بعض علل أفعال الصلاة ومقدماتها:

97(ق): إن العلل الواقعية التي من أجلها وجب وحرم الحرام واستحب المستحب وكره المكروه وأبيح المباح غالباً ليس بأيدينا وخصوصاً علل الصلاة ومقدماتها وأجزائها وإنما نسميها عللاً مجازاً، لأن العلة هي ما يدور مدارها الحكم سلباً وإيجاباً والتوجيه الذي سنذكره عبارة عن حجج عرفية إقناعية لا يدور مدارها الحكم بعضها مأخوذ من الأدلة الشرعية التي وردت تشجيعاً للناس للتمسك بالدين وبعضها نستنبطه من قرائن ونظائر ظنية احتمالية ولا مانع منه لأنه يوجب تشجيعاً للبشر على الطاعة والعبادة.

98(ق): أسباب وعلل جعل الله الماء طهوراً:

أ) مساواته للأرض فعن الصادق (عليه السلام): (إن الله جعل التراب طهوراً كما جعل الماء طهوراً).

ب) للتسهيل على الأمة فعن الصادق (عليه السلام): (كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم قطرة بول قرضوا لحومهم بالمقاريض وقد وسع عليكم بأوسع ما بين السماء والأرض وجعل لكم الماء طهوراً فانظروا كيف تكونون).

ج) رقته وإمكان نقاوة المتنجس به.

99(ق): علّة كيفية الوضوء والتيمم:

قال زرارة قلت لأبي جعفر (عليه السلام): ألا تخبرني من أين علمت وقلت أن المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين؟ فضحك ثم قال: (يا زرارة قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونزل به الكتاب من الله لأن الله عزوجل يقول: فاغسلوا وجوهكم فعرفنا أن الوجه كله ينبغي له أن يغسل ثم قال: وأيديكم إلى المرافق ثم فصل الكلامين فقال: وامسحوا برؤوسكم فعرفنا حين قال: برؤوسكم أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء ثم وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه فقال: وأرجلكم إلى الكعبين فعرفنا حين وصلها بالرأس أن المسح على بعضها ثم فسر ذلك رسول الله(صلى الله عليه وآله) للناس ثم قال: فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجهكم فلما وضع عمن لم يجد الماء أثبت مكان الغسل مسحاً لأنه بوجوهكم ثم وصل لها وأيديكم.. علم أن ذلك أجمع لم يجز على الوجه لأنه يعلق من ذلك الصعيد ببعض الكف ولا يعلق ببعضها ثم قال تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(108) والحرج الضيق.

100(ق): علة توضئ الأعضاء الأربع:

جاء نفر من اليهود إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)يسألونه عن مسائل فكان فيما سألوه أخبرنا: يا محمد لأي علة توضأ هذه الجوارح الأربع وهي المواضع في الجسد؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): (لما أن وسوس الشيطان إلى آدم دنا من الشجرة ونظر إليها فذهب ماء وجهه ثم قام ومشى إليها وهي أول قدم مشت إلى الخطيئة ثم تناول بيده منها مما عليه فأكل فطار الحلي والحلل عن جسده فوضع آدم يده على أم رأسه وبكى فلما تاب الله عليه فرض عليه وعلى ذريته غسل هذه الجوارح الأربع وأمره بغسل الوجه لما نظر إلى الشجرة وأمره بغسل اليدين إلى المرفقين لما تناول منها وأمره بمسح الرأس لما وضع يده على أم رأسه وأمره بمسح القدمين لما مشى بهما إلى الخطيئة)(109).

وعن الإمام الرضا (عليه السلام): (إن علة الوضوء التي من أجلها صار غسل الوجه والذراعين ومسح الرأس والرجلين فلقيامه بين يدي الله تعالى واستقباله إياه بجوارحه الظاهرة وملاقاته بها الكرام الكاتبين فغسل الوجه للسجود والخضوع وغسل اليدين ليقلبهما ويرغب بهما ويرهب ويتبتل ومسح الرأس والقدمين لأنهما ظاهران مشكوفان مستقبل بهما في كل حالاته وليس فيها من الخضوع والتبتل ما في الوجه والذراعين).

101(ق): علة فتح العيون عند الوضوء.

عن النبي (صلى الله عليه وآله): (افتحوا عيونكم عند الوضوء لعلها لا ترى نار جهنم).

