فصل اولياء العقد

حكم- الولي الشرعي للبنت الباكر وللصغير هما الاب والجد من الاب والوصي لاحدهما, ولا ولاية للجد من الام والا للاخ ولا العم ولا الخال ولا الام ولا الاخت ولا رئيس العشيرة الا بأذن البنت المخطوبة, وقد ورد في صحيح ابن مسلم عن ابي جعفر (ع) في الصبي يتزوج الصبية يتوارثان فقال (اذا كان ابواهما اللذان زوجاهما فنعم)(1).
ومحمد الاشعري قال كتب بعض بني عمي الى ابي جعفر الثاني ما تقول في صبية زوجها عمها فلما كبرت ابت التزويج؟ قال فكتب إليَّ (لا تكره على ذلك والامر امرها)(2).
حكم- اذا فقد الاب والجد ووجد الاخ فلا بأس باشرافه عليها باذنها ويكون بيده عقد النكاح كما في صحيح ابي بصير عن الصادق (ع) قال سألته: عن الذي بيده عقد النكاح؟ قال: (هو الاب والاخ والرجل يوصى اليه)(3) وكل كبير العائلة اذا كان عاقلاً رشيداً.
حكم- لا ولاية لأحد على الولد البالغ الرشيد وكذا البالغة الرشيدة اذا كانت ثيباً يعني مدخول بها بالحكم الشرعي لا بالزنا ولا بالشبهة, كما في صحيح عبد الرحمان قال: سألت ابا عبد الله (ع) عن الثيب تخطب الى نفسها؟ قال: (نعم هي املك بنفسها تولي امرها من شاءت اذا كانت قد تزوجت زوجاً قبله)(4).
حكم- بقي اثنتان لا سلطان للولي عليها في اختيار التزويج وهما باكرتان الاولى: من ملكت نفسها كما في خبر زرارة عن ابي جعفر (ع) قال: (اذا كانت المرأة مالكة امرها تبيع وتشتري وتعتق وتشهد وتعطي من مالها ما شاءت فان امرها جائز تزوج ان شاءت بغير اذن وليها وان لم تكن كذلك فلا يجوز تزويجها الا بامر وليها)(5).
انا نرى من العوائل البعيدة عن التدين قد اغضوا عن بناتهن يعشقن ويعشقوهن الرجال وتخرج في كل يوم الى اي مكان شاءت بل وتسهر مع من شاءت وترقص وتلعب مع الشباب وتحضر الحفلات وتختلي بمن تشاء بغير حساب ولا مراقبة, ولما يجيء الخاطب وارادت ان تنستر بالزواج الحلال اخذوا يحكون بالاسلام وان الاب او الاخ او العم او الام غير راضين والبنت يلزم ان تخضع الى امر الاب ويزيدون غير الاب, فهذه لا سلطان لابيها ولا غير أبيها في اختيار الزوج ان كان كفوءً اي مؤمناً شريفاً بالدين والاخلاق.
حكم- الثانية: من خطبها من كملت شروطه من الايمان والتقوى وحسن الخلق فمنعها الاب من قبوله محتجاً بالمال والحال والنسب والعشيرة والعمومة والخؤلة ان هذا الاب سقطت ولايته على بنته وتذهب تتزوج سراً او جهراً من شاءت بشرط الكفاءة من الايمان والدين والخلق, واذا اختارت من منعه الشرع كما اذا كان كافراً وهي مسلمة سواء كان من اهل الكتاب يهودي او نصراني او مجوسي, او من غير اهل الكتاب كالملحد بالله وناكر الرسالة او ناكر ضروريات الاسلام وغيرهم فعلى كل مؤمن يعرفها ان يمنعها ويعرقل زواجها منه, وبهذا توسعت الولاية شرعاً من ولاية الاب والجد الى ولاية المؤمنين بفرضي الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وكذا لو كان ممنوعاً منها من غير جهة الكفر وكذا لو اختار الرجل المسلم من تحرم عليه من جهة كفرها او بنسبها او بسبب مصاهرتها من الفعل بامها او بنتها او باللواط باخيها او ابنها او ابيها.
حكم- ثبت ولاية الاب والجد على الصغيرين والمجنونين واختلفوا في ولايتهما على البالغة الرشيدة:

 

أ - استقلال الولي بتزويجها ولا امر لها مع اختيار الاب, كما في صحيح الحلبي عن الصادق (ع): سألته عن البكر اذا بلغت مبلغ النساء الها مع ابيها أمر؟ فقال: (ليس لها مع أبيها امر ما لم تتثيب)(6).

