أما الإشكال بالمتن:

أولاً: أن ظاهرها مجرد تكذيب ابن شبرمة وليس فيها تفصيل وإلا فهل تحرم الزوجتان بكل فروع المسألة؟ !.
ثانياً: أنه قال أنها ابنته مما يدل على أن الأولى رضعتها بلبنة وقد فهمنا من الصحيحن أن في حالة الدخول تحرم الصغيرة فقط.
ثالثاً: أن المتن خلاف القاعدة المعروف بأن تحريم عقد البنت بسبب عقد الأم غير مؤبد وأنما عليه ان يطلق الأم ثم يعيد عقد البنت وهنا كذلك إذ يعتبر عقدهما في آن واحد إذ الرضاعة في آن واحد تمامها دخلت البنت والمرأة في العقد فيبطلان واحدة من جهة بنت زوجة وأخرى من جهة أم زوجة والأخرى تحريمها مؤبداً فيعيد العقد على الصغيرة هذا فيما لو كان غير داخل بالكبيرة وأما لو كان داخلاً فلا يبطل نكاحها بعقد البنت لاحقاً ولا في آنه فتأمل وفي هذا المثال أعتبر عقدا البنت لاحقاً بسبق الدخول على اعتبار الأمومة الحاصلة بالرضاع.
رابعاً: هذا إذا رضعتها بغير لبنه وأما لو رضعتها بلبنه فالمسألة اوضح جداً إذ بنتية الزوج حصلت في أن بنتية الزوجة ويسقط اعتبار أنها زوجة إذ اعتبار بنتية الزوج صار حجر عشرة أمام زوجيتها له في نفس الآن وقد صرح الإمام (ع) بكون الصغيرة بنته قد صارت فالكبيرة أم بنت لا أم زوجة وأن شاء أعادة عقد الأم احتياطاً لأحتمال المطلوبية فلا منع.
خامساً: ومن الروايات الأخرى نستقوي على هذا التوجيه ومنها صحيح زرارة الذي استفدنا منه وجها آخر لبطلان عقد الصغيرة والقاعدة المجمع عليها نصاً وفتوى أن الحرام لا يسقط الحلال ولا يبطله قال عن أبي جعفر (ع) سئل رجل كانت عنده امرأة فزنا بأمها أو بابنتها أو بأختها؟، فقال: (ما حرم حرام قط حلالاً امراته له حلال...إلى أن قال وأن كان امراة فتزوج بأمها أو ابنتها أو أختها فدخل بها ثم علم فارق الأخيرة والأولى امرأته ولم يقرب امرأته حتى يستبرئ رحم التي فارق) (1).
سادساً: أن القاعدة الأصولية تقتضي عدم أجراء المشتق فيما أنقضى عنه المبدأ فإذا أرضعت الكبيرة الصغيرة وهي غير مدخولة فقد أنقضت زوجيتها لأن أم الزوجة تحرم مؤبداً ولم ينقض عن الصغيرة مبدأ الزوجية لأن بنت الزوجة لا تحرم مؤبداً ما لم يدخل بالأم وأنما تبطل مؤقتاً فهو يستطيع اعادة عقد الصغيرة بعد بطلان عقد الكبيرة وإذا كانت مدخولة فأن مبدأ الزوجية عن الكبيرة باق لعدم أبطال الحدث المتأخر عن دخولها كما مر من حديث زرارة وأنقضاء مبدأ زوجية الصغيرة لسبق عقد ودخول الأم ويؤكد أنقضاء مبدأ الصغيرة إذا رضعتها بلبن زوجها فأن البنت لا تصح زوجة.
