فصل وجوبها:

حكم- يشترط في وجوب صلاة الجمعة:
أولاً: حضور الامام المعصوم (ع) او نصبهُ بالنصب الخاص وكان مبسوطاً في حكم البلاد وليس منه النيابة العامة المعروفة لكل مجتهد عادل في عصر الغيبة فهي لا يجب معها صلاة الجمعة, وقد استدللنا على ذلك في اول بحث الجمعة.
وثانياً: العدد وهو خمسة افراد
حكم- يشترط في هذا العدد في صحة الاتيان بالجمعة ولكن لم تجب الا ان يكملوا سبعة نفر لو وجبت والاحاديث عديدة مثل صحيح منصور عن ابي عبد الله (ع) قال: (يجمع القوم ليوم الجمعة اذا كانوا خمسة  فما زاد وان كانوا اقل فلا جمعة لهم), واما في الوجوب فصحيح ابن مسلم عن الباقر (ع): (تجب الجمعة على سبعة نفر من المسلمين ولا تجب على اقل منهم) وغيرها مثلها.
حكم- اذا نقص العدد في اثناء الخطبة فان لم يعودوا واطالوا الغياب فلا جمعة للباقين اقل من خمسة وان عادوا في زمن قليل قيل فلا يقطع الصلاة وتصح جمعة, واما اذا فارق الصلاة بعضهم بعد تكبيرة الاحرام قيل يصح اكمالها جمعة ولو بقي واحد مع الامام لان شرطية العدد في ابتداء الصلاة والاحتياط اولاً يقتضي ان يبقى مقداراً معتداً على الاقل وهو مثلاً ثلاثة لانه اقل الجمع وقولك جمعة من الجمع, وثانياً: ان المفارقة لا تكون قبل الشروع بها فاذا وقع فلا جمعة بل يكملونها ظهراً.
حكم- لما قلنا بعدم الوجوب لاقامة الجمعة ابتداء فنقول به استمراراً يعني لو اجتمعوا للجمعة ثم اعرضوا عن الجمعة سواء بعد الخطبة او بعد الدخول بالصلاة حتى لو بالركعة الثانية, هذا حتى لو كانت الجماعة كاملة العدد والشروط لعدم الدليل على التعيين لعنوان الجمعة بعد الدخول فيها.
ثالثاً: الخطبتان:
حكم- تجب الخطبتان قبل دخول الصلاة ولا يكفي ان تكون خطبة مطولة وانما خطبتان يفصل بينهما جلسة خفيفة او سكتة قصيرة وهذه عينات من خطب المعصومين (ع) للفكرة العامة للخطيب اذا اراد واتفقوا على ان ليس شيء موظف في الخطبتين وانما هناك ارشادات استحبابية من الائمة (ع) في كيفياتها:

 

أ - عن ابن مسلم عن ابي جعفر (ع) في خطبة يوم الجمعة وذكر خطبة مشتملة على حد الله والثناء عليه والوصية بتقوى الله والوعظ...الى ان قال وأقرأ سورة من القرآن وادع ربك وصلِ على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وادع للمؤمنين والمؤمنات ثم تجلس قدر ما يمكن هنيئة ثم تقوم وتقول وذكر الخطبة الثانية وهي مشتملة على حمد الله والثناء عليه والوصية بتقوى الله والصلاة على محمد وآله والامر بتسمية الائمة (ع) الى آخرهم والدعاء بتعجيل الفرج...ويكون آخر كلامه: [إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ90](1).

ب - وعن سماعة قال: قال ابو عبد الله (ع) يخضب امام الجمعة وهو قائم يحمد الله ويثني عليه ثم يوصي بتقوى الله ثم يقرأ سورة من القرآن صغيرة ثم يجلس ثم يقوم فيحمد الله ويثني عليه ويصلي على محمد وآله وعلى أئمة المسلمين ويستغفر للمؤمنين والمؤمنات فاذا فرغ من هذا اقام المؤذن فصلى بالناس ركعتين يقرأ في الاولى الجمعة وفي الثانية المنافقين.

ج - وعن ابن شاذان عن الرضا (ع) انما جعلت الخطبة يوم الجمعة لان الجمعة مشهد عام فاراد ان يكون للامير سبب الى موعظتهم وترغيبهم في الطاعة وترهيبهم من المعصية وتوفيقهم على ما اراد من مصلحة دينهم ودنياهم ويخبرهم بما ورد عليهم من الافاق ومن الاهوال التي لهم فيها المضرة والمنفعة ولا يكون الصابر في الصلاة منفصلاً وليس بفاعل غيره ممن يؤم الناس في غير يوم الجمعة وانما جعلت خطبتين ليكون واحدة للثناء على الله والتمجيد والتقديس لله عز وجل والاخرى للحوائج والاعذار والانذار والدعاء ولما يريد ان يعلمهم من امره ونهيه ما فيه الصلاح والفساد(2).