ب - استقلالها: لصحيح الفضلاء عن ابي جعفر (ع): قال (المرأة التي قد ملكت نفسها غير السفيهة ولا المولى عليها تزويجها بغير ولي جائز)(7).

ج - استقلالها بالزواج الدائم والاستئذان من الاب في الموقت فعن الامام الرضا (ع) في صحيح البزنطي قال: (البكر لا تتزوج متعة الا باذن أبيها)(8), وصحيح ابي مريم: العذراء التي لها اب لا تتزوج متعة الا باذن أبيها(9).

د - بالعكس لحديث الحلبي: قال سألته عن التمتع من البكر اذا كانت بين ابويها بلا اذن ابويها؟ قال: (لا بأس ما لم يقتض ما هناك لتعف بذلك)(10), وابي سعيد قال سئل ابو عبد الله (ع) عن التمتع من الاكابر اللواتي بين الابوين فقال: (لا بأس)(11).

هـ - التشريك بين البنت وأبيها للحديث استشار عبد الرحمن موسى بن جعفر (ع) في تزويج ابنته لابن اخيه؟ فقال (افعل ويكون ذلك برضاها فان لها في نفسها نصيباً) واستشار خالد ابن داود موسى بن جعفر (ع) بابنته على بن جعفر (ع) فقال (ع) (افعل ويكون برضاها فان لها في نفسها حظاً).

 

