بنو امية وموبقات عثمان

حكم- تركنا كثيراً مما فعله ابو بكر وعمر من البدع والمخالفات وكثيراً من احوال ولاتهما اولاً لان هذا الكتاب موسوعة فقهيه وليس كتاب تاريخ ولا في اصول الدين واذا اردت بعض التفصيل فراجع الجزء الاول فانه في اصول الدين وراجع كتابنا ميثاق الاسلام في عيد الغدير, عثمان واعوانه وبنو أمية قال الله تعالى [وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا...39](1), وهؤلاء ليس من الذين كفروا بالله وانما كفروا بالحق الذي جاء به الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من الكتاب والعترة وكفروا بالعمل تبعاً لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يؤمنوا بذلك واقعاً وعصوه وردوه ثانياً, بدليل ان الكافرين هنا لو قصد بهم المشركون المعروفون فالمشركون لم يحسب الظمئان عملهم ماء وانما كل البشر يعلم انهم ليسوا على دين ولا على شيء يفيد الظمئان لطلب الحقائق ويروي عطش الظمآن المفتش عن العلم والطالب للحقيقة, قال هذا بعدما قرر نور الله وانهم رجال بعد رجال الى يوم القيامة, وطبق في التفسير الصحيح به الائمة المعصومين(ع) , ثم قال ان اعمال الذين كفروا كسراب [أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ...40] عميق مظلم, وفسر به ابو بكر [مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ...40] وفسر به عمر [مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ...40] وفسر به بنو امية وهم [ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ...40] رجال بعد رجال [إِذَا أَخْرَجَ...] الذي يدرك حكمهم وفسادهم وجورهم [يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ40](2).
ومن لم يتبع اماماً من ولد فاطمة(عليها السلام) وهو النور فما له من نور غيره, وقال تعالى: [وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا60](3).
وقدر ان احاطة الله تعالى اعطاء القدرة لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) ان يحيط بهم بقتلهم في بدر واشاعة الاستيلاء على قلوب كل المشركين بسبب هلاك عظمائهم في بدر كالسلك يحيط بالقوم وكالخيمة تشملهم فهذه بشارة بانتصار الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عليهم في بدر وسيتم الانتصار عليهم على يدي الامام الحجة(ع) قريباً ان شاء الله.
والرؤية التي رآها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انه رأى قروداً ينزون على منبره وهم بنو أمية يستولون على حكم الناس من بعده, فاصبح مغموماً واخبر اهل بيته بما يصيبهم على ايديهم ودوام سلطانهم الى الف شهر كما قلنا آنفاً وروينا(4) وان الله سيوخفهم بثورات ومحاولات للمجاهدين لقلب حكمهم وقتل جماعة كبيرة من اعوانهم كما حصل على يد امير المؤمنين(ع) من قتل مأة الف في صفين والحسين(ع) قتل ثلاثة آلاف والمختار قتل مئة وخمسين الف وفي فتنة ابن الزبير قتل ما يزيد على مأتي الف وهكذا على يد يزيد والحسين شهيد فخ ولكن هذه الثورات لم ترجعهم عن الطغيان والعدوان لله ولرسوله واهل بيته وشيعتهم بل زادهم طغياناً كبيراً كما صرحت الآية والوهابية واسلافهم صرفوا اللعن في هذه الآية الى شجرة الزقوم التي في جنهم قلت: اولاً: ما ذنب تلك الشجرة وهي مطيعة لله في في حرق اعداء الله ولماذا لم يلعن ايضاً ملائكة النار معها ولم خصت هي في اللعن فهذا كذب وافتراء على الآية.
ثانياً: ماذا كانت الرؤيا للنبي اكانت رؤيته دخول المسجد الحرام او رؤية المعراج وما علاقته تلك الرؤية بشجرة الزقوم المفترى عليها؟!
فهذا محض الكذب وتقطيع للقرآن بدون وجه مقبول بالاضافة الى ان الشيعة اعتمدوا في تفسيرهم على حديث النبي وعترته الصادقين(ع) لا على بني أمية واعوانهم اكذب الكاذبين.
حكم- ان عمر هو الذي شيد حكم بني امية ومكنهم من دماء واعراض ودين المسلمين, فالاول والثاني الذين نصبهما هما معاوية ويزيد اخاه نصبهما في الشام الواحد خلد الآخر, والثالث: سعد بن ابي وقاص ولاه عمر على جيوش المسلمين واوصى بتوليته الكوفة ولكن عثمان طرده وجعل عليها الوليد بن عقبة اخاه من امه وابن سعد هو عمر بن سعد الذي قد الجيوش لقتال الحسين(ع) وكان اول من رمى السهم الى اصحاب الحسين(ع) .
والرابع: ابو موسى الاشعري وهو من المقربين عند عمر وولاه على البصرة فعزله عثمان فتولى على الكوفة ولهذا جاءت الروايات في ذمة وانه من المنافقين وذكره حذيفة في المنافقين.
والخامس: الثلاثة معاوية ويزيد وعتبة ابناء ابي سفيان وابوهم فهم الملعونون على لسان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولعن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ابا سفيان في سبعة مواضع.
وعمر هو الذي شجع معاوية على حالة البذخ والسير امام المواكب العظيمة والاحتجاب عن الناس والحالة الكسروية المترفة, فقد ورد ان عمر كان يمقت المواكب العظيمة للولاة فمنعهم واستثنى معاوية وكان عمر يكره وقوف الناس على باب الولاة الا في باب معاوية ولما دخل عمر الشام ورأى معاوية فقال هذا كسرى العرب, وعين عمر يزيد على جيش الشام ثم والياً على فلسطين حتى مات سنة 19هـ وعين عتبة على الطائف وهو الذي اعان عائشة على حرب امير المؤمنين(ع) فذهبت عينه وشهد صفين مع معاوية, وعلى هذا فالقول في زيارة الامام الحسين(ع) : (لقد عظمت المصيبة وجلت الرزية بك علينا وعلى جميع اهل الاسلام فلعن الله ما اسس اساس الظلم والجور عليكم اهل البيت), يشمل هذا اللعن الخلفاء الذين دعموا ونصبوا معاوية واخوته, كما يشملهم الدعاء (ولعن الله امة دفعتكم عن مقامكم وازالتكم عن مراتبكم التي رتبكم الله فيها).
وعلى هذا ايضاً ان الامويين لم يفقدوا السلطة الا في ثلاث سنين في فتح مكة الى وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ورجعت اليهم بعد وفاته مصحوبة بالشرعية البكرية ثم العمرية ثم الخلافة العامة وتوسعت في البلاد تحت غطاء الاسلام والجهاد الاسلامي ولذا ترى الوهابيين لم يعدوا الامويين متوسعين طمعاً وكفراً وامهم هند آكلة اكباد العظماء المجاهدين طلبت من زوجها وجيشها في طريقهم لحرب أحد نبش قبر امنة بنت وهب ام الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وقالت (فان اسر منكم احد فديتم كل انسان بارب من آربابها أي عضو من اعضائها)(5) وهي آكلة اكباد الشهداء وما نفعهم ذلك غير الخزي والعار واللعن وفي الآخرة عذاب اليم وخلود في جهنم وبئس المصير ليلة القدر النازلة على ائمتنا خير من طول حكمهم وقد خاطب الامام الحسن(ع) لمعاوية: (انت ببيعة الرضوان كافر وببيعة الفتح ناكث وانك يا معاوية واباك من المؤلفة قلوبهم تسرون الكفر وتظهرون الاسلام وتستمالون بالاموال)(6)
وارسل له قيس بن سهد كتاباً الى معاوية (اما بعد فانك وثن ابن وثن دخلت في الاسلام كرهاً وخرجت منه طوعاً ولم يقدم ايمانك ولم يحدث نفاقك)(7), وقال صعصعة: علي واصحابه من الائمة الابرار وانت واصحابك من اولئك الفسقة)(8), وقال عقيل بن ابي طالب: (تركته (علياً) على ما يحب الله ورسوله والفيتك على ما يكره الله ورسوله)(9).
وصرح ابو سفيان اذ دخل في مجلس عثمان في خلافته بعد ما عمي فقال هل ها هنا احد, من بني هاشم؟ قالوا لا قال اللهم اجعل الامر امر جاهلية والملك ملك غاصبية واجعل اوتاد الارض بني امية وقال تلقفوها يا بني تلقف الكرة فو الذي يحلف به ابو سفيان ما من جنة ولا نار.
وعن الحسن البصري اربع خصال في معاوية لو لم تكن فيه منهن الا واحدة لكانت موبقة, الاولى انتزاؤه على هذه الامة بالسفهاء بغير مشورة وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة, والثانية: استخلاف ابنه السكير الخمير يلبس الحرير ويضرب بالطنابير, والثالثة: ادعاؤه زياداً, والرابعة: قتله بحر بن عدي واصحابه ويل له من حجر واصحابه ويل له من حجر واصحابه(10), ومن اعمال معاوية انه كان في اليمن عند فتح مكة وارسل رسالة الى ابيه ومنها:


يا صخر لا تلمن يوماً فتفضحنا

 

بعد الذين ببدر اصبحوا مزقا(11)



(1) سورة النور 24/39.

(2) سورة النور 24/40.

(3) سورة الاسراء17/60.

(4) وحساب الالف شهر = 83 سنة واشهر تبدأ من استشهاد الامام الحسن(ع) في 7/صفر/50 من الهجرة + 83 = 133 وهي سنة قتل مروان الحمار آخر خلفاء بني أمية وانتقال الحكم لبني العباس.

(5) كما في سيرة الحلبي 2/218.

(6) المفاخرات لابن بكار الزبيري وشرح النهج.

(7) البيان والتبيين للحافظ 2/87.

(8) مروج الذهب 3/36 و 2/343.

(9) مروج الذهب 3/36 و 2/343.

(10) تاريخ الطبري في حوادث سنة 50 هـ والكامل لابن الاثير 3/202 وتاريخ ابن عساكر 2/329.

(11) شرح النهج 2/102.