د - وخطب امير المؤمنين (ع) يوم الجمعة ومجمل ما اوصى به: (الحمد لله ذي القدرة والسلطان والرأفة والامتنان احمده على تتابع النعم واعوذ به من العذاب والنقم واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له مخالفة للجاحدين ومعاندة للمبطلين واقراراً بانه رب العالمين واشهد ان محمداً عبده ورسوله قضى به المرسلين وختم به النبيين وبعثه رحمة للعالمين صلى الله عليه وعلى آله أجمعين...فتزودوا رحمكم الله اليوم ليوم الممات واحذروا اليم هول البيان فان عقاب الله عظيم وعذابه اليم نار تلهب ونفس تعذب وشراب من صديد ومقامع من حديد اعاذنا الله واياكم من النار ورزقنا الله واياكم مرافقة الابرار وغفر لنا ولكم جميعاً انه هو الغفور الرحيم ان احسن الحديث وابلغ الموعظة كتاب الله ثم تعوذ واقرأ سورة العصر..), ثم جلس وقام بالخطبة الثانية لحمد الله والشهادة والصلاة على نبيه وآله وقال: (اوصيكم عباد الله بتقوى الله والعمل بطاعته واجتناب معصيته فانه من يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً بعيداً وخسر خسراناً مبيناً ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما اللهم صل على محمد عبدك ورسولك افضل صلواتك على انبيائك واوليائك).

هـ - وذكروا خطبة في جمعة أخرى (...فلا تنافسوا في عز الدنيا وفخرها ولا تعجبوا بزينتها ونعيمها ولا تجزعوا من ضرائها وبؤسها فان عز الدنيا وفخرها الى انقطاع وان زينتها ونعيمها الى ارتجاع وان ضرائها وبؤسها الى نفاذ وكل مدة فيها الى منتهى وكل حي فيها الى بلى اوليس لكم في اثار الاولين من وفي ابائكم الماضين تبصرة ومعتبر ان كنتم تعقلون الم تروا الى الاموات لا يرجعون والى الاخلاف منكم لا يخلدون, قال الله تعالى والصدق قوله: [وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ95](3), وقال: [كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ185](4), وذكروا اول خطبة لرسول الله (ص) في يوم اول جمعة في المدينة المنورة وكان لم يدخلها بعد منتظراً أمير المؤمنين (ع) في يوم 12 ربيع الاول في محلة قبا عند بني عمرو بن عوف وكان قد اقام عند قدومه يوم الاثنين الى الجمعة واسس مسجد قبا ثم خرج نحو المدينة فاقامها في بني سالم بن عوف قائلاً: (..الحمد لله الذي احمده واستعينه واستغفره واستهديه وأومن به ولا اكفره واعاديه..ارسله بالهدى والنور والموعظة على فترة من الرسل وقلة من العلم وضلالة من الناس وانقطاع من الزمان ودنو من الساعة وقرب من الاجل من يطع الله ورسوله فقد رشد...ومن يطع الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجراً ومن يتق الله فقد فاز فوزاً عظيماً...ويملك من الناس ولا يملكون منه الله اكبر ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم)(5).

حكم- اجمال ما يلقى في خطب الجمعة:

  1. البسملة والصلاة والسلام على محمد وآله والشهادات الثلاث والثناء على الله وعلى رسوله (ص) واهل بيته (ع).
  2. الوعظ عن الفسق والفجور والتزام التقوى والورع عن محارم الله.
  3. بعض القصص والامثال للعبرة والوعظ.
  4. ذكر احوال المسلمين ومصائبهم والترحم على مبتليهم ولعن ظالميهم والمجرمين بحقهم.
  5. التواصي بالتراحم والتعاطف والاتحاد وتوحيد القلوب واشاعة المحبة والتعاون.
  6. التمسك بالعقيدة الحقة والابتعاد عن العقائد المنحرفة والافكار الخائطة.
  7. مفارقة المنافقين والشيوخ المبتدعين والمفسدين والمضلين والمرتابين المشككين للمجتمع.
  8. التشجيع على الشعائر الاسلامية والسيرة النبوية.
  9. ربط الناس بالمعصومين (ع) والتذكر بمصائبهم ومظلوميتهم وشرح سيرتهم واشاعة اخلاقهم وجهادهم وكرامتهم.
  10. والتذكير بظلم اعدائهم والتبرؤ منهم وذمهم ولعنهم واتباعهم اللعناء.
  11. سيرة الانبياء والاولياء وعددهم والتذكير بتاريخهم والامم الهالكة بالاساءة اليهم.
  12. دعوة الناس للدعاء بتعجيل الفرج ونهاية الظلم والفساد والجور.
  13. قراءة بعض الاحكام الشرعية المهمة في حياتهم العبادية والمعاملية.
  14. التشجيع للتمسك بالقرآن الكريم وتجويده والتدبر بمعانيه والفوز في مغازيه.
  15. حفظ الاحاديث الشريفة عن الصادقين وليس الكذابين الذين اكثروا الكذب على الرسول.
  16. الوصية بتكوين الاسرة وحسن تربية الاولاد وقراءة حقوق كل فئة من الناس من حقوق الابوين والاولاد والزوجة والجار والمعلم والشيخ الكبير والطفل الصغير والضعيف والفقير ومن اشبه.
  17. التذكير بمواقف يوم القيامة وكيفية دخول النار وكيف دخول الجنة وما هو الصراط والميزان والكتب والحساب والاعراف والشفاعة.
  18. ذكر صفات الله وتعليم التوحيد الحق وليس التوحيد الزائف السخيف.
  19. تصحيح الصلاة والصوم والحج وما شابه كل في موسمه.

