10- الوضوء:

 نواقضه:

75(ق): التبول والتغوط وخروج الريح من الدبر والنوم والسكر والإغماء والجنون والاستحاضة الصغرى على تفصيل يأتي، وليس من النواقض لمس النساء حراماً أو حلالاً بشهوة وبغير شهوة ولا خروج الدم ولا حبس الريح ولا غير ذلك.

شرائط الوضوء: وهي طهارة الماء وإطلاقه وإباحته وطهارة العضو الذي يغسل أو يمسح ورفع الموانع كالقير والصبغ وما شابه ولا يضر في صحة الوضوء نجاسة البدن واللباس غير أعضاء الوضوء.

غايات الوضوء:

76(ق): يجب الوضوء لإقامة الصلاة والطواف الواجب ولا يجوز مس كتابة القرآن أو اسم الله إلا بعد رفع الحدث وكذا قضاء أجزاء الصلاة المنسية وهي التشهد والسجدة حين أدائها بعد الصلاة.

كيفية الوضوء:

77(ق): بحسب ما جاء في الكتاب الكريم قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) فواجبات الوضوء النية وغسل الوجه واليدين ومسح الرأس والرجلين.

مناقشة العامة في الوضوء:

وما ورد من الروايات الكاذبة من غسل الرجلين بدل المسح المنصوص في الآية بدعة مخالفة للنص وعطف الرجل على الرأس هو النص والقراءة الصحيحة الواردة عن أئمتنا (عليهم السلام) بجر أرجلِكم في الآية وحتى مع الفتح فإنها معطوفة على محل الرأس وهو المفعولية وإنما جر لفظة رؤوسكم لأجل باء التبعيض وعند النحاة لا يجوز تقديم ما حقه التأخير وبالعكس إلا بقرينة وحرف العطف يعطف على الجملة التي قبله فعطفه على قبل التي قبله تقديم عن محله بلا قرينة.

وقال بعضهم إن الكسر لأجل الجوار وإنما العطف على ما قبل الرأس، فأجابهم الرازي من كبار مفسري العامة: (قلنا هذا باطل من وجوه: منها أن الكسر بالجوار إنما يكون بدون حرف العطف وأما مع حرف العطف فلم تتكلم به العرب فقالوا أيضاً توجب المسح) (80). وقال ابن العربي من فقهاء وفلاسفة السنة: (فمذهبنا أن النصب في الكلام لا يخرجه عن الممسوح فإن هذه الواو قد تكون واو المعية وهي تنصب تقول قام زيد وعمراً)(81).

ونقل ابن جرير عن الإمامين الحسن والحسين (عليهما السلام) أنهما كانا يمسحان أرجليهما ويقرآن الآية بالكسر، راجع تفسير جامع البيان: 10/ص55 لابن جرير ثم نقل ذلك عن مجموعة من الأصحاب منهم أنس بن مالك ص59، ونقل صاحب تفسير فتح البيان قائلاً: (قال القرطبي: قد روي عن ابن عباس أنه قال الوضوء غسلتان ومسحتان قال وكان عكرمة يمسح رجليه وقال ليس في الرجلين غسل إنما نزل فيهما المسح وقال عامر الشعبي نزل جبرئيل بالمسح وقال قتادة افترض الله غسلتين ومسحتين)(82).

وقال الحنفي: منها حديث رفاعة ابن رافع عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (لا يتم الصلاة لأحد حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله تعالى فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين)(83).

ونقل الفخر الرازي عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) وعن الحسن البصري وجابر وابن زيد وغيرهم أنهم يمسحون ويقولون بالمسح(84).

والمسألة ثابتة عند السنة، وأما الابتداء بغسل اليد من المرفقين إلى الأصابع فهذا هو الثابت أيضاً كتاباً وسنة ولكن بعض الأصحاب ضيعوه كما ضيعوا غيره وكان النبي (صلى الله عليه وآله) يتوضأ ويصلي بهم عشر سنين فاختلفوا ولم يتبعوا المعصومين من بعده.

والآية الكريمة لا تنصُّ على تقديم الأصابع وإنما حدّدت آخر المغسول من اليد هو المرافق ولو قال من الأصابع لوجب الابتداء بها.

