فصل صلاة الخوف والمطاردة:

حكم- اصل صلاة السفر وتقصيرها الى ركعتين وسبب تشريعها في اول مرة كان الخوف في الحرب او من قطاع الطرق, ثم امر الرسول (ص) استمرار العمل بها لكل مسافر, وقد قرأ الآية وفسرها في اول بحث صلاة المسافر وقرأنا بعض النصوص في الروايات السنية والشيعية بكيفية وحجة استمرارها بكل مسافر فراجع بحثنا وراجع الآية(1).
حكم- لا زلنا نبحث في الصلوات اليومية الادائية المفروضة ثم بعدها سوف ننتقل الى اليومية القضائية ثم الاستجارية وما شابه, وتنتهي الفريضة اليومية فننتقل لبقية الفرائض وهي صلاة الآيات فقط وبعدها ان شاء الله تعالى ننتقل للنوافل واحكامها وانواعها.
حكم- مما ورد في كيفية صلاة الخوف هذا الحديث والآية كما في تفسير علي بن ابراهيم قال: انها نزلت لما خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الى الحديبية يريد مكة فلما وقع الخبر الى قريش بعثوا خالد بن الوليد في مأتي فارس ليستقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان يعارض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على الجبال فلما كان في بعض الطريق وحضرت صلاة الظهر اذن بلال وصلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالناس فقال خالد بن الوليد لو كنا حملنا عليهم وهم في الصلاة لاصبناهم فانهم لا يقطعون صلاتهم ولكن تجيء لهم الان صلاة أخرى هي احب اليهم من ضياء ابصارهم فاذا دخلوا فيها حملنا عليهم فنزل جبرئيل (ع) بصلاة الخوف بهذه الآية: [وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً...102](2), ففرق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اصحابه فرقتين فوقف بعضهم تجاه العدو وقد اخذوا سلاحهم وفرقة صلوا مع رسول الله قياماً ومروا فوقفوا مواقف مع أصحابهم وجاء اولئك الذين لم يصلوا فصلى بهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الركعة الثانية ولهم الاولى وقعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقام اصحابه فصلوا هم الركعة الثانية وتشهد وسلم عليهم(3).
حكم- هذه الصلاة قدمناها لمجرد معلومة اسلامية لتثقيف المسلمين عن تاريخهم الجهادي الطويل والا فلا ينفع هذه الكيفية في زماننا لان حروبنا حالياً ليس بالسلاح الابيض مثل السيف والخنجر وانما بالرمي البعيد المدى, فكل جماعة تعقد للصلاة انها ترمى بالدبابات والرشاشات والمسدسات والطائرات والمفخخات والمتفجرات وبالسموم الكيمياوية.
حكم- صلاة الخوف تقصر ركعتين للرباعية سواء بالسفر والحضر وسواء فرادى وجماعة وتبقى المغرب ثلاثاً كما في السفر واذا صلوا جماعة فهو الافضل وكيفياتها ثلاثة:
الاولى: فاما ان يصلي الامام بنصف الجيش ونصفه يبقون حرساً وترساً لهم ثم يعيد الصلاة مع الآخرين حيث تذهب الفرقة التي صلت مكان الذين يحرسون يكونوا حراساً والذين كانوا حرساً يصلون في هذه المرة.
الثانية: كيفية صلاة ذات الرقاع وهي غزوة ذات الرقاع في السنة الرابعة للهجرة وثمانية اشهر كما في صحيح عبد الرحمن عن الصادق (ع) قال: (صلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) باصحابه في غزوة ذات الرقاع صلاة الخوف ففرق اصحابه فرقتين فاقام فرقة باذاء العدو وفرقة خلفه فكبر وكبروا فقرأ وانصتوا وركع وركوا وسجد وسجدوا ثم استمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قائماً وصلوا  لانفسهم ركعة ثم سلم بعضهم على بعض ثم خرجوا الى اصحابهم فقاموا بازاء العدو وجاء اصحابهم فقاموا خلف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فكبر وكبروا وقرأ فانصتوا وركع فركعوا وسجد فسجدوا ثم جلس رسول الله 9 فتشهد ثم سلم عليهم فقاموا ثم قضوا لانفسهم ركعة ثم سلم بعضهم على بعض وقد قال الله لنبيه(ص): [وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ...102](4), وذكر الآية فهذه صلاة الخوف التي امر الله بها نبيه (ص) (5).
الثالثة: صلاة عسفان حيث كان العدو أمامهم, فان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قام مستقبل القبلة والمشركون أمامه فصف خلفه صفا وصف بعد ذلك الصف صفاً آخر فركع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وركعوا جميعاً وسجد وسجد الصف الذين يلونه وقام الآخرون يحرسونه فلما سجد الاولون السجدتين وقاموا سجد الآخرون الذين كانوا خلفهم ثم تأخر الصف الذين يلونه الى مقام الآخرين وتأخر الصف الآخرون الى مقام الصف الاول...
حكم- صلاة شدة الخوف وتسمى المرامات والسايفة اي التضارب بالسيف وهذه صلاة مفردة في حال الركع والسرعة واقفاً او ماشياً او راكباً فيأتي بكل ذكر يقدر عليه وينحني عليه ان استطاع لا الى حد الركوع ولا السجود فاذا لم يمكن اكتفى عن ركعة بالتسبيحات الاربع.
حكم- اذا رأى من بعيد سواداً او شيئاً فظنه عدوا فصلى صلاة الخوف ثم بان ات لاشيء صحت صلاته اذا كانت فيها الاركان ولو بالانحناء وليس بالسجود الكامل والاحوط تأخير الصلاة في حال اشتداد الامر حتى يخف اذا كان الوقف واسعاً.
حكم- الموتحل بالوحل والغريق اذا كان مستقر الحياة واستطاع من الفاظ وافعال الصلاة وجب ما امكن والا الاخف فالاخف حتى اذا خاف الموت اكتفى عن كل ركعة بتكبيرة او كبر تكبيرة ويموت اجزأت عنه.
حكم- ورد في الحديث قولهم (ع): (لا تترك الصلاة بحال), وعليه فعلى المؤمن المواظبة على الصلاة عند دخول وقتها باي حال يقدر على الاداء وبأي صورة يؤديها او يصبر حتى يرتفع الحرج بشرط ان لا يفوت كل الوقت لان شرطية الوقت اهم من كل الشروط كما قلنا في صلاة فاقد الطهورين في احكام الغسل والوضوء, وهنا بينا صلاة الخوف والمرض والوحل والغرق والمؤمن هو يعرف كيف يؤدي صلاته مفردة او جماعة ولا يتعين عليه الكيفيات قلناها في صلاة الخوف فله مثلاً ان لا يخص الجماعة بامام واحد وانما يقف فرقة يصلون بامام والفرقة الاخرى يحرسون ثم يتصدى الذين صلوا للعدو ويأتي الذين حرسوهم ويصلي بهم امام آخر والذين صلوا بالمرة الاولى يقفون يحرسون المصلين وهكذا وهكذا.


(1)سورة النساء 4/101.

(2)سورة النساء 4/102.

(3)102 في تفسير القمي وفي مستدرك الوسائل ب62 الخوف.

(4)سورة النساء 4/102.

(5)الوسائل ب2 ح1 – 4 صلاة الخوف.