مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الصوم(1)
مقدمة
وهو من افضل الطاعات واشرف القربات والاخبار الواردة في فضله كثيرة منها ما رواه الكليني عن زرارة في الحسن بابراهيم بن هاشم عن ابي جعفر (ع) قال: بنى الاسلام على خمسة اشياء: على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية, وقال رسول الله (ص) : الصوم جنة من النار, وعن عبد الله بن المغيرة في الحسن بابراهيم بن هاشم عن اسماعيل بن ابي زياد عن ابي عبد اله (ع) عن آبائه (ع) ان النبي (ص) قال لاصحابه: الا اخبركم بشيء ان انتم فعلتموه تباعد الشيطان منكم كما تباعد المشرق من المغرب, قالوا بلى, قال: الصوم يسود وجهه والصدقة تكسر ظهره والحب في الله والموازرة على العمل الصالح يقطع دابره والاستغفار يقطع وتينه, لكل شيء زكوة وزكوة الابدان الصيام, وعن اسماعيل بن نسارق قال: قال ابو عبد الله (ع) : ان الرجل ليصوم تطوعاً يريد ما عند الله عز وجل فيدخله الله به الجنة, وعن ابن ابي عمر في الحسن بابراهيم بن هاشم عن سليمان عمن ذكره عن ابي عبد الله في قول الله عز وجل [وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ...45](2), قال: الصبر الصيام قال اذا نزلت بالرجل النازلة الشديدة فليصم فان الله عز وجل يقول واستعينوا بالصبر يعني الصيام عن يونس بن ظبيان قال: قال ابو عبد الله (ع) : من صام لله عز وجل في شدة الحر وكل الله به الف ملك يمسحون وجهه ويبشرونه حتى اذا افطر قال الله عز وجل له ما اطيب ريحك وروحك يا ملائكتي اشهدوا اني قد غفرت له, وعن عبد الله بن طلحة عن ابي عبد الله (ع) قال: قال رسول الله (ص) : الصائم في عبادة وان كان على فراشه ما لم يغتب مسلماً, وعن الشكوني عن ابي عبد الله (ع) قال: من كتم صومه قال الله عز وجل لملائكته عبدي استجار من عذابي فاجيره ووكل الله عز وجل ملائكة بالدعاء للصائمين ولم يأمرهم بالدعاء لاحد الا استجاب لهم فيه, وعن مسعدة عن ابي عبد الله عن آبائه: ان النبي (ص) قال: ان الله عز وجل وكل ملائكته بالدعاء للصائمين وقال: اخبرني جبرائيل (ع) عن ربه انه قال: ما امرت ملائكة بالدعاء لاحد من خلقي الا استجيب لهم فيه, وبهذا الاسناد عن ابي عبد الله (ع) قال: نوم الصائم عبادة ونفسه تسبيح, وعن ابن ابي عمر باسنادين احدهما من الحسان بابراهيم بن هاشم عن بعض اصحابنا عن ابي عبد الله (ع) قال: اوحى الله عز وجل الى موسى ما يمنعك من مناجاتي, فقال يا رب اجلك عن المناجات لخلوق فم الصائم, فاوحى الله عز وجل اليه يا موسى لخلوق فم الصائم عندي اطيب من ريح المسك, وعن ابي الصباح الكناني عن ابي عبد الله (ع) انه قال للصايم: فرحتان للصائم فرحة عن افطاره وفرحة عند لقاء ربه, وعن السمان الارضي عن ابي عبد الله (ع) قال: اذا رأى الصائم قوماً يأكلون ورجلاً يأكل سجت له كل شعرة منه, وروي ابن بابويه: نوم الصائم عبادة وصمته تسبيح وعمله متقبل ودعائه مستجاب, وعن ابي جعفر (ع) انه قال: قال الله تبارك وتعالى الصوم لي وانا اجزي به ونحوه, وروي الكليني عن ابي الصباح الكناني عن ابي عبد الله (ع) قال: للصائم فرحتان وههنا فوايد يناسب المقام ايرادها الاولى افضل الصيام صوم شهر رمضان, فروي عن امير المؤمنين (ع) انه قال: قال رسول الله (ص) من صام شهر رمضان ايماناً واحتساباً وكف سمعه وبصره ولسانه قبل الله صومه وغفر له مما تقدم من ذنبه وما تأخر وعطاه ثواب الصابرين, الثانية روى ابن بابويه عن هشام بن الحكم في الصحيح انه سئل ابا عبد الله (ع) عن علة الصيام فقال انما فرض الله الصيام ليستوي به الغني والفقر وذلك ان الغني لم يكن ليجد مس الجوع فيرحم الفقير لان الغني كلما اراد شيئاً قدر عليه فاراد الله عز وجل ان يسوي بين خلقه وان يذيق الغني مس الجوع والالم ليرق على الضعيف ويرحم الجائع, وكتب ابو الحسن علي بن موسى الرضا (ع) الى محمد بن سنان فيما كتب جواب من جواب مسائلة علة الصوم لعرفان من الجوع والعطش ليكون ذليلاً مستكيناً ماجوراً محتسباً صابراً ويكون ذلك له دليلاً على شدايد الآخرة مما فيه من الانكسار له عن الشهوات واعظاله في العاجل دليلاً على الآجل ليعلم شدة مبلغ ذلك من اهل الفقر والمسكنة في الدنيا والآخرة, وروي عن الحسن بن علي بن ابي طالب (ع) انه قال: جاء نفر من اليهود الى رسول الله (ص) فسئله اعلمهم عن مسائل فكان فيما سئل ان قال له لاي شيء فرض الله عز وجل الصوم على امتك بالنهار ثلثين يوماً وفرض الله على الامم اكثر من ذلك, فقال النبي (ص) ان آدم لما اكل من الشجرة بقى في بطنه ثلثين يوماً ففرض الله عز وجل على ذريته ثلثين يوماً الجوع والعطش والذي يأكلون بالليل تفضل من الله عز وجل عليهم, وكذلك كان على آدم ففرض الله ذلك على امتي ثم تلا هذه الآية [كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ183 أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ...184](3), قال اليهود صدقت يا محمد فما جزاء من صامها, فقال النبي (ص) : ما من مؤمن يصوم في شهر رمضان احتساباً الا اوجب الله تبارك وتعالى سبع خصال اولها يذوب الحرام من جسده والثانية يقرب من رحمة الله عز وجل والثالثة يكون قد كفر خطئية آدم ابيه والرابعة يهون الله عليه سكرات الموت والخامسة امان من الجوع والعطش يوم القيامة والسادسة يعطيه الله براءة من النار والسابعة يطعمه الله من الجنة, قال صدقت يا محمد الثالثة في اداب الصايم روى الكليني عن محمد بن مسلم في الحسن بابراهيم بن هاشم قال: قال ابو عبد الله (ع) : اذا صمت فليصم سمعك وبصرك وشعرك وجلدك وعدد اشياء غير هذا وقال لا يكون يوم صومك كيوم فطرك, وعن جابر عن ابي جعفر (ع) قال: قال رسول الله (ص) لجابر بن عبد الله: يا جابر هذا شهر رمضان من صام نهاره وقام من ليله وعف بطنه وفرجه وكف لسانه خرج من ذنوبه كخروجه من الشهر, فقال جابر: يا رسول الله (ص) ما احسن هذا الحديث, فقال رسول الله (ص) فما اشد هذه الشروط, قال وسمع رسول الله (ص) امرأة تسب جارية لها وهي صائمة فدعى رسول الله (ص) بطعام فقال لها: كلي, فقالت: اني صائمة, فقال: كيف تكونين صائمة وقد سببت جاريتك ان الصوم ليس من الطعام والشراب, وعن مسعدة بن صدقة عن ابي عبد الله (ع) عن آبائه قال: قال رسول الله (ص) : (ما من عبد صالح يُشتم فيقول اني صائم سلام عليك لا اشتمك كما تشتمني, الا قال الرب تبارك وتعالى: استجار عبدي بالصوم من شر عبدي قد اجرته من النار), وعن ابي بصير قال: سمعت ابا عبد الله (ع) يقول : ان الصيام ليس من الطعام والشراب وحده ان مريم (ع) قالت: اني نذرت للرحمن صوماً, اي صمتاً فاحفظوا السنتكم وغضوا ابصاركم ولا تحاسدوا ولا تنازعوا فان الحسد يأكل الايمان كما تأكل النار الحطب.