حكم- الروايات وما نستنتج منها, ما دل على استقلال الولي بالتزويج كصحيح محمد والحلبي ولكن تحمل على كمالها في الرشد بقرينة صحيح الفضلاء وابن ابي يعفور وعبد الرحمان القائل فان لها في نفسها نصيباً, فلا يجوز تزويجها بدون اذنها وعليه فاذا زوجت بدون اذنها لها ان لا تقبل العقد لقوله (ع) في صحيح حازم عن الصادق (ع): (تستأمر البكر وغيرها ولا تنكح الا بأمرها)(12).
نعم ان من الانصاف والاحترام اللازم ان تقبل بعقد ابيها لخبر علي بن جعفر عن اخيه الكاظم (ع) قال: سألته عن الرجل هل يصلح له ان يزوج ابنته بغير اذنها؟ قال: (نعم ليس سكون للولد مع الوالد امر الا ان تكون امرأة قد دخل بها قبل ذلك فتلك لا يجوز نكاحها الا ان تستأمر)(13), فهذه تحمل على الاستحباب والادب الاخلاقي بقرينة ذكر الولد مع انه لا سلطان للاب بتزويج الولد واحاديث اخرى, الا ان يكون اختيار الاب سفهائياً فلها ان لا تقبل باختياره ولا تستأمره.
حكم- اذا تزوجت البنت بدون اذن الاب صح العقد فلا تعتبر زانية وانما الاستئذان واجب تكليفي اذا خالفته وجب تداركه وارضاء الوالد, واما الحديث: لا ينقص النكاح الا الاب(14) فمخصوص لنقض عقد الصغير والصغيرة ولا يجوز نقض نكاح البالغة الرشيدة اذا رضيت.
حكم- اما العقد الموقت فيجوز العقد الموقت ويشترط ان تستأذن اباها الا اذا قيد بعدم الدخول لانه عار على اهلها وبهذا التعليل يتبين بان الحرام هو الدخول في الفرج اذ لا عار في دخوله الدبر لعدم حصول الأثر في دخول الدبر لان العار في ذهاب البكارة الا اذا احتمل ان قذفه في دبرها او خارجه يسيل الى ظاهر الفرج ويكن ان تحمل وبهذا الاحتمال فلا يجوز الدخول مطلقاً ولا بالتفخيذ الا من فوق اللباس ولا يقذف على لباسها.
حكم- اتفق العلماء بانها اذا تزوجت ودخل بها فهي ثيب واما اذا ذهبت البكارة بسبب طفرة او سقوط وما شابه من الحوادث فهو بالاتفاق بانها باكر, واما اذا ذهبت بشبهة فان بشبهة التزويج فهي كالمتزوجة واما ذهاب البكارة بسبب الزنا فان زنت بسبب اهمال الوالد وهجره اياها فهي بحكم الثيب كما تقدم, وان كان الاب محافظاً وسرقت نفسها سراً وزنت فهي بحكم الباكر لان فعل العار لا يحل محل الاثر الشرعي.
حكم- ولاية الجد في رتبة ولاية الاب ومن تقدم بتزويج البنت فهو الواقع, ومع موتهما يحل محلهما الوصي لاحدهما وفي حياتهما يتصرف الوكيل الخبير واحدهما, واذا زوج الاب او الجد الصغيرة او الصغير فلهما اذا كبرا الخيار والأفضل عدم الخيار واذا زوجهما غيرهما فاذا كبرا فهما بالخيار لصحيح ابن الصلت قال: سألت ابا عبد الله (ع) عن الجارية الصغيرة يزوجها أبوها ألهاً امر اذا بلغت؟ قال (ع): (لا ليس لها مع أبيها أمر)(15).
وصحيح ابن بزيغ قال سألت ابا عبد الله (ع) عن الصبية يزوجها أبوها ثم يموت وهي صغيرة فتكبر قبل ان يدخل بها زوجها يجوز عليها التزويج او الامر اليها؟ قال (ع): (يجوز عليها تزويج ابيها)(16), نعم في صحيح ابن مسلم قال سألت ابا جعفر (ع) عن الصبي يتزوج الصبية قال: (ان كان ابواهما اللذان زوجاهما فنعم جائز ولكن لهما الخيار اذا ادركا) وكذا خبر الكناسي: اذا الغلام زوجه ابوه ولم يدرك اذا ادرك وبلغ الخمس عشرة سنة او يشعر في وجهه او ينبت في عانته(17).
حكم- يشترط في صحة عقد الابوين المصلحة وعدم الفساد والا فيكون عقدهما فضولياً مثل عقد الاجنبي لهما ولكن الامثلة تختلف منها ما يفسد النكاح لانها مخالفة لما ثبت فيه شرعاً فمنها ان يعقد الصغيرة بالعقد الموقت بما هو اقل من تمام بلوغها مثلا ان كانت عمرها خمس سنين وعقدها للرجل بمقدار سنة او سنتين فعلى القول بعدم صحة الموقت ما لم يبطل الى ما بعد بلوغها فهذا العقد باطل, وما اذا كانت مفسدة ليس من هذه الجهة وانما بسبب بعض اللوازم مثل اذا كان صديقان يعيشان في بيت واحد وزوجاتهما اما ان تنحرج وتتمرض بملازمة الحجاب على طول الوقت او احتياطاً لدفع الاثم برؤية النساء واما ان يعقدا بنتيهما الصغيرتين كل واحد منهما للآخر حتى يجوز تكشف زوجيتهما لهما باعتبار كل واحدة ام زوجة الآخر, ولكن هذا فيه مفسدة كثيرة اذ تحرم هذه المرأة على الآخر مؤبداً وعلى ابنه وابيه ولعل في المستقبل اراد التزوج فلا يتمكن فينقطع بذلك علاقات اجتماعية مهمة بسبب هذه النزوة الآنية.
وكيف كان ان بهذه المفسدة لا يبطل النكاح ولا تبطل الولاية فاحتمال صاحب العروة(رح) مع المفسدة البطلان مطلقاً(18) ولم يمثل امثلة لحصول البطلان وتبعها الشراح والمعلقون لا وجه له.
حكم- لو زوجها الولي بدون مهر المثل او زوج الصبي باكثر من المثل والمال يخرج من مال الصبي فان لم يسلم شيئاً حالياً وقلنا انه بخير حين يبلغ وقبل الدخول وله ان يفسخ فلا بأس لعدم التصرف بشيء من المال وان قلنا ان المهر لازم حتى لو فسخ او اشكلنا بصحة الفسخ كما نقل عن المشهور فلامر يرجع للمصلحة فان كان مصلحة بهذا المقدار من المهر فلا بأس والا فيشكل صحة المهر وان صح العقد اذ تراضيا بالعقد مع التصرف بالمهر بالزيادة والنقيصة.
حكم- يصح نكاح السفيه ولكن المهر لا يصح الا باذن الولي الا ان يكون عرضياً, ويصح عقد المجنون والصبي اذ عقلا ما يقولان ولكن فرض المهر يحتاج الى اجازة الولي, وان لم يعقلا ما يقولان او كان مخالفاً مخالفاً لشروط العقد لم يقع العقد.
حكم- السفيه قد يكون سفيهاً في كل الامور فلا بد ان يشرف عليه في كل الامور وان كان سفيهاً بالماليات فقط فيصح عقده ويتوقف المهر على الاجازة وان كان سفيهاً في تعيين الزوجة واختيار الافضل فالافضل فلا بد من الاجازة بالاختيار.
حكم- كما قلنا قريباً ان كلاً من ولاية الاب والجد في عرض الآخر وليس في طولها فلا يلزم الاشتراك ولا الاستئذان من الآخر وان كان حسناً وايهما سبق صح السابق ولو اختلفا في الاختيار فان كانت بالغة بالخيار اليها وان كانت طفلة فالرواية قدمت خيار الجد.
كما في موثق عبيد قلت لابي عبد الله (ع) الجارية يريد ابوها ان يزوجها من رجل ويريد جدها ان يزوجها من رجل آخر فقال: (الجد اولى بذلك ما لم يكن مضاراً ان لم يكن الاب زوجها قبله ويجوز عليها تزويج الاب والجد)(19).
حكم- اذا عقدها الاب من واحد وعقدها الجد من آخر فان سبق عقد احدهما صح السابق وان اتحد الوقت او جهل التاريخان او علم تاريخ الجد وجهل تاريخ الاب ففي كلها قدم عقد الجد, ونسب الحكم للرواية وهي لمحمد بن حكيم عن ابي عبد الله (ع) قال: (اذا زوج الاب والجد كان التزويج للاول فأن كانا جميعاً في حال واحدة فالجد اولى)(20) وهو قاصر عن جهل التاريخ ومشكل فاما ان يعملون بالقرعة واما ان يطلق أحدهما وتختار الآخر مع اعادة العقد واذا لم ترغب بكليهما طلقها كلاهما.
حكم- للوصي ان يزوج المجنون المحتاج للزواج والمجنونة وكذا للصغيرين اذا نص الموصى على ذلك, سواء عين الزوج والزوجة لهما ام تركه بنظر الوصي واعوانه, وللحاكم الشرعي او وكيله ذلك اذا كان ضرورة كما اذا ضيف على البنت او الولد من التعرض لهما والتحرش بهما فيزوجان ويدافع الازواج عنهما.
حكم- لا بد من الشروط في الولي من البلوغ والعقل والرشد والاسلام اذا كان المولى عليه مسلماً, ولو كان الاب مجنوناً او سفيهاً واراد ان يتزوج فوليه ابنه البالغ الرشيد او يتصدى وكيل المرجع والا لزم تصدي المؤمنين وقضاء هذه الحاجة.
حكم- الوكيل في العقد لا يتعدى ما عين له من الشروط والقيود, والوكيل لا يعقد البنت لنفسه الا اذا شملت الوكالة نفسه والوكيلة عن رجل في تزويجه لا تعقده لنفسها الا اذا شملت ونصت الوكالة نفسها.


