مناقشة آخر البلد:

حكم- القول بان العبرة باخر البلد كما قلنا هو اشكل الاقوال وهو ينسب الى المشهور وقد تبناه السيد الشيرازي (رحمه الله) وجاء بادلة وهذه ادلته وسوف نناقشها:

  1. قال انه المنصرف من روايات البريدين..فان العرف يفهم منه آخر البلد وفيه انا قلنا ان القاء منهم الامور على العرف مجرد دعوى والمهم الحديث وما يعنيه في ابتداء او الفرسخ او الميل.
  2. جملة من الروايات زرارة وابن مسلم قال: وقد سافر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الى ذي خشب وهي مسيرة يوم من المدينة يكون اليها بريدان اربعة وعشرون ميلاً فقصر وافطر فصارت سنة, وفيه: ان المدينة آنذاك مدينة صغيرة حتى عد مسجد قبا لما بناه الرسول (ص) كان لم يدخل المدينة وانما هو على حدودها ينتظر علياً بينما ان مسجد قبا في وسط المدينة حالياً.
  3. موثقه ابن بكير: سألت ابا عبد الله (ع) عن القادسية أخرج اليها اتم ام اقصر؟ قال (ع): وكم هي؟ قال هي التي رأيت؟ قال قصر, وقد قدر بعضهم انها تبعد عن الكوفة 15 ميل أي خمس فراسخ وهي الديوانية المعروفة حالياً, قال السيد: فان المنصرف من الموثقة ان العبرة ببلد القادسية لا بالمنزل الذي يقصده فيها(1), وفيه ما ادرانا ان القادسية بلد مترامي الاطراف ولعله بلد صغير, نعم انه وقعت فيه حروب بين العرب من وائل والفرس في القرن السابع الميلادي واخرى بين الاسلام والفرس سنة 23 للهجرة ودخل فيها الاسلام.
  4. وصحيح ابي ولاد قلت لابي عبد الله (ع) اني كنت خرجت من الكوفة في سفينة الى قصر ابي هبيرة وهو من الكوفة على نحو من عشرين فرسخاً في الماء فسرت يومي ذلك اقصر الصلاة ثم بدا لي في الليل الرجوع الى الكوفة فلم ادر اصلي في رجوعي بتقصير ام بتمام فكيف ينبغي ان أصنع؟ فقال: ان كنت سرت في يومك الذي خرجت فيه بريداً فكان عليك حتى رجعت ان تصلي بالتقصير, فأن ظاهر السؤال والجواب ان العبرة بالكوفة التي هي عبارة الى اخر البيوت بالمحلة او البيت, وفيه اولا ان تسمية الكوفة من السائل فقط وان الجواب (سرت في يومك) لم يخصص بالكوفة وانما ارتبط بقيد (خرجت فيه بريداً), وثانياً: لعل الكوفة محدودة من الجهة التي خرج فيها ابو ولاد وليس بشرط وسعة المدينة ان تكون واسعة من كل الجهات فان بيروت مثلاً ممتدة ولا تنقطع بيوتها الى اقصى جنوب لبنان ومن اول قرية الدروز في الجبل, بينما من جهة البحر فانها محدودة ومنتهية وهكذا كل المدن العظيمة الواقعة على بحر او نهر واسع تحسب للسفن والمراكب البحرية محدود يعيدون المسافة من الشاطئ.
  5. رواية صفوان: سألت الرضا (ع) عن رجل خرج من بغداد يريد ان يلحق رجلاً على رأس ميل فلم يزل يتبعه حتى بلغ النهروان وهو على اربعة فراسخ من بغداد ايفطر اذا اراد الرجوع ويقصر؟ قال: لا يفطر ولا يقصر لانه خرج من منزله وليس يريد السفر ثمانية فراسخ...قال السيد فان العبرة ببغداد, قلت لم يظهر من الامام (ع) فان الامام قال خرج من منزله, فقيد بالمنزل وهذا الذي نرمي اليه.
  6. وموثقة معاوية بن عمار قال: قلت قلت لابي عبد الله (ع) في كم اقصر الصلاة؟ فقال: في بريد الا ترى اهل مكة اذا خرجوا الى عرفة كان عليهم التقصير, قلت ان هذا دليل لنا وعليكم لان مكة تعد في بعض تاريخنا مثل الآن ممتدة الى منى فلو عددنا المسافة من مكة الى اخر بيوتها لما صارت مسافة الى عرفة هذا ولكن السيد (رحمه الله) قد تراجع وقيد هذا الاطلاق في قوله, فعد بان لا تكون المدينة طولها مأة فرسخ!! فانه حينئذ يرجع الى اطلاق ادلة السفر(2) من اين؟ ما ادري.

حكم- ما يقرب في نظري ففي بندين بالنسبة للخروج البند الاول: هو ان الدوار في نفس المدينة طالت او قصرت شغل يومه او اسبوعه او شهره فهذا كله لا يسمى مسافراً ولم تنطق رواية على المنتقل من حي الى حي ومن محلة الى محلة ومن شارع الى آخر انه مسافر مع كثرة الابتلاء فالناس كلهم ابتعون ابصعون ينتقلون في مدنهم وما سمعنا ولا رأينا تحديدهم بالفراسخ والاميال, واذا ورد من هذا القبيل وليس في ذهني فعلاً فهو شاذ لا يعار له الاذن, واما البند الآخر فهو ان المسافر هو الذي يخرج الى مدن وقرى خارج مدينته فهذا يحسب المسافة من محلته واني افهم قولهم عليهم من المنزل في عدة روايات يقصدون المحلة والحي وليس المنزل يعني الدار والبيت والغرفة والحجرة وان اطلق ذلك أيضاً بل المنزل في نظري ليس المحلة الخاصة بل الحارة كلها أي مجمع المحلات ويطلق المنزل على القرية كما يقول القوافل اين منزلكم أي اين تنزلون قالوا بالقرية الفلانية, ويقول ان اهل الكاظمية من اين ينزلون للانطلاق للحج واين ينزلون حين يرجعون قبل ان يتفرقوا الى بيوتهم؟؟ يقولون بالساحة العامة الفلانية فالمنزل هو المحلة الكبرى أي جامعة الحي او المحلات, ولعل اقرب حديث نستند إليه موثق عمار (لا يكون مسافراً حتى يسير من منزله او قريته ثمانية فراسخ)(3), حيث مثل المنزل بالقرية ووجهه انه ان كانت قرية منحصرة محدودة وان لم تكن قرية محدودة فمن منزله أي محل نزول اهل محلاته وصيه فهذا مناط الشروع بحساب المسافة والله اعلم وقول صاحب العروة (رحمه الله) واخر المحلة في البلدان الكبار هو الذي نعتمده ونصححه.


(1)الفقه 8/40 الصلاة.

(2)الفقه 8/42 كتاب الصلاة.

(3)الوسائل ب4 ح1 و3 مسافر.