القسم الثاني نفقة الأقارب

حكم: يجب الإنفاق على العمودين من الأقارب العمود الصاعد الآباء والأمهات الأقرب فالأقرب والأحوج فالأحوج ذكوراً وإناثا والعمود النازل الابناء والأحفاد كذلك هذا الأمر الأولي ويأتي الثانوي باعتبارات أخرى تجب على ألأخوة والأخوات وابنائهم وبناتهم والعمومة والخوله الأقرب فالأقرب والأحوج فالأتوج.
حكم: يشترط في وجوب البذل الأقارب فقرهم وحاجتهم وغنى المخاطب بالوجوب وأما لو عمت الحاجة فالأحسن مالا ينفق على الأحوج بما أمكن ولو كان الابن غنياً بالفعل والوالد غنياً بالقوة غير العرفية وجب على الابن الإنفاق على الأب ومثال على ذلك إن الوالد فقير ومسكين ولا يستطيع إن يشتغل ويستغني وإنما يستطيع إن يستقرض أو يستعطي ويطلب الصدقات من الناس مما لا يناسب سمعته وشرفه.
حكم: إذا كان الشخص فقيراً ولكن يستطيع إن يكتسب وجب على قريبه الغني إن ينفق عليه حتى يصل لتمام الاكتساب وذلك مثل الابن لا مورد له ويستطيع إن يتعلم الخياطة أو غيرها فيعيش من عمله وجب على أبيه إن ينفق عليه في مدة التعلم والتهيء للعمل أو الوظيفة وأما إذا كانت الأعمال المتوفرة مخزيه أو محرمه كبيع الخمر أو ما شابه أو صعبه أو شاقة كحمل الأثقال وسحبها فلو لم يستعد فلا يعتبر مهملاً كاسلاً بل هو يستحق على قريبه النفقة.
حكم: لا يجب الإنفاق على أحد العمودين إذا كان من الزنا وليس من الحلال ويجب على أحدهما المولود من الشبهة لأنه ابن حلال ويجوز بذل الحقوق الشرعية لمن لا يجب تموينه بالإنفاق من قريبه ولا يجوز بذل الحقوق الشرعية على الآباء والأمهات والابناء والبنات من الحلال.
حكم: تردد المحقق (رح) في الشرايع بوجوب الإنفاق على طبقات الآباء والأمهات بعد الأتفاق على الابوين إنهما واجبا النفقة تردد بالأحفاد بعد الأتفاق على الابناء إنهم واجبوا النفقة وجماعة من المعلقين والشراح للشرايع تعجبوا من هذا التردد وأستدلوا لدفعة بعدة آيات وروايات منها [وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ](1) فكلهم أولاد [وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم](2) وكلهم آباء وكذلك الآية [مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ](3) والحق إن للتردد في وجوب النفقة على ما زاد على الإبوين من العمود الصاعد والأولاد والبنات من العمود النازل وجه.
أولاً فأن الآية تقول [آبَآؤُكُمْ وَابناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً](4) الظاهر المقصود بان الآباء هو الأب فقط وذلك للعلم بأن الأجداد هم من الطبقة الثانية وليس بطبقة الابناء فأن طبقات الإرث ثلاث الأبوان والأولاد والثانية الإخوة والأجداد والثالثة الأعمام والأخوال نعم الأحفاد هم من الطبقة الأولى ولكنهم لا يستلمون الإرث إلا بعد موت الأقرب للميت من آبائهم وأمهاتهم.
وثانياً إن الروايات التي تخص النفقة تقول الأبوان ولم تقل الآباء والأمهات نعم في حديث زيد الشحام عن أبي عبد الله (ع) قال (في الزكاة يعطى منها الأخ والأخت والعم والعمة والخال والخاله ولا يعطى الجد ولا الجدة )(5) وألا فكل الأحاديث لا تشير إلى الأجداد ولا الأحفاد منها خبر الحجاج عنه (ع )(خمسه لا يعطون من الزكاة شيئاً: الأب والأم والولد والمملوك والمرأة وذلك لأنهم عياله لازمون له )(6) وفقه الرضا (ع)قال (وإياك إن تعطي زكاة مالك غير أهل الولاية ولا تعطي أهمل من الولاية الأبوين والولد والزوجة والمملوك وكل من هو في نفقتك فلا تعطه )(7) وعلى كل حال فالادله قاصرة وحريز عن عبد الله (ع)قال (قلت له من الذي أجبر عليه وتلزمني نفقته؟قال الوالدان والولد والزوجة )(8) ومحمد بن مسلم عنه (ع)قال (قلت له من يلزم الرجل من قرابته ممن ينفق عليه؟ قال الوالدان والولد والزوجة )(9) وكيف كان فلا دليل على شمول النفقة للأجداد والأحفاد خصوصاً والروايات كلها تخص الوالدين بلفظ التثنية ولكن أعتماداً على خبر الشحام ونعتبره مفسراً أو معمماً لللفظ التثنية في الاحاديث وحاكما على أية الارث وحكمه بأن الاجداد طبقة متأخره عن الولد والابوين مع إن الفقهاء جعلوا عموم العمود الصاعد والعمود النازل واجب النفقة وعبروا بذلك تعبير المسلمات فالاحتياط لا يترك بشمول النفقة الاجداد والاحفاد باعتبار الاولاد في النصوص يشملهم.
حكم: إذا تمكنت المرأة الفقيرة من التزويج وطلبت لذلك فأن لم يكن لها حرج ومانع شرعي أو عرفي فالاحوط القبول وإن هذا كمثل الذي يستطيع إن يشتغل ويكسل ولا يجد بالعمل ويبقى فقيراً.
حكم: إذا أكل أو شرب من المحرمات والمحللات الممنوعة وتصرف تصرفات أعجزت بدنه عن العمل وجب على قريبه الإنفاق وإن كان سبب العجز من اختياره وتصرفه الخاطئ وكذا إذا أنصرف لعمل مستحسن بالشرع ومهم كطلب العلم الديني ولكن لا معاش في هذه الحوزات أو بمعاش غير كافي للحوائج فعلى قريبه أتمام نفقاته.
حكم: لو كان مدخراً شيئاً من المال وهو بحاجة إلى ترويج وتركة حرج عليه وربما يقع بالفساد قالوا بوجوب صرفه بالزواج وإن آخر الإنفاق لبعض الأقرباء وإن لم يكن كذلك وجب تقديم الإنفاق وإن تأخر الزواج شيئاً ما.
حكم: إذا لم يملك ما ينفق على نفسه وجب تحصليه ولو بالاستعطاء والاستدانة لقوله تعالى (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة )(10).
والحديث(لا ضرر ولا ضرار في الإسلام)فالشخص الذي يفتقر حتى لا يملك الطعام والشراب فهو أشد الضر والضرر فعليه إن يرفع عن نفسه حتى لا يهلك وهو آثم وأما الفقير الذي لا يستطيع تموين قريبه أو زوجته فيجب العمل وأما الاستجداء أو الاستقراض فلا يجبان إلا مع تيسرهما.
حكم: نفقة الأقارب اللازمة عليه هو الأكل والشرب والسكن واللباس وأما الزواج والصرف من أجله فتابع لشدة الضرورة وعدمها وقد أكدت الأحاديث على إن حق الولد على أبيه إن يزوجه عند بلوغه وأكثر منه تزويج البنات فقد روي الفتال قال قال (ع)(من حق الولد على والده ثلاثة يحسن أسمه ويعلمه الكتابه ويزوجه إذا بلغ ) والسكوني عن أبي عبد الله (ع)قال قال رسول الله (ص) (حق الولد على والده إذا كبر إن يستغره أمه )يكرمها (ويستحسن أسمه ويعلمه كتاب الله ويطهره ويعلمه ألسباحه وإذا كانت أنثى إن يستغره أمها ويستحسن أسمها ويعلمها سورة النور ولا يعلمها سورة يوسف ولا ينزلها الغرف ويعجل سراحها إلى بيت زوجها )(11) والمشهور حملوا روايات تزويج الأولاد على الآباء على الاستحباب ولكنه مشكل خصوصا إذا ضيف من الولد أو البنت الفساد فيجب الإسراع بالتزويج.
