فصل شرائط صحة الصوم

حكم- يشترط في صحة الصوم أمور مرت الاشارة اليها:
الاول: الاسلام:

فان الصوم والصلاة وباقي العبادات واجبة على كل العباد ولكن لا تصح من الكفار ان هو لا يعترف بالله فلا ينوي القربة اليه, نعم لو اعتقد بالله الواحد ونوى القربة اليه صحت العبادة ويكون كفره بمسائل غير وجود الخالق ولزوم التقرب اليه.

 

الثاني: الايمان: لايقبل العمل من مخالف اهل البيت (ع) وخصوصاً الناصبي لعنه الله.

 

الثالث: العقل: فلا يصح من المجنون لقبح تكليفه وحديث الرفع(1) سواء كان مطبقاً او ادوارياً اذا صادف دور جنونه في النهار وكذا السكران والمغمى عليه ولو في بعضه ولو سبقت منه النية فاغمي عليه بطل صومه ولا قضاء عليه.

 

الرابع: الجنابة والحيض والنفاس يشترط اعدمها:
حكم- فالحايض والنفساء تفطران وتقضيان مقدار الحدث من بعد رمضان واذا انقطع الحيض والنفاس في النهار فلا صوم لهما في ذلك اليوم واذا انقطع قبل الفجر وجب عليهما الغسل قبل الفجر وان لم يكن فالتيمم فيصح صيامهما ذلك اليوم وان تماهلتا ولم تغتسلا حتى طلع الفجر فعليهما الامساك ثم القضاء كما مر في المبطل الخامس البقاء على الجنابة.

 

الخامس: ان لا يكون مسافراً:
حكم- السفر الموجب لتقصير الصلاة موجب للافطار اذا صار الزوال وهو في السفر قد مر تفصيله في احكام صلاة القصر في السفر واجماله:

 

أ - ان خرج من حد الترخص قبل الزوال الى مسافة ثمانية فراسخ طولية او اربعة فراسخ ملفقة يعني يرجع فيهما بدون ان يمكث عشرة ايام وهو ليس بكثير السفر فانه يقصر الصلاة ويفطر بعد ان يخرج عن حد الترخيض.

ب - وفي الرجوع اذا صار عليه الظهر قبل ان يكون وسط قريته او دويرات اهله ايضاً فهذا يفطر ويقضيها من بعد.

ج - وان رجع من السفر قبل الظهر وكان قد افطر في السفر فهذا يمسك استحباباً ويقضيه بعد ذلك.

د - وان رجع قبل الظهر وكان لم يفطر فهذا ينوي الصيام ويصح منه.

هـ - اذا خرج من بلده ام من محل اقامته بعد الظهر فلا يجوز ان يفطر.

 

حكم- لا يصح الصوم الواجب في السفر سواء رمضان او قضاؤه او الكفارة:

 

أ - الا صوم الثلاثة بدل الهدى كما في قوله تعالى [فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ196](2).

ب - وبصوم بدل البدنة ممن افاض من عرفات قبل الغروب عامداً مختاراً فعليه نحر بدنة فان لم يستطع صام ثمانية عشر يوماً كما في خبر خريس عن ابي جعفر (ع) : عن رجل افاض من عرفات من قبل ان تغيب الشمس قال (ع) : (بدنة ينحرها يوم النحر فان لم يقدر صام ثمانية عشر يوماً بمكة او في الطريق او في اهله)(3).

ج - الصوم الواجب بالنذر اذا اشترط نذره في السفر او اطلق بالسفر والحضر صح منه في السفر وان قيده بالحضر فلا يصح بالسفر.