102(ق): علة استحباب صفق الوجه بالماء في بعض الحالات عن الصادق (عليه السلام): (إذا توضأ الرجل فليصفق وجهه بالماء فإنه إن كان ناعساً فزع واستيقظ وإن كان البرد فزع فلم يجد البرد)(110).

103(ق): علة الوضوء قبل الطعام وبعده:

عن الإمام الصادق (عليه السلام): (الوضوء قبل الطعام وبعده يذهبان الفقر)(11).

104(ق): علة كراهة التكلم في بيت الخلاء:

التكلم في بيت الخلاء موجبة لعسر الهضم.

عن الصادق (عليه السلام): (لا تتكلم على الخلاء فإن من تكلم على الخلاء لم تقضى له حاجة)(112).

105(ق): علة استحباب غسل الجمعة:

عن الصادق (عليه السلام): (كان الأنصار تعمل في ناضحها وأموالها فإذا كان يوم الجمعة جاؤوا فتأذى بأرواح آباطهم وأجسادهم فأمرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالغسل يوم الجمعة فجرت بذلك السنة).

106(ق): علة استحباب مطلق الأغسال وخصوصاً في الأيام المحترمة.

عن الرضا (عليه السلام): (إن غسل العيدين والجمعة وغير ذلك من الأغسال لما فيه من تعظيم العبد ربه واستقباله الكريم الجليل وطلبه المغفرة لذنوبه وليكون لهم يوم عيد معروف يجتمعون فيه على ذكر الله فجعل منه الغسل تعظيماً لذلك اليوم وتفضيلاً له على سائر الأيام وزيادة في النوافل والعبادة وليكون ذلك طهارة له من الجمعة إلى الجمعة)(113).

107(ق): الرجل يعيد الغسل بخروج المني دون المرأة:

عن الصادق (عليه السلام): (قال سألته عن رجل أجنب فاغتسل قبل أن يتبول فخرج منه شيء قال: (يعيد الغسل) قلت: فامرأة يخرج منها شيء بعد الغسل قال: (لا تعيد) قلت: فما الفرق بينهما؟ قال: (لأن ما خرج من المرأة إنما هو من ماء الرجل)(114).

108(ق): بطلان غسل الرجل في الوضوء:

عن الإمام الصادق (عليه السلام): (يأتي على الرجل ستون أو سبعون سنة ما يقبل الله منه صلاة قال: قلت: فكيف ذلك؟ قال: لأنه يغسل ما أمر الله بمسحه) يعني يغسل الرجل وقد أمر الله بمسحها.

109(ق): بعض علل آداب الحمام:

عن الإمام الصادق (عليه السلام): (إياك والاضطجاع في الحمام فإنه يذهب شحم الكليتين وإياك والاستلقاء على القفا في الحمام فإنه يورث داء الدبيلة وإياك والتمشيط في الحمام فإنه يورث وباء الشعر وإياك والسواك في الحمام فإنه يورث وباء الأسنان وإياك أن تغسل رأسك بطين) طين مصر (فإنه يسمج الوجه وإياك أن تدلك رأسك ووجهك بميزر فإنه يذهب بماء الوجه وإياك أن تدلك تحت قدمك بالخزف فإنه يورث البرص وإياك أن تغتسل من غسالة الحمام ففيها يجتمع غسالة اليهودي والنصراني والمجوسي والناصب لنا أهل البيت وهو شرهم فإن الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقاً أنجس من الكلب وإن الناصب لنا أهل البيت أنجس منه)(115).

110(ق): علة قضاء الحائض الصوم دون الصلاة:

عن أبي بصير: (سألت أبا عبد الله (عليه السلام): ما بال الحايض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ قال: (لأن الصوم إنما هو في السنة شهر والصلاة في كل يوم وليلة فأوجب الله عليها قضاء الصوم ولم يوجب عليها قضاء الصلاة لذلك).

111(ق): استحباب كون الوضوء دائمي للمؤمن:

عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (لا ينام المسلم وهو جنب ولا ينام إلا على طهور فإن لم يجد الماء فليتمم بالصعيد فإن روح المؤمن تروح إلى الله تعالى فيلقاها ويبارك عليها فإن كان أجلها قد حضر بعث بها مع أمنائه من الملائكة فيردوها إليه).

وفي حديث آخر مضمونه: (من نام على طهور نام ومرقده مسجده يقيّض الله ملائكة يعبدونه حتى الصباح وثواب العبادة لذلك الراقد).

