مقادير النفقة لا إفراط ولا تفريط

حكم: لو لاحظت الإسراف وتبذير الأموال الدائرة في كل شعوب المعمورة خصوصاً الشعوب الغنية منها الأوربية ومنها الخليج وغيرهما لرأيت الإسراف العجيب في كل شيء من اللباس والأثاث والطعام وتبذير الأموال بأمور تافهة وتكرار الشراء لأشياء موجودة متوفرة في البيت وحتى تجد الفقراء يتحيرون بمعاشهم وإيجار بيتهم وهم يملكون من لعب الأطفال وما شابه من التافهات ما ثمنه يكفي معيشتهم أسابيع وشهور وتجد البيت الفقير يلقون من طعام الزائد في كل يوم ما لو اقتصدوا لعاشوا به واستغنوا وذهبت أو قلت حاجتهم وعوزهم وقد قال أمير المؤمنين (ع)(الاقتصاد نصف المعيشة).
حكم: نبدأ فنكتب الحديث الشريف في تقدير المعيشة ثم نزيد ما يقتضيه العيش في زماننا عن شهاب بن عبد ربه قال قلت لأبي عبد الله (ع)ما حق المرأة على زوجها قال (ع)(يسد جوعتها ويستر عورتها ولا يقبح لها وجها فإذا فعل ذلك فقد والله أدى إليها حقها قلت فالدهن قال غبا يوم ويوم لا فقلت فاللحم؟ قال في كل ثلاثة أيام فيكون في الشهر عشر مرات لا أكثر من ذلك والصبغ في كل ستة أشهر ويكسوها في كل سنه أربعة أثواب ثوبين للشتاء وثوبين للصيف ولا ينبغي إن يقفر بيته من ثلاث أشياء دهن الرأس والخل والزيت ويقوتهن بالمد(1) فإني أقوت به نفسي وليقدر لكل إنسان منهم قوته فإن شاء أكله وإن شاء وهبه وإن شاء تصدق به ولا تكون فاكهه عامة إلا أطعم عياله منها ولا يدع إن يكون للعبد عندهم فقر في الطعام إن يسن لهم في ذلك شيء ما لم يسن لهم في سائر الأيام )(2).
حكم: ليس في الشرع تقدير لمقدار المعيشة من الطعام والتراب والأثاث والرياش وإنما هذه الرواية المذكورة آنفاً توجيه عرفي وبالطريقة الوسطية وإلا فاللوازم تختلف في سفر عن لوازم الحضر ويقدران بحسب قدرة الشخص وبحسب الزمان والمكان والطقس وعدد الأفراد وأعمارهم وأخلاقهم وعلاقاتهم مع الناس ولا بأس إن أستعرض ذلك أجمالاً وبالنسبة لأوساط الناس من حيث الغنى والفقر.
حكم: التقدير العرفي للبيت السعدي تقريباً هكذا:
أولاً: لهم بيت من ثلاث غرف على الأقل , غرفة للنوم وأخرى للاجتماع والصلاة والمحادثة والأكل والراحة وغرفة للضيوف فإن كان لهم أولاد وبنات كبار زاد والرابعة مختصة للبنات وغرفة الضيوف بحسب مكانتهم الاجتماعية في سعتها وفروعها وربما احتاجوا إلى ديوانية كبيرة إذا كانوا في مجتمعات كثيرة.
ثانياً: الأثاث: لا بد من خزانة للملابس بعدد الأفراد وأخريات للكتب ورفوف للأغراض وسجاد (موكيت )للأرض وأسرة وفرش وأغطية بما يزيد عددهم ومجارير في الكاونتر والخزانات وتلفزيون لرؤية المسلسلات والأحداث والأخبار الإسلامية وغيرها وإذا كانوا منهم طلاب مدارس فلا بد من كمبيوتر وكتب كافية لمراحلهم وساعات حائطية ويدوية وتلفون كذلك منضدي ومحمول وحوائج للمطبخ من براد وطباخ وفرن وغسالة ملابس وهيتر وسكاكين وملاعق وشوكات وصحون وقدور والبراد والفريز وحوائج للتنظيف من مكانس كهربائية ويدوية وحوائج للحمام من صابون وشامبو وحوض الخلاء وحوض السباحة ورشاش (دوش)وأنابيب ماء ومغسله.
