيده فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) لا حديقته فقط فاختلعت منه بها وكان اول خلع في الاسلام)(7).
حكم- الخلع هو الطلاق بفدية الزوجة لزوجها لانها كرهته وارادة الطلاق وهو لم يرد الطلاق فيطلق لقبول بذلها, ولا يشترط ان تقول له اخلعن وانما يكفي ان تعلن عصيانه واذاه او اذى عياله واهله كما في صحيح الحلبي عن الصادق(ع) قال لا يحل خلعها حتى تقول لزوجها والله لا ابر لك قسماً ولا اطيع لك امراً ولا اغتسل لك من جنابة (يعني لا ادعك تجامعني او لا وطين فراشك) تعني يوطئن رجل غيرك (ولا ذنن عليك بغير اذنك وقد كان الناس يرخصون فيما دون هذا فاذا قالت المرأت ذلك لزوجها حل له ما اخذ منها)(8).
حكم- يقع الخلع بان تتقدم بالبذل فتقول بما معناه.

 

أ - بذلت لك كذا وكذا على ان تطلقني به, فيقول قبلت ان زوجتي فلانة او قبلت البذل منك فانت على ما بذلت طالق او يقول مختلعة.

ب - او تخبر بالبذل فيقول امام الشهود ان فلانة زوجتي قد بذلت لي كذا على ان اطلقها به فزوجتي فلانة على ما بذلة طالق فهي مختلعة.

ج - او يتخذ وكيلا يخاطب الزوج بالبذل له فيقول ان موكلتي فلانه قد بذلت لك كذا على ان تطلقها به او تقول على ان تخلعها به, فيقول الزوج قبلت بذل زوجتي... فهي على ما بذلت طالق .

د - او يتخذ الزوج ايضا وكيلا فيجيب قبلت عن موكلي بذل زوجته فهي على ما بذلت طالق.

هـ - او يتخذا وكيلا واحداً عنها وعنه فيقول, بذلت عن موكلتي لزوجها كذا وكذا ليطلقها به وقبلت عن موكلي بذل زوجته فلانه, فهي على ما بذلت طالق هي مختلعة ويجوز الاكتفاء بخلعتها او مخاطبتها خلعتك على كذا من دون قوله (على ما بذلت او انها بذلت كذا).

و - ويجوز ان تكون هي الموجب عن نفسها وتقبل وتطلق وكالة عن زوجها او يكون هو يبذل عنها لنفسه ويطلق فيكون موجبا قابلاً.

 

حكم- يجوز ويجزي ذكر الطلاق مع ذكر البذل او ذكر الخلع مع البذل, والا فضل ذكرهما معا فيقول فهي على ما بذلت طالق هي مختلعة فعن الحلبي عن ابي عبد الله(ع) قال عدة المختلعة عدة المطلقة وخلعها طلاقا من غير ان يسمى طلاقا(9).
حكم- الخلع اما بسؤالها فتقول(ابذل لك كذا على ان تخلعني او على ان تطلقني فيجيبها قبلت البذل فانت مختلعة على كذا او يقول انت مطلقة على كذا, او بدون سؤالها وانما هو يقول اخلعك او اطلقك على تؤدي لي كذا او لو ارجعت الي مهرك كذا وكذا فتقول نعم فيقول خلعتك او طلقتك على كذا, او يقول ابتداء طلقتك على كذا فتقول بذلت او قبلت أو نعم او تجيب عمليا بدون الجواب اللفظي فتسلمه المال او الصك وهي ورقة الوثيقة في الرصيد بالبنك.
حكم- الخلع مما ملة ايقاعية لانه من انواع الطلاق ولكنه لما اشتمل ايجاب المرأة بالبذل وقبول الزوج ويطلقها بناء على البذل دخل في عنوان العقود.
والمهم في الشرع ان نعرف الكيفية ولا اهمية بان نسميه ايقاعا او عقداً.
حكم- لاحاجة للفورية بين الايجاب والقبول فلو قالت طلقني وارجع اليك مهري وبعد شهر قال طلقتك على مهرك كذا او على مقدار كذا او خلعتك على مابذلت صح الطلاق والخلع ولكن مع عدم اتصال القبول بالبذل لها ان تنكر وتقول لا ابذل او تنكر البذل فحينئذ لا يصح بلفظ الخلع وانما يصح الطلاق رجعياً بل حتى لو كان القبول فوريا, لها ان تنكر البذل وتقول لا ابذل فيكون الطلاق رجعياً نعم لو لم يقصد الطلاق الا بناء على البذل فلا يقع الطلاق أيضاً.
حكم- يشترط في الزوج المطلق ان يزيد على العشر سنين وان يكون عاقلاً راشداً, والمطلقة يشترط فيها عدم الحجر المالي والا فلا تستطيع بذل مال الديانة والشرائط العامة كالعقل وارشاد والقصد والاختيار في الطرفين وكون المرأة في طهر غير المواقعة والمجنونه يطلق عنه وليه اذا كان الزوج ويبذل عنها وليها ان كانت الزوجة.
ويشترط بالبذل ان يكون متمولاًمن عين او دين او منفعة كسكن الدار واستعمال المحل ويكفي فيه الوصف او المشاهدة, ويكون عينا حاضرة او كليا في الذمة كارض في المنطقة الفلانية او مثقال ذهب او سيارة وصفها كذا وهكذا.
حكم- اذا كان البذل مجهولاً لم يوصف ولم يشاهد صح الطلاق رجعيا حتى يستلم الزوج شيئا ويرض به فيقع الطلاق خلعاً, ولا يحتاج ان يعيد صيغة الخلع او الطلاق حين التعيين والاستلام وانما وقع خلعيا حين ذكر في انشاء الطلاق ولو مجهولاً فاذا ادي ورضي تم الخلع واذا لم يرتض صار الطلاق رجعياً.

حكم- من خلال ما ذكرنا من الرويات وغيرها عرفنا ان الخلع لا يصح الا ان تكون الزوجة تكره بقاء زوجية الزوج واقعاً, والزوج لولا عصيانها انه راغب بها ولم يريد طلاقها وبذلك يستحل المال الذي يأخذه والا فاذا كان هو الكاره لها وهي راغبة فيه ولم تعلن عصيانه فلا يحل له مايأخذ من بذلها واذا كان الطرفان يكرهان البعض فهو يعلن كراهته لها وعصيان طلباتها وهي تعلن كراهته وعصيانه فهو طلاق مباراة لا يستحل به الامقدار مهرها او اقل ترجعه إليه.


(1) سورة البقرة 187.

(2) الوسائل ب2 ح1 و3 الخلع.

(3) الوسائل ب2 ح1 و3 الخلع.

(4) سورة البقرة 229.

(5) سورة النساء 4/19.

(6) سورة النساء 4/19.

(7) المستدرك ب13 ح4 الخلع.

(8) الوسائل ب1 ح3 الخلع.

(9) الوسائل ب3 ح4 الخلع.