تحقيق ما في الاحاديث:

حكم- التحقيق في هذه الاحاديث يقتضي:
أولا: ان الشك بين الاولى والثانية: يبطل الصلاة الا ان يعدل بها الى النافلة كما قلنا مراراً.
ثانياً: الشك بين الثانية والثالثة: مع احراز الاثنتين وذلك بالقيام والشروع بالقراءة والتي قد مر الشرع ان تعدها ثالثة فانت احرزت الثانية وبهذا جاء صحيح زرارة عن احدهما H قال: قلت له رجل لا يدري اثنتين صلى ام ثلاثاً؟ قال: (ان دخل الشك بعد دخوله في الثالثة مضى في الثالثة ثم صلى الاخرى ولا شيء عليه ويسلم)(1) فقد فرض اداء ركعة اخرى يعني الرابعة وقوله لا شيء عليه مقيد باحاديث عديدة مثل صحيح عمار, سألت ابا عبد الله (ع) عن شيء من السهو في الصلاة؟ فقال: (الا اعلمك شيئاً اذا فعلته ثم ذكرت انك اتممت او نقصت لم يكن عليك شيء؟ قلت بلى, قال: اذا سهوت فابن على الاكثر فاذا فرغت وسلمت فقم فصل ما ضننت انك نقصت..)(2).
واما شرط المشهور لصحة هذا الشك تمام السجدتين فلا يخلو من تهافت مع الحديث فأنهم يقولون البناء على الركعة الماضية على انها ثانية والامام يشترط الدخول بالثالثة.
ومعلوم ان السجدتين حتى الجلوس منهما لا يعتبر دخول بالثالثة وإنما هما من اجزاء الثانية.
وعلامة ثانية على ان مجرد الشروع بالركعة بالقراءة وشكه بين الاثنين والثلاث يصحح الصلاة ويتقضى صلاة الاحتياط.
ان الاحاديث لم تبطل الصلاة بالشك بين الواحدة والاثنتين ما في احاديث الباب الاول من الخلل وعلامة ثالثة ان الروايات لم تتعرض للسجدتين من قريب ولا بعيد ورابعة ان روايات الشكوك بين الاثنتين والاربع وبين الاثنتين والثلاث اربعة لم يقيد باحراز الاثنتين, مما يتبين بان قيد الاحراز لابطال الشك بين الواحدة والاثنتين فقط.
حكم- خلاصة الحكم انه اذا شك بين الاثنتين والثلاث بعد الدخول بالقراءة او بالركوع بنى على الثلاث واكملها وقام للرابعة وسلم ثم صلى ركعة من قيام وهو الاحوط والافضل او يصلي ركعتين من جلوس.

الثاني: الشك بين الثلاث والاربع في اي موضع
حكم- هذا الشك في اي موضع لان طرفيه واقع في الركعات السنية وليس الفرضية كما روينا, فلو شك وهو في القيام او الركوع او السجود بين الثلاث والاربع بنى على الاربع ويسلم ويأتي بركعة من قيام او ركعتين من جلوس والاحوط والافضل اختيار الجلوس لتصريح الروايات هنا بالجلوس.