ثالثاً: الملابس: داخلية تستر العورة وما قاربها وخارجية بحسب ما تعارف بينهم من ملابس الرجال والنساء , عدة طواقم لملابس الأفراد وأكثر منها وبمختلف الهيئات للطلعات والسفر والزيارات للناس منها للشتاء وأخرى للصيف وبحسب طقس المنطقة , والحلية من ذهب وفضة للنساء والرجال قال الله تعالى [وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ](3)وقال تعالى [َيا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ](4).
فالملابس ثلاثة أنواع: لباس ساتر العورة وأخر يتريش به أي يتزين للناس وهو أفخر ثيابه ولباس التقوى وهو الذي يتقي به من البرد والمطر والغبار وغيرها من قساوة الطبيعة وأشار أيضاً إلى التقوى من الله تعالى.
رابعاً: الطعام والشراب: وفيهما أمور رئيسية لا يخلو منها البيت مثل الزيوت والدهون (السمن)والخل والمخللات والحلوى والمربيات وأنواع الخبز والبيض والسكر والشاي وأنواع الشرابت والزيتون والفلفل والبهارات لأنواع الطبخ والملح والخضروات المتيبسة للأضافه في أنواع الطبخ وأنواع الحبوب من رز وبرغل وعدس ودخن وحمص دقيق وأنواع الفواكه في مواسمها والثوم والبصل والمقبلات وماء وحليب ولبن وبطاطا وطماطا وأشياء غير رئيسية تجلب حين الحاجة كاللحم والسمك بأنواعهما وأنواع الأدام (الصبغ )من بامية وباذنجان وحمص وفول وكوسة وقال الله تعالى [وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ {18} فَأَنشَأْنَا لَكُم بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ] (5).
خامساً: الدماء والمعالجات بحسب الحاجة لذي الأمراض الدائمة أو المفاجئات ولا بد إن يتواجد في كل بيت من المعقمات والأدوية لقتل الحشرات وإخراج المكروبات والإسعافات الأولية إذا حصل جرح أو كسر في سقوط إنسان ومنها السبيرتو والديتول وحبوب للأوجاع إذا حصلت والدهون مثل والفكس والوازنين والمستحضرات لتليين الجلد خصوصاً لكبار السن وقطرة العيون وبخاخ الزكام في الأنف و وشاش لربط الجروح ومحارم تنشيف العرق والدمع والبصاق وصيدلية وهي صندوق زجاجي لحفظ الأدوية نظيفة وصحية.
حكم: إذا كان لديهم شيء من الطعام المطبوخ وغير المطبوخ مما هو حاضر للأكل فلا يجوز إن يجلبوا غيره مما يسبب ترك الموجود حتى يفسد ويلقى بالنفايات فما دام لهم طبخ فليأكلوه ثم يطبخوا غيره وما دام لهم فاكهة فليأتوا عليها ثم يجلبون غيرها وإلا فيكونوا مسرفين مبذرين.
حكم: يجب على الأفراد مراعاة الآخرين في الأكل والشرب فإذا كان فيهم أطفال يحتاجون لرضاعة الحليب فلا يجوز على الكبار إن يأتوا على الحليب ويحرموا الأطفال من طعامهم إذا كان لا يتيسر إلا بعد حين وإذا كان الشراب أو الطعام شحيحاً فلا يتخم الفرد منه ويترك الآخرين محرمين يتضورون جوعاً وعطشاً وإذا كان الغطاء قليلاً فلا يختص به بعضهم ويدعون الآخرين في برد قارص حتى بلا فراش ولا غطاء وإذا فقد الخدمة للعائلة يجب على الأولاد الشباب إن يقضوا حوائج الأبوين والأطفال ولا يكون الرجال كسالا متكبرين عن الخدمة قال رسول الله (ص)(الصديق من أمتي من أعان أهل بيته).
