فصل في وطئ الشبهة

حكم: وطئ الشبهة له أحكام متعلقة بنسب الأولاد ندع بعضها إلى فصل الأولاد وله أحكام خاصة في كيفياته وفروعه وأحكامها وثبوت النسب تابع للشبهة وعدمها فأن قارب الرجل المرأة وكلاهما جاهلان بعدم الزوجية وغافلان عن حرمة الفعل فالولد لهما ثابت نسباً لهما وأما إذا كان أحدهما مشتبه والأخر عالم بالحرمة كالرجل يجامع امرأة نائمة وهي تتقبل الجماع من حيث غياب حواسها فالحمل الحاصل حلال من جهتها وينسب إليها شرعاً ولا ينسب وأبيه لأنه ابن زنا من جهته.
حكم: روي معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال: (إذا وطئ رجلان أو ثلاثة جارية في طهر واحد فولدت فأدعوه جميعاً اقرع الوالي بينهم فمن قرع كان الولد ولده ورد قيمة الولد على صاحب الجارية) (1).
هذه الرواية في حكم الأمة ولكن لو حصل مثل هذا في الأحرار فإما أن تكون المرأة عالمة وهي الخادعة فهذا لا يمنع أن يكون الولد ولد حلال من جهة الأب ويجب في الحال الحاضر يمكن الفحص الطبي لأثبات أنه نطفة من وإذا كانت هي المفعول بها بتخرير وعدم وعيها فالولد ينسب إليها فقط وإذا كان بعضهم مخدوع معها فينسب للمخدوع أن ثبت أنه نطفته وهكذا.
حكم: سوف يأتي من أحكام الطلاق أنه لو فارق الزوج زوجته مدة طويلة وقد تظن وفاته بسبب طول المدة وبعض العلامات و قد تجهل وجوب مراجعة الحاكم فإذا ثبت جهلها وتزوجت وحملت فهذا الحمل ابن حلال إذا صدق المتشرعون إمكان جهلها وإلا فهي زانية وقد تكون هي ومقاربها زانيين.
حكم : قد يكون الفاعل معذوراً شرعاً كالمقهور والمجبور على الزنا فلا أثم عليه ولكن الولد المتكون لا ينسب له ولا للزانية وأن كانا بغير أثم بسبب التهديد والخوف.
حكم: لو شرب خمرا عالماً عامداً قاصداً الشرب والزنا وفي حال السكر كان غائباً عن الوعي وزنا فقد أتفقوا على تغريمه المهر وغيره أن لم تكن المرأة زانية أيضاً والحمل يعتبر من الزنا على المشهور وأما إذا شرب ولم يقصد الزنا فعقد الحاسة وزنا.
فلم يثبت حكم الزنا فأن الوطئ كان بغير تعمد ولا نية ولا تحسس فلا يبعد حكم الشبهة نعم هو مجرم بإيجاد اسباب غياب الوعي كما في حديث المفضل بن عمر قال قلت لأبي عبد الله (ع) لم حرم الله الخمر؟ قال: (حرم الله الخمر لفعلها وفسادها لأن مدمن الخمر تورثه الأرتعاش وتذهب بنوره وتهدم مروءته ويتحمله أن يجسر على ارتكاب المحارم وسفك الدماء وركوب الزنا ولا يؤمن إذا سكر أن يثب على حرمة وهو لا يعقل ذلك ويجر شاربها إلى كل شر) (2).
وعن أبي الحسن الرضا (ع): (قال حرم الله الخمر لما فيها من الفساد ومن تغيير عقول شاربها وحملها أياهم على أنكار الله تعالى والغرية عليه و على رسله وسائر ما يكون منهم من الفساد والقتل والقذف والزنا وقلة الأحتجاز من شيء من المحارم فبذلك قضينا على كل سكر من الأشربة أنه حرام محرم لأنه يأتي من عاقبتها ما يأتي من عاقبة الخمر فليجتنب من يؤمن بالله واليوم الأخر ويتولانا وينتحل مودتنا كل شراب مسكر فأنه لا عصمة بيننا وبين شاربيها).
