فصل في النفقات

حكم: قدمنا بعد تعين الزوجات المحللات من الزوجات المحرمات ثم القسمة لهن وهي إنفاق الأوقات لهن ثم ننهي الكلام معهن بالإنفاق عليهن وعلى أولادهن والإنفاق على العمودين حتى ننتقل لأحكام الأولاد ونخرج بالنكاح المؤقت ثم ندخل بالأحكام البرزخية وهي بين عقد النكاح وبين الطلاق كالنشوز والسقاق والظهار والايلاء واللعان ثم الطلاق ثم ننهي الأحكام الجنسية – بأحكام العبيد والإماء لتكمل بذلك أحكام الإسلام حول الجنس والله الموفق والميسر وهو اللطيف الخبير.
حكم: الإنفاق الواجب على ثلاثة أقسام الأول على الزوجة والثاني العمودين من الأقرباء والثالث على الأملاك من زرع وحيوان وأرض وعقار وسفر وغيرها والإنفاق هو البذل من المال أو الحقوق المادية والمعنوية كبذل العلم لأهله كما في الحديث (المال ينتهي بالإنفاق والعلم يزكوا بالإنفاق وأما نفق نفوقا فهو الهلاك والتلف ) والمنافق سمي بهيئة مفاعل لأنه يهلك الحق ويهلكه الحق مثل المحارب والمقاتل.
حكم: آيات كثيرة بالإنفاق ولكنه على الزوجة والأولاد آيات قليلة معلومة مثل [الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ](1).
Pلِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ].
حكم: عن تحف العقول عن الصادق (ع) حديثاً جامع لكل النفقات الواجبة على المسلم قال ( وأما الوجوه التي فيها إخراج الأموال في جميع وجوه الحلال المفترض عليهم ووجوه النوافل كلها فأربعة وعشرون وجها..)
فأما الوجوه التي يلزمه فيها النفقة على خاصة نفسه فهي مطعمه ومشربه وملبسه ومنكحه ومخدمه وعطاؤه فيما يحتاج اليه من الاجراء على مرمه متاعه أو حمله أو حفظه ومعنى ما يحتاج إليه فبين نحو منزله أو آله من الآلات يستعين بها على حوائجه(2) هذه السبع وجوه وأما الوجوه الخمس التي تجب عليه النفقة لمن يلزمه نفقته فعلى ولده ووالديه وامرأته ومملوكه لازم له ذلك في العسر واليسر.
وأما الوجوه الثلاث المفروضة من وجوه الدين فالزكاة المفروضة الواجبة في كل عام والحج المفروض والجهاد في أبانه وزمانه وإما الوجوه الخمس من وجوه الصلاة النوافل فصلة موقوفة وصلة القرابة وصلة المؤمنين والتنقل في وجوه الصدقة والبر والعتق وإما الوجوه الأربع فقضاء الدين والعارية و القرض وإقراء الضيف واجبات في السنة(3)
حكم: يجب الإنفاق على الزوجة الدائمة ولا يجب على المنقطعة الا إذا أشترطت والدائمة بشرط إن تكون مطيعة وحاضرة عنده وباذلة نفسها للجماع ولو طالبت بالحضور عنده وهو الذي أمتنع من قبول حضورها لعذر عنده أو لا لعذر فلها لعدم عصيانها وإنما المنع منه.
حكم: لو نشزت سقطت عنه النفقة ولو كان هو الناشز المقصر فعليه النفقة ولو نشزت ثم أطاعت فمجرد بذلها نفسها له تعود نفقتها ولو ارتدت عن الاسلام فإن عدت مع ذلك عاصية له فلها النفقة إذا لم يكن ارتدادها إلى ماتخرج عن المسلم سواء أكانت مدخولة ام لا.
وإن كان أرتدادها إلى ما تخرج عن الزوجية كالكفر بالله وبغير ذات كتاب سقطت نفقتها وتعتد وإن كانت مدخولة فإن خرجت من العدة ولم تتب سقط عقدها ونفقتها ومهرها وتزوجت من شاءت وإن رجعت للأيمان قبل أنتهاء العدة رجع مهرها ونفقتها وزوجيتها.
حكم: روي العامة عن النبي (ص) إن هند زوجة أبي سفيان شكت إلى رسول الله أبا سفيان فقالت.إن أبا سفيان شحيح لا يعطيني ما يكفيني وولدي الا ما اخذ منه سراً وهو لا يعلم فهل علي من ذلك شيء؟ فقال (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف)(4) استفدنا من هذا الحديث إحكام ومقارنات كثيرة:
