فصل الواجب الثالث (القيام):

حكم- القيام منه ركن وهو في تكبيرة الاحرام بالنص والاجماع في الصلوات ذات القيام وقبل الركوع على المشهور والثاني لم يثبت ركنيته, ومعنى ركنية القيام انه شرط بحال المتعلق فان كان المتعلق ركناً فالقيام ركن كتكبيرة الاحرام والاشكال في ركنية القيام المتصل بالركوع وان كان واجب غير ركن كالحمد والسورة والسبحانيات فهو واجب, وان كان مستحب كالقنوت فالقيام مستحب بمعنى جواز تركه بترك القنوت ففي موثق عمار: سألت ابا عبد الله (ع) عن رجل وجبت عليه صلاة من قعود فنسي حتى قام وافتتح الصلاة وهو قائم ثم ذكر قال (ع): (يقعد ويفتتح الصلاة وهو قاعد ولا يعتد بافتتاحه الصلاة وهو قائم وكذلك ان وجبت عليه الصلاة وهو قاعد ولا يعتد بافتتاحه الصلاة وهو قائم وكذلك ان وجبت عليه الصلاة من قيام فنسي حتى يفتتح الصلاة وهو قاعد فعليه ان يقطع صلاته ويقوم فيفتتح الصلاة وهو قائم).
ونتصور وجوب الجلوس في ركعات الاحتياط مثلاً فيما لو شك بين الاثنين والثلاث والاربع فانه يصلي اثنتين من قيام واثنتين من جلوس مما يدل على ان القيام والقعود شرط لركنية التكبير في صلاة الجلوس وركنية التكبير في صلاة القيام.
حكم- نقل الاجماع على ركنية القيام قبل الركوع ولا نص لهم بل ان المجمعين لم ينقلوه بضرس قاطع قال في الفقه (ويدل على الثاني) اي ركنية القيام قبل الركوع الاجماع المدعى في كلماتهم لكن الاجماع مرهون حيث