حكم: عن زاره عن أبي جعفر (ع)(إذا نعي إلى أهله أو أخبره إنه طلقها فاعتدت ثم تزوجت فجاء زوجها الأول بعد فان الأول أحق بها من هذا الأخير دخل بها أو لم يدخل ولها من الأخير المهر بما أستحل من فرجها ) ومعناه إنه اشتباه وإذا حصل حمل فهو من حلال.
حكم: قال في الجواهر : (العلم بيوقف إباحة الفروج على الإذن الشرعي لا يفيدها ظن الاستحقاق ولا احتماله إلا مع اعتباره وجواز التعويل عليه في الشرع فبدونه كما هو المفروض ينتفي الإذن ويثبت التحريم فلا يكون هناك شبهه مسوغه للوطي كي يكون الوطي وطي شبهه )
أقول: إنه حكم كل طبقات الناس بحكم العلماء ومراجع الدين والأقرب عندي إن المقدم للنكاح غير الشرعي نقدر شبهته من تعمده بالحرام بمقدار غبائه وغفلة عقله وغياب وعيه قال أمير المؤمنين (ابني إن من الرجال بهيمة في صورة الرجل السميع المبصر).
حكم: المفيد رحمه الله (إن امرأة تشبهت بإباحة الرجل وذلك ليلاً فواقعها من غير تحرز فرفع إلى عمر فأرسل إلى علي (ع)فقال اضرب الرجل حداً في السر واضرب المرأة حداً في العلانية ) إن الرجل العاقل إذا وجد على فراشه امرأة جميله بأي وجه إن ينكحها بمجرد ظنه إنها زوجته؟ فهذا ليس بنكاح شبهه.
حكم: روي سماعه قال سألته عن رجل أدخل جارية يتمتع بها ثم نسي حتى واقعها يجب عليه حد الزاني؟
قال (ع)لا ولكن يتمتع بها بعد النكاح ويستغفر ربه مما أتى فهو مشتبه ولكن يستغفر لبعض التقصير حيث كان عليه إن يعجل قراءة الصيغة ويعقد التمتع فلا يتماهل حتى يدخل المرأة وتشتد الشهوة ويفعل ناسياً العقد.
حكم: إذا تقدم الزاني وجامع الزانيه وقبل إن يقذف فيها نطقت المرأة بالتزويج ويجيبها بالقبول ثم يقذف فيها فالحمل الحاصل من هذه ألمقاربه ولد حلال.
حكم: ورد عن إسماعيل قال سألت أبا عبد الله (ع)عن رجل نظر إلى امرأة فأعجبته فسأل عنها فقيل هي ابنة فلان فأتى أباها فقال زوجني ابنتك فزوجه غيرها فولدت منه فعلم بها بعد أنها غير ابنته وإنها أمه؟ قال ترد ألوليده على مواليها والولد للرجل وعلى الذي زوجه قيمة ثمن الولد يعطيه موالي الوليدة كما غر الرجل وخدعه (3) ويعتبر الزوجان كلاهما مشتبهان إن لم تكن ألامه عالمه بالخديعه الموطوءة بالشبهة يحل التزوج بها لنفس المشتبه ولا يحتاج لمضي عدة ويحرم على غيره التزوج حتى تمضي عدة مثل عدة الطلاق ثلاثة اطهار أو ثلاثة اشهر ان كانت مسترابه وان كانت متزوجة حرمت على زوجها الموافقة حتى تمضي هذه المدة نعم يجوز له باقي الاستمتاعات غير الدخول وان حملت من الشبهة حرمت على زوجها حتى تضع حملها وحرم التزوج بها كذلك.