د - الصوم المستحب

 

حكم- اختلف الفقهاء في جواز الصوم المستحب بالسفر فمنهم من منع مستندين بحديث عن الصادق (ع) : (لم يكن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يصوم في السفر تطوعاً ولا فريضة)(4), وموثق عمار عنه (ع) : (لا يحل له الصوم في السفر فريضة كان او غيره والصوم في السفر معصية)(5), قلت اما الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فانه لا يستطيع ان يصوم باي وجه لاحاطه المنافقين المتمرسين لتحريف الكلم عن مواضعه الم تركل شيء في الاسلام كيف غيروه واخبروا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غير الذي عنى وغير الذي قال, فلو صام في السفر لافتى المفتون وهم اكثر الامة بوجوب الصيام بالسفر كما افتوا بوجوب اتمام الصلاة في السفر, وحرفوا كل اقوال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) المانعة من الصيام والمانعة من اتمام الصلاة بل لحرفوا الاية الكريمة بوجوه عديدة كما فعلوا في آيات مودة اهل البيت (ع) وطهارتهم وخلافة الصادقين وعدم خلافة الظالمين ومئات الآيات في نفاق ومعاصي اكثر الاصحاب كقوله تعالى [وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا30](6) وقوله تعالى [وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ101](7) وقوله تعالى [وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ106](8) وغيرها وغيرها فحرفوها ولعنوا علياً امير المؤمنين (ع) وقتلوا اصحابه واهل بيته وذريته وقتلوهم وقتلوا شيعتهم واتهموا كل الناس الا المنافقين واتباعهم من بني امية والسلاطين الى اليوم والمطاردة والظلم على قدم وساق, هذا حال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بالنسبة للصيام واما قول الامام (ع) بتحريم الصيام مطلقاً يعني صيام المخالفين حيث لم يرعووا عن غيهم فبعضهم اقم الصلاة والصيام بالسفر فسر بذلك قوله تعالى [وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ184](9) بدون تحقيق ان هذه الجملة عائدة على اي جملة قبلها وعلى ذلك فالرواية القائلة باستحباب الصيام المستحب بالسفر هي اقرب للعمل في نظري كما في صحيح الجعفري: سمعت ابا الحسن (ع) يقول: (كان ابي (ع) يصوم يوم عرفة في اليوم الحار في الوقف ويأمر بظل مرتفع فيضرب له)(10) والمرسل عنه: خرج ابو عبد الله (ع) من المدينة في ايام بقين من شعبان فكان يصوم ثم دخل عليه شهر رمضان وهو في السفر فافطر فقيل له اتصوم شعبان وتفطر رمضان؟ فقال (ع) : (نعم شعبان إليَّ ان شئت صمت وان شئت لا وشهر رمضان عزم من الله عز وجل على الافطار)(11).
حكم- استثني من حرمة الصوم في السفر ثلاثة ايام في المدينة المنورة على مشرفها وآله الصلاة والسلام لطلب الحاجة والافضل ان تكون يوم الاربعاء والخميس والجمعة اذا امكن وسيأتي ان شاء الله في باب المزار من اعمال الحج كيفية هذه الشعيرة ودعاؤها.
حكم- المسافر الجاهل بالحكم او بمقدار السفر وبحصوله اذا صام لجهله صح صومه كما مر في صلاته تماماً كما في صحيح الحلبي: قلت لابي عبد الله (ع) رجل صام في السفر فقال: (ان كان بلغه ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نهى عن ذلك فعليه القضاء وان لم يكن بلغه فلا شيء عليه)(12) وكذا الناسي لانه جاهل فعلاً وقد مر الكلام.

 