وعن عبد السلام الهروي قال: دخلت على ابي الحسن الرضا (ع) في آخر جمعة من شعبان, فقال لي: يا ابا الصلت ان شعبان قد مضى اكثره وهذا آخر جمعة منه فتدارك فيما بقي منه تقصيرك فيما مضى منه وعليك بالاقبال على ما يعنيك وترك ما لا يعنيك واكثر من الدعاء والاستغفار وتلاوة القرآن وتب الى الله من ذنوبك ليقبل شهر الله عليك وانت مخلص لله عز وجل ولا تدعن امانة في عنقك الا اديتها ولا في قلبك حقداً على مؤمن الا نزعته ولا ذنباً انت ترتكبه الا اقلعت عنه واتق الله وتوكل عليه في سرائرك وعلانيتك [وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا3](4), واكثر من ان تقول فيما بقي من هذا الشهر: اللهم ان لم تكن غفرت لنا فيما مضى من شعبان فاغفر لنا فيما بقي منه فان الله تبارك وتعالى يعتق في هذا الشهر رقاباً من النار لحرمة شهر رمضان)(5).


(1) نقلت هذه المقدمة عن ذخيرة المعاد في شرح الارشاد لمحمد باقر السبزواري S ص464.

(2) سورة البقرة 45.

(3) سورة البقرة 183 – 184.

(4) سورة الطلاق 65/3.

(5) الوسائل ب17 ح1 احكام رمضان.