حكم: خلاصة النكاح الحلال عن الحرام إنه يحرم النكاح إذا لم يكن بعقد شرعي من الشخص العاقل الواعي لما يفعل العارف بأحكام الإسلام ويتخرج المشتبه وهو فاقد الوعي والمجنون والمتخدر والغافل المخدوع والجاهل بالحكم والمطمئن بالحلية بسبب شرعي كخبر وفاة أو طلاق زوجها ثم يتبين كذب الخبر أو خطأه عن شخص المطلق أو الميت عن شخص المرأة وفاقد الوعي سواء بمقدمات اختيارية منه كشرب الخمر ما لم يتوجه ويقصد الزنا قبل الشرب فهذا يقال عنه ما حصل بالاختيار يعني مقدماته رأينا في الاختيار يعني الحكم عليه وعليه فالمجنون إذا نكح غير زوجته فالحمل منه حلال وينسبوا إليه بالنسب.
حكم: إذا كان يعلم إنها زوجته ويحل جماعها بسبب إنه من الكافرين ولا يفهم الدين الحق كالكفار يجامعون ألامه عدة رجال في وقت واحد ويستحلون الجماع باعتبار أنها ليست حر أو كان من المذهب المخالف للحق وجاءت فتواهم العمياء بالحلية كتحليل الشافعي البنت والأخت وبقية المحارم المخلوقة من الزنا أو كان اختلاف بين فتاوى الشيعة فهذا كله لو حصل اعتبر اشتباها ولا يعتبر زنا ولا ينفى عنه الولد.
حكم: لو قصد الزنا بامرأة أو هي قصدت ثم تبين أنها زوجته وانه كان جاهلاً بالحكم أو الموضوع فهذا من الزواج الحلال وليس من الشبهة ولا من الزنا وعليه فليس قصده معتبراً في الحكم الواقعي في هذا الغرض بخلاف فرض ما لو صادف انه زنا واقعي فان العلم والقصد يؤخذ على الفاعل نعم انه مجرد قصد الحرام وان لم يكن واقعاً وجب تعزيره وتأديبه.
حكم: لو كان احد الزوجين يرى الحرمة بسبب فتوى مرجعه والآخر يرى ألحليه بسبب فتوى مرجعه الشيعي أيضا أمكن تصحيح تزويجه لعدم وجوب تعين المرجع في نظري وجواز العدول من مجتهد إلى آخر والحال هذه كما قلنا في عدة مسائل بالدورة الفقهية.
حكم: إذا فارق الزوج زوجته بعشرة أشهر أو أكثر:
أ- فجاءت بولد فهو ليس من زوجها وهو أما ابن زنا أو ولد شبهه سواء جاءت به بعد العشرة أو قبل العشرة.
ب- لو فارقها ثمانية أشهر وكان قد دخل بها بسنه فجاءت بولد بعد مفارقته بشهر أو ستة أشهر أو تسعة أشهر فهو ابن زوجها.
ج- وان جاءت به بعد مفارقته بأكثر من تسعة فهو ليس منه على فتوى إن أقصى الحمل تسعة أشهر.
حكم:
أ - لو فارقها زوجها سبعة أشهر ثم جاء وقاربها فجاءت بولد المفارقة بستة أشهر فهو ابن زوجها.
ب - وكذا لو جاءت بعد المفارقة بتسعة أشهر.
ج - ولو جاءت به بعد عشرة أشهر أو أكثر فهو علامة أنها حملت به في مدة مفارقة الزوج ,يعني جاءت به من بين عشرة أشهر إلى خمسة عشر شهر فهو ليس ابن زوجها لأنه فارقها سبعة أشهر.

د - وان جاء به بعد رجوع زوجها بستة أشهر فان قرر الأطباء انه ذو ستة أشهر فهو ابن زوجها وإنها حملت به بعد رجوع زوجها إليها وان قرروا بأنه ابن تسعة أشهر في رحمها فهو ليس ابنه لعدم كون زوجها عندها قبل تسعة أشهر.


(1) الوسائل.

(2) الوسائل.

(3) الوسائل.