اكثروا من الكلام فيه في المقام موهون ولو كان اجماعاً قطعياً لم يكن لهذا الاضطراب الكبير في كلماتهم وجه..(1)
وكيف كان فان الركوع عن واجب فلو جلس ثم قام منحنياً الى الركوع القيامي فصلاته باطل واما لو فعل ذلك سهوا فصلاته صحيحة لعدم الخدشة بالركوع الذي هو الركن وانما لخدشة السهوية بالقيام الواجب الذي سبقه وعلى ذلك مجموعة من المعاصرين فلا اجماع خلافه.
حكم- يجب القيام من قبل تكبيرة الاحرام بمقدار حتى يستيقن بحصول التكبير كاملاً عن قيام وكذا الى ما بعدها وهذا الوجوب يسمى بالمقدمة والمؤخرة العلمية مثل وجوب الطهارة من الجنابة من قبل الفجر لصحة الصيام والى ما بعد الغروب حتى يستيقن بكون النهار كاملاً في الظهر.
حكم- الاقرب ان القيام شرط لصحة القراءة وله قرائن فلو تشهد قائماً مثلاً لم يقل العرف انه تشهد تشهد الصلاة ولو قنت جالساً لم يفهموا انه قنت قنوت صلاتي او ذكر ذكر السجود وهو قائم فانه لم يسجد ولم يذكر ذكر السجود ولو سبح تسبيح الثالثة والرابعة جالساً فهو لم يسبّح للصلاة وهو الظاهر او المحتمل في تفسير بعض النصوص, مثل (من لم يقم صلبه فلا صلاة له)(2) والاصل هو نفي الحقيقة وليس نفي الكمال وابدله بقولك لا قراءة من جلوس يعني الشرطية ظاهرة فيها فقولك صل قياماً ليس معناه قيام وصلاة وانما معناه صل حال القيام ويقرب ايضاً بان نقول القيام شرط للقراءة والقراءة شرط للقيام الصلاتي فاذا قرأ جالساً فهو لم يقم واذا سكت واقفاً فهو لم يقرأ.
حكم- لو قام ساهياً وسكت ولم يقرأ القراءة الواجبة المشروطة بالقيام وانحنى للركوع فذكر انه لم يقرأ وجب عليه القيام والقراءة قائماً واما لو ركع ثم تذكر عدم القراءة في قيامه فقد فات محل القراءة ومضى في صلاته ويستحب سجود السهو بعدها كما سيأتي.
حكم- المراد بان القيام مستحب عند القنوت ليس معناه صحة القنوت جالساً بل يجب القيام حين القنوت في الصلاة الواجبة القيامية وانما معناه يجوز وتركه بترك مشروطه مثل الوضوء للصلاة النافلة فانه لا تصح الصلاة بدون الوضوء وانما يجوز ترك الوضوء بترك مشروطه وهي النافلة, وعليه فلو قنت جالساً فلا يصح قنوته للصلاة وانما يصح كمطلق الذكر والدعاء والآيات في اي ظرف واي موضع من الصلاة لقول الحديث الشريف: (كلما ذكرت الله عز وجل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في الصلاة فهو من الصلاة)(3) وقوله (ع): (كلما كلمت الله به في صلاة الفريضة فلا بأس)(4) ولا يضر ان يقصد المكلف انه قنوت صلاة ما دام الدليل العام يشمله, ولكن المشهور قيدوه بان لا يقصد به القنوت الصلاتي خصوصاً من عوام الناس فلا بأس به قصد ام لم يقصد, نعم لو اصر واستمر وهو عالم بقول العلماء فهو مبتدع ويشكل صحة صلاته والصحة اقرب لان فعله مجاز في الصلاة ولا يضرها مقاصده.
حكم- القيام لو زاده بان قام في الافعال التي لا قيام فيها كالتشهد وما بين السجدتين فان تذكر او كان جاهلاً فتعلم قبل فوات المحل جلس وصحت الصلاة وان فات المحل صحت الصلاة بدون الرجوع للجلوس وفوات محل الجلسة بين السجدتين بالسجود ثانياً فقد فات المحل وصحت وبالنسبة للتشهد اذا قام عند التشهد وتذكر وتعلم قبل الركوع جلس وتشهد ولا يجتزي بالتشهد القيامي, وان تذكر بعد ما ركع للركعة التي بعد التشهد فقد فات المحل وصحت الصلاة صح تشهده من قيام.
حكم- لو شك بحصول القيام وكماله في حال تكبيرة الاحرام بعد الدخول بالقراءة بنى على وقوعه وصحته لقاعدة التجاوز وكذا لو شك بالقيام قبل الركوع بعد ما ركع او بالقيام بعد الركوع بعدما هوى للسجود والقاعدة مطردة في جزء اذا شككت فيه بعد تجاوزه احكم بصحته ووقعه.