112(ق): في علة جعل جريدة للميت أي خشبة رطبة:

عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): (قلت له أرأيت الميت إذا مات لم يجعل معه عود رطب؟ فقال: إنه يرفع الحساب مادام العود رطباً إنما الحساب والعذاب كله في يوم واحد وفي ساعة واحدة قدر ما يدخل القبر ويرجع الناس عنه فإنما جعل السعفتان لذلك ولا عذاب ولا حساب بعد جفافها إن شاء الله)(116).

113(ق): علة التكبير على الميت خمس تكبيرات:

عن الصادق (عليه السلام): (أخذت الخمس من الخمس صلوات من كل صلاة تكبيرة)(17).

114(ق): علة جمع عين الميت عند الموت:

عن يحيى بن سابور: (سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: الميت تدمع عينه عند الموت؟ فقال: ذلك عند معاينة رسول الله (صلى الله عليه وآله) يرى ما يسرُّه قال ثم قال: ترى الرجل يرى ما يسره فتدمع عينه ويضحك).

115(ق): أسباب وأنواع عذاب القبر:

عن الصادق (عليه السلام): (أقعد رجل من الأخيار في قبره فقيل له أنا جالدوك مئة جلدة من عذاب الله فقال: لا أطيقها فلم يفعلوا حتى انتهوا إلى جلدة واحدة فقالوا: ليس منها بد قال: فيما تجلدوني؟ قالوا: نجلدك لأنك صليت يوماً بغير وضوء ومررت على ضعيف فلم تنصره قال: فجلدوه جلدة من عذاب الله تعالى فامتلئ قبره ناراً)(118).

وعن علي (عليه السلام): (عذاب القبر من النميمة والبول وعزب الرجل عن أهله).

وعنه عن آبائه (عليه السلام): (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ضغطة القبر للمؤمن كفارة لما كان منه من تضييع النعم).

وعنه عن النبي (صلى الله عليه وآله): (.. إن سعداً قد أصابته ضمة قال: فقال (صلى الله عليه وآله): نعم إنه كان في خلقه مع أهله سوء).

116(ق): علة الصلاة وبقية العبادات:

إن العبادات في دين الإسلام ومنها الصلاة لم تفترض كحركات روتينية جافة وطقوس قشرية لا لُباب فيها كطقوس الكفار المعتوهين الذي يتقربون إلى حجر أو شجرة أو إنسان أو مأكول وغيره بتخشّعات سخيفة وقربات تافهة وحركات ماجنة ما وراءها إلا ضعف العقل والتحجر والحمق، بينما عباداتنا مصلحة للنفوس مهذبة للأخلاق منظمة للأبدان مطهرة من الرذائل وموجبة للتحلي بالفضائل ولها أسرار وعلل قد توصلنا لبعضها وأدركنا مصالحها ومنافعها وجهلنا بعضها وبقيت سراً مكنوناً عند الله ورسله وأوليائه.

ولذا ترى المسلمين الأوائل من أصحاب النبي والأئمة (عليه السلام) حين أخلصوا النية وعبدوا الله حق عبادته وجاهدوا في سبيل الله أعداءه غزوا العالم من الكفار وغيرهم وانتصروا على أعتى الأعداء وأشد حكومات الكفر وهدوا الأمم إلى الدين القويم.

وكاد الإسلام أن يغزو جميع المعمورة والعكس بالعكس حين أغرقنا في حب الدنيا وضعف إخلاصنا وتجاهلنا عبادتنا وتبعنا الغرب الكافر والشرق الملحد بأزيائهما وسوء عاداتهما ومنحرف أخلاقهما وعقيدتهما.

تسلط على بلداننا العملاء وانزاح الإيمان وحل الكفر في رقع كبيرة من بلاد المسلمين وصدق رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث يقول: (كيف بكم إذا تداعت عليكم الأمم كتداعي الأكلة على قصعتها؟ قالوا: أفي قلة منا يا رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال: لا فإنكم حينذاك لكثيرون ولكنكم غثاء كغثاء السيل).

وهذا من أسرار فرض الصلاة ولزوم الخشوع فيها.

2- ومن علل فرض الصلاة قوله تعالى: (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً).

3- (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)(119).