حكم: لا يجب على الزوجة الطبخ والتنظيف وترتيب البيت والملابس والأثاث وإنما هو شيء مستحب عليها نعم بيد الرجل حجة أمامها أيضاً فإذا قصرت بالمستحب عليها هو أيضاً يقصر فلا يأتي باللباس والأكل والشراب والحوائج ألا بمقدار الكفاف ولا يأتي بالهدايا والملابس الزائدة وأنواع الأكل والشرب الزائدة المستحبة للعيال وما شابه وإنما يأتي بالواجب فقط والذي يقال له (قوت ألا يموت ) وعليه فلا بد للزوجين إن يعيشا وأولادهما بالتعاون والتراحم وبذل النفس والمال وزيادة الخدمات حتى يسعدوا ببعضهم ويكونوا وصيين عند الله وما بينهم.
حكم: الزوج هو المسؤول عن جلب المال والإنفاق على العيال كما هو المسؤول عن جلب الطعام والشراب واللباس والحوائج وإذا كان لهم أولاد كبار يجب إن يعينوا أباهم في جلب الحوائج والأولاد والبنات يجب إن يعينوا أمهم في تنظيف وترتيب البيت والطبخ وغيره من المهمات ولا يتكبر الشباب عن ذلك ولا يدعوا تلك الشؤون على الأم والبنات.
حكم: يجب على الزوج تأمين سكن مناسب لزوجته وأولاده من حيث الأمان على العرض والنفس والمال ومن حيث النظافة والنظام وبحسب ما يليق بهم مع التمكن والقدرة فلا يسكن أشراف الناس في محلة كلهم حراميه وزناة ونساء المحلة فاحشات وذوات السهرات الآثمة والعشق والفجور.
حكم: ليس على الزوج قبول إن يسكن مع أبوي الزوجة وليس عليها إن تقبل السكن مع أبويه أيضاً وإنما يجب إن يحترموا بعضهم بعضا ويخدموا بعضهم خصوصاً إذا كان الأبوين عجوزين ضعيفين فلا بد لزوجة الابن إن تراعي ضعفهما وتخدمهما في سبيل الله وللأجر والثواب وكذا إذا كان أبوا الزوجة فلا بد للزوج إن يساكنهما أو يزورهما دائماً ويخدمهما ويحترمهما ويراعي ضعفهما وشيخوختهما ففي الحديث (من أعان شيخاً لشيخوخته وضعفه قيض الله من يعينه عند شيخوخته وضعفه ) وفي الحديث (الآباء ثلاثة: أب ولدك وأب علمك وأب زوجك ).
حكم: إذا مرضت الزوجة أو ضعفت وعجزت وليس عندها بنت تخدمها أو ولد يقضي حوائجها وجب على الزوج إما يخدمها ويقضي حوائجها وإما إيجاد من يخدمها من النساء والرجال مع حفظ الحجاب والعفة والستر وإذا كانت شابة قوية وغير متدينة فلا يجوز تشجيعها بجلب الخدم لها لتتفرغ هي للخروج والسهرات الآثمة والغناء والرقص والفساد.
حكم: صناعة الصور المجسمة أشتهر تحريمها إذا كانت تمثل ذوات الأرواح من الأنس والجن والملك والحيوان وكانت بكامل تفاصيل البدن وأما جلب لعب الأطفال فلم يثبت تحريمه فلا بأس بجلب أنواع اللعب لتلهية الأطفال وليس بكثرة ولا بإسراف ويحرم جلب آلات القمار والملاهي المحرمة كآلات الغناء والموسيقى كما أيجاد أي مفسد للأخلاق أو العقيدة من كتب الضلال وأشرطة الكاسيت وفديو للأفلام الجنسية والدراما الفاسدة ومسلسلات العشق والاختلاء الآثم بين الجنسين.
حكم: أصباغ الوجه للنساء مع العطور والكحل والحلاقة والحفافه وصبغ الشعر وأزالته وما شابه هي لا بد منها للمتزوجة عند زوجها وأولادها ولا تحسن من غير ذات الزوج لعدم شرعية من يتلذذ بها والمتزوجة وغيرها يحرم عليها عند الخروج من الدار التعطر والتطيب والحمره وما شابه.
حكم: قلنا بعدم وجوب الطبخ والخدمة على الزوجة ولكن أيضاً لا يجب على الزوج إن يأتي بطعام حاضر مطبوخ من المطاعم وإنما يأتي ويتسوق من السوق أنواع الخضر واللحم والحبوب من رز وغيره وهي المسؤوله عن الطبخ لها ولمن تريد إن تخدمه بأجرة أو بغير أجرة وإنما لا يجب عليها خدمة الآخرين والطبخ في البيوت هو التصرف العقلاني العرفي وقسم النبي (ص) أعمال علي وفاطمه (ع) إن عليا (ع) على أعمال الخارج وجعل على فاطمه (ع) أعمال الداخل مع إن أعمال الدار كانت شاقه جداً وفاطمه فتاة صغيرة بالعشر سنين من طبخ وطحن وخبز وتنظيف وكنس وخياطة وطرازه وغزل وغيرها فإنه لم يكن حينذاك مخابز في السوق ألا شذوذ ولا مصانع ملابس وخياطة ولا مطاعم نعم إن الإماء كانت في البيوت يخدمن ويعملون كل حاجة والزهراء لم تملك أمة وقد طلبت من أبيها أمة تساعدها فعلمها تسبيح الزهراء المعروف والعبيد والإماء كلهم وزعهم على الأصحاب ولم يبقى لابنته المسكينة أمة تعينها.
حكم: إذا قالت أنا أخدم نفسي وأعطني أجرة الخادم فليس عليه أجابتها بل لا يجب عليه إن يجلب لها خادماً إلا في حالة مرضها وعجزها فيما إن الأحاديث الكثيرة فرضت إن يشبع بطنها ويكسو جثتها ويسكنها بما يناسبها فالخادم وما شابه في حالات اضطرارية ولم تتعرض الروايات لوجوب جلب خادم للزوجة نعم إن أحاديث الأستجاب متوفرة.
حكم: من النفقة الواجبة إقامة بدنها بالأدوية والعمليات للمرض وتجهيزات جنازتها عند الموت ومصاريف الأسفار الشرعية والمأذونه وإذا كان صحبا واجباً بذل لها حتى لو لم يرضى بأدائها لأنه واجب نعم إن كل شيء يراعي فيه قدرة الزوج مالياً واجتماعيا وقدرته على المتعلقين به ولعله يمنع عن أداء بعض المصاريف فعليه إن يراعي كل الجوانب وطلبات الزوجة يفرض إن لا تسبب له الفقر أو الحرج أو العوز.
حكم: لا يجوز إن ينفق ما هو حرام مثل شرب الخمر ولحم الخنزير وأنواع المخدرات من الطعام الشراب المحرمة وكذا المباحاث في الأصل ولكن بسبب المرض قد حرم عليها الطبيب ككثرة الشاي والقهوة والسيجارة.
حكم: إذا كانت المرأة شريرة ويصادف أطاعتها ويصادف عصيانها وخبثها وحينئذ ليس عليه إن يعطيها نفقة الأسبوع أو الشهر خوفاً من عصيانها بحيث تكون ناشزه ويعطيها النفقة يوماً بيوم حتى يضبط تصرفاتها ويوقفها عن العصيان والنفقة الفاضلة المدخرة عندها لا تملكها شرعاً وإنما ما صرفته هو الذي ثم ملكه لها فالباقية بالخزانة ملك الزوج سواء بقيت بيد الزوج أو أدخرها في حقيبتها.
حكم: الهدايا الواردة من الأقرباء والأصدقاء إذا خصوا بها الزوج فهي من ماله يكون عند زوجته أو غيرها إذا أخذت منه فإنه جزء من نفقة الزوج عليها وإن خص الأولاد فهي لهم وإذا خص الزوجة فهي لها ولا يجب إن تصرف عليها منها وإنما تدخرها لها وتأخذ النفقة من الزوج هذا لو كان المهدي قال جدياً مع القصد فسمي الذي قصده بالإعطاء إليها وأما إذا خجل ولم يقصد جدياً فقال هذا للأولاد أو هذا للزوجة وقصد للعائلة والنفقة عليها أو قصد الأب فالعمل على القصد ولا اعتبار باللفظ.
حكم: المشهور أن الزوجة إذا قصد في الإنفاق عليها ولم يكن عندها من ماله ما تصرف منه وجب أداء نفقة الأيام السابقة ومع عسره تصبر عليه إلى ميسرته ولو أمتنع من الإنفاق أجبره المؤمنون وإن اشتكت عند الحاكم الشرعي أجبره.
حكم: إذا أعطاها نفقة يوم أيام لتأكل وتصرفها على نفسها وبينها وأولادها ولكنها فقرت على نفسها وادخرت المال وقضتها بالخبز والأكل البسيط المشبع فللزوج إن كان أعطاها للصرف وليس هدية لها جاز له استرجاعها وإن مات أسترجعها الورثة لجعلها من التركة كما في صحيح زرارة قال سألت أبا جعفر (ع)عن رجل سافر وترك عند امرأته نفقة ستة أشهر أو نحواً من ذلك ثم مات بعد شهر أو أثنين؟ فقال (ترد ما فضل عندها في الميراث )(6) وإن أعطاها مطلقاً بأن تصرفها مطلقاً فإذا صرفتها فهي نفقة وألا فهي هدية لانقطاع نفسه عنها من حيث بذلها وهذا لو مات لا يحق للورثة إن يسترجعوا منها لأنها أصبحت في عداد الهدية ومثلها في الفرضيين لو ماتت هي أيضاً.
حكم: كيفية الإنفاق أما بالأكل معه أو مع عياله وأما بتسليمها النفقة وهي التي تشتري حوائجها من اللباس والطعام والشراب وغيرها وليس لها إن تعين المشاركة أو التسليم فما يختار هو مما يصدق إنه سد جوعتها وكسى بدنها فعليها القبول وإصرار السيد في المهذب رحمه الله بأنها التي تفرض عليه طريقة العيش مستدلاً بقوله تعالى [وعاشروهن بالمعروف](7) له وجه والأعراف تختلف والمهم إن لا يعتبر جاف لها بحيث يعرض عنها يدعها تأكل وحدها ويتكبر إن يجلس معها ونحن العوائل تشترك أفرادها في كل شيء وخصوصاً في الأكل فقول المهذب صحيح ومقبول وفي محله ولكن بحيث إن لا نلغي قيمومته ونفرض عليه في أعاشتها تعطيله من أعماله ونسلب حريته في تقسيم أوقاته.
حكم: لو أعطاها النفقة ليوم أو أسبوع أو شهر أو أي مدة ولكنها لم تكف فإن كان لإسرافها فليس عليه التعويض وإن صرفها باقتصاد عرفي أو إنها ضاعت أو سرقت بلا تقصير منها وجب تعويضها لتحصيل العيش اللازم.
حكم: لو أسقطت نفقتها عن رضا منها سقطت ولو رجعت فطلبت النفقة فقيل سقطت عن ذمة الزوج فيما مضى من الوقت ولها الرجوع إليه فيما بقي وهذا التقسيم ممكن ألا إذا عجزت واستدانت للنفقة السابقة فلم تسقط عن الزوج على الأقرب.
حكم: لو كان للزوج على الزوجة دين وهي قادرة على الأداء ولم تؤد ولم تسكن عن طلب النفقة فالظاهر إن له إن يقتص حقه منها فلم يعطها حتى يستوفي حقه نعم لو كانت معسرة فلا يجوز قطع النفقة عنها ويجب الصبر على دينه.
حكم: للزوجة على الزوج السكن وهو مخير بين إن يشتري العقار للسكن وأما إن يستعير أو يستأجر وليس للزوجة الخيار بأن تمنع سكن السكن المعار أو المستأجر وتريد الملك نعم ألا إذا كان عليهم خطر حالياً أو مستقبلاً أو بحصل حرج أو شدة عليها وعلى العائلة فلها إن تلح في طلب شراء السكن وتمتنع من الأيجاري التي تعلم بعدم قدرته على الاستمرار وكذا حكم الأثاث وأي حاجه ضرورية.
