الجهر والاخفات:

حكم- قال الله تعالى: [وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً110](1) والظاهر ان هذه الآية لا تخص القراءة في الصلاة فقط وانما في كل الصلاة وهي توصي المؤمنين بعدم الجهر المفرط والمزعج للآخرين وعدم المخافتة الى حد لا يحس به أحد, ومعلوم ان الجهر الشرعي اللازم في الصلوات الجهرية وهي ما يقام في الظلام هي ان يسمع الانسان نفسه ويسمعه من حوله بشيء من البعد, واما الاخفات في الصلوات الاخفاتية وهي الظهر والعصر غير يوم الجمعة حيث يجهر بالظهر او الجمعة, فالاخفات هو ان يسمع نفسه ومن هو قريب منه ولا يسمعه البعيد.
حكم- يجب على الرجال الجهر في قراءة اوليتي المغرب والعشاء وفي قراءة الصبح ويجب الاخفات في قراءة او تسبيح اخيرتي المغرب والعشاء وفي قراءة وتسبيح الظهر والعصر الا في يوم الجمعة فيستحب الجهر في قرائتها كما عن ابن شاذان عن ابي الحسن الرضا (ع): ان الصلوات التي يجهر فيها انما هي في اوقات مظلمة فوجب ان يجهر فيها لعلم المار ان هناك جماعة فان اراد ان يصلي صلى(2).
حكم- يستحب الجهر بالبسملة في الركعات كلها والصلوات كلها خلاف للكفار والمنافقين واذا جهر بغير البسملة في موضع الاخفات او اخفت في موضع