الثالث: الشك بين الاثنتين والاربع
حكم- هنا ايضاً مقيد بعد الركعتين فتصح الصلاة ويُعالج الشك بان يبني على الاربع ويصلي ركعتين بعد السلام وفي صحيح ابن مسلم قال: سألته عن الرجل لا يدري صلى ركعتين او أربعاً قال (ع): (يعيد الصلاة), معلوم ان الاهمال الذي سبب هذا الشك يستحق ان يعوض بالاعادة فهذا هو الاولى ولا يترك الركعتين وانما يعدل بها للقضاء المردد كما قلنا ويقوم للصلاة الفعلية من رأس.
الرابع: الشك بين الاثنتين والثلاث والاربع
حكم- هذا يبنى على الاربع واختلف بمقدار ركعات الاحتياط التي تسد مسد الناقص واختلاف الروايات فمرسل ابن ابي عمير عن الصادق (ع) في رجل صلى فلم يدر اثنتين صلى ام ثلاثاً او اربعاً؟ قال (ع): (يقوم فيصلي ركعتين من قيام ويسلم ثم يصلي ركعتين من جلوس ويسلم فان كانت اربع ركعات كانت الركعات نافلة والا تمت الاربع), وهذا المتفق على نصه واعتمده المشهور واختلف في صحيح ابن الحجاج فقال يصلي ركعة من قيام ثم يسلم ثم يصلي ركعتين وهو جالس, وبعضهم ضبطوه (ركعتين من قيام), والرضوي ايضاً قال: وان شككت فلم تدر اثنتين صليت ام ثلاثاً ام اربعاً فصل ركعة من قيام وركعتين من جلوس, ويؤيده موثق عمار (فاذا انصرفت فاتم ما ظننت انك نقصت), وغيره مثله ومعلوم ان هذا ليس في ذمته الا ركعة من قيام واثنتين من جلوس فانها وافية بكل النقيصة المحتملة وعليه فهو مخير بين ركعتين من قيام مع اثنتين وبين ركعة من قيام واثنتين من جلوس وصاحب الوسائل والمستدرك كذلك رئيا التخيير وهو الاقرب.

الخامس: الشك بين الاربع والخمس فعليه سجود السهو
حكم- قيد المشهور هذا الشك بحدوثه بعد السجدتين والاحاديث في الباب غير مقيدة وانما رأوا ذلك من ظاهر صليت بلفظ الماضي ولو كان الشك في اثناء الركعة لقال (اربعاً تصلي ام خمساً) فلما لفظ الماضي عرفنا بانه بعد انتهاء الركعة, ولكن لا يخلو من نقاش وذلك لان المكلف اذا شارف على انتهاء الركعة وقد الجئ لوصول النهاية كما اذا كان بعد الركوع فانه يشك فيما انها اربع ام خمس وما بيده تعتبر منتهية من حيث الرؤية الشرعية بعدم امكان الرجوع عنها حيث ادى اعظم اركانها, وهذا ما نحتمله فلا يقيد الشك ببعد السجدتين ثم انه لو قيدنا بنهاية الركعة فلا يحتاج لانتهاء السجدتين من حيث ان وضع الرأس على السجدة الثانية قد انتهت الركعة, واما الذكر والرفع فانها توابع ولا تؤخذ في صدق الركعة بل لا يبعد كفاية الركوع لتعيين الركعة لعدم قدرته على الغاء الركعة حينئذ.
حكم- هنا يجب سجدتا السهو لتكرار النص عليها بخلاف بقية الاماكن كما سيأتي فانا لا نرى سجدة السهو والتفصيل في محله.
حكم- يمكن تعميم هذا الحكم لما شك بين الاربع والست ولا نقصره على الاربع والخمس لبعض نصوص الباب بالتعميم كصحيح الحلبي: اذا لم تدر اربعاً صليت ام خمساً ام نقصت ام زدت فتشهد وسلم واسجد سجدتين(3), اي لم تدر نقصت عن الاربع ام زدت ركعة او ركعتين فهذا يشمل ما اذا شك بالسادسة أيضاً, ومرسل الشحام (سألته عن رجل صلى العصر ست ركعات او خمس ركعات؟ قال (ع): (ان استيقن انه صلى خمساً او ستاً؟ قال استيقن انه صلى خمساً او ستاً فليعد وان كان لا يدري ازاد ام نقص فليكبر وهو جالس ثم يركع ركعتين...)(4), هذا وان كنا لا نقول بما في ذيله واعرضوا عنه المشهور لقوله باداء ركعتين وهو خلاف قول الشيعة, مع ذلك نأخذ بصدده وهو القاعدة المتبعة بان بعض الحديث اذا كان منكراً لم يسقط المقبول منه وحديث الرضوي (ع) كذلك: (اربعاً صليت ام خمساً ام زدت او نقصت) وهذا أيضاً فليكن معتمداً.

