الاولى: اول صلاة في الاسلام كانت جماعة:

حكم- من المعلوم ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما بدأ دعوته المباركة ما فرض على من يسلم الصلاة وانما فرضت الصلاة في المدينة المنورة, وانما كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يصلي في الغار وفي المسجد الحرام وفي البيت في مكة يصلي معه علي بن ابي طالب (ع) فقط حتى قال صليت مع رسول الله قبل كل الناس بسبع سنين, وبعض الاوقات كانت تشاركه خديجه, وبعض الاوقات امر ابو طالب (ع) ابنه جعفر قائلاً (صِلْ جناح ابن عمك) بالصلاة الجماعة مؤتماً به, وبعدما اتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المدينة لم يدخلها وانما انتظر مجيء نصيره امير المؤمنين (ع) والانتظار في محلة بني سليم وهي حي من احياء المدينة حيث بنوا بأمره ومساعدته مسجد قبا وهو اول مسجد اسس على التقوى من اول يوم كما قال تعالى: [لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ108](1), وهناك نزل اول امر بالصلاة اليومية وشمل الامر كل الاصحاب فاجتمع مقدار مأة نفر وصلوا بامامة الرسول في اول صلاة جماعة واول جمعة, قال محمد بن عمر قال الصادق جعفر بن محمد (ع): (اول جماعة كانت ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يصلي وأمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) معه اذ مر به ابو طالب وجعفر معه فقال يا بني صلِ جناح ابن عمك فلما احس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تقدمهما وانصرف ابو طالب مسروراً... فكانت اول جماعة جمعت ذلك اليوم)(2), وقد ورد في فضائل صلاة الجماعة الشيء الكثير ففي صحيح زرارة: (قلت لابي عبد الله (ع) ما يروي الناس ان الصلاة في جماعة أفضل من صلاة الرجل وحده بخمس وعشرين: فقال (ع): صدقوا, فقلت: الرجلان يكونان جماعة, قال (ع): نعم ويقوم الرجل عن يمين الإمام) وفي رواية محمد بن عمارة: قال: أرسلت الى الرضا (ع)

