فصل في نزاعات المهر

حكم: إذا أختلف الزوجان فادعت الموافقة وأنكرها فأن كانت بكراً نظرن النساء في بكارتها فإن كانت باقية صدق قوله وإلا صدق قولها ويشير إلى هذا صحيح زرارة قال (سألت أبا جعفر (ع) : عن رجل تزوج جارية لم تدرك لا يجامع مثلها أو تزوج رتقاء فادعت عليه فطلقها ساعة أدخلت عليه قال هاتان ينظر إليهن من يوثق به من النساء فإن كن كما دخلن عليه فإن لها نصف الصداق الذي فرض لها ولا عدة عليهن منه قال فإن مات الزوج عنهن قبل أن يطلق فأن لها الميراث ونصف الصداق وعليهن العدة أربعة أشهر وعشرا)(1).
حكم: إذا ادعت الدخول وأنكره ونظر إليها فرؤيت باكراً فادعت الدخول دبراً فإن اختلى بها مدة كافية فالقول قولها مع القسم، نعم في الحال الحاضر يمكن فحصها طبياً لو كان داخلاً فأن أختار فحصها فله ذلك وهي أما تصدقه بعدم الدخول أو أن تقبل بالفحص أو يتحالفان.
حكم: إذا اختلفا بفرض المهر فأدعى عدم ذكر مهر وقالت بل ذكر المهر فالأصل معها فأن الأصل أن الزواج له مهر فعن أبي عبد الله (ع) قال: (إذا تزوج الرجل المرأة فلا يحل له فرجها حتى يسوق إليها شيئاً درهما فما فوقه أو هدية من سويق أو غيره(2)).
وعنه (في المرأة تهب نفسها للرجل ينكحها وبغير مهر فقال أنما كان هذا للنبي (ص) وأما لغيره فلا يصلح هذا حتى يعوضها شيئاً يقدم إليها قبل أن يدخل بها قل أو كثر ولو ثوباً أو درهما وقال يجزي الدرهم ). وعليه ما دام أعترف بالزواج فعليه بالمهر فإن ذكرت رقما وقال هو أقل منه فالقول قوله إلا أن يقول بما لا يعتبر عرفاً.
حكم: إذا اختلفا في التأجيل والتعجيل فقالت المرأة أنه معجل وقال هو مؤجل فالأصل معها لاستحقاقها بمجرد العقد وإن كان متزلزلاً كما قلنا وكذا لو اختلفا بقلة المدة وطولها فالأصل مع قلة المدة.
حكم: لو أتفقا على المهر وأدعى تسليمه وأنكرت فهي منكرة والقول قولها مع يمينها، وإذا دفع لها المهر فادعت أنك دفعت لي هبة وأن المهر لم تدفعه فهو أعرف بنيته بل حتى لو كانت بنية الهبة فله أن يرجع بهبته إلا أن تكون من الأقرباء كما مر في أحكام الهبة.
حكم: لو زوج ولده الصغير فأن كان للولد مال فالمهر على الولد وأن لم يكن له مال فالمال على الوالد وحتى لو مات الوالد فالمهر في تركته وإن لم يصرف المهر حتى كبر الولد وأيسر فالأقرب سقوط الصرف عن الوالد ووجوبه على الولد لأن ضمان الوالد بحجة تزويجه الصغير والصغير لا يملك نعم لو بقي فقيراً فالاستصحاب يقتضي البقاء في تركه الوالد ففي موثق عبيد قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يزوج إبنه الصغير قال (إن كان لإبنه مال فعليه المهر وأن لم يكن للابن مال فالأب ضامن المهر ضمن أو لم يضمن) (3).
والفضل بن عبد الملك قال: (سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يزوج إبنه وهو صغير فدخل الابن بامرأته على من المهر على الأب أو على الابن؟ قال: المهر على الغلام وأن لم يكن له شيء فعلى الأب ضمن ذلك على إبنه أو لم يضمن إذا كان هو أنكحه وهو صغير).
حكم: لو دفع الوالد المهر من جهة إعسار الولد ثم بلغ الصبي وطلق المرأة قبل الدخول يشكل تملك الولد نصف المهر لأن تملك المرأة بمجرد العقد متزلزلاً كما قلنا فإن طلقها رجع نصف المهر إلى مالكه وهو الوالد والأحوط المصالحة ولا يأخذه الولد إلا بإذن الوالد.
حكم: لو أصدقها صنعة أو قراءة معينة فادعت أنه لم يعلمها أو لم يكمل تعليمها فالقول قولها وإذا أقرت بأنه علمها غيرها فله أن يطالب بالتقاص وجعل ما علمها بدلاً عما طلب منه على إشكال أحوطه المصالحة.
حكم: لو أدعت أنه تزوجها مرتين وبمهرين وأنكر وقال أنه عقد واحد كرره مرتين فهو منكر والقول قوله من جهة أصالة عدم الزيادة وعدم التكليف بمهرين وعدم تعدد الحادث واستصحاب العقد الأول وعدم المخرج منه إلا أن تأتي بقرينة شرعية على بطلان الأول بانتهاء عدتها منه وأما لو حصلت الرجعة بعد الطلاق فلا يعتبر الرجوع عقداً ثانياً حتى لو أعاد لفظ العقد.
حكم: لو أمهرها شيئاً مغصوباً فإن كان كلياً صح المهر وملكته وعليه أن يرجع الكلي إلى مالكه وإن كان عينا معينة صح المهر ووجب إرجاع العين لصاحبها وتبديلها بالمثل أو القيمة إلا أن يكون قرار المهر مقيداً بتلك العين فقد بطل المهر ووجب فرض مهر غيره إلا أن يقبل المغضوب منه إبقاءها مهراً بطلب مثلها أو قيمتها أو وهبها للغاصب مجاناً وإذا وهبه المالك لها لا للزواج صار ملكها وليس بمهر فعلى الزوج بذل المهر لها.
حكم: إذا كانت ممتنعة من الجماع بها بعذر أو لا بعذر فقهرها على الجماع رغماً لها فطلبت زيادة بالمهر بسبب القهر فلا حق لها وللزوج الحق بقهرها على الجماع إلا أن تكون ممتنعة للشك بأداء المهر فلها الحق ووجب تعجيل المهر ولكن لاحق لها بالزيادة وإذا كانت ممتنعة فقهرها وطلب منها نقصان المهر الذي عليه لامتناعها عن حقه بالجماع أو اسقاط المهر فلا حق له وامتناعها وعدمه لا علاقة له في مقدار المهر.
حكم : ورد عن أبي جعفر (ع) في رجل تزوج امرأة فدخل بها فأولدها ثم مات عنها فادعت شيئاً من صداقها على ورثة زوجها فجاءت تطلبه منهم وتطلب الميراث؟
فقال (ع): (أما الميراث فلها أن تطلبه وأما الصداق فأن الذي أخذت من الزوج قبل منه وقبلته ودخلت عليه فلا شيء لها بعد ذلك)(4).
هذه الرواية مجملة وفي تفصيل المسألة يحتاج إلى أدلة أخرى إذ أن المرأة جاءت تطلب شيئاً من المهر ولم تطلب المهر مما يتبين أنها استلمت المهر وجاءت تطلب الزيادة عليه فحكم الأمام (ع) بعدم حق الزيادة وأما لو ثبت بأن المهر كان بعضه معجل وآخر مؤجل ولم تستلم المؤجل فلها حق المطالبة فقط أو أثبتت أن كل المهر كان مؤجلاً وأنها سلمته نفسها بدون أن تستلم المهر ولا شيئاً منه فلها المطالبة أيضاً وإذا استلمت المهر أو بعضه ثم وصى الزوج بأعطاء شيء لزوجته فهو استحقاق بالوصية وليس بسبب المهر.
حكم: إذا أختلفا في شرطية شراء الأثاث بالمهر وعدمه فالظاهر أن القول يقدم من أنكر الشرطية لأن المهر هو لها قبال تمكينه من جماعها وليس شرطاً عليها أن تشتري الأثاث الذي يعيشان به إلا مع ثبوت ذلك الشرط بالنص في ضمن العقد أو كان العقد مبنياً على العرف.

حكم: النماء يتبع المهر ويكون للذي ابتدأ عنده فعن عبيد بن زرارة قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل تزوج امراة على ماءة شاة ثم ساق إليها الغنم ثم طلقها قبل أن يدخل بها وقد ولدت الغنم قال: (إن كان الغنم حملت عنده رجع بنصفها ونصف أولادها وإن لم يكن الحمل عنده رجع بنصفها ولم يرجع من الأولاد بشيء)(5).


(1) الوسائل ب54 المهور.

(2) الوسائل ب7 ح1 و4 المهور.

(3) الوسائل ب28 ح1 و2 و4 مهور.

(4) الوسائل المهور.

(5) الوسائل ب34 ح1 المهور.