استعمال الخليفتين الولاة من المنافقين والطلقاء

حكم- ان ابا بكر وعمر استعمل من العمال والولاة في طول البلاد الاسلامية من الطلقاء والمنافقين والمجرمين الذين هجموا على اهل البيت بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لنشر ثقافة العداء لامير المؤمنين(ع) واهل بيته وقد توصل الى مراده وقد صرح بذلك عمر عند موته قائلاً لو استقبلت ما استدبرت ما استعملت احداً من الطلقاء(1).
وهذه القضية طبيعية من جهتين الاولى ان الذين ساعدوه في انقلابه على الاسلام وعلى اوامر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من قبل وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من كتابة الصحيفة بقطيعة اهل البيت وابعادهم عن الولاية على الناس بل وقتلهم وفي الرد على النبي عند طلبه للدواة والكتف ليكتب لهم باتباع اهل بيته من بعده.
ومن رجوعهم من جيش اسامة ومن تشكيل السقيفة وضرب الانصار لمنعهم التدخل بالحكم ودفع ابا بكر على المنبر ثم الدوار على بيوت الناس لطلب البيعة اختياراً او قهراً وبالترهيب والترغيب, في كل ذلك قام مع السلطة المنافقون والطلقاء والاعراب من اهل المدينة ومن حولها فلا بد من رد جميلهم بتسليطهم في المناصب العالية فهذا قاضي وهذا امين بيت المال وهذا والي لدولة وولاية عظيمة وهذا مستشار سيادة السلطان وليس بالمهم سواء كان يفهم او لا يفهم شيئاً.
ثانياً: انه ولّى ونصب بالوظائف العالية الصالحين والمخلصين وذوي الارادة الحقة لناقشوه في كثير من اقواله وافعاله ولم يسمعوا اوامره ويعملوا بها وسوف يعرفون الناس عن قبول اوامر الجور والمخالفات لله ولرسوله وقد علمت ان اكثر مخالفات عمر صريحة وبدون حياء ولا خوف بانها بدعة ومخالفة لله ولرسوله وانه يعلن للملأ بان قال الله واقول انا وقال في شرح نهج البلاغة عن جواب عمر لسائل قال واعجب من ذلك قول عمر وقد قيل له انك استعملت يزيد بن ابي سفيان وسعيد بن العاص ومعاوية وفلاناً وفلاناً من المؤلفة قلوبهم من الطلقاء وابناء الطلقاء وتركت ان تستعمل علياً والعباس والزبير وطلحة؟ فقال اما علي فانبه من ذلك واما هؤلاء النفر من قريش فاني اخاف ان ينتشروا فيكثروا فيها الفساد.
يقصد فسادهم لمقامه وطلبهم الخلافة او التحرش بشؤونها وهو عارف بذلك ولذلك انتخبهم للخلافة من بعده وجعلهم في الشورى, اقول انه لم يصدق في الجواب عن علي امير المؤمنين(ع) وانما خاف ان يتبعه الناس دونه لو جعله مستشاراً او والياً في ولاية ذات شأن كمكة واليمن والشام والعراق خصوصاً وقد اشتهرت المعراة والحماقات المستعملة في ابعاده عن طلب الخلافة من الهجوم وقتل الزهراء وجنينها وغصب ارضها والاتيان بشيعته وقهرهم على المبايعة, واستعمال ابي بكر وعمر الطلقاء والفسقة هو الذي جرأ عثمان لاستمال اشرهم من الزنائين والخمارين وابعاد من كان فيه شيء من الشرف والايمان والعفة وسيأتي الكلام على ولاة عثمان الفجرة والقتلة.
وعمر كتب الى عمرو بن العاص: بسم...الى العاصي بن العاصي عجبت لك يا ابن العاص لجرأتك عليَّ وخلاف عهدي اما اني قد خالفت فيك اصحاب بدر ممن هو خير منك واخترتك لجزائك عني وانفاذ عهدي فاراك تلونت بما قد تلونت, مجمل صفات ولاة عمر بعد تخريج الصالحين المخلصين منهم حيث ولاهم بمدد قصيرة جداً وهم سلمان المحمدي L وحذيفة اليماني وعمار بن ياسر, والبقية من الفسقة والمنافقين ولم تثبت لهم صحبة فهم من المجرمين الذين هجموا على فاطمة الزهراء(عليها السلام) بعضهم اعطاهم اكبر الولايات واطول المدة كالملعون معاوية, وبالجملة فالمشتركون بالهجوم محمد بن مسلمة وهو رسوله الى الولاة وعبد الرحمن بن عوف, والمغيرة بن شعبة وهو ازنى قريش والذي شهد عليه اهل الكوفة فجلد عمر الشهود وبقي المغيرة سالماً وقد ولاه على البحرين ثم البصرة ثم الكوفة ونسب اليه الالحاد بالله وقد اعترف عمر بفسقه ومع ذلك ولاه الولايات الواسