فصل الواجب الاول النية:

حكم- معنى الكلام مفصلاً عن اركان الصلاة المقدمية وهي القبلة والطهارة من الحدث ودخول الوقت, ومر الكلام عن الواجبات المقدمية غير الركنية وهي تطهير اللباس والبدن وشروط اللباس والمكان, والآن نشتغل في تفصيل افعال الصلاة الركنية والواجبة غير الركنية والمستحبات والمكروهات والمحرمات اي المبطلات ثم المخالفات بالشك والسهو والبحث طويل الذيل عريض المنكب واسع الصدر [وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ35](1).
حكم- النية: في العبادات مشتملة على القصد للفعل مع القربة الى الله والقصد يكفي وجوده في دخيلة النفس ولا يشترط الالتفات إليه تفصيلاً فان النفس غالباً ما تشرد ولا تلتفت للتفصيل ما هي فيه فلو قصدته اجمالاً حين يسألها سائل كفى في صدقها وعن ذلك عبروا بعدم اعتبار الاخطار بالبال كما لا حاجة للتلفظ.
حكم- غايات العبادة مختلفة بحسب النفس وكرامتها او طمعها فإحدى: الغايات ان تعبد الله لانه اهل للعبادة كعبادة امير المؤمنين (ع) اذ قال: (إلاهي ما عبدتك خوفاً من نارك ولا طمعاً في جنتك بل وجدتك اهلاً للعبادة فعبدتك)(2), وعن ابن خارجة عن ابي عبد الله (ع):(العبادة ثلاثة قوم عبدوا الله عز وجل خوفاً فتلك عبادة العبيد وقوم عبدوا الله تبارك وتعالى طلباً للثواب فتلك عبادة الاجراء وقوم عبدوا الله عز وجل حباً له فتلك عبادة الاحرار وهي افضل العبادة)(3), والثانية: ان يقصد شكر المنعم سبحانه على نعمه, والثالثة: لتحصيل رضاه والبعد عن سخطه, والرابعة: ان يقصد التقرب منه, والخامسة: للتحصيل الثواب ورفع العقاب, والسادسة: امتثالاً لامره, والسابعة: ان يوفقه في الدنيا ويربح تجارته او وظيفته او نصرته على اعدائه وما شابه.
حكم- كل الغايات المذكورة تصح بها العبادة ما دامت مقصود بها المولى سبحانه سواء لحوائج الدنيا او للأخرة او لكليهما, ومن ذلك الصلاة لطلب الاستسقاء او الشفاء او الرزق او للخروج من الحبس او ما شابه.
حكم- التجارة مع الله اما ان يقصد التجارة حيث يعلم بان هناك ملك غيبي لو صلى إليه انه يسلم ابنه المريض او يربحه بالتجارة ولا يعرف الله ولا العبادة له ولا الدين ولا يهتم للاديان فهذا مشكل عمله بل ليس هذا بعاقل, واما انه يعرف الله الخالق والمعبود وان العمل العبادي لا يصح الا بالتقرب إليه فان قبله المولى سبحانه وقربه قضى حاجته اذا شاء وقصد ذلك المعنى فهذا هو الممدوح في القرآن الكريم كالآية: [إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ111](4).
حكم- يجب تعيين العمل ان كان متعدداً تعييناً اجمالياً مثلاً انه ينقض عند الظهر وكان مسافراً وكان لم يصل الصبح واراد القضاء والاداء فاللازم تمييز القضاء عن الاداء فالقيام الاول هل يقدم القضاء او الاداء عليه ان يعين, واما لو كان لم يعرف ظهراً ولا عصراً وانما هو يعلم بان الظهر يصلي ثمان ركعات بهذه الكيفية من ثمان قيامات والسلام بينها والسلام بالاخير وهكذا فلا مانع من تصحيحه وان لم يسم ظهراً ولا عصراً, والمغرب يصلي سبع ركعات يعرف او لا يعرف اسماء الصوات لانها معينة بنفسها.