أسأله عن الرجل يصلي المكتوبة وحده في مسجد الكوفة افضل او صلاته مع جماعة, فقال (ع): (الصلاة في جماعة أفضل), مع انه ورد ان الصلاة في مسجد الكوفة تعدل الف صلاة وفي بعض الاخبار ألفين, بل في خبر: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (أتاني جبرائيل مع سبعين ألف ملك بعد صلاة الظهر فقال: يا محمد ان ربك يقرؤك السلام وأهدى اليك هديتين لم يهدهما الى نبي قبلك, قلت: ما تلك الهديتان؟ قال: الوتر ثلاث ركعات والصلاة الخمس في جماعة, قلت: يا جبرائيل ما لأمتي في الجماعة؟ قال: يا محمد اذا كانا اثنين كتب الله لكل واحد بكل ركعة مائة وخمسين صلاة, واذا كانوا ثلاثة كتب الله لكل واحد بكل ركعة ستمائة صلاة, واذا كانوا أربعة كتب الله لكل واحد ألفاً ومائتي صلاة, واذا كانوا خمسة كتب الله لكل واحد بكل ركعة ألفين وأربعمائة صلاة, واذا كانوا ستة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة اربعة الاف وثمانمائة صلاة, واذا كانوا سبعة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة تسعة آلاف وستمائة صلاة, واذا كانوا ثمانية كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة تسعة عشر ألفاً ومائتي صلاة, واذا كانوا تسعة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة ثمانية وثلاثين ألفاً وأربعمائة صلاة, واذا كانوا عشرة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة ستة وسبعين ألفاً وثمانمائة صلاة, فان زادوا على العشرة فلو صارت السموات كلها قرطاساً والبحار مداداً والاشجار اقلاماً والثقلان مع الملائكة كتاباً لم يقدروا أن يكتبوا ثواب ركعة, يا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)تكبيرة يدركها المؤمن مع الامام خير من ستين الف حجة وعمرة وخير من الدنيا وما فيها بسبعين الف مرة, وركعة يصليها المؤمن مع الامام خير من مائة الف دينار يتصدق بها على المساكين وسجدة يسجدها المؤمن مع الامام في جماعة خير من عتق مائة رقبة) وعن الصادق (ع): (الصلاة خلف الامام بألف ركعة وخلف القرشي بمائة), ولا يخفى أنه اذا تعدد جهات الفضل تضاعف الأجر, فاذا كانت في مسجد السوق الذي تكون الصلاة فيه باثنتي عشرة صلاة يتضاعف بمقداره, واذا كانت في مسجد القبيلة الذي تكون الصلاة فيه بخمسة وعشرين فكذلك, واذا كانت في المسجد الجامع الذي تكون الصلاة فيه بمائة يتضاعف بقدره, وكذا اذا كانت في مسجد الكوفة الذي بألف او كانت عند علي (ع) الذي فيه بمائتي الف, واذا كانت خلف العالم او السيد فأفضل, وان كانت خلف العالم السيد فأفضل, وكلما كان الامام أوثق وأفضل فأفضل, واذا كان المأمومون ذوي فضل فتكون أفضل, وكلما كان المأمومون أكثر كان الاجر أزيد, ولا يجوز تركها رغبة عنها أو استخفافاً بها, ففي الخبر: (لا صلاة لمن لا يصلي في المسجد الا من علة, ولا غيبة لمن صلى في بيته ورغب عن جماعتنا, ومن رغب عن جماعة المسلمين وجب على المسلمين غيبته, وسقطت بينهم عدالته ووجب هجرانه, واذا دفع الى امام المسلمين أنذره وحذّره فان حضر جماعة المسلمين والا احرق عليه بيته) وفي آخر: أن أمير المؤمنين (ع) بلغه أن قوماً لا يحضرون الصلاة في المسجد فخطب فقال: (إن قوماً لا يحضرون الصلاة معنا في مساجدنا فلا يؤاكلونا ولا يشاربونا ولا يناكحونا أو يحضروا معنا صلاتنا جماعة وإني لأوشك بنار تشعل في دورهم فأحرقها عليهم أو ينتهون, قال: فامتنع المسلمون من مؤاكلتهم ومشاربتهم ومناكحتهم حتى حضروا لجماعة المسلمين), الى غير ذلك من الاخبار الكثيرة, فمقتضى الايمان عدم الترك من غير عذر.
توضيح لبعض ما سبق من الحديث: قوله (تكبيرة يدركها المؤمن مع الامام خير من ستين الف حجة وعمره وخير من الدنيا وما فيها بسبعين الف مرة, وركعة يصليها المؤمن مع الامام خير من ماءة الف دينار يتصدق بها...), هذا الحديث لا يجوز ان نمر عليه كمرور الكرام بل لا بد من توجيه ومن جملة ما يجب ان نقول ان هذا الامام الذي ثواب الصلاة معه بهذه الكثرة والعظمة انما هو المعصوم فقط وهذا الحديث يوجه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) امته للاقتداء بالمعصومين من بعده ولا تأخذهم الفرق الضالة وأئمة السوء وخلفاء المتسلطين على الدماء والاعراض والاموال بالظلم والجور والجهل والعمى, ومن هذا القبيل الحديث عن امير المؤمنين (ع): (ان قوماً لا يحضرون الصلاة معنا في مساجدنا..واني لاوشك بنار تشعل في دورهم فاحرقها عليهم او ينتهون), فهل يجوز ان يفعل ائمة الجماعة هذا باي مؤمن لم يحضر صلاتهم وهو مؤمن مصلي وصائم وحاج ومزكي؟ كلا أبداً لا يجوز ان

يوعد الناس بهذا, وانما قاله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واعاده امير المؤمنين (ع) اشارة للمنافقين المتأمرين على الاسلام والذين يمتنعون ويمنعون الآخرين من اتباع الحق وائمة الحق.


(1)سورة التوبة 9/108.

(2)الوسائل ب1 ح12 جماعة.