حكم: يجب إنفاق الولد على والده ولا يجب على أولاد والده الذين هم أخوة الباذل ولا على زوجته التي هي غير أمه وكذا يجب على الأب الإنفاق على أولاد ولا يجب على زوجات الأولاد ويجب الإنفاق على البنت لا على زوجها وعلى أمه لا على زوجها ولا على ولدها لأنهم أخوته والمرأة أيضاً مكلفه بالإنفاق على الأب والابن والحفيد والجد على المشهور.
حكم: إذا كان الأغنياء متعددين في طبقة واحده فكلهم مسؤول بأغناء قريبهم كأولاد أغنياء وأب فقير فهم متخيرون أما إن يخرج النفقة من الجميع وأما يتبرع أحدهم عن الجميع وأما إذا فقر بعضهم فعلى الآخرين إن يكفوا الحاجة ومثل ما لو كان فقير وأبوه غني وإبنه غني فكذلك وأما إذا كان بعيد وقريب فالمسؤول الأقرب فالأقرب مثل لو كان فقير ووالده غني وجده غني فعلى الوالد أولا فأن قصر وجب على الأبعد وكذلك مثل ما لو كان فقير وإبنه وحفيده غنيان فعلى الابن أولا ويمكن للاستئناس لذلك بقوله تعالى [وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ ](12)ومن طبقات الإرث وأولياته نستفيد أيضاً في مجال وجوب النفقة على الأقرب فالأقرب وبعض الأحاديث الخاصة مثل (خذوا بنفقته من أقرب الناس منه من العشيرة )(13).
حكم: يمكن إن نستفيد من آية [الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ](14) إن الرجال والنساء إذا كانوا في طبقة واحدة فالإنفاق من الرجل أولا ثم إذا أعتذر أو عاند صار الإنفاق على المرأة مثل إذا كان ولد وبنت غنيين وأب فقير فالابن هو المسؤول الأول والبنت تكون الثاني وكذلك إذا كانت أما وابنا فالابن مقدم بالبذل.
حكم: الإنفاق الزائد عن السكن والطعام والشراب مبنية على الاستحباب بالنسبة للأقرباء ومنها التزويج والسفر والزيارات والتنزه وما شابه وكذلك تجهيز الميت نعم مثل الأسفار الواجبة الضرورية وتجهيز جنازته إذا لم يتكلف بها أحد وكذلك الزواج الضروري الذي تركه حرج وعسر عليه الأحوط إن لم يكن أقوى البذل لكل ضروري في الحياة.
حكم: الإنفاق من الغني للفقير من العمودين بحسب احتياجه فلو كان أحد الأولاد أحتاج المال أعطى المال والآخر أحتاج للطعام أطعم والثالث إلى اللباس ألبس وهكذا ولو كان أحمد يحتاج للطعام وعلي عنده طعام زائد وهو يحتاج إلى اللباس أعطى أحمد لعلي لباساً وأعطى علي لأحمد طعاماً لا من باب البيع وإنما من باب النفقة لذي الرحم لما يحتاج إليه.

حكم: لو كان أب فقير وابن أفقر منه أو مثله ولكن الأب أشتكى على إبنه فقهره السلطان على أعطاء أبيه لم يحل للأب إن يأكل رزق إبنه لأنه غصب بغير حق وكذا إذا كانا غنيان ومع ذلك قهره السلطان على بذل النفقة لا يحل للأخر أكلها لأنه تصرف بمال الغير بغير حق وإذا كان أحدهما غني ولا يعطي الأخر الفقير آثم بأكل حق الغير.


(1)الانعام 6/151.

(2)النساء 4/22و11.

(3) الحح: 78.

(4)النساء 4/22و11.

(5)الوسائل ب13 ح3 و4 المستحقون للزكاة.

(6)الوسائل ب13 ح3 و4 المستحقون للزكاة.

(7)المستدرك النفقات.

(8)المستدرك النفقات.

(9)الوسائل النفقات.

(10)البقرة 195.

(11)الوسائل.

(12)الانفال: 75.

(13)الوسائل ب11 ح4 النفقات.

(14)النساء: 34.