ولكن لم يبدأ بها فلنرجع بها إلى سنة المعصومين من النبي وأهل بيته يفسرون لنا ما يأمرنا الله به مما لم يصرح به في كتابه ككل العبادات والممارسات حيث إنه ترك تفصيلها على رسول الله وأهل بيته (صلوات الله عليهم أجمعين)، هذا قد روى في البخاري عن أنس: (أنه رؤي باكياً في الشام قيل له ما يبكيك؟ قال: لا أعرف شيئاً مما أدركت إلا هذه الصلاة وهذه الصلاة قد ضيعت وإنه ما عرف شيئاً عما كان على عهد رسول الله، قيل له: الصلاة؟ فقال: أليس قد صنعتم بها)(85).

78(ق): الواجب أولاً بالوضوء النية: لأنها عبادة وكل عبادة لا تصح إلا بالنية والقربة إلى الله فيقول أتوضأ قربة إلى الله تعالى وتصح في القلب فلا يجب التلفظ بها ثم يغسل كفيه استحباباً مرة واحد أو مرتين أو ثلاثاً ثم التمضمض بإدارة الماء في الفم بشدّة والأفضل مع مسح الأسنان بعود المسواك المعروف وإن لم يوجد فبالأصابع. ثم التنشق في الأنف من الماء حتى تنظف مجاري الأنف وتنفتح، ثم الابتداء بالأغسال الواجبة.

79(ق): يجب غسل الوجه من قصاص شعر الرأس إلى طرف الذقن طولاً وبما اشتمل عليه الإبهام والإصبع الوسطى عرضاً أي بما يزيد على عرض الحاجبين قليلاً وإلى نصف الخدين والأحوط استحباباً زيادة بعض الجانبين لتحصيل اليقين بانغسال الوجه ويجب غسل الشعر الخفيف مع البشرة ولا يجب تخليل الشعر الكثيف واللحية المتدلية خارجه لا يجب غسلها إلا ما اتصل بالذقن الظاهر في الأمام ولا يجب غسل باطن العين والأنف والفم مما لا يرى عند الإطباق وإنما يستحب كل ذلك.

80(ق): ثم يغسل اليدين من رأس المرفق الذي يظهر عند طوي اليد إلى رؤوس الأصابع مقدماً اليمنى ثم اليسرى، والأظفار إن كانت طويلة وجب قصها أو تنظيف ما تحتها ليصل الماء إلى جلدة الإصبع. ويجب تبليغ ما بين الأصابع حتى يحصل اليقين بوصول الماء وكذا تحريك الخاتم وغير ذلك ويكفي غسل ظاهر الشعر الخشن.

81(ق): الوضوء إما بصب الماء أو ارتماسي بأن يضع وجهه في الماء ثم يرفع الأعلى منه أولاً وكذا اليد اليمنى واليسرى، وعدد الغسلات بالوجه واليدين الأولى مع التبليغ التام واجبة والثانية مستحبة والثالثة محرمة مبتدعة ولكن الثالثة مع حرمتها لا تسبب بطلان الوضوء.

82(ق): يجب مسح مقدم الرأس بمقدار طول إصبع أو أقل أو أكثر والعرض بمقدار عرض إصبع أو أكثر ويصح المسح على الشعر النابت في المقدمة ما لم يكن طويلاً بحيث يخرج عن حد المقدمة وإلا وجب فرقه والمسح بين الفروق والمسح إنما هو بباطن الكف أو الأصابع بنفس بلل الوضوء ولا يصح أن يأخذ ماءً جديداً ويجب أن يكون الرأس ناشفاً بحيث يستولي ماء اليد عليه لا مبللاً بحيث يعتبر الماسح ممسوحاً.

83(ق): ثم يجب مسح ظاهر القدم اليمنى بباطن الكف اليمنى من رؤوس الأصابع إلى قبة القدم التي قبل الساق وببلّة الوضوء أيضاً لا بإحداث ماء جديد والأفضل المسح إلى مفصل الساق والعرض بمقدار عرض إصبع والأفضل اشتمال عرض الكف على عرض القدم كاملاً وإن كان قد جفّ ماء اليد لا بسبب التأخير جاز الأخذ من باقي أعضاء الوضوء كالوجه واللحية والمسح بها.

ثم مسح ظاهر القدم اليسرى بباطن الكف اليسرى كذلك.

84(ق): يجب في الوضوء أيضاً: المباشرة فلا يصح أن يوضيه غيره إلا مع الاضطرار. كما يجب الترتيب كما مرّ بتقديم الوجه ثم اليد اليمنى ثم اليسرى ولا يجوز تقديم اليسرى. كما يجب الموالاة بين الأفعال فلا يجوز التأخير بين عضو وآخر بمدة بحيث ينشف بعض الأعضاء قبل انتهاء الوضوء.

