فصل النكاح

حكم- تحليل مجامعة الرجل المرأة باحد وجوه أربعة: اما العقد بالنكاح الدائم وهذا ما سنبدأ به حالياً ان شاء الله واما بالعقد الموقت فسنثني البحث حوله, واما بملك اليمين اي شراء عبدة يجامعها بالملكية وليست بالزوجية وهذا قد انعدم في هذا العصر وقد تركنا بحثه في كل الدورة الفقهية الا في النكاح فانا سنجمع من مسائله اجمالاً ليكون الفضلاء قد احاطوا علماً بكل ما ورد في القرآن في محلل النكاح.
والرابع هو التحليل: بان مالك الأمة يحل لصاحبه جماعها الى مدة معينة او غير معينة وهذا داخل بملك اليمين اذ الملك اما معناه ملك العين او ملك المنفعة قال الله تعالى [وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ29 إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ30 فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ31](1), فملك اليمين للنساء مثل ملك اليمين للعقار والارض والاثاث وكل شيء في الحياة فانك اما تملك عينه وتستعمله ملكاً لك واما تملك منفعته بتاجير او عارية بدون ان يملك عين الشيء وسيأتي تفصيل ملك الامة عيناً او منفعة يعني تجامعها وهي ملك غيرك وهذه بعض الاحاديث في هذه الشعيرة العظيمة والضرورية.
حكم- روي القداح عن ابي عبد الله (ع) قال جاء رجل الى ابي فقال له هل لك من زوجه؟ قال لا فقال ابي ما احب ان لي الدنيا وما فيها واني ابت ليلة وليست لي زوجة ثم قال الركعتان يصليهما متزوج افضل من رجل اعزب يقوم ليله ويصوم نهاره ثم اعطاه سبعة دنانير ثم قال تزوج بهذه ثم قال ابي قال رسول الله (ص): (اتخذوا الاهل فانه ارزق لكم), وقال (ما افاد عبد فائدة خيراً من زوجته صالحة اذا رآها سرته واذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله)(2).

