فصل ما يشترط في انعقاد الجماعة

حكم- الشروط اللازمة في انعقاد الجماعة ثلاث مجموعات شروط:
الاول: شروط المأموم ولم يضعوا له عنواناً وانما تعرف من خلال المسائل:

  1. وهي نفس شروط صحة الصلاة ويزيد عليها.
  2. ان لا يكون رجلاً اذا كان الامام امرأة او خنثى.
  3. وان لا يكون قائماً اذا كان الامام قاعداً.
  4. وان لا يتقدم على الامام بالمجلس ولا يكون اوطأ منه عمودياً.
  5. وان لا يكون بينه وبين الامام اشتباه بالجنابة كما مر في الطهارة.
  6. الثوب المشترك اذا رؤي فيه آثار جنابة.
  7. وان لا يتقدم عليه بتكبيرة الاحرام.
  8. وان لا يتقدم عليه بالافعال شروط تكليفي وليس وضعي يعني لا تبطل الصلاة لو خالف وانما يأثم.
  9. وان يدرك الركوع او ما قبله في ادراك الركعة كما مر.
  10. وان لا يعزل عن الامام بجدار وما شابه الا اذا كان الامام رجلاً والمأموم امرأة, وكلها ستأتي ضمن الشروط الآتية ولكن هذا توجيه وتعبير آخر.

الثاني: شروط الجماعة (الحقيقة الشرعية)
حكم- كرر السيد السبزواري قدس الله نفسه ونور ضريحه الشريف قوله: (ان الاجتماع في الصلاة والجماعة ليست من الحقايق الشرعية ولا الموضوعات المستنبطة بل من الامور العرفية العقلائية حدد الشارع فيها حدود وقيدها بقيود كسائر موضوعات الاحكام...), اقول يمكن ان نفسر هذه الحدود والقيوم ونقول انها تجعل الموضوع الشرعي كالصلاة والصلاة بالجماعة واحكام السفر والحج والاعتكاف وغيرها حقائق شرعية, والا فلم يكن العرب يعرفون الصلاة ولا الاديان الاخرى تعرف الصلاة الا انه مجرد دعاء وتوجيه الى ما يعبدون ويقدسون, فهذا التحديد وكيف جاء الرسول 9 وعمل بين الناس عملاً مبتكراً وليس في خلد احد منهم وسماه صلاة, وطلب اموراً معينة بكيفيات واحكام معينة وسماه زكاة وسكن في المساجد اياماً وبشروط وسماه اعتكافاً وهكذا فهذه احكام جديدة شرعية وحقائق سمائية ولم يفهم العرف لولاه شيئاً منها, نعم كان الجاهلون يحجون البيت الحرام للمفاخرة والتجارة والتعري واللهو واللعب واين هم من الاحكام الخاصة الزائدة والناقصة فأحكام الدين على هذا كلها حقائق شرعية وموضوعاتها موضوعات مستنبطة منه فقط ولا يراجع العرف فيها الا ما اهمله وتركه على فهم الناس واجاز بعض ممارساتهم, ولعلها نصب في بوتقة واحدة مع اساتذتنا ولكن التعبير اختلف.