85(ق): الشك والسهو: الشكوك والسهو في الوضوء كثيرة منها:

1- إذا كان في محل الوضوء وشكّ ببعض الغسلات والمسحات وجب عليه العود إليها.

2- وإن فات المحل وشك حكم بصحته ووقوع المشكوك فلا يعود.

3- وإن كان متطهراً وشك بالحدث حكم بأنه متطهر.

4- وإن كان محدثاً وشك بالطهارة تطهر للحكم ظاهراً ببقاء الحدث أو الخبث إن شك به.

5- وإن كان في الصلاة وشك بأنه متوضئ قطعها وتوضأ وأعادها.

6- وإن شك بذلك بعد انتهاء الصلاة صحت صلاته ويتوضأ للصلوات الآتية.

7- وإن تذكر بأثناء الوضوء أنه ترك جزءاً واجباً منه عاد إليه وما بعده.

8- وإن تذكر بعد انتهاء الوضوء أنه سها وترك جزءاً واجباً منه فإن لم تفت الموالاة أي ليس التذكر بعده بوقت طويل عاد عليه وغسله وما بعده.

9- وإن فاتت الموالاة أعاد الوضوء كاملاً.

10- وإن كان الشك والسهو بترك جزء غير واجب كالمضمضة والاستنشاق فلا يعود عليه إلا استحباباً.

وضوء الجبيرة:

قال الله تعالى: (مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ)(86).

86(ق): إذا كان الشخص في أعضائهِ جرح أو قرحة:

أ) فإن كان لا يضره غسلها أو مسحها فعل.

ب) وإلا مسح حولها إن كان ما حولها طاهراً.

ج) وغسله إن كان نجساً ويمكن غسله بدون الضرر.

د) واكتفى بالتيمم إن تضرر.

هـ) وإن كانت مشدودة بقماش أو لزقة يمسح على الجبيرة إن كانت بمقدار متعارف.

و) وإن كانت أكثر من المتعارف ضيقها إن أمكن.

ز) وإن لم يمكن حل بعضها وإبقاء مقدار المتعارف اكتفى بالمسح عليها أيضاً والأحوط التيمم أيضاً.

ح) وإن كان الضرر بالغسل أو المسح بما زاد على الجرح أيضاً أو كان الجرح خارج مواضع الوضوء ولكنه يتضرر بالوضوء أيضاً تيمم.

ط) وإن كان التضرر بالماء بغير قرحة ولا جرح كالتورم والاستبراد والأوجاع تيمم.

ي) وإن لصق بالجلد قيراً وصبغ لا يمكن إزالته أزال منه ما أمكن وتوضأ على الباقي ولا إشكال.

ك) بالنسبة لرمد العين يتيمم حتى تبرء.

ل) ولو كان بوضوء الجبيرة مشقة وحرج اكتفى بالتيمم أيضاً.

م) وان كانت الجبيرة نجسة حلها وشد غيرها وإن لم يمكن شد غيرها عليها.

ن) وإن وضع على البدن لزقة طبية لا من جهة الجرح ولا القرحة كلزقة الظهر لإذهاب أوجاعه ولا يضر استعمال الماء جاز الغسل والوضوء عليها كبقية الجبائر.

11- المسلوس والمبطون: (وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ).

87(ق): المبطون: هو الذي به داء الإسهال بحيث يتغوط بلا اختياره فهذا إن كان له فرصة قبل فوات الوقت ينقطع فيها التغوط وجب أن يصلي في تلك الفرصة حتى تقع صلاته كلها بطهارة وإن لم يكن له فرصة تطهّر وصلى كلما تغوط أعاد الوضوء بدون أن يبطل الصلاة ويتم الصلاة من حيث ما قطع.

وإن كان ذلك مشقة وجب الوضوء والتطهير لكل صلاة وإن كان التغوط مستمراً بلا أي فرصة فهذا يتوضأ ولا يعيد الوضوء لأجل الغائط بأثناء الصلاة ولا بعده.

88(ق): السلس: هو إما سلس البول أو سلس الريح أو النوم بأن يغفو أثناء الصلاة بلا اختياره، أو سلس المني، وهي ما عدى سلس المني حكمها حكم البطنة احتياطاً، وأما سلس المني فإن كان له فرصة يتوقف فيها اغتسل وصلى فيها وإلا إذا استمر فلا يجب الغسل له أصلاً وإنما يغتسل إذا حصل الدخول ولا يخلو الحكم من مناقشة بل لم يثبت موضوعه.