الجهر عالماً عامداً مختاراً فالاحوط اعادة الصلاة نعم ليس عليه ان يبطلها اذ يجوز ان يعدل لها للقضاء مثلاً هذا اذا لم يعد القراءة قبل الركوع والا صحت صلاته اذا اعاد, واما اذا خالف جاهلاً او ساهياً او ناسياً او مقهوراً ومجبوراً صحت صلاته ولا شيء عليه والجهل سواء للحكم او للموضوع اي انه لا يعرف معنى الجهر والاخفات.
حكم- قال جماعة ومنهم صاحب العروة (رحمه الله) معنى الجهر ظهور جوهر الصوت ومعنى الاخفات عدم ظهور الجوهر ويعنون بذلك ان يتكلم كصوتِ المبحوح فهو مخفت فلا يكون اهتزاز لاوتار الحنجرة فلو فعل هكذا فلا يضر لسماع البعيد اذا كان المكان ساكناً والهواء هادئاً وهذا التفسير بعيد في نظري فان الاخفات من لايسمعه البعيد سواء بجوهر او بالبحيح والجهر من يسمعه البعيد ببعض البعد سواء بالبحة او بالجوهر.
حكم- لو تعلم الجاهل او تذكر الناسي بوجوب الجهر في موضعه والاخفات في محله وكان قد خالف قبل الركوع فلا يجب ان يعيد القراءة ومن موارد الاخفات اذا كان مأموماً فانه يجب الاخفات لو فاتته ركعة فقام للثانية والامام في الثالثة في صلاة المغرب او العشاء فان المأموم يخفت فلو جهل هذا الحكم واجهر صحت صلاته وجماعته لاجل الجهل او النسيان.
حكم- لا يجب الجهر على النساء في الصلاة الجهرية ويجوز لهن سواء وجد اجنبي عندهن او محرم او لا يوجد أحد لعدم حرمة صوتهن ما لم يكن بخضوع وفتنة للاجنبي, فلو وجد غريب مفتتن بالنساء بحيث يفتنه صوتها حرم عليها الجهر ويكون السامع والمسموع في النار.
حكم- لا يجوز في الاخفات ان يحرك لسانه بدون صوت بحيث لا يسمع نفسه ولا اي أحد بل هذا لا يعتبر قارئاً, واما الجهر فانه اذا زاد بحيث يعتبر صراخاً وصياحاً واحدث ضجيجاً كالمجنون فان القراءة صحيحة ولكنه مكروه وقد يحرم, فقد ورد في تفسير الآية الآنفة التي تنهى عن المخافته وعن الجهر في خبر سماعة قال: المخافته دون سمعك والجهر ان ترفع صوتك شديداً(3).
حكم- من لم يحفظ سورة الحمد يجب ان يحضر عند ملقن او يقرأها في كتاب أو يتابع اله قارئة ومن لم يحفظ سورة غير الحمد سقطت عنه, والقراءة في الكتاب جائزة حتى للعارف, والافضل من الكل ان يأتم بأمام حتى يكفيه ويسقط عنه القراءة ويتلقن منه باقي الاذكار والتسبيحات.
حكم- اذا علمه ولقنه زيد للصلاة من القراءة وغيرها فيجوز لزيد ان يجهر بالاذان والاقامة والركوع والسجود والتشهد والتسليم والقنوت في اي صلاة كانت, واما بالسبحانيات في الثالثة والرابعة فعليه ان يخفت مرة لاجل صلاة نفسه وله ان يجهر باعادتها لاجل التعليم معتبراً الاعادة مطلق الذكر واما الحمد والسورة في الاخفاتية فلا يمكن ان يجهر فان استطاع ان يسمعه في حال الاخفات كما لو اقترب عند فمه فيها والا فليقرأهما في كتاب او يسمعهما ممن لم يكن في حالة صلاة او ان المعلم يصلي صلاتين صلاة جهرية ينويها قضاء عما في الذمة ويعلم فيها صاحبه ثم يصلي صلاة الوقت.
حكم- اذا كان في لسانه آفة بحيث يقرأ حرفاً حرفاً بطيئاً جاز ذلك ما لم يخفت بصلاته وقت الصلاة, واذا كانت قراءته مفوته اقتصر على اقل الواجب واقل من الواجب فتكبيرة الاحرام والحمد وتسبيحة صغرى في الركوع والسجود, والسبحانيات (سبحان الله سبحان الله سبحان الله) او تسبيحة واحدة والتشهد: لا اله الا الله محمد رسول الله اللهم صل على محمد واله السلام عليكم, واذا فات الوقت بهذا أيضاً فلا مانع يكفي ان يدرك ركعة من الوقت وان لم يستطع عمل بقول ابي عبد الله (ع): الا ترى او ان رجلا دخل في الاسلام ولا يحسن ان يقرأ القرآن اجزأه ان يكبر ويسبح وصلي(4).
حكم- الاخرس ومن قلعت حنجرته يحك لسانه كيف ما علم ولو بوقوف مؤشر امامه يتفقان على اشارات تمثل معاني الكلمات او هو يؤشر بلا متابع وكذا اذا شل لسانه واصابه النسيان فهو لا يحسن اخراج الحروف ولا يتذكر وهذا مثل الذي اصابه جلطة دماغية, ففي كل صلاة اما يصلي مأموماً واما يحضر من يلقنه حرفاً حرفاً وهو يحرك لسانه وان لم يقرأ صحيحاً فانه مقبول حسب قدرته.
حكم- القادر على تعلم الصلاة يحرم عليه ان يترك التعلم اذ يعتبر فاسقاً ملعوناً وهكذا كل الواجبات الشرعية التي يبتلي بها المكلف بعد البلوغ والعقل وانه انصرف للتعلم ولكن الوقت قد ضاق فاكمل الصلاة بما استطاع فان عجز فان كان عن تقصير فعليه بالقضاء وان كان عن قصور عمل بمقدار ما يسمح الوقت ويعفى عن البقية, ولو صعب عليه قراءة الحمد فعليه بالتسبيح باي سبحانية من السبحانيات الاربع ابو بكلها بمقدار سورة الحمد او اقل بحسب قدرته وبما يسع الوقت, واستشهد صاحب المدارك (رحمه الله)بكفاية التسبيح للجاهل والعاجز بالحديث النبوي: قال له رجل: اني لا استطيع ان اخذ شيئاً من القرآن فعلمني ما يجزيني في الصلاة, فقال (ص): (قل سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم) قال هذا لله فما لي؟ قال (ص): (قل اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني)(5) ولكن هذا الحديث ان ثبت فبعيد ان يقصد الواجب والاجزاء عن القراءة الواجبة كيف وهذه الاذكار لا تقل صعوبة في حفظها عن سورة الحمد؟ وكيف كان فالجاهل يعفى من القراءة الى التسبيح وكذلك المريض العاجز.
حكم- يجوز اخذ الاجرة على تعليم الصلاة وما شابه من الاحكام ولكنه مكروه وقيل بتحريمه اذ هو كتعليم الطبيب مريضه على الدواء وكيفية استعماله وسيأتي في المعاملات التفصيل نعم لو امتنع الجاهل من اداء اجرة لمعلمه الصلاة او عجز لا يجوز للمعلم عدم التعليم, كما ان تعليم المستحبات يجوز اخذ الاجرة عليها اتفاقاً.
حكم- يجب الترتيب في حروف وكلمات القراءة في الحمد وغيرها ولو خالف رجع وصحح القراءة, كما يجب الموالاة بعدم تأخر بعض الكلمات عن بعض, فلو اخل بطلت صلاته والاخلال بحيث يفقد ترابط الآيات ببعضها عرفاً وكذلك الكلمات والحروف, وهكذا كل الكلمات من القراءة والاذكار والتسبيح والتشهد والتسليم بما امكن.


(1)سورة الاسراء 17/110.

(2)الوسائل 25/1 قراءة.

(3)الوسائل ب33 ح3 و6 قراءة.

(4)الوسائل 3/1 قراءة.

(5)سنن ابي داود: ج1 ح832.