4- وعن الإمام الرضا (عليه السلام): (إن علة الصلاة أنها إقرار بالربوبية لله عزوجل وخلع الأنداد وقيام بين يدي الجبار جل جلاله بالذل والمسكنة والخضوع والاعتراف والطلب للأقالة من سالف الذنوب ووضع الوجه على الأرض كل يوم أعظاماً لله عزوجل بالليل والنهار لئلا ينسى العبد سيده ومدبره وخالقه فيبطر ويطغي ويكون في ذكره لربه وقيامه بين يديه زجراً له عن المعاصي ومانعاً له عن أنواع الفساد)(120).

5- وهي صلة بين العبد وربه ففي الحديث مضمونه: (إذا أردت أن تخاطب الله فصل وإذا اردت أن يخاطبك الله فاقرأ القرآن).

6- وهي نظافة وتعاهد للبدن بالوضوء والغسل وتطهير الثياب والبدن وبذلك تندفع الأمراض ويظهر نور الشخص ووقاره.

8- ثم هي شدة همة وقوة عزم بالقيام من النوم والراحة إلى الصلاة ومن مجالس اللهو واللعب إلى الجد والخشوع ومن حالة الشهوات والتصابي إلى مواجهة الله تعالى وتسامي الروح والعقل، ومن الكسل والخمول واللامبالاة إلى الحركة بالوضوء والقيام والقعود والركوع والقنوت على الأهلة والساعات والأيام.

9- ثم هي مشغلة عن الذنوب والمعاصي ولو بمقدار أداء الصلاة وهي موجبة لمغفرة الذنوب مما بين الصلاة إلى الصلاة ففي الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله): (ما من صلاة يحضر وقتها إلا نادى ملك بين يدي الله أيها الناس قوموا إلى نيرانكم التي أوقدتموها على ظهركم فأطفؤها بصلاتكم)(121).

117(ق): علة الآذان والإقامة وحديث المعراج: في أول حديث من 2/ علل.

عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام): (فقال: يا عمر بن أذينة ما ترى هذه الناصبة في أذانهم وصلاتهم فقلت: جعلت فداك انهم يقولون أن أبي بن كعب الأنصاري رآه في النوم فقال: كذبوا والله تبارك وتعالى أعز من أن يرى في النوم وقال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الله العزيز الجبار عرج بنبيه (صلى الله عليه وآله) إلى سمائه سبعاً أما أولهن فبارك عليه والثانية علمه فيها فرضه.. ثم عرج إلى السماء الدنيا.. فقال جبرائيل: الله أكبر فسكنت الملائكة وفتحت أبواب السماء واجتمعت الملائكة ثم جاءت فسلمت على النبي (صلى الله عليه وآله) أفواجاً ثم قالت: يا محمد كيف أخوك... قال: بخير قالت: فإن أدركته فأقرأه عنا السلام.. ثم عرج به إلى السماء الثانية.. فقال جبرائيل (عليه السلام): اشهد أن لا إله إلا الله.. ثم عرج بي إلى السماء الثالثة فنفرت الملائكة إلى أطراف السماء وخرت سجداً وقالت: سبوح قدوس رب الملائكة والروح ما هذا النور الذي يشبه نور ربنا فقال جبرائيل (عليه السلام): أشهد أن محمداً رسول الله أشهد أن محمداً رسول الله فاجتمعت الملائكة وفتحت أبواب السماء وقال: مرحباً بمحمد خاتم النبيين وعلي خير الوصيين فقال النبي(صلى الله عليه وآله):فسلّما علي وسألوني عن علي أخي فقلت: هو في الأرض خليفتي أو تعرفونه؟ قالوا: نعم وكيف لا نعرف اسم محمد (صلى الله عليه وآله) وعلي والحسن والحسين والأئمة وشيعتهم إلى يوم القيامة وأنا لنبارك على رؤوسهم بأيدينا، ثم زادني ربي تعالى أربعين نوعاً من أنواع النور لا تشبه شيئاً من تلك الأنوار الأول وزادني خلقاً وسلاسل ثم عرج بي إلى السماء الرابعة.. فقال جبرائيل (عليه السلام): حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح فقالت الملائكة: صوتين مقرونين بمحمد (صلى الله عليه وآله) تقوم الصلاة وبعلي الفلاح فقال جبرائيل: قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة فقال الملائكة: هي لشيعته أقاموها إلى يوم القيامة ثم اجتمعت الملائكة فقالوا للنبي (صلى الله عليه وآله): أين تركت أخاك وكيف هو؟ فقال لهم: أتعرفونه فقالوا: نعم نعرفه وشيعته وهو نور حول عرش الله وإن في البيت المعمور لرقاً من نور فيه كتاب من نور فيه اسم محمد وعلي والحسن والحسين والأئمة وشيعتهم لا يزيد فيهم رجل ولا ينقص منهم رجل إنه لميثاقنا الذي اخذ علينا وأنه ليقرء علينا في كل يوم جمعة فسجدت لله شكراً..).