سابعاً: ما مر من الإشكال من جهة متى حديث ابن مهزيار وأما من جهة السند أن الظاهر أن الحديث مرسل لأن أبا جعفر الجواد (ع) لم يعاصر ابن شبرمة وأنما ابن شبرمة معاصر لأبي جعفر الباقر (ع) وابن مهزيار معاصر للجواد لا للباقر (ع) وأن أبا جعفر (ع) حين الأطلاق ينصرف إلى الأول وهو الباقر (ع) هذا الإشكال ورد عن المسالك(2) وابن مهزيار ولم يقل أنه قال له بل قال (قيل له ) أي لأبي جعفر (ع) (أن رجلاً تزوج بجارية صغيرة). مما يؤيد أن المروي عنه الباقر وليس الجواد (ع) بالأضافة إلى كونها مرسلة أنها ضعيفة لأن في طريقها صالح بن أبي حماد وهو ضعيف وكل صالح في الرواة عندنا غير صالح ورده البحراني رحمه الله في الحدائق قائلا: (أن ما طعن به من ضعف السند فهو عندنا غير مسموع ولا معتمد على أنك قد عرفت أن سبطه أي سبط الشهيد صاحب المسالك الذي هو من المتصلبين في هذا الأصطلاح قد عمل بالخبر المذكور...) أقول أن شذوذ سبطه في عدم التصلب والتدقيق بهذا الحديث ليس علينا دليل، قال الحدايق وثانياً...وثالثاً: أن جلالة الرجل ابن مهزيار يمنع نقله الخبر.
أقول ان جلالة الرجل وكونه من أصحاب الأجماع تمنع عدم القبول لو كان الأرسال منه وهذا صحيح وأما ضعف السند بصالح بن أبي حماد فأنه قبله فالخبر ضعيف وليس بصحيح قال الحدايق: (ورابعا: إن ابن سبرمة قد نقل رأيه بعد موته بسنين عديدة وهذا الأحتمال أقرب من تكلف الأرسال في الرواية بالحمل على الباقر (ع)). وألغاء للعطف الترتيبي فجواب ابن شبرمة مرتباً على السؤال ونقل ابن مهزيار مرتب على قيل للأمام أبي جعفر (ع) مما يدل على أن أبا جعفر (ع) هو الباقر (ع) والله أعلم.
حكم: لو طلق الكبيرة قبل الدخول بها فرضعت الصغيرة ثبت تزوج الصغيرة وحرم أرجاع الكبيرة ولو طلق بعد الدخول فكما قلنا من حرمة الصغيرة وجاز أرجاع الكبيرة خصوصاً لو أرضعتها بلبنه والأحوط عدم الأرجاع للكبيرة أيضاً.
حكم: لو زوج إبنه الصغير بابنة أخيه الصغيرة ثم أرضعت جدتهما أحدهما أنفسخ نكاحهما لأن الجدة كانت للأب وأرضعت الولد صار عما لزوجته وأن رضعت البنت صارت عمة لزوجها وأن كانت الجدة لأم ورضعت الولد صار خالاً لزوجته وان رضعت البنت صارت خالة لزوجها وكذا إذا زوج إبنه بابنة أخته فإذا كانت أرضعت جدتهما فأذا رضعت الولد صار عما لزوجته وإذا رضعت البنت صارت عمة لزوجها.
حكم: لو رضعت:
1- أمه نسباً زوجته الصغيرة حرمت الزوجة لأنها صارت أختاً له.
2- أو اخته فصارت بنت أخت.
3- أو ابنته فصارت حفيدته.
4- جدته لأبيه فتكون عمته.
5- جدته لأمه فتكون خالته.
6- كنته أي زوجة إبنه من لبن إبنه فتكون حفيدته.
7- زوجة أخيه من لبن أخيه فتكون بنت أخيه.
8- زوجة أبيه من لبن أبيه فتصبح أخته.
9- زوجة جده لأبيه من لبن جده فتكون عمته.
10- زوجة جده لأمه من لبن جده فتكون خالته.
حكم:
1- لو أرضعت الأم ابن إبنها فلا تحريم يحدث.
2- وكذا لو رضعت أختك ابنك فلا تحريم.
3- وكذا لو رضعت بنتك ابنك فلا تحريم.
