فصل مسجد الجبهة:

حكم- يشترط في مسجد الجبهة شروط:
الأول: الطهارة.
الثاني: الاباحة وهو شرط تكليفي كما قلنا.
الثالث: ان يكون في الارض غير المأكول والملبوس.
الرابع: ان تمكن عليه الجبهة بمقدار راحة اليد او على الاقل انملة الابهام فلا يكفي بمثل رأس القلم وفي السنتيم اشكال.
الخامس: ان يكون يابساً قوياً حتى تمكن عليه الجبهة فلا يصح على الوحل اللين وما شابه.
حكم- يشترط في صحة السجود كونه على الارض او ما نبتت غير المأكول والملبوس ففي صحيح هشام بن الحكم قال لابي عبد الله (ع) اخبرني عما يجوز السجود على وعما لا يجوز؟ قال (ع) لا يجوز السجود الا على الارض او على ما انبتت الارض الا ما اكل او لبس فقال: جعلت فداك ما العلة في ذلك؟ قال (ع) لان السجود خضوع لله عز وجل فلا ينبغي ان يكون على ما يؤكل ويلبس لان ابناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون والساجد في سجوده في عبادة الله عز وجل فلا ينبغي ان يضع جبهته في سجوده على معبود ابناء الدنيا الذين اغتروا بغرورها(1).
حكم- لا يجوز السجود على المعادن كالذهب والفضة والحديد والالمنيوم والاصباغ البترولية والاحجار الكريمة كالعقيق والفيروز, ولا ما استحال من الارض كالفحم والرماد والفحم الحجري ومشتقات البترول كالزجاج والملح والصاروج وهو خليط من الرماد والنورة, واما القير فصحة السجود عليه لا يخلو من وجه لعدة نصوص ومنها الصحيفة منها خبر ابن عمار قال: سأل المعلى بن خنيس ابا عبد الله (ع) وانا عنده عن السجود على القفز وعلى القبر؟ فقال (ع) لا بأس به(2), وخبر منصور عنه (ع): القير من نبات الارض, ولا يضر خلطه بالمازوت غالباً.
حكم- يجوز السجود على جميع انواع الاحجار من المرمر وحجر الكلس والحصى والرمل كما يجوز السجود على الفخار كالخزف والطابوق والاجر والنورة والجص والجبصين وكل الاتربة بعد الاحراق بالنار, ودعوى خروجها من اسم الارض, ففي صحيح ابن محبوب عن ابي الحسن (ع) عن الجص توقد عليه العذرة وعظام الموتى ثم يجصص به المسجد أيسجد عليه, فكتب (ع) إليّ بخطه ان الماء والنار قد طهراه.
حكم- لا يصح السجود على الشعر فعن علي بن جعفر (ع) عن اخيه (ع) قال سألته عن المرأة تطول قصتها فاذا سجدت وقع بعض جبهتها على الارض وبعض يغطيها الشعر هل يجوز ذلك؟ قال لا حتى تضع جبهتها على الارض(3).
حكم- يجوز السجود على القرطاس, ففي حديث ابن فرقد سأل ابا الحسن (ع) عن القراطيس والكواغد المكتوبة عليها هل يجوز السجود عليها ام لا؟ فكتب (ع) يجوز, وصحيح جميل عنه (ع) انه كره ان يسجد على قرطاس عليه كتابة, ومعلوم ان بعض القرطاس من الحرير فهذا مشكل وان كان مستحيلاً واما من سائر المواد كالقطن فلا مانع منه لاطلاق النص ولأن الخليط من النورة وغيرها اكثر والمهم اطلاق الدليل, نعم ان الحرير والنايلون وما شابه لم يستحل غالباً كما ان القرطاس لافرق فيه الابيض منه والمصبوغ بالالوان.