حكم- يشترط بالقيام الانتصاب التام والاستقرار ولا يجب الاستقلال للنص الصحيح بجواز التوكؤ ما لم ينافي استقامة القيام(5) فيجوز في القيام الاتكاء على ظهره وعلى عصا وعلى مرفقه وكذا يجوز في الركوع والسجود والجلوس بل الانحناء القليل غير المنافي للقيام لا بأس به ولكن كل ذلك مكروه.
حكم- لا يصح القيام مع التفريج الفاحش ولا مع الانحناء البين في الظهر او في الركبتين او في الاليين.
حكم- الاضطراب غير المنافي للقيام لا يبطل الصلاة وانما الالتواء المخالف للاستقبال او المشي والتحرك الموقعي فهذا مشكل نعم لو اراد المشي فليسكت عن القراءة والذكر الواجب حتى يستقر فيستمر بالقراءة سواء كان المشي الى الامام او الخلف او الجانب وسواء في حال القيام او الركوع او الجلوس كما ان سير المركب به لا بأس من سيأتي او قاطرة او باخرة او طائرة او بهيمة.
حكم- يجب الوقوف على القدمين لا مقدمهما ولا عقبهما: وما روي بان الرسول (ص) كان يقف على صدر قدميه حتى تورمت قدماه ونزل قوله تعالى: [طه1 مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى2](6), انها قضايا في واقعة لا يقاس عليها ولا نعرف حكم الرسول (ص) في عبادته فلا يجوز لنا هذا الوقوف ولا تصح الصلاة به.
حكم- اذا لم يقدر على القيام ولو بالاتكاء صلى بجلوس على كرسي مما هو شبيه القيام او صلى منحنياً والا صلى مستقلاً او متكأً, والا صلى مضطجعاً على جانبه الأيمن كهيئة المدفون والا صلى مضطجعاً على جانبه الايسر والا صلى مستلقياً كهيئة المحتضر ويجب الانحناء للركوع والاكثر للسجود بما امكن وان لم يمكن فالايماء بالرأس والا يمكن فبالعينين للركوع والاغماض للسجود اكثر.
حكم- اذا قام ولم يتمكن من الركوع جلس على الكرسي وركع او انحنى على عصى او على كرسي وان لم يمكن انحنى قليلاً وان لم يمكن جلس وركع وان لم يمكن احنى رأسه وان لم يمكن اومى وان لم يمكن اغمض عينيه للركوع وفتحها للقيام نوى الركوع, وكذلك مراحل السجود فان لم يمكن الجلوس للسجود جلس على كرسي وسجد وان لم يمكن سجد قائماً وان لم يمكن جلس واحنى رأسه وان لم يمكن أغمض عينيه.
حكم- يجب ان يرفع شيئاً مما يصح السجود عليه ليضع جبهته عليه حين السجود ان لم يستطع احناء الرأس فالقضية على مراحل:
الاولى: ان يسجد الى مستوى مجلسه سجوداً طبيعياً.
الثانية: لم يقدر وانما ينحني اقل من السجود الطبيعي وهذا يضع مخدة او شيئاً يضع عليه التربة ويسجد اقل من الطبيعي.
الثالثة: لم يسجد ان مضطجعاً على جانبه او مستلقياً على قفاه فهذا يحنى ظهره قليلاً او رأسه كذلك.
الرابعة: لا يستطيع الانحناء فعليه ان يغمض ويرفع تربة الى جبهته.
الخامسة: لا يستطيع الاغماض ولا يستطيع وضع شيء جبهته ويده وهذا ينوي السجود فقط والله يجيرنا من هذه الحال, وهذا يشمله الحديث الشريف: (ما غلب الله على العباد فهو مرفوع عنهم).
والاحاديث عديدة لهذا منها موثق سماعة: (فليصل وهو مضطجع وليضع على جبهته شيئاً اذا سجد فانه يجزي عنه ولن يكلف الله ما لا طاقة له به), ورواية الفقيه: سئل عن المريض لا يستطيع الجلوس ايصلي وهو مضطجع ويضع على جبهته شيئاً؟ قال (ع) (نعم لم يكلفه الله الا طاقته), وصحيح زرارة عن ابي جعفر (ع) قال: سألته عن المريض؟ قال: (يسجد على الارض او على مروحة او على مسواك يرفعه وهو افضل من الايماء), والحلبي عن ابي عبد الله (ع): عن المريض اذا لم يستطع القيام والسجود؟ قال (ع): (يومي برأسته ايماءً وان يضع جبهته على الارض احب الي) يعني يخير بين الايماء وبين وضع الجبهة والوضع أفضل.