1 _ إن للمرأة الخروج من البيت للاستفتاء ولو في خلاف الزوج في حقوقها المقصر فيها.
2_ إن صوتها ليس بعورة في مخاطبة الرجال.
3_ الاجتماع بالرجال مع الحجاب والعفة بدون خلوه.
4_ يجوز للمظلوم التظلم بغيبة الظالم.
5_ يجوز لذي الحق أخذ حقه أما سلماً وأما سراً.
6_ يجوز أستغابة الظالم بما يسؤه في ظلمه وقد اتهمته المرأة بالشح.
7_ لا يشترط في اقتصاص الحق أن يكون من جنس الحق المغصوب ويكفي إن يكون بمقداره.
8- يجوز للقاضي أن يقضي بعلمه في حق الناس وسيأتي بعدم الجواز في حق الله تعالى.
9- يجوز للمفتي المسؤول إن يجيب جواباً مطلقاً بما يقطع المظلمة فإن الرسول (ص) لم يقل لهند لك إن تسرقي وإنما قال لك إن تأخذي حقك بالمقدار العرفي وهذا الجواب يصلح ويصدق حتى لو كذبت في ادعاء عدم إعطاء الحق.
10- يجوز الحكم على الغائب بما يفرغ ذمته سواء كذب المدعي عليه أو صدق إذا أخذ نفقة الزوجة من الزوج واجب وجواب الرسول لهند ليس معناه إنه صدقها وإلا كان عليه التحقيق وحضور المدعي عليه وسماع الشهود وغير ذلك.
11- إن للأم الأهلية إن تتولى أخذ نفقة الأولاد لهم والصرف عليهم.
12- إن نفقة الزوجة والأولاد محدد بالعرف.
13-يجب على المفتي وذوي الرتب الدينية العليا إن يفرغوا أنفسهم لمراجعة المتظلمين والسائلين بدون و مشقة.
14-إن المتظلم مصدق غالباً وليس كل متظلم يطلب منه الأدلة والشهود.
15_ التصدي لسماع مظالم الناس ومسائلهم وإن كانوا منافقين ومجرمي حروب.
16_ لا فرق بين الأولاد كبارهم وصغارهم في أخذ الحق لهم ومنهم.
17 _ للمتظلم إن يستمر بالأخذ سراً ما دام الظالم لم يؤد ما عليه.
18_ الرسول (ص)لم يستعمل ولم يظهر علمه بتصديقها أو تكذيبها وإنما أجاب بناء على زعمها كالمجيب العادي من الناس.
حكم: إذا حضرت في المكان المناسب للاجتماع بها كزوجة وصارت من عائلته وجب الإنفاق عليها سواء كانت صالحة بالاستمتاع بها أو معذورة بعذر حالي مؤقت كالحيض والنفاس والمرض , وأما إذا أمكن الاستمتاع بها بدون الدخول كالصغيرة غير البالغة ومن فيها أسباب الفسخ إذا لم يفسخ وعاشرها وجب الإنفاق عليها وكذلك لو كان هو قاصراً فالمهم في وجوب النفقة حضورها وطاعتها.
حكم: إذا خرجت من البيت لسفر طاعة كالحج الواجب أو غير ذلك واجب وكانت مأذونه وكذا إذا خرجت باعتقاد الإذن ولم تعلن العصيان جاز خروجها ويبذل نفقتها بخلاف ما خرجت معاندة ومشاجرة وعاصية فلا نفقة لها.
حكم: إذا امتنعت من بعض حقوقه كالمضاجعة أو ماشابه لعدة معاصي شرعية له فهي تعظه وتحاول الضغط عليه جاز لها ولا تعتبر ناشزاً إذا صدق إن عملها من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكذا إذا قصر في شيء من حقوقها فلها أن تقصر بشيء من التقصير حتى تحسسه بتقصيره.