118(ق): علة الاستقبال والتكبير:

ثم قال: يا محمد استقبل الحجر وهو بحيالي وكبرني بعدد حجبي فمن أجل ذلك صار التكبير سبعاً لأن لحجب سبعة وافتتح القراءة عند انقطاع الحجب).

119(ق): علل أفعال الصلاة:

(فلما فرغ من التكبيرة والافتتاح قال الله عزوجل الآن وصلت إلي فسم باسمي فقال: بسم الله الرحمن الرحيم) فمن أجل ذلك جعل بسم الله في أول السورة ثم قال له احمدني: فقال: الحمد لله رب العالمين... ولذلك جعل بسم الله الرحمن الرحيم في استقبال السورة الأخرى فقال له: اقرأ قل هو الله أحد كما نزلت فإنها نسبتي ونعتي ثم طأطئ يديك واجعلها على ركبتيك فانظر إلى عرشي قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فنظرت إلى عظمة ذهبت لها نفسي وغشي علي فألهمت أن قلت (سبحان ربي العظيم وبحمده) لعظم ما رأيت... فقال: ارفع رأسك فنظرت إلى شيء ذهب منه عقلي فاستقبلت الأرض بوجهي ويدي فألهمت أن قلت (سبحان ربي الأعلى وبحمده) فرفعت فنظرت إلى العلو فغشي علي فخررت لوجهي واستقبلت الأرض بوجهي ويدي وقلت: (سبحان ربي الأعلى وبحمده) فقلته سبعاً ثم رفعت رأسي فقعدت قبل القيام فمن أجل ذلك صارت سجدتين وركعة ومن أجل ذلك صار القعود قبل القيام قعدة خفيفة ثم قمت فقال: يا محمد اقرأ الحمد فقرأتها مثل ما قرأتها أولاً ثم قال لي: أقرأ (إنا أنزلنا) فإنها نسبتك ونسبة أهل بيتك إلى يوم القيامة) لأن الملائكة تنزل على الأئمة من بعده إلى يوم القيامة وإلا لزم بطلان ما فرض بالآية من إطلاق تنزل الأمر، (ثم ركعت فقلت في الركوع والسجود مثل ما قلت أولاً وذهبت أن أقوم فقال: يا محمد أذكر ما أنعمت عليك وسم باسمي فألهمني الله أن قلت: (بسم الله وبالله لا إله إلا الله والأسماء الحسنى كلها لله) فقال: يا محمد صل عليك وعلى أهل بيتك فقلت: صلى الله عليّ وعلى أهل بيتي وقد فعل ثم التفت فإذا أنا بصفوف من الملائكة والنبيين والمرسلين فقال لي: يا محمد سلم فقلت: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ).

(وقوله سمع الله لمن حمده لأن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: سمعت ضجة الملائكة فقلت: سمع الله لمن حمده بالتسبيح والتهليل)(122).

120(ق): علة مد العنق في الركوع ورفع اليدين في التكبير:

(قال رجل لأمير المؤمنين (عليه السلام): يا ابن عم خير خلق الله ما معنى رفع يديك في التكبيرة الأولى؟ فقال (عليه السلام): قوله الله أكبر يعني الواحد الأحد الذي ليس كمثله شيء لا يقاس بشيء ولا يلتبس بالأجناس ولا يدرك بالحواس).

قال الرجل: ما معنى مد عنقك في الركوع؟ قال: تأوليه (آمنت بوحدانيتك ولو ضربت عنقي).

121(ق): علة الجمع بين الصلاتين:

عن الصادق (عليه السلام): (صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالناس الظهر والعصر حين زالت الشمس في جماعة من غير علة وصلى بهم المغرب والعشاء الآخرة بعد سقوط الشفق من غير علة في جماعة وإنما فعل ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليتسع الوقت على أمته)(123).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين إلا أن هذه قبل هذه وإذا غربت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين إلا أن هذه قبل هذه).