حكم- لو دار الامر بين ان يقوم فلا يستطيع السجود الطبيعي الا بالايماء وبين الجلوس فيسجد طبيعياً قدم المشهور القيام, ولو دار الامر بين القيام قلا يستطيع الركوع والسجود الا مؤمياً وبين الجلوس فيركع ويسجد طبيعياً فالاظهر انه يقدم القيام الا اذا كان الجلوس إليه امكن واكثر راحة له ورعاية اكثر لمرضه فلا مانع ان يختار الجلوس.
حكم- اذا قدر على القيام ببعض الركعات دون الكل قام ما قدر وجلس ما عجز عنه ولو قدر بعض الركعة قام ما قدر وجلس ما عجز ولو قدر بعض القيام بين الاول او ما بعده اختار القيام للاحرام والركعة الاولى واختار الجلوس للبقية ان عجز من تكرار القيام.
حكم- لو كان صحيح البدن ولكنه كان مطارد من عدو بحيث لو وقف ربما يراه فيأخذه للقتل او الاعتقال بما لم يتحمل عادة جاز الصلاة جالساً لدفع الخوف وهكذا الضرورات تقدر بقدرها كما لو سجن وقد منع من الصلاة ولو صلى جالساً لم يعرف السجان ان هذا يصلي فعليه بالصلاة جالساً.
حكم- لو صلى المريض جالساً ولكن رأى نفسه قادراً في الركعات من القيام فان قدر قدرة مطلقاً قام واستأنف الصلاة من الاول, ولأجل عدم خسران ما صلاه نواه نافلة وسلم على الركعتين ثم قام للفريضة وان كانت قدرة جزئية اكتفى بما صلاة جالساً واكمل بقية الركعات والصلوات قائماً.
حكم- لو سقط عن القيام حين القراءة فلم يستطع القيام لبقية الصلاة فان كان العجز جزئياً موقتاً ترك الصلاة حتى يرتاح ويذهب اوجاعه بما لا يفوت به الوقت, وان تعطل بدنه او انشل بحيث لا يقوم كلياً فانه ليتم الصلاة جالساً او مستلقياً وما شابه مما وصلت إليه حاله.
حكم- لو تجدد للجالس القدرة على القيام باثناء القراءة او بعدها قبل الركوع قام وركع ولا يجب اعادة ما قرأه لانه كان حينها معذوراً وان تجدد في حال الركوع قبل تمام الذكر قام متقوساً من الركوع الجلوسي الى الركوع القيامي واعاد الذكر الواجب واعادة الذكر لئلا تتفرق الكلمة ويكون التسبيحة مترابطة من بعضها, ولا يجوز ان يقوم ثم يركع لانه يكون تكرار الركوع وهو مبطل للصلاة اتفاقاً وان تجددت القدرة على القيام بعد تمام الذكر قام ثم هوى للسجود وكذا لو تجددت القدرة قبل السجدة الاولى قام احتياطاً ثم سجد.
حكم- لو ركع قائماً ثم سقط قبل تمام الذكر الواجب فان حافظ على انحنائه ولم يخرج عن مقدار الركوع اكمل الذكر منحنياً وان سقط بحيث سقط الركوع اكتفى بركوعه ولو بدون الذكر لفوات محله وقام وسجد.
حكم- لو ركع قائماً ثم عجز عن القيام بعد الركوع عفي عنه وهوى الى السجود نعم لو جلس ثم سجد لكان افضل باعتباره جاء بالجلوس بدلاً عن القيام بعد الركوع, ولو عجز عن اكمال الركوع في اثناء ذكر الركوع فان استطاع النزول منحنياً من الركوع القيامي الى الركوع الجلوسي وجب حسب الظاهر واعاد الذكر والا عفى وهوى الى السجود وان استطاع ان يكمل الذكر في حال السقوط حيث لم يستطع الاستقرار حاله ولا اعادته بالانحناء الجلوسي اكتفى به في حال السقوط والهوي.
حكم- يجب القيام والاستقرار من اول تكبيرة الاحرام الى آخر كلمة في السورة بعد الحمد ولم يثبت وجوب القيام في التكبير قبل الركوع وبعده ويجب القيام مستقيماً بعد الركوع ولم يثبت وجوب الاستقرار فيه فللشخص ان يقوم بعد الركوع تماماً ولكن ذكر القيام وتكبيراته تكون في حال الحركة الصعودية والنزولية الى السجود, نعم ان هذا مكروه بل الاحوط عدم فعله كما يجب القعود بين السجدتين وبعدهما ولكن لا يجب الاستقرار فيهما بل ولا بمقدار التكبير والذكر الذي فيهما وان كان احوط.


(1)السيد الشيرازي (قده) 3/343 صلاة.

(2)الوسائل ب2 قيام.

(3)الوسائل ب13 قواطع الصلاة.

(4)الوسائل ب13 قواطع الصلاة.

(5)الوسائل ب10 قيام.

(6)سورة طه 20/1 – 2.