حكم: ذات العدة الرجعية لها النفقة والسكن تاماً حتى تكمل العدة فتكون أجنبية عنه حتى لو كانت ناشزاً فانتقلت إلى مطلقه رجعيه وتبدلت أحكامها وأما إذا كانت مطلقه بائنة بلا نفقة ولا سكن لها إلا إذا كانت حاملاً فلها نفقتها بسبب الحمل وليس بسبب الطلاق وعليه فإذا كانت حاملاً وهي في عدة الزواج المؤقت أو المفسوخة فإن الحامل أجيرة أب الحمل وما شابه فلها النفقة حتى تضع حملها فإن رضعت الطفل فلها أجرة الرضاعة لإطلاق قوله تعالى [وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ](5) إن على وارث أبي الجنين إن يجري النفقة على الحامل أما من التركة قبل التقسيم وأما من حصة الجنين من الإرث وإن ولد فرضاعته كذلك فالحامل والمرضع إنما هما أجيرتان للمولود له الأب فهذه الآيات ظاهرها إن النفقة للحمل ورزقهن وكسوتهن من حيث إن لا تضرر الوالدة بولدها ولا الوالد بولده ومعلوم إن الحامل تعطل نفسها عن الأزواج وعن الأعمال التي يمكن إن تحصل رزقها منها إن لم يكن له زوج أو أي رجل يصرف عليها فلذلك قلنا بان الحامل مطلقاً لها الرزق وكل ما تحتاج في حياتها سواء كانت ملاعنة أو معقودة بالمؤقت أو بجماع مشتبه أو بائنة أو رجعية ويدل على ذلك أيضاً [وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى](6)
[ِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ](7) والأحاديث كثيرة بالإنفاق على الحامل في حياة الزوج وبعد موته فمن الأحاديث بعد الموت صحيح الكناني عن عبد الله (ع)قال (المرأة الحبلى المتوفي عنها زوجها ينفق عليها من مال ولدها الذي في بطنها )(8) والسكوني قال( نفقة الحامل المتوفي عنها زوجها من جميع المال حتى تضع )(9) نعم ليس النفقة للحامل وإنما للمحمول كما عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع)قال (في الحبلى المتوفي عنها زوجها إنه لا نفقة لها )(10)
حكم: قلنا بأن النفقة لازمة على الحامل بكل وجه كان فراقها عن زوجها بأنواع الطلاق أو الفسخ بالعيب أو بانتهاء المتعة أو بالنشوز وقد هجرها لنشوزها ويبقى عندنا إذا لاعن الزوجة بنفي الولد فإنه يعتقد على ما يزعم بأن الحمل ليس له فهذا الحمل لا يجب له النفقة من الزوج إذا تم اللعان وثبت إذا نفاه ولم يكن لعان فأنه سيأتي بأن الولد لا ينتفي إلا باللعان نعم ينتفي بالطرق العلمية منها الحساب بمقدار الشهور فيما إذا فارقها أكثر من عشرة أشهر كما مر أو أتت به تاماً نكاح الزوج كان أقل من ستة أشهر أو زنا بها فلما تبين حملها وعقدها فإذا انتفى عنه فلا يجب النفقة عليه كحمل غير الزوجة أي من الزنا فلا نفقة له ولا أرث ولا حقوق وسيأتي التفصيل في اللعان.
حكم: لو أدعت المطلقة البائن أو المفارقة البائن كالمفسوخة أو المتمتعة أو الموطوءة بالشبهة أنها حامل فأن شاء قرينها إن يصدقها ويصرف على الحمل إلى إن يتبين فإذا تبين كذبها كان له استرجاع ما أنفق عليها وإن شاء فحصها بالأيكو وغيره حتى يستيقن.
حكم: إذا عصته في طلبه الانتقال إلى مكان أخر أو مدينة أخر أو دولة أخرى فإن كان لها حرج بهذا الانتقال فهي ليس بناشز ولها النفقة وإن كان لا عذر لها فهي عاصية إن شاء عاقبها بعدم النفقة.

حكم: لو حصل العقد بين الرجل والمرأة وانفق عليها ثم علما ببطلانه وإن الدخول كان بالشبهة كما إذا كانت ذات زوج أو ذات عدة فإن كانت هي عالمة فلا نفقة ولا مهر لها وإن كانت هي جاهلة أيضاً فما صرف عليها قبل العلم فلها وبعده إن كانت حاملاً منه صرف على الحمل وألا فلا نفقة لها.


(1)البقرة 233.

(2)الطلاق 65 /7

(3)الوسائل ب4 النفقات

(4) مهذب الاحكام 25 /288 مسألة نفقة الزوحة عن كنز العمال ح2 رقم 5171.

(5)البقرة 233.

(6)الطلاق 65 /4-6.

(7)الطلاق 65/7.

(8)الوسائل ب10 النفقات.

(9)الوسائل ب10 النفقات.

(10)الوسائل ب9 النفقات.