السادس: عدم الرمد والمرض الذي يضره الصيام
حكم- المرض والاوجاع على اقسام منها مسببة للعسر وليس فيها ضرر فهذا ان لم يكن شديداً يجب عليه الصيام وان كان شديداً لا يتحمل عادة او كان مسبباً لتفاعل المرض او للهلاك وجب عليه الافطار والخوف من ذلك من الظن متعبر كاليقين.
حكم- يقرب في نظري ان المكلف المريض الذي وجب عليه الافطار لو عصى لوم يفطر اثم وصح صيامه لان النهي في العبادة لا يدل على الفساد والروايات مختلفة منها من اغتسل فهلك فدعى عليه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يقل ببطلان غسله كما ذكرناه في الرابع والخامس: المرضعة والحامل فيمن يجوز لهم الافطار عن الوسائل(13), والروايات الاخرى أيضاً ليس فيها البطلان او فساد الصوم وانما الامر فقط وبعضها اباحة الافطار فراجع الازدي عن ابي عبد الله (ع) : (حد المرض الذي يترك الانسان فيه الصوم؟ قال: اذا لم يستطع ان يتسحر)(14), وعن عمار عن ابي عبد الله (ع) في الرجل يجد في رأسه وجعاً من صداع شديد هل يجوز له الافطار؟ قال (اذا صدع صداعاً شديداً واذا حم حمى شديدة واذا رمدت عيناه رمداً شديداً فقد حل له الافطار)(15) وفي عبارة (يسعه ترك الصوم وعبارة يحل وفي بعض الروايات صرحت بصحة صومه كرواية عقبة عن رجل صام رمضان وهو مريض قال يتم صومه ولا يعيد)(16), ولكن لا يترك الاحتياط بالقضاء أيضاً لتصريح بعض الروايات بالقضاء بدون التصريح بالبطلان كحديث الامام السجاد (ع) : (فان صام في السفر او في حال المرض فعليه القضاء)(17).
حكم- المناط الخوف فلو قال له الطبيب ان الصوم يضرك وهو لم يخف لانه مجرب مثلاً فلا يفطر واذا حصل من قول الطبيب الخوف افطر كما في حديث سماعة سأله عن حد المرض الذي يجب فيه الافطار؟ قال (ع) : (فان وجد ضعفاً فليفطر وان وجد قوة فليصمه كان المرض ما كان)(18).
حكم- يصح الصوم من الصبي وسائر العبادات اذا كان مميزاً ونوى القربة والاجر له ولابويه ولمن علمه ففي خبر الحلبي عن ابي عبد الله (ع) : (انا نأمر صبياننا بالصيام اذا كانوا بني سبع سنين بما اطاقوا من صيام اليوم فان كان الى نصف النهار او اكثر من ذلك او اقل فاذا غلبهم العطش والفرث "الجوع" افطروا حتى يتعودوا الصوم ويطيقوه)(19).

حكم- يشترط في صحة الصوم المندوب مضافاً الى بعض ما مر ان لا يكون عليه صوم واجب من قضاء او كفارة او نذر, نعم اذا كان في سفر صح وان كان عليه قضاء او كفارة او نذر مقيد بعدم السفر فان تلك الصيامات لا تصح من المسافر, واذا نسي الواجب عليه صح منه المستحب واحتمال العدول به الى الواجب وان كان بعد النهار ولكنه مشكل, واما اذا تذكر في النهار عدل به الى الواجب حتى لو كان بعد الزوال وصح منه.


(1) الوسائل ب56 جهاد النفس.

(2) سورة البقرة 196.

(3) الوسائل 23/3 الوقوف بعرفات.

(4) الوسائل 12/2 و6 من يصح منه الصوم.

(5) الوسائل 10/8 من يصح منه الصوم.

(6) سورة الفرقان 25/30.

(7) سورة البراءة 9/101.

(8) سورة يوسف 12/106.

(9) سورة البقرة 184.

(10) الوسائل 12/3 و4 و5 من يصح منه.

(11) الوسائل 12/3 و4 و5 من يصح منه.

(12) الوسائل 2/3 من يصح منه.

(13) الوسائل 5/1و7 تيمم.

(14) الوسائل 30/1 و6 و9 من يصح منه.

(15) الوسائل 30/1 و6 و9 من يصح منه.

(16) الوسائل ب22 ح2 و2 و4 من يصح منه.

(17) الوسائل ب22 ح2 و2 و4 من يصح منه.

(18) الوسائل ب22 ح2 و2 و4 من يصح منه.

(19) الوسائل 29 ح3 من يصح منه.