الاول: عقد النكاح المبارك
حكم- عقد النكاح من الضروريات في كل البشر وفي كل العصور فلا ترى من بشر يستحل الذكر المقاربة للمرأة بدون ان يكون بينهما عقد النكاح حتى الاباحيين والاشتراكيين فانهم بمقاربتهم النساء بدون عقد او يشرعون ذلك للناس انه يكابر عقله ونفيه فلو رجعوا الى انفسهم لرجعوا عما يقولون بانهم غير طبيعيين واحكامهم جائرة على الانسانية وحقوق البشرية, وذلك سيأتي في الكلام في ادعاء الزواج وشك الآخرين في علاقته بالمرأة قول الامام الصادق (ع) (انه لكل قوم نكاح) يعني انه ما دام من البشر فلا بد ان يكون له دستور ونظام بين رجاله ونسائه بالنكاح.
حكم- ادلة النكاح ولزومه واحكامه وفروعه صغيرة أو كبيرة في الدين الاسلامي تصادقت الآيات والاحاديث وتوافرت الفتاوى في كل فرع من احكام النكاح قال الله تعالى [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا...](3) قالوا ان الله خلق آدم وخلق من جنسها زوجته حواء من تراب ايضاً [وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء...](4) وقال تعالى [وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ32](5).
حكم- شهوة النكاح شهوة عارمة يسقط فيها غير المعصومين (ع) ومن قاربهم فهي بحاجة الى جهاد مرير ومعاناة صعبة وشديدة اللهم اعصمنا من الزلل, بل ان السقوط من راغبي الجنس اكثر واشد من اشد الجائعين في تحصيل ما يشبعهم, ولذلك وردت الوصايا الشديدة للتزويج, قال الامام الصادق (ع) قال رسول الله (ص) (تزوجوا فاني مكاثر بكم الامم غدا في القيامة حتى ان السقط يجيء محبنطياً على باب الجنة فيقال له ادخل الجنة ادخل الجنة فيقول لا حتى يدخل ابواي الجنة قبلي)(6), وعنه (ع) (ركعتان يصليهما المتزوج افضل من سبعين ركعة يصليها اعزب)(7), وعنه (ع) قال: (ما تلذذ الناس في الدنيا والآخرة بلذة اكثر لهم من لذة النساء وهو قول الله عز وجل [زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ...](8) الى آخر الآية, ثم قال (وان اهل الجنة ما يتلذذون بشيء من الجنة اشهى عندهم من النكاح لاطعام ولا شراب)(9).
وعن النبي (ص): (من احب ان يتبع سنتي فان من سنتي التزويج), وعنه (ص): (من تزوج احرز نصف دينه فليتق الله في النصف الآخر).
حكم- رغبة الرجل بالمرأة في كل اعضائه, فرؤيتها وسماع صوتها ورؤية كل عضو منها ولذلك يجب حجاب كل عضو منها عن الرجال الاجانب وان مسها فهو جزء من الزنا وذلك ورد (من صافح امرأة لا تحل له غلت يداه بسلاسل من نار الى عنقه ثم يؤمر به الى النار ولها مثل ذلك), وكل عضو اقرب الى العورة فهو اعظم حرمة بالرؤية والمس وكلما مارس الرجل مع المرأة بعضوه الاقرب لعورته كان الاثم اعظم وسخط الله اشد.
حكم- اذا كانت محلله له فان كل ممارسة اقرب للعورة واقرب الى الجماع فضلها وثوابها اعظم وكل كشف منها للزوج اشرف, فعن ابي عبد الله (ع) (خير نسائكم التي اذا خلعت له درع الحياء واذا لبست لبست معه درع الحياء)(10), وعن جابر: كنا عند النبي (ص) فقال: (ان خير نسائكم الولود الودود العفيفة العزيزة في اهلها الذليلة مع بعلها المتبرجة مع زوجها الحصان على غيره التي تسمع قوله وتطيع امره واذا خلا بها بذلت له ما يريد منها ولم تبذل كتبذل الرجل)(11), الحصان: يعني المحصنة المستورة مع غير الزوج وبالعكس مع الزوج تتبذل وتتبرج وتخلع ملابسها وتبدي معه الشهوة واللعب وقوله (لم تبذل كتبذل الرجل) يقصد انها تبذل له اكثر مما يبذل لها فانه يبذل لها ذكره فقط بين هي يلزم ان تبذل له ثديها وبطنها وقبلها ودبرها وكل عضو منها وله ان يدخل في بعض الاعضاء ويعصر ويتلاعب بالاخرى.
حكم- التزويج منه واجب وهو اذا لم يصبر على الشهوة فاما ان يتزوج واما ان يفسد ويبتلي باعمال الفساد وذلك ورد (رذال موتاكم العزاب), (اكثر اهل النار العزاب), ومنه مستحب فوائده كثيرة:

  1. قضاء شهوة الرجل بالمرأة وبالعكس وتفرغه من الماء الذي يحرجه ويحتمل منه الفساد.
  2. ابقاء النوع البشري وتكثيره في الارض ولذلك روي عن رسول الله (ص): (ما يمنع المؤمن ان يتخذ اهلاً لعل الله ان يرزقه نسمة تثقل الارض بلا إله الا الله).
  3. الربط بين العوائل والتعارف بين العشائر والربط بينهم بالصهورة ثم يئول الى النسب كما قال تعالى [وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا54](12).
  4. صحة المتزوجين واطمئنان بدنهما بسبب الاتصال الجنسي والقاء الشهوة وبرودة القلب من افكاره والغم والهم.
  5. دفع العداوات الواردة على الاعزب اذ يرغب به بعض البنات فتقع من ذلك عداوات وشجارات ومصائب, وكذلك البنت ترغب بها بعض الرجال فتقع من ذلك العداوات والجرائم واما الذي يتزوج تنقطع عنه الرغبات وانفاسهن وينسد باب العداوات الحاصلة من ذلك, وكذلك اذا تزوجت البنت ينقطع عنها انفاس الرجال ومشاكلهم حولها والشهوة بقربها.
  6. لتضاعف الثواب كما مر عن الامام الصادق ان ركعتين من متزوج افضل من سبعين ركعة يصليها اعزب.
  7. لسعة الرزق: عن ابي عبد الله (ع) قال: أتى رسول الله (ص) شاب من الانصار فشكا اليه الحاجة فقال له تزوج فقال الشاب اني استحي ان اعود الى رسول الله (ص) فلحقه رجل من الانصار فقال ان لي بنتاً وسيمة فزوجها اياه قال فوسع الله عليه فاتى الشاب النبي (ص) فاخبره فقال رسول الله (ص) (يا معشر الشباب عليكم بالباه)(13) اي النكاح.
  8. لدفع افتان انفس الجنسين بشهوة البعض بالبعض الآخر رجالاً ونساءً
  9. حكم- ان في دستور الاسلام التعجيل لتزويج الشاب بعد البلوغ يعني من 16 سنة الى عشرين ولا يتجاوز وتعجيل البنت من 13 سنة الى 18 ولا تتجاوز والا لوقع الفساد والانحلال الخلقي في المجتمع كما في الخبر (ان لا تفعلوه تكن فتنة وفساد كبير) فلو لم يعجلوا يفتتن ويشتهي الرجال النساء وللرجال وتفتتن النساء بالرجال وبالنساء وهذا ما يخرب ويحطم الدنيا والآخرة ويقلب الانسانية العاقلة الشريفة الى وحشية عارمة وداعرة.

  10. لتطبيع الشاب والشابة على الادارة بالحياة الزوجية

حكم- اذا بلغ الرجل خمسين سنة ولم يتزوج فانه اعزباً وغير مسؤل عن مأمور له وغير مشرف على اولاد وزوجة وادارة لهما بل يبقى كطفل يدار ولا يدير وله مرجع ولم يكن هو مرجعاً لان ابويه لا يرجعان اليه واخوته لو رجعا اليه فرجوع غير دائم وغير مؤيد من العقلاء والشرع بل ترى الرجل يتضاءل فكرياً وادارياً اذا كبر وهو لم يتزوج وذلك بحسه بالنقصان والخسران الذريع في حياته بسبب احساسه بالفشل في اعظم حاجة له في الحياة والفتاة ايضاً ان تزوجت ركنت الى قرين مؤنس وآمر مطاع وحبيب دائم وماليء لفراغ القلب ومشبع جنسها بكل طهارة وشرف ورفعة وسمعة طيبة ولو لم تتزوج فهي بنت بيت وليست ام بيت ولو بلغت الخمسين عاماً بل تراها تتضاءل وتتعقد نفسها كلما كبرت وتصبح افكارها وتصرفاتها كالطفلة التافهة اكثر فاكثر فهي ليست ربة بيت ولا مديرة اعمال ولا مرجع لعائلة, بينما لو تزوجت لكانت زوجة حميمة ثم ام كريمة ثم جدة يرجع اليها الاولاد والاحفاد والاصهار كمديرة عليا وبكل احترام لمقامها واكرام لشخصيتها.


(1) المؤمنون 23/5 – 7.

(2) الوسائل ب2 ح4 مقدمات النكاح.

(3) سورة النساء 4/1.

(4) سورة النساء 4/1.

(5) سورة النور 24/32.

(6) الوسائل ب1 ح2 مقدمات النكاح.

(7) الوسائل ب2 ح1 مقدمات النكاح.

(8) سورة آل عمران 3/14.

(9) الوسائل ب3 ح8 مقدمات النكاح.

(10) الوسائل ب6 ح3و2 مقدمات النكاح.

(11) الوسائل ب6 ح3و2 مقدمات النكاح.

(12) سورة الفرقان 25/54.

(13) الوسائل ب11 ح3 مقدمات النكاح.