حكم-

  1. يستحب في كل خطبة ذكر سورة كاملة والتعليق عليها وعلى الاقل آية من القرآن.
  2. ويتسحب قراءة سورة الجمعة في الركعة الاولى والمنافقين في الثانية.
  3. ويستحب الجهر في القراءة.
  4. ويتسحب الاستماع التام للخطبتين ويكره الكلام في اثنائها او الغفلة وعدم الالتفات.
  5. يستحب دعوة الناس وتشجيعهم لحضور الصلاة والاهتمام بها.
  6. يجب ان تكون الخطبة مفهمة للحاضرة ويجوز ان تكون غير عربية اذا كان السامعين غير عرب, والافضل العربية اذا كانوا الحاضرون يفهمون.
  7. يجب ان يكون الخطيب قائماً عند الخطبة مع الامكان.
  8. يستحب ان يتعمم.
  9. يستحب الطهارة بل قد اوجبوها حين الخطبة لانها تعتبر جزء من الصلاة.
  10. ينبغي ان يكون الخطيب بليغاً فصيحاً يخطب بمقتضى حال الناس من الزمان والمكان والنفوس ومستوياتها مؤثراً في القلوب.
  11. يجب على المسلمين تعظيم يوم الجمعة وتخصيصه للعبادة ونظافة البدن ووصل الرحم والصدقة وزيارة اضرحة المعصومين (ع) وتفريح الاهل والاصدقاء.
  12. يستحب تسليم الامام على الناس بعد الخطبة وقبلها وبعد الصلاة ويحسن خلقه اكثر من عادي الناس.
  13. يكره انشاد الشعر يوم الجمعة الا في الموعظة او الدعاء او في رثاء المعصومين (ع).
  14. يستحب يوم الجمعة اهداء الهدايا والصدقات وتفريح الاهل والاقرباء.
  15. يكره السفر يوم الجمعة بعد الفجر الى ان يصلي الجمعة او الظهر او يوم السبت.
  16. يكره الاشتغال بالرزق في يوم الجمعة.
  17. يستحب الجماع في ليلة الجمعة ويومها.
  18. يستحب زيارة القبور في يوم الجمعة وان الاموات ليفرحون بذلك.
  19. يجوز الصلاة في حال خطبة الامام يوم الجمعة والافضل التفرغ للخطبة.
  20. يكره تخطي الرقاب للوصول الى مكان غير ما وصل اليه.

حكم- يجوز ان تكون الخطبتان قبل الزوال بحيث لا يتمان حتى نزول الشمس ويجوز ان يكون الخطيب غير الامام خصوصاً اذا كان الخطيب ابلغ من الامام والامام اقدر على الصلاة من الخطيب او اكثر اهليه منه, وما استدل بعضهم بوجوب كون الامام نفس الخطيب بموثق سماعة عن ابي عبد الله (ع) قال: (ينبغي للامام الذي يخطب بالناس يوم الجمعة ان يلبس عمامة في الشتاء والصيف ويتردى ببرد يمنيه او عدني ويخطب بالناس وهو قائم بحمد الله ويثني عليه ثم يوصي بتقوى الله...فاذا فرغ من هذا اقام المؤذن فصلى بالناس ركعتين)(6) هذا مجرد حكاية حال وليس بصدد اتحاد المصلي مع الخطيب وعدمه, نعم الاتحاد لعله احوط لانه هو المعمول به وغيره شاذان وجد.
حكم- يشترط في صحة الجمعة ان لا يكون جمعة اخرى تعقد للشيعة بصورة صحيحة تبعد عنه اقل من فرسخ والفرسخ سيأتي في صلاة المسافر انه 5625 متر لانه ثلاثة اميال والميل = 1875 متر, يقول ابي جعفر (ع): (يكون بين الجماعتين ثلاثة اميال يعني لا تكون جمعة الا فيما بينه وبين ثلاثة اميال وليس تكون جمعة الا بخطبة, قال فاذا كان الجماعتين في الجمعة ثلاثة اميال فلا بأس ان يجمع هؤلاء ويجمع هؤلاء)(7).
حكم- اذا سبقت واحدة من الجماعتين صحت والمتأخرة عنه والقريبة منها بطلت وان تقارنتا بطلتا معاً.
حكم- يشترط في امام الجمعة في الصلاة جميع ما يشترط في امام الجماعة كما مر ويزيد عليه ان يحسن الخطابة.


(1)سورة النحل 16/90.

(2)الوسائل ب25 ح1 جمعة.

(3)سورة الانبياء 21/95.

(4)المستدرك ب19 ح2 و3 و4 جمعة, سورة آل عمران 3/185.

(5)المستدرك ب19 ح2 و3 و4 جمعة.

(6)الوسائل ب24 و25 ح1 و2 الجمعة.

(7)الوسائل ب7 الجمعة.