حكم: للزوجة إن تنتقل إلى مقاصدها الضرورية وكذا لبقية أفراد العائلة فإن وجدت سيارات يسيرة التحصيل لكل مقاصدهم فليس لها إن تطالب بأكثر من ذلك فتركب السيارات أو القطار أو المراكب النهرية الأيجارية وأما إذا عدت سيارات الأجرة وبقوا في حرج وضرر عندما يريدون الانتقال وجب على المعيل إن يوجد سيارة بالشراء أو بالإيجار وغير ذلك ولا يقصر فهذا من النفقة الواجبة بحسب قدرته.
حكم: لا تسقط نفقة الزوجة والعائلة بجنون أو أحكم: لا تسقط نفقة الزوجة والعائلة بجنون أو إغماء أو نوم أو حادث وقع عليه فعلى الولي من ولد أو أب أو جد إن يبذل النفقة الواجبة عليه بالمعروف ولا إفراط ولا تفريط وحسب القدرة والاستطاعة.
حكم: لو كان الزوج مقروضاً للزوجة بعدم توفية نفقتها ومات الزوج وجب على الورثة أداء حق الزوجة قبل التقسيم التركة كذا سائر ديونها عليه كالمهر المتأخر وغير ذلك وكذا إذا ماتت هي وجب أداء حقوقها وجعلها في تركتها حتى يحصل على ذلك ورثتها.
حكم: نفقة الزوجة لها وليس لأبويها ولا لأخوتها وقرابتها فلو صرفتها على أحدهم فاللازم الاستئذان من الزوج وبرضائه وله إن لا يعوضها ما صرفت على خارج عيالها نعم إذا كان الذين صرفت عليهم فقراء وزوجها غني وفي أمواله حقهم الشرعي فليس إن يمتنع عن البذل على الفقراء.
حكم: ما دامت لم تمكن الزوجة زوجها من مقاربتها فلا نفقة لها فالزوجة قبل الزفاف لا نفقة لها وهي عند أهلها نعم لو كانت أخبرته بالاستعداد للحضور ونقلها إليه يسير عليه وليس مشقة ولا حرج وهو مقصر فعليه النفقة لها إذا طالبته وكذا لو كانت هي عنده وتريد الجماع والمقاربة وهو لم يقارب وعصيانه حينئذ من وجهين الأول تقصيره بعدم مضاجعتها وقد قلناه في أحكام ألقسمه وتقصيره بوجوب ألقسمه عليه والوجه الثاني بوجوب النفقة عليها بالمعروف.
حكم: لو كانت عاصية ولم تقبل المضاجعة ولا الجماع ولكنه تمكن منها وقهرها على الجماع وهو متمكن منها دائماً فلها النفقة لأن النفقة تابعة للتسليم فعلاً فلا يضرانه لو سكت عنها امتنعت.
حكم: لو هربت منه لأن جماعه أو مضاجعته جنونية وغير طبيعية بحيث يتضرر بها ويهلك هو أيضاً وهي تضرر ولم تتحمل أو الجنين في بطنها لعله يموت أو يتأثر أو الرضيع يجوع ويعوز عنه اللبن فلا تعتبر عاصية , كما لو احتاجت لعصيانه يومين حتى يرتدع وهي قد تركته وراحة لأهلها وفضحته ولم ترجع إليه فهذه عاصية وناشز ولا نفقة لها واللازم دائماً إن تحل الأمور بالتفاهم والستر لا بالنزاعات والفضائح والتعصبات الزائدة.
حكم: إذا أختلف الزوجان بأن أنكرت الزوجة الإنفاق عليها وادعاه الزوج فإن كانت مساكنه له فالظاهر معه والقول قوله مع يمينه لعدم الحق بالنفقة أكثر من إن تعيش معه وأما إن كان مسافر عنها أو هي منعزلة عنه على أتفاق منهما فهي منكره والقول قولها مع يمينها إن لم يكن لها بينه.