فقيل له: فكم نفرق بين الصلاتين قال: إنما هي سبحة أي نافلة فإن شئت طولت وإن شئت قصرت) أي أن التفريق لأجل النافلة بين الفريضتين.

122(ق): علة الجهر والإخفات:

أما الجهر فحكمته لتنبيه المصلين للقيام لأنها في أوقات الظلام وأما الإخفات لأنه مخصوص لصلوات النهار وهو لا يحتاج إلى تنبيه بواسطة الضوء إلا في يوم الجمعة فإنها إذا أقيمت حرمت المعاملة فالجهر فيها لتنبيه التجار والمشتغلين حتى يعجلوا ويلتحقوا.

123(ق): علة إبقاء صلاة الصبح ركعتين ووقت وجوب الصلاة:

(قال سألت علي بن الحسين (عليه السلام) فقلت له: متى فرضت الصلاة على المسلمين على ما هم اليوم عليه؟ قال: فقال: بالمدينة حين ظهرت الدعوة وقوي الإسلام وكتب الله عزوجل على المسلمين الجهاد زاد رسول الله في الصلاة سبع ركعات: في الظهر ركعتين وفي العصر ركعتين وفي المغرب ركعة وفي العشاء ركعتين وأقرّ الفجر على ما فرضت بمكة لتعجل عروج ملائكة الليل إلى السماء ولتعجيل نزول ملائكة النهار وملائكة الليل يشهدون مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) صلاة الفجر فلذلك قال الله تعالى: (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً)(124).

124(ق): علة عدم الاقتداء بالفاسق:

عن أبي ذر : (إن إمامك شفيعك إلى الله تعالى فلا تجعل شفيعك إلى الله سفيهاً ولا فاسقاً) وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): إذا أردتم أن تزكوا صلاتكم فقدموا خياركم).

وعن النبي (صلى الله عليه وآله): (من أم قوماً وفيهم من هو أعلم منه لم يزل أمرهم إلى سفال إلى يوم القيامة)(125).

125(ق): علة الوتيرة بعد العشاء والإحدى والخمسين:

(عن أبي عبد الله القزويني قال: قلت لأبي جعفر الباقر (عليه السلام): لأي علة تصلى الركعتان بعد العشاء الأخرة في قعود؟ قال: لأن الله تبارك وتعالى فرض سبع عشرة ركعة فأضاف إليها رسول الله (صلى الله عليه وآله) مثليها فصارت إحدى وخمسين فتعدان هاتان الركعتان في جلوس بركعة).

وعلة ثانية أنها قبل النوم ولو بات على وتر ولم ترجع إليه الروح حشر يوم القيامة مع الموحدين فعن الإمام الصادق (عليه السلام): (أصلي العشاء الأخرة فإذا صليت ركعتين وأنا جالس فقال: أما أنها واحدة ولو مت مت على وتر).

126(ق): علة السجود لا يصح إلا على الأرض:

إن السجود هو اعتراف بقيام الساعة وتطبيق لقوله تعالى: (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى) وما تشير الآية إلا إلى الأرض.

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (السجود لا يجوز إلا على الأرض أو ما أنبتت إلا ما أكل أو لبس فقلت له: جعلت فداك ما العلة في ذلك؟ قال: لأن السجود هو الخضوع لله عزوجل فلا ينبغي أن يكون على ما يؤكل أو يلبس لأن أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون والساجد في سجوده في عبادة الله تعالى فلا ينبغي أن يضع جبهته في سجوده على معبود أبناء الدنيا الذين اغتروا بغرورها والسجود على الأرض أفضل لأنه أبلغ في التواضع والخضوع لله تعالى)(126).

127(ق): علة رفع اليدين في الدعاء:

(قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إذا فرغ أحدكم من الصلاة فليرفع يديه إلى السماء ولينصب في الدعاء فقال أحدهم: يا أمير المؤمنين أليس الله في كل مكان؟ قال: بلى، قال: فلم يرفع يديه إلى السماء فقال: أو ما تقرأ (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ)(127) فمن أين يطلب الرزق إلا من موضع الرزق وموضع الرزق وما وعد الله السماء)(128).

نكتفي بهذا المقدار من بيان علل الصلاة ومقدماتها.