أحد شروط الجماعة: (عدم الحائل بين الامام والمأموم)
حكم- هذا الشرط قالوا فيه ان لا يكون حائل يمنع عن مشاهدة الامام وهو اخص من المأموم وحده, يعني اذا كان حائل من حائل او ستار بين المأموم وبين الامام من امام المأموم فينظر من جبهته فاذا اتصل بالمأمومين المتصلين بالامام بدون حائل من احد جانبيه فهذا الحائل لم يمنعه من انعقاد الجماعة له فجهات اتصال الامام ثلاث الجانبان والامام.
حكم- اذا صلى بعض المأمومين على السطح وفي الطبقة التحت الامام يشترط في هذه الحال أولاً ان يكون مكان الامام مقدم على نهاية السطح من قدام المصلين حتى يصدق الائتمام, وثانياً: لا يكون السطح محجراً بحائط اكثر من شبر حتى يشرف المصلون على الامام في جلوسهم وقيامهم وركوعهم, نعم لو كان المحجر مرتفع وكان مشبكاً وفتحاته عريضة بحيث يرون الامام في قيامهم وقعودهم وركوعهم فلا مانع.
حكم- اذا وقف شخص بين الصف ولم يصل او كانت صلاته باطل في غير الصف الاول فلا بأس لان المأمومين يتصلون بجهة غير جهة الحاجب او من الامام, واما اذا وقف في الصف الذي لا يتقدمه صف بالنسبة للذين حجبهم اذ لا تعلق لهم الا من جبهته وهو لا يصلي او يصلي بصلاة باطلة فهل يحجب من اتصل بالجماعة بواسطته ام لا؟ وهذا صحيح زرارة يعين مقدار البعد وعدم الحجاب قال(ان صلى قوم وبينهم وبين الامام ما لا يتخطى فليس ذلك الامام بهم بإمام واي صف كان اهله يصلون بصلاة الامام وبينهم وبين الصف الذي يتقدمهم قدر ما لا يتخطى فليس تلك لهم بصلاة فان كان بينهم سترة او جدار فليست تلك لهم بصلاة)(1), فهذا الانسان الواقف او المصلي الباطل صلاته ليس هو سترة وانما السترة الحجاب من القماش والنايلون والحائط والخشب وما شابه فلا وجه لقول العروة بالمنع.
حكم- اذا كان بعض الجماعة رجال وبعضهم نساء فصلاة النساء اما خلف الرجال ولا مانع ان لا يكنَّ من وراء حجاب واما يكن من وراء حجاب ولو مساويات لصفوف الرجال بشرط سماعهن ومعرفتهن بتمام حركات الامام ويعلمن بكل افعاله ولو كانت الجماعة كلهن نساء من امام ومأموم فلا يصح الحجاب بينهن.
حكم- ورد في تتمة حديث زرارة الآنف الذكر (فان كان بينهم سترة او جدار فليست تلك لهم بصلاة الا من كان حيال الباب وقال: هذه المقاصير لم تكن في زمان أحد من الناس وانما احدثها الجبارون ليست لمن صلى خلفها مقتدياً بصلاة من فيها صلاة)(2), المقصود كانها حجرة صغيرة مزينة يكون فيها الملعون مصلياً وخلفه الاغبياء السفلة مأمومون فلا اتصال بين الامام وبينهم نعم اذا كانت الباب مفتوحة فالذي خلف الباب متصل بالامام والصف الذي يساويه والذي خلفه متصلاً ايضاً بواسطته واما الذي على جانبي محيط المقصورة او المحراب الذي فيه حائط زائد ويصلون الجهلة بمساواة الحائط فلا اتصال لهم بالامام.
حكم- اذا كان الحاجب من الزجاج فالاغلب افتوا بمنعه لصدق السترة عليه ولا بأس بالظلمة والغبار ومرور الناس اذا لم يكن متواصلاً والنهر بين السفينتين اذا كان عمالهما مؤتمين ببعضهم اذا لم يكن الفارق بينهما بمقدار متر كما قلنا يعني اهل سفينة يقتدون بامام في سفينة اخرى واذا صلى في المسجد والصف المتقدم عليه منته قبله فلا اتصال بجبهته بالجماعة ومن جانبه كذلك ومن جانبه الآخر اسطوانه بطلت جماعته لعدم اتصاله بالجماعة.
حكم- لو كان جاهلاً بحجاب لعمى وغيره فان احس في الاثناء انفصل وصحت صلاته وان لم يحس فصلاته صحيحة ايضاً, ولو شك بحصول الحائل بنى على عدمه ولو كان حائل وشك بارتفاعه حكم ببقائه.