حكم: إذا كانت الزوجة حاملاً ووضعت وطلقت وأختلفا بأن الطلاق قبل الوضع ففي الوضع تنتهي العدة فلا نفقة لها أو بعد الوضع فلها العدة والنفقة لها مدة العدة والإختلاف يحصل في وجهين قد تدعي تقدم الطلاق على الوضع حتى تزعم إن بالوضع أنتهت العدة فلا يجوز الرجوع بها وهو يدعي بالعكس لأنه إن يرجع وأما إن تدعي تقدم الوضع لتثبيت بقاء العدة لتحصل على النفقة لبقاء العدة وهو يثبت بالعكس ليسقط عن ذمته النفقة وعلينا إن نعرض عن الكلام بالنفقة والرجوع والاختلاف فيهما لأنهما مسببان ونبحث بالاختلاف بالسبب فقط فنقول بأن الوضع من فعلها وهي المصدقة عليها سواء أدعت تقدمه أو تأخره وإن الطلاق من فعله ويصدق قوله سواء أدعى تقدمه أو تأخره ومعلوم إن هذا الاختلاف لو كان الطلاق رجعياً لعدم العدة ولا النفقة بالبائن وبالجملة إن في المسألة دعويان فإن حلف كلاهما أو نكل كلاهما رجعنا لإثبات الأصل وهو كونه زوجاً فعليه النفقة والإشكال بالرجعة والأقرب إنها له أيضاً للملازمة وإن حلف أحدهما ونكل الأخر ثبت قول الحالف منهما والله أعلم.
حكم: إذا أدعى الإعسار وهي أدعت عليه اليسار فالقول قوله ولزم عليها الأنظار مع يمينه نعم لو كان موسراً ولم يعرف عنه حصول الخسران والوقوع بالإعسار من بعد يساره فقوله خلاف الظاهر ويقدم قولها مع يمينها.

حكم: إذا كانوا في مجاعة ولم يكن عنده ما يكفي لعيشه وعياله وقال عندي درهم فقل له أشتر لك خبزاً لأكلك وإن قال درهمان فقل له لأكلك وزوجتك وإن قال ثلاثة دراهم فقل لأكلك وزوجتك وولدك وإن قال أربعه فقل.....وأبويك وإن قال خمسه فقل.... تصدق لباقي قرابتك ومعاريفك هذا الحكم الأولي وحسب القاعدة من التدرج بالأهمية النفس ثم حق الزوجة ثم حق الأولاد خصوصاً الصغار ثم الأبوان ثم سائر الأقرباء والأرحام والمعاريف الأقرب فالأقرب وأما الأمر الثانوي فيحسن الإيثار وبذل النفس والمال ليعيش الآخرون وهذا ما عرفناه من أخلاق الأنبياء والأولياء والصالحين نعم من القاعدة أيضاً إن يقدم الأشد ضراً ومجاعة أو عطشاً المشرف على الموت من الجوع أو العطش وإن كان بعيداً على الماسك نفسه وحافظ قواه ولو كان النفس أو الزوجة أو العيال وهذه بعض الروايات عن النبي (ص)إنه نهى إن يشبع الرجل ويجيع أهله في بعض كتب الفقه إن رجلاً جاء إلى النبي (ص) (فقال معي دينار؟ قال النفقة على نفسك فقال معي آخر؟ قال النفقة على ولدك فقال معي آخر؟ فقال النفقة على أهلك فقال معي آخر معي آخر؟فقال على خادمك فقال معي آخر؟ فقال النفقة في سبيل الله )(8).


(1)الوسائل ب2 ح1 النفقات.

(2)لعله يقصد بمقدار المد فهو أقل 3/4 الكيلو من الطعام وهذا تقرير تقريبي.

(3)فاطر حل حلاله 35/12.

(4)الأعراف 7/26.

(5)المؤمنون 23/18ـ 21.

(6)الوسائل.

(6)النساء 4/19.

(8)فقه الشيرازي ر ح 5 /455 كتاب النكاح.