السادس: الشك بين الاربع والخمس حال القيام:يهدم ويرجع شكه لما بين الثلاث والاربع.
حكم- هذه اربع شكوك تسمى الشكوك الهدمية وهي بين الاربع والخمس من قيام والثلاث والخمس والثلاث والاربع والخمس والخمس والست كلها حال القيام, ولا نص فيها وانما افتى الفقهاء بهدم القيام لم يأت فيه بركن فلا يضر هدمه فيرجع الشك لما بين الثلاث والاربع وهو منصوص, والاثنين والاربع والاثنين والثلاث والاربع والاربع والخمس بعد السجود وكلها منصوصة وظاهرة الحكم متفق عليها.
حكم- لما يهدم القيام يعني يجلس وكان شاكاً بين الاربع والخمس فيرجع شكه بين الثلاث والاربع فيسلم ثم يأتي اما بركعة قيام او ركعتين من جلوس والثاني احوط كما مر ولا يحتاج لسجدة السهو كما سيأتي.

السابع: الشك بين الثلاث والخمس حال القيام:يجلس ويرجع شكه بين الاثنين والاربع فيسلم ويأتي بركعتي قيام.

الثامن: الشك بين الثلاث والاربع والخمس حال القيام:يجلس ويرجع شكه كالشك الرابع فيأتي بركعة قيام وركعتي جلوس كما مر.
التاسع: الشك بين الخمس والست من قيام:يجلس ويرجع شكه كالخامس فيأتي بسجدتي سهو وهذا المورد الثاني الواجب فيه سجدتا سهو.
حكم- امكان تصحيح شكوك أخرى تشملها الاطلاقات مثل صحيح زرارة (فلم يدر ازاد ام نقص فليسجد سجدتين وسماها رسول الله (ص) المرغمتين)(5), فلاحتمال الزيادة سجدتا السهو ولاحتمال النقيصة ركعات احتياط كما مر وحديث عمار, عن ابي عبد الله (ع) قال: (يا عمار اجمع لك السهو كله في كلمتين متى ما شككت فخذ بالاكثر فاذا سلمت فاتم ما ظننت انك نقصت)(6), فعل من الطائفتين من الحديث نجمع شكوك النقيصة والزيادة فيحدث عندما تصحيح.

العاشر: الشك بين الثلاث والخمس في حال الجلوس:يصلي ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس كالشك الثاني.
حادي عشر: الشك بين الثلاث والاربع والخمس وهو جالس:ايضاً ليس عليه الا كسابقه انه يرجع الى الشك بين الثلاث والاربع واما الزائد فملغي.

ثاني عشر: الشك بين الاربع والست وهو جالس: احتملناه عند تفصيل الشك الخامس وله وجه وجيه.

ثالث عشر: الشك بين الاربع والست حال القيام: فيهدم فيرجع شكه بين الثلاث والخمس فيأتي بركعة من قيام او ركعتين من جلوس وهكذا غيرها ولكنه لا تخلو من اشكال وقد عددناها في الشكوك المبطلة.
حكم- الشكوك المروية انما كانت اقل من اخرجه العلماء وحكموا به فيدل هذا انما حدث الائمة بحسب الظروف المهيئة للحديث فلم يأتوا على كل الاحتمالات ولذلك رأينا حلولاً اخرى للشكوك وتوجيهها فلا مخالفة في ذلك.
حكم- الشاك لا بد ان يتروى ويتذكر بما امكن قبل ان يبت باعمال الشك حتى اذا استقر رأيه فعمل بحكم الشك.


(1)الوسائل ب9 ح1 الخلل في الصلاة.

(2)الوسائل ب8 ح3 الخلل في الصلاة.

(3)الوسائل 14 ح4 و5 خلل.

(4)الوسائل 14 ح4 و5 خلل.

(5)الوسائل 14 الخلل.

(6)الوسائل 8:1 الخلل.