حكم- لا يجب في كل صلاة تعيين كونها قضاء او اداء او واجبة او مستحبة او تامة او مقصودة لانها متعينه بنفسها والمهم ان يعرف كيفية الصلاة التي يؤديها فعلا نعم لو كان في ليلة القدر مثلاً واراد الصلاة مئة ركعة من اول الغروب فاللازم ان يعين هذه للمغرب الادائي وهذه لليلة القدر سواء اختار ان يقضي بدل التنقل كما هو معروف او يصلي ركعتين ركعتين وهكذا بل لا يبعد ايضاً عدم لزوم  التعيين ان كان ما عليه بكيفية واحدة مثلا لو كان على المكلف صيام ثلاثة ايام كفارة وثلاثة ايام قضاء فيكفي ان يصوم ستة ايام بدون تعيين هذا لكذا وهذا لكذا.
نعم ان كان ذهب لزيارة احد الائمة وعنده صلوات قضاء فالمشهور وجوب تعيين الواجبة عن المستحبة وهو الاحوط مع اجتماع المستحبة الخاصة مع الواجبة اذا تعددا.
حكم- لا يجب تعيين لا بالاسماء ولا بالعدد فلا يجب ان اركع او اسجد او اقرأ او كذا ولا يجب تعيين ان هذه الركعة الفلانية او الزائدة او الناقصة ولو سمى الركوع للسجود وبالعكس سهواً او جهلاً فلا يضر والمهم صحة العمل وكذا لو عين عدد ركعة خطئاً فلا يضر, ولو نوى التشهد الاخير وهو في التشهد الوسط ثم قام ببقية الركعات جهلاً او سهواً صحت صلاته فان المهم هو صحة العمل وليس بالاسماء والتعديدات.
حكم- اذا نوى الصلاة وهو لا يعرف ان يسميها ظهراً او مغرباً ولا يعرف معنى الركعة ولا كيفيتها وانما بيده كتاب يعمل عليه وادى الصلاة صحيحة صحت ولا يجب التعيينات لاسماء الافعال واعدادها.
حكم- لا يجب ولا يستحب التلفظ بالنية في العبادات الا في مناسك الحج بل اذا تلفظ بالنية بعد تكبيرة الاحرام بطلت صلاته لانه تلفظ خارجي الا ان يكون جاهلاً او ساهياً وغافلاً فتصح صلاتهلذلك كما ورد في عدة عبادة اذا خالف بعض اعمالها جهلاً لا يبطل الصلاة وغيرها لادلة (رفع ما لا يعلمون), واما التلفظ قبل تكبيرة الاحرام فلا يستحب الا كما نقل عن الشهيد (رحمه الله) للانسان الجاهل حتى يلقن نفسه كيفية الصلاة حتى لا ينسى ويكمل حسب ما نوى فيقول اصلي صلاة الظهر أربع ركع إخفاتاً قربة الى الله تعالى ثم يحرم بالتكبير.
حكم- وقت النية كما قلنا في اول افعال الصلاة قبل التكبير للاحرام ولا يجب تعيين كيفية الصلاة وعدد ركعاتها حين النية وانما ينوي الصلاة ثم يكملها حسب ما يستجد له من الرأي مثلاً من العدد او الكيفية ويغلب ذلك في من يجهل الكيفية والعدد ويجب استدامة النية الى كل اجزاء الصلاة للاخير نعم لا يجب تذكر الصلاة ونيتها في حال ادائها فلو نوى ثم استمر بالعمل بالاجزاء وهو ساه عن فعله حتى اكملها صحت فان الداعي في نفسه موجود حتى انه حين يسأله سائل ويلتفت يعرف انه يصلي.
حكم- لو نوى قطع الصلاة وعدم اكمالها لو حدث كذا ولكن فعلاً سائر بها فلا يضره هذه النية ما دام فعلاً ناولها, اما لو نوى القطع فعلاً ولكنه استمر ساهياً عنها فيشكل الصحة الا اذا عاد للجزم قبل فعل المنافي وقبل فوات الوقت, وان نوى القطع لكنه استمر بالقراءة ناوياً انها قراءة للثواب وليس للصلاة فقد بطلت صلاته لانه فارقها عملياً وقصداً.


(1)سورة فصلت 41/35.

(2)في البحار والوافي ومرآة العقول.

(3)الوسائل ب9 ح1 مقدمة العبادات.

(4)سورة التوبة  9/111.