الشرط الثاني عدم البعد بين المأمومين وبينهم وبين الامام
حكم- معنى الجماعة في اللغة الاجتماع في مكان واحد متقارب والتحديد الشرعي جاء بعده روايات منها زرارة وهي (ما لا يتخطى), وروايته الاخرى (وقال ابو جعفر (ع) ينبغي ان تكون الصفوف تامة متواصلة بعضها الى بعض لا يكون بين الصفين ما لا يتخطى يكون قدر ذلك مسقط جسد الانسان)(3) وهذا التحديد الثاني.
والثالث: موثق عمار سألت ابا عبد الله (ع) عن الرجل يصلي بقوم وخلفه دار فيها نساء هل يجوز لهن ان يصلين خلفه؟ قال (ع): (نعم ان كان الامام اسفل منهن, قلت: فان كان بينهن وبينه حائطاً او طريقاً؟ فقال: لا بأس)(4), وصحيح ابن سنان (مربض غنم واكثر ما يكون مربض فرس), والجعفريان (قال صلى الله عليه وآله (كمبرض ثور) فهو غير مسموح ومعلوم ان الطريق لا يقل عن مقدار متر, والذي يتخطى باوسع خطوة بما نسميه (العراقيين) شبخة وهي الخطوة باوسعها اي يفتح ما بين الرجلين على اقصاه وبدون القفز ومع القفز يسمى طفرة فهو اقل من طفرة, وبالجملة فالمحتمل من هذه التحديدات ان مقدار المسموح 70 سنتيم تقريباً فاذا زاد على السبعين فيشكل صحة الجماعة واما مقدار المتر فيقيناً انه غير مسموح, واذا اعتبرت حديث زرارة الثاني (مسقط جسد انسان اذا سجد) يعني جلسته وهي تقريباً خمسين سنتيماً وقد اجيز في الرواية فلو كان شخص واقف او جالس بين افراد الصف فلا يبطل جماعة من خلفه لانه ليس سترة وان مكانه يتخطى واذا كان شخصان فهو الفاصل للصف عن بعضه.
حكم- هذه المسافة تقدر بين الصف الواحد وتقدر بين موقف الامام ومسجد من خلفه وموقف الصف المتقدم ومسجد الصف اللاحق ولا فرق بهذه التقديرات بين الجنس الواحد وبين الرجال الى النساء.
حكم- اذا انتهت صلاة المتقدم لانه يصلي القصر مثلاً انفصلت الصفوف المتعلقة بواسطتهم الا اذا قاموا رأساً والتحقوا بالجماعة بصلاة أخرى او مشى المنفصلون والتحقوا بالصف المستمر إنتماؤه.

الشرط الثالث: ان لا يكون الامام اعلى من المأمومين
حكم- ورد في هذا رواية موثق عمار وهذه الرواية مضطربة ومختلف في الفاظها وانا اخذ باقرب الالفاظ واخذ منها موضع الشاهد قال سألته عن الرجل يصلي بقوم وهو في موضع اسفل من موضعه الذي يصلي فيه؟ فقال ان كان الامام على شبه الدكان او على  موضع ارفع من موضعهم لم تجز صلاتهم...فأن كان ارفع منهم...بقدر شبر فأن كان ارضاً مبسوطة وكان في موضع منها ارتفاع فقام الامام في الموضع المرتفع وقام من خلفه اسفل منه والارض مبسوطة الا انهم في موضع منحدر؟ قال: لا بأس(5), ومن المعلوم ان صلاة الامام لا بد ان يكون على ارض مستوية مبسوطة حتى يُساوي موقفه لمسجده وكذا كل صف في مكان موقفه الى مسجده نسبياً اما ما بين الصفوف فقد كان منحدر ومجموع المنحدر بمقدار شبر تقريباً بمقدار خمس صفوف تقريباً فلا بأس لان الشبر هو اقل من 25 سنتيم فلو انحدر صف عن صف بمقدار 5 سنتيم فلا باس وليس بالكثير في المنحدر وكذا اذا دفعياً على دفعات وليس دفعة واحدة, واما اذا علا الامام على المأمومين مرة واحدة بمقدار شبر فهذا الممنوع وقد مثل له الامام (ع) بالدكان وقال لم تجز صلاتهم.

الشرط الرابع: ان لا يتقدم المأموم على الامام بالمكان
حكم- اذا تقدم المأموم على الامام ابتداء او بالاثناء فقد بطلت جماعته وصحت صلاته مع الجهل او الغفلة ويجوز المساواة معه الا اذا طال الصف وبسبب الطول حصل تقدم على الامام ولكنه غير فاحش فلا بأس والمسألة ليست بالدقة العقلية ولو تأخر عنه في الموقف ولكنه تقدم عليه في المسجد لطول قامته فلا بأس, واذا بالعكس انه تأخر عنه بالمسجد وساواه بالموقف لقصره عنه ايضاً لا بأس وعليه ان الذي قرره العلماء مستفيدين من عدة روايات وهو جواز المساواة بدناً وعدم التقدم مع نية وتبعية الحركات والاقوال هو: اما مساواة الوقف والمسجد واما مساواة المسجد ولو بتقدم قليلاً بالموقف بشيء غير مراعاً واما مساوا الموقف ولو يتقدم بالمسجد قليلاً بشيء غير منظور واما تقدم المسجد والموقف فغير مقبول اذ هو يكون الامام في نظر العقلاء, والافضل والاحوط تأخر كليهما فهو المأموم القطعي ولا يرتاب به أحد.


(1)الوسائل ب62 ح2 جماعة و59/1 جماعة.

(2)الوسائل ب62 ح2 جماعة و59/1 جماعة.

(3)مر آنفاً.

(4)الوسائل 62 ح1 جماعة.

(5)الوسائل 63 ح1 جماعة.