(1) الوسائل ب12 ح1 عقد النكاح.

(2) الوسائل ب6 ح2 عقد النكاح.

(3) الوسائل ب8 ح4 عقد النكاح.

(4) الوسائل ب3 ح4 و12 عقد النكاح.

(5) الوسائل ب9 ح6 عقد النكاح.

(6) الوسائل ب3 ح11 و1 و10 عقد النكاح.

(7) الوسائل ب3 ح11 و1 و10 عقد النكاح.

(8) الوسائل ب11 ح5 و12 و9 و6 عقد النكاح.

(9) الوسائل ب11 ح5 و12 و9 و6 عقد النكاح.

(10) الوسائل ب11 ح5 و12 و9 و6 عقد النكاح.

(11) الوسائل ب11 ح5 و12 و9 و6 عقد النكاح.

(12)الوسائل ب3 ح11 و1 و10 عقد النكاح.

(13) الوسائل ب9 ح8 عقد النكاح.

(14) الوسائل ب4 ح1 عقد النكاح.

(15) الوسائل ب6 ح3 و1 و7 و8 عقد النكاح.

(16) الوسائل ب6 ح3 و1 و7 و8 عقد النكاح.

(17) الوسائل ب6 ح9 عقد النكاح.

(18) العروة الوثقى م5 من فصل اولياء العقد.

(19) الوسائل ب11 ح2 و3 عقد النكاح.

(2خ) الوسائل ب11 ح2 و3 عقد النكاح.