4- وكذا لو رضعت بنت أختك أو بنت أخيك ابنك.
5- وكذا لو رضعت زوجة أخيك من لبن أخيك ابنك.
6- وكذا لو رضعت أخت زوجتك ابنك.
7- وكذا لو رضعت بنت أخيها أو بنت أختها ابنك.
8- وكذا لو رضعت بنتها من غير ابنك.
9- وكذا لو رضعت زوجة أبيها من غير لبن أبيها ابنك.
10- وكذا لو رضعت زوجة أخيها من لبن أخيها ابنك فأنه لا تحرم الزوجة على الزوج.
حكم:
أ- لو أرضعت أم زوجتك فاطمة ولدك من فاطمة صارت كنتك.
ب- ولو أرضعت ولدك من غير فاطمة أيضاً حرمت عليك فاطمة.
ج- ولو أرضعت زوجة أبيها ابنك من فاطمة من لبن أبيها حرمت عليك فاطمة.
د- ولو أرضعت زوجة أبيها ابنك من غير فاطمة من لبن أبيها حرمت عليك فاطمة.
هـ- ولو أرضعت زوجة أبيها ابنك من فاطمة من لبن غير أبيها فلا تحرم عليك فاطمة.
و- ولو أرضعت زوجة أبيها ابنك من غير فاطمة من لبن غير أبيها فلا تحرم عليك فاطمة.
ز- ولو أرضعت مرضعة فاطمة ابنك من فاطمة أو من غيرها من فحل لبن فاطمة حرمت عليك فاطمة.
ح- ولو أرضعت مرضعة فاطمة رضيع فاطمة من لبنك حرمت عليك فاطمة.
حكم: ليس كل أحكام الأرحام النسبية تجري على الأرحام الرضاعية فأنه قد ثبت:
1- تحريم نكاح المرضعة باعتبارها أماً رضاعية.
2- وصاحب اللبن أباً رضاعي.
3- وأمهما جدة أباً رضاعية.
4- وزوجة أبيهما زوجة جد رضاعي.
5- ومرضعتهما جدة رضاعية.
6- وابناءهما وبناتهما أخوة وأخوات رضاعيين.
7- ومرتضعي صاحب اللبن ومرتضعاته أخوة وأخوات رضاعيين.
8- وأخواتهما وأخوانهما أعمام وأخوال وعمات وخالات رضاعيين.
9- والمرتضعين مع الآباء والأمهات بنفس فحول لبنهما عمات وخالات رضاعين.
10- وأزواج المرضعات أزواج أمهات وجدات رضاعيين.
11- وزوجات فحول اللبن زوجات أباء وأجداد رضاعيين.
حكم: ثبت حرمة الزنا وحرمة العقد للأمهات والأخوات والجدات والبنات والعمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت وزوجات الآباء والابناء وأم الزوجات وبناتهن الرضاعيات كحرمة هؤلاء النسوة النسبيات للنسبيين ومما روي حديث بكير بن أعين عن أحدهما ولو أرضعت مرضعة فاطمة قال: (من زنى بذات محرم حتى يواقعها ضرب ضربة بالسيف أخذت منه ما أخذت وأن كانت تابعة) أي المزني بها (ضربت ضربة بالسيف أخذت منها ما أخذت قيل له فمن يضربها وليس لها خصم؟ قال ذلك على الإمام إذا رفع إليه) (3).
وعن جميل قال قلت لأبي عبد الله الرجل يأتي ذات محرم أين يضرب بالسيف؟ قال رقبته (4).
وعن ابن مهران عن أبي عبد الله ولو أرضعت مرضعة فاطمة قال: سألته عن رجل وقع على أخته؟ قال: (يضرب ضربة بالسيف قلت فأنه يخلص؟ قال: يحبس أبداً حتى يموت) (5).
حكم: لم يثبت للمحارم الرضاعيين ما للمحارم النسبيين:
أ- مثل نفقة الأبوين.
