الخامس: ان لا يكون السفر حراماً:

حكم- السفر اما ان يكون نفسه حراماً كالفرار من ادار حقوق الناس, واما ان يكون مقدمة للوصول الى معصية فغاية السفر المعصية, اما قتل نفس او زنا او ظلم او بتبعية ظالم وما شابه فان كل ذلك يتم به الصلاة وان كان مآة الفراسخ.
حكم- سفر الزوجة باذن الزوج للمعصية فهو حرام وان كان بدون اذن الزوج او مع نهيه فان كان في واجب كالحج والعمرة الواجبين فواجب لا يسقطه عدم اذن الزوج او سخطه وان لم يكن واجباً فمع مخالفة حقوق الزوجية بلا اضطرار فحرام وكذا اذا لم يناف حق الزوج ولكن مع نهيه وبدون ضرورة ولا هو واجب والمسألة بحاجة الى تفصيل ونظر لعلنا نوفق لاتمام المطلب في كتاب النكاح.
حكم- اذا لم يكن السفر معصية ولا غايته الحرام ولكن يبتلى المكلف فيه بعدة معاصي مقصودة وغير مقصودة, فالسفر لا يعد حراماً ويقصر فيه الصلاة كما اذا سافر لمدينة يكثر فيها الفساد لقصد وظيفة او تجارة او عمل محلل ولكنه يصادف ان يعمل معاصي فهذا يقصر في صلاته.
حكم- الزوج اذا سافر لتحصيل المعيشة الواجبة فسفره حلال حتى لو ترك مضاجعة ومقاربة الزوجة اكثر من اربعة اشهر, واما اذا سافر للهو والبطر فلا يجوز مع استلزام هجر الزوجة وعدم الاشراف على تربية الاطفال ولعلهم يضيعوا او يمرضوا ففي الحديث ملعون ملعون من ضيع من يعول, فاذا حصل هكذا حرام ففي السفر المسيب ذلك يتم الصلاة.
حكم- اذا كان السفر حلالاً ولكنه ركب ناقلة مغصوبة او اجرة محرمة او سبب ظلماً في الطريق او اعتدى على بعض الركاب وما شابه ذلك فهذا يقصر الصلاة لان الحرام الملازم للسفر لا ينقلب حكم ملازمه.
حكم- الصيد في حيوان الجو او البر او البحر اذا كان للاكل او التجارة وحصل التذكية المحللة فالسفر حلال والصلاة قصر, وان كان للهو واسراف اللحم بدون الاستفادة والافادة وفعل المعاصي فسفره حرام والصلاة تامة.
حكم- الجندي ومن اشبه التابع للضباط في سفر العدوان على بلاد اسلامية على مدينة على فئة من الناس غير معتمدين عليهم فسفره بتبع هؤلاء حرام والصلاة تتم, هذا في الجندي التطوعي واما في الجندي المكلف اي المأخوذ رغماً والسفر ليس بارادته فصلاة الجندي قصر, والضابط ان كان يسافر لبعض مظالمه وجرائمه في خدمة السلطان الملعون فيصلي تماماً.
حكم- لو سافر الظالم وليس سفره بغاية محرمة يصلي قصراً وان كان في قصده عمل بر واحسان كضباط الشرطة الذين يذهبون بخدمة المرضى لتطبيبهم وشفائهم والفرج عنهم فالضابط وابتاعهم من الجنود المكلفين او المتطوعين يصلون قصراً.
حكم- خلاصة حكم الجندي او الشرطي في الحكومة الجائرة ان كان يؤخذ للسفر جبراً وقسراً فانه يصلي قصراً مطلقاً الا اذا كان السفر لقتل مسلمين فانه يجب ان يمتنع حتى لو قتل (اذ لا تقية بالدماء), وان يتبع الضابط الظالم تطوعاً يعني يستطيع ان لا يسافر ولم يمتنع فان كانت سفرة مظالم وتملق للظالمين ولا نفع للمؤمنين بها فانه يصلي تماماً, وان كانت سفرة خدمة للناس وليس بها اذىً فانه يصلي قصراً وضابطه الظالم يصلي قصراً ايضاً لانها سفرة لنفع الناس هذا في غير كثير السفر كما سيأتي.
حكم- الراجح من سفر المعصية الى بلدة وليس الى معصية أخرى وكان طريق الرجوع مسافة يصلي قصراً سواء تاب عن المعصية السابقة التي كان قد سافر اليها ام لا, وان كان في الرجوع قاصد لمعاصي اخرى او كان الرجوع اقل من مسافة فانه يصلي تماماً ويمثل قصد المعصية الاخرى في الرجوع كما اذا ذهب لجلب الخمر لبيعه في بلده فجاء به معه وقصد بيعه في رجوعه او جاء بفاحشات ليقود عليهن الرجال فجاء بهن وعمل ذلك في بلده وما شابه.
حكم- شرط اباحة السفر ابتدائي واستمراري:

 

أ - فلو سافر للمعصية ثم تاب عنها قبل وصول المقصد او بالمقصد فانه يصلي قصراً من حين تاب اذا كان الباقي مع الرجوع مسافة.

ب - واما ان لم يكن الباقي في مسافة فاما ان نقول ان الاباحة قيد للحكم بالقصر فنحسب السفر الماضي حال المعصية مع المستقبلي فنصلي قصراً بعد التوبة مطلقاً كما يقول صاحب العروة (رحمه الله), ولكن هذا خلاف المشهور اذ قالوا ان الحلية قيد للموضوع اي للسفر فالسفر الذي اشتمل على المعصية الغي من الحساب حتى بعد التوبة وعليه فان كان الباقي بعد التوبة مع طريق الرجوع مسافة قصر وان لم يبق مسافة أتم وهذا القول اولى.

 

حكم- اذا سافر للطاعة وفي الطريق او بالمقصد عدل الى قصد المعصية فصارت غاية السفر المعصية أتم من حين تبدل القصد سواء بقي مسافة ام لا مثل ما اذا سافر لطلب الزوجة ولم يجدها او عصته ولم تأت معه فعدل عن نية مقاربة الزوجة الى الزنا واستعمال الحرام فهذا يتم من حين قصد المعصية ولا يعيد الصلاة الماضية سواء كان السابق مسافة ام لا.
حكم- قد يكون السفر بقصد المعصية وبقصد الطاعة مثلاً انه يسافر لسوق عالمي ويشتري بضاعة وايضاً هناك يحصل بيوت خمر وما شابه كان السفر بقصدها أيضاً فهذا شأنه يختلف فان كان التجارة وهي المهم وانما يصادف ان يبتلي بالفساد فالمقصد هي التجارة فهو يقصر الصلاة, وان كان يذهب للفساد ويصادف ان يتاجر فهو ذاهب للحرام يتم الصلاة وان كان لولا كليهما لم يذهب فهو للحرام مستقلاً كما للتجارة مستقلاً فهذا يتم ايضاً لاهمية المعصية في قصده وليس المعصية شيء عابر فلاحظ جيداً.
حكم- لو سافر لامر لا يعلم حلال او حرام كما لو ذهب لتزوج بنت زوجته فان احلها الفقهاء يتزوجها وان حرموها أيضاً يتزوجها, او انه يذهب للاكل الفلاني او الشرب المخصوص سواء احله الله او حرمه فهذا يحتاج الى مراجعة الى فقهاء الشيعة فان حرموه فهذا الملعون يتم الصلاة وان حللوه فهذا المكلف يقصر ومثله انه يذهب لاخذ شيء يريده فان اعطاه مالكه ارضاه واشتراه منه وان لم يرض مالكه غصبه منه وقهره فهذا ايضاً ان حصل الرضا قصراً وان لم يحصل وحصل القهر والظلم صلى تماماً وقبل المعصية يصلي قصراً لعدم تحتم المعصية.
حكم- هل الحرمة التي يتمم الصلاة بحصولها هل هي الواقفية ام حسب اعتقاد المكلف, الجواب اولاً: الاعتقاد اما هو واقعي يعني بكل مشاعره يعتقد بحلية كذا فهذا هو المدار وسبب هذا الاعتقاد اما من التحقيق والدراسة واما الجهل والبعد عن الدين وعن العلماء, فان الله لا يؤاخذ الجاهل ولا يهلكه حتى تصله الحجة, ثانياً: الاعتقاد الظاهري فقط اذ هو في واقع قلبه لا يعتقد بحلية كذا ولكن لشهوته ورغبته يكابر ويقول انني اعتقد بحلية زوجة الاب اذا مات عنها وهي شابة وهو يريد ان يتزوجها, فهذا يتم الصلاة وان قصر من جهة مكابرته او بالاعادة والقضاء, سؤال هل الواقع الشرعي له حصة بحكم القصر والتمام؟ الجواب: نعم ان المدار يدور على الواقع الشرعي ولكن بشرط ان يتنجز فالواقع غير المنجز ليس للمكلف معذر باتباعه لانه جاهل به ولا هو منجز عليه, ففي خبر عن ابي عبيدة عن ابي جعفر (ع) قال: قال لي: يا زياد ما تقول لو افتينا رجلاً ممن يتولانا بشيء من التقية؟ قال: قلت له انت اعلم جعلت فداك قال: ان اخذ به فهو خير له اجراً واعظم  وان تركه والله أثم(1), انه اثم بمخالفة الظاهر مع ان الامام افتاه خلاف الواقع فسبب الاثم ان الواقع لم يصله فهو غير منجز عليه ولا معذر له وانما عليه ان يعمل بما ظهر له فعلاً وقد ينكشف بعد حين غيره اي ينكشف الواقع فيتبدل الحكم ولا يجب عليه قضاء ولا اعادة ما عمله لانه عمله بحجة شرعية.
وعليه لو تزوج امرأة على انها حلال ثم تبين حرمتها حرمت من حين العلم والاولاد السابقين اولاد حلال لانهم بشبهة الحلية, ولو علم بانها حرام مع ذلك تجرأ وتزوجها فتبين حليتها اقرت له ولا شيء عليه بل ولا أثم وهكذا حكم السفر فلو:

 

أ - علم الحلية فقصر ثم تبين الحرمة يثم من حين علم او يتوب ولا يعيد الصلوات الماضية تبين او لم يتبين.

ب - ولو علم الحلية مع ذلك اثم الصلاة فحكم وجوب الاعادة ان عمل عن عمد بالمخالفة الا اذا تبين الحرمة سقط وجوب الاعادة.

ج - ولو علم الحرمة فاتم ثم تبين الحلية يقصر الصلاة من حين يعلم ولا يعيد ما صلاه.

د - ولو علم الحرمة ومع ذلك قصر فحكمه الاعادة اذا كان يعلم بالمخالفة وتعمد الا ان يعلم بعد ذلك بالحلية فلا يعيد ما صلاه ويصلي بالمستقبل قصراً.

 

حكم- لو نذر زيارة الحسين (ع) في حضرته في اليوم المخصوص فسافر الى غير كربلاء في اليوم المخصوص فعليه اتمام الصلاة لانه مأمور للسفر الى كربلاء, نعم لقولنا وقول المشهور ان الامر بالشيء لا يدل على النهي عن ضده, وان السفر الحلال لا يكون في نفسه حراماً اذا لازم او صاحب شيئاً حلالاً فهذا يصلي قصراً في سفره المخالفة للنذر وان كان آثماً ولكنه مشكل ولا ينبغي ترك الاحتياط بالجمع بالقصر والتمام.
حكم- اذا سافر للحلال وفي اثناء الطريق انحرف الى فرع يسير فيه فرسخاً مثلاً ليشتري الخمر نعوذ بالله تعالى فهذه الطلعة يتم الصلاة فيها, واما اذا كان من اول الطريق يقصر هذه الغاية والسفر لغيرها ليس بالمهم ففي كل الطريق يتم الصلاة.
حكم- اذا كان يسافر للمعصية في يوم الصيام فنوى الصيام ولكنه عدل الى الطاعة فان عدل للطاعة قبل الظهر وجب الافطار وان كان بعده وجب اتمام الصيام لان قبل الظهر كان بحكم الحاضر فهذا كالمسافر بعد الظهر, واما لو انعكس بانه سافر للطاعة في يوم الصيام وجب الافطار وقبل الظهر لنية المعصية فان عدل بعدما اكل بقي على الافطار وكذا اذا كان العدول للمعصية بعد الظهر بقي على الافطار الا انه لا يتجاهر بالافطار احتراماً.


(1)وسائل ب9 ح2 صفاة القاضي.