حكم- الادوية التي تؤكل في حال المرض او تفور ويشرب ماؤها هي على ثلاثة اقسام اما معتادة الاكل والشرب مثل الشاي والقهوة وورد لسان الثور والزهورات فهذه مشكل جداً ان نقول بجواز السجود عليها والالم يبق شرطية عدم الاكل والشرب, وقسم منه لا يعتاد ولكن يشرب ويؤكل في الاوجاع والامراض كالقدومة والخوبة والترياق والمكسرات (الفواكة اليابسة) وقشر الرمان والتفاح والبرتقال وما شابه وهذه ايضاً لا يجوز احتياطاً السجود عليها ومنه كالجوز واللوز, والثالث لا يؤكل ولا يشرب الا في احوال طارئة جداً كحشيش يأكله الحيوانات وكذا مثل اوراق البرتقال ونوى الليمون الحامض والحلو وقشور الحنطة فهذه يسجد عليها.
حكم- لا يجوز السجود على المكسرات الجافة او السائلة لو جففت كالخشخاش والافيون والحشيشة والترياق والخمر والبيرة (الفقاع) لأنها مأكولة ومشروبة للبشر سواء بقيت محرمة او استحيلت الى مواد محلله, نعم لو استحيلت الى مواد غير ملبوسة ولا مأكولة جاز السجود عليها.
حكم- لا يجوز السجود على اوراق الاشجار المأكولة كالخس والفجل وورق العنب والزهرة (القرنابيط), ويجوز السجود على ورق الحناء وانواع الاصباغ النباتية والاوراق ويجوز على قشر الموز والجوز ونوى التمر وسعف النخيل وكل نواة صلبة للفواكه ومزروعات واوراق صلبة وغير معتادة الاكل كذلك كما يجوز السجود على الفواكه التي لا تؤكل كالحنظل كما يجوز السجود على التتن والتنباك.
حكم- المدار بالاكل الغالب لغالب البشر, ولا فرق بالزرع المأكول بين اوان قطفه وأكله او قبله حيث يؤكله من حيث انها لا زالت غير ناضجة, ففي صحيح زرارة عن ابي جعفر (ع) قلت له اسجد على الزفت يعني القير, فقال: لا ولا على الثوب الكرسف ولا على الصوف ولا على شيء من الحيوان ولا على طعام ولا على شيء من ثمار الارض ولا على شيء من الرياش(4) يعني الفرش.
حكم- الخيوط التي تنسج لغير اللباس للانسان كالنايلون والقنب حيث ينسج لصناعة اكياس واغطية وما شابه, يجب ترك السجود عليه اولاً لامكان لبسه وان بعض الناس يلبسون كل ما امكن وثالثاً امكان ان الدليل واقعه اطلاق ما يمكن لبسه وان النايلون ان كان من الارض فهو ممسوخ من الارض.
حكم- اذا لبس انسان حصيرة من قش وما شابه وكل شيء مما لا يلبس يبقى جواز السجود عليه من الخشب وامثاله من الزرع وشذوذ افعال الناس لا يغير الاحكام.
حكم- الكلينكس (المحارم) يشكل ان تعتبر قرطاساً والظاهر انه لم يستحل فانه منه من القطن فهو ظاهر القطنية ومنه من النايلون فهو باق كذلك, نعم ما كان مثل القرطاس وهو ليس من النايلون فانه جامع شروط السجود.
حكم- بدع العوام, ان الاخ سيد حسين الطباطبائي قدست نفسه قد كتب (بدع العوام) قد جمع فيه 500 مسألة مبتدعة من لسان العجائز والشياب والجاهلين ومنها ما نحن فيه فان كثيراً من العوام تراه يسجد على كفه ويقول هذا احد المساجد مع امكان تحصيله على خشبة او قرطاس او تربة او يكشف بعض الفراش فيسجد على الارض فهذا باطل ولا وجه له وانما فرض السجود على الكف في المكان الممتلي بالجليد أو بالوحل ولا يستطيع من تحصيل شيء يسجد عليه يوقيه من الجليد او الوحل او كانت الارض خارقة شديدة الحر ولا شيء له يوقيه من حرق جبينه فيسجد على كفه, فالسجود على الكف انما هو للوقاية وليس هو مسجداً معتبراً طبيعياً وللوقاية ايضاً ليست الكف مقدمة وانما المقدم الثياب القطن عند فقد المسجد الجماع للشرط فراجع الفتاوى والادلة الشرعية ومنها:
قال في العروة: اذا لم يكن عنده ما يسجد عليه من الارض او نباتها او القرطاس او كان لم يتمكن من السجود عليه لحر او برد او تقية او غيرها سجد على ثوبه القطن او الكتان وان لم يكن سجد على المعادن او ظهر كفه والاحوط تقديم الاول.
وفي تقليد السيد السيستاني: بل لا يبعد سقوط الشرط وعدم ثبوت بدل بخصوصه وان كان الاحوط السجود على الثوب ولو كان من غير القطن والكتان فان لم يكن فيكفي مطلق ما لايصلح السجود عليه ولا تعيين للمعادن وظهر الكف, قلت بل تقديم القطن والكتان ثم ظهر الكف منصوص للتوقي من الثلج والحر البرد, ففي خبر احمد بن عمر قال سألت ابا الحسن (ع) عن الرجل يسجد على كم قميصه من اذى الحر والبرد او ردائه اذا كان تحته مسح (اي جلد) او غيره مما لا يسجد عليه فقال: لا بأس به(5).
وخبر ابن يسار قال كتب رجل الى ابي الحسن (ع) هل يسجد الرجل على الثوب يتقي به وجهه من الحر والبرد ومن الشيء يكره السجود عليه؟ فقال: نعم لا بأس به(6).
وابي نصير عن ابي جعفر (ع) قال: قلت له اكون في السفر فتحضر الصلاة واخاف الرمضاء على وجهي كيف اصنع؟ قال: (تسجد على بعض ثوبك), فقلت: ليس علي ثوب يمكنني ان اسجد على طرفه ولا ذيله, قال: (اسجد على ظهر كفك فانها احدى المساجد)(7), وخبره الآخر قال: قلت لابي عبد الله (ع) جعلت فداك الرجل يكون في السفر فيقطع عليه الطريق فيبقى عرياناً في سراويل ولا يجد ما يسجد عليه يخاف ان يسجد على الرمضاء احرقت وجهه, قال: (يسجد على ظهر كفه فانها احد المساجد)(8), وفي خبره الآخر (يضع ثوبه تحت جبهته), وفي خبر ابن حازم قال: قلت لابي جعفر (ع) انا نكون في ارض باردة يكون فيها الثلج افنسجد عليه؟ قال: (لا ولكن اجعل بينك وبينه شيئاً قطناً او كتاناً)(9).
وابن يقطين قال: سألت الحسن الماضي (ع) عن الرجل يسجد على المسح والبساط قال: (لا بأس اذا كان في حال التقية)(10), وفي الحديث: (ما من شيء حرمه الله الا وقد احله لمن اضطر اليه)(11).
حكم- يشترط ان يكون جافاً قوياً حتى تمكن عليه الجبهة فلا يصح السجود على الوحل اللينثم يجوز على الوحل اليابس وعلى التراب وان كان ليناً بحيث لا تمكن الجبهة الا بالضغط وكذا مثل لو كانت التربة على اسفنج لين بحيث لا تمكن عليه الجبهة الا بالضغط فيضغط قليلاً ويمكن جبهته ويصح سجوده وكذا مثل آلة السجود تكون تحت التربة سبرنك تعد عدد السجدات وهو اذا سجد نزلت التربة قليلاً وظهر رقم عدد السجود وبدون الضغط لا تمكّن الجبهة.
حكم- اذا لزق التراب او الطين او التربة اليابسة بسبب العرق في المكان الحار قال في العروة يجب ازالته للسجود عليه ثانياً, وفيه ثلاثة وجوه: فاما ان نقول ان السجود الصلائي هو احداث وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه فيجب الازالة لصدق السجود على ما يصح, واما ان نقول هو الانحاء مع مباشرة الجبهة لما يصح السجود عليه فيصح السجود ثانياً مع عدم ازالة الطين, واما ان نقول هو الانحناء مع مباشرة الجبهة لما يصح السجود عليه او مباشرة ما يصح للجبهة, ولعل الغرض الثالث هو نفس الثاني وكيف كان فالمهم ان لا تكون الجبهة على ما لا يصح السجود عليه سواء كان منفصلاً وسجد عليه او كان لاصقاً وسجد عليه مكرراً وهذا هو الاقرب وان كان الازالة احوط.

حكم- اذا كان في ارض وحلة ولم يجد مكاناً نظيفاً غير مطين وكانت ثيابه نظيفة وأراد أن يحافظ على نظافتها جاز الصلاة بالايماء الى السجود فلا يجلس على الارض ولا يسجد عليها ويرفع ما يسجد عليه ان امكن الى جبهته وان لم يوجد فيسجد على كفه, واذا اختار الجلوس والسجود الطبيعي مع التطين فلعله افضل فان ترك الجلوس لعدم تلوث ثيابه وبدنه رخصة وليس عزيمة.
حكم- اذا دخل بالصلاة ثم فقد ما يصح السجود عليه فان امكن التحرك للامام او للوراء او الى احد الجانبين لتحصيل شيء يسجد عليه او التصفيق لاعلام احد يجلب له تربة او رفع الصوت بالتسبيح وما شابه للاعلام او يصبر قليلاً حتى يأتي أحد مشتغلاً بالذكر او التسبيح فعل ذلك فان عجز قطع الصلاة في سعة الوقت, واما في ضيق الوقت سجد على اي شيء موجود وصحت صلاته وقيل لا يجب القطع في السعة أيضاً لحرمة قطع الصلاة ومنه ان حرمة القطع ان ثبتت انما هي للصلاة كاملة الشروط وليس للفاقدة الواجبات.
حكم- اذا علم بعد رفع الرأس بانه سجد على ما لا يصح السجود عليه صحح سجوده وعليه تحصيل ما يصح للسجدات الاخرى, واما اذا علم وهو لا زال في السجود قد قيل انه اذا احس بذلك بعد اداء الذكر الواجب فقد اجزأ سجوده, وقيل مطلقاً اذا كان في حال السجود جر جبهته الى ما يصح السجود عليه لعدة روايات كرواية حسين بن حماد قال: قلت لابي عبد الله (ع) اضع وجهي للسجود فيقع وجهي على حجر او على شيء مرتفع احول وجهي الى مكان مستو؟ فقال (ع) : (نعم جر وجهك على الارض من غير ان ترفعه), ولا يبعد بانه اذا رفع وجهه قليلاً ليرى التربة ويرى ما به يصح السجود عليه فلا مانع أيضاً لرواية الاحتجاج وغيبة الشيخ ان الحميري كتب الى صاحب الزمان (ع) يسأله عن المصلي يكون في صلاة الليل في ظلمة فاذا سجد يغلط بالسجادة ويضع جبهته على مسح او نطع فاذا رفع رأسه وجد السجادة هل يعتد بهذه السجدة ام لا يعتد بها؟ الجواب ما لم يستو جالساً فلا شيء عليه في رفع رأسه يطلب الخمرة.


(1)الوسائل ب1 ما يسجد عليه.

(2)الوسائل ب6 ما يسجد عليه.

(3)الوسائل ب14/5 ما يسجد عليه.

(4)الوسائل ب2 ح1 ما يسجد عليه.

(5)الوسائل ب4 ما يسجد عليه.

(5)الوسائل ب5 ما يسجد عليه.

(7)الوسائل ب4 ما يسجد عليه.

(8)الوسائل ب4 ما يسجد عليه.

(9)الوسائل ب4 ما يسجد عليه.

(10)الوسائل ب3 ح1 و 2 ما يسجد عليه.

(11)الوسائل ب1 القيام.