ب- حرمة الخمس والزكاة للعمودين الصاعد والنازل من جهة الرضاعة وكذلك الحقوق الواجبة مثل الكفارات والفطرة والفدية.
ج- حرمة قطع يد السارق من إبنه.
د- وحرمة القصاص لإبنه إذا قتله أو قطع عضواً له.
هـ- وعدم حبس الأب بدين ولده.
و- ووجوب صلاة قضائه وصومه.
ز- الأرث له ومنه والحبوة للابن الأكبر.
ح- وحقوق الحضانة للأم الرضاعية وغير ذلك فأنها تثبت للأبوين النسبيين والابناء ولم تثبت للرضاعيين.
حكم: أختلفوا في حصول الظهار بقول الرجل لزوجته أنت علي كظهر أمي وضعتي أو كظهر فلانة أختي من الرضاعة ومن شابههن فأما الروايات التي تقول أن الرضاع لحمة كلحمة النسب فأنها منصرفة إلى حرمة النكاح فقط، وأما الرضوي قال (ع) وأما الظهار فمعنى الظهار أن يقول الرجل لامرأته أو ما ملكت يمينه هي كظهر أيه أو كظهر أخته أو خالته أو عمته أو دايته فأن فعل ذلك وجب عليه للفظ ما فسرناه في باب الظهار(6) ولكن الرواية مرسلة وضعيفة ولو أخذنا لو سعنا الظهار إلى كل محرمات النساء من المحارم النسبية والرضاعية والصهرية واللواط بالأخ والابن وبأسباب تعدد الطلاق وبأسباب الكفر والملاعنة وليس لنا أسناد لكل ذلك وأن كان الاحتياط بالتغريم حسن.
حكم: يحرم الجمع بالنكاح بين الأختين سواء نسبيتين أو رضاعيتين كما يحرم تزوج المرضعة والمرتضعة كالأم والبنت ولا يحرم الجمع بين المرتضعة وزوجة الفحل كما يحل الجمع بين البنت وزوجة أبيها ويحرم التزوج بمرتضعي ابن الزوج ويحل للمرأة زوج الرجل وزوج أمه ويحل للمرأة التزوج بالرجل وزوج رضعته وهو غير فحل لبنه ويحرم لها تزوج الرجل وصاحب لبنة لأنه كأبيه ومعلوم أن هذا التزوج للمرأة للرجلين ليس آن واحد وأنما يموت عنها أحدهما أو يطلقها فتأخذ الأخر.
حكم: لم يثبت حرمة الجمع بين الزوجة وبنت أخيها أو بنت أختها من الرضاعة بدون أذن من العمة والخالة وهو ما قاله العلامة والمحقق الثاني الكركي ]vP والسيد السبزواري رحمه الله.

حكم: قال في الحريق رحمه الله عن تحريم أم واخت وبنت الموقب (لا خلاف ولا إشكال في أنه إذا وقب غلاماً حرمت عليه أم الغلام وبنته وأخته مؤبداً إذا كن من النسب للنصوص الواردة بذلك عن أهل العصمة صلوات الله عليهم والظاهر أنهن لو كن من الرضاع فكذلك لعموم قوله (ص) )(يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وصدق الأم عليها في قوله [] : وأمهاتكم من الرضاعة وكذا الأخت في قوله و(أخواتكم..) وعلى كل حال فقوله رحمه الله لا يخلو من وجه وأن كنت أنا للعدم أميل ولكن الأحتياط لا يترك بمنع التزويج.


(1)الوسائل ب8 ح6 ما يحرم بالمصاهرة.

(2) في فقه الشيرازي ]vP 3 / 209 كتاب النكاح.

(3)الوسائل الحدود.

(4) المصدر نفسه.

(5) المصدر نفسه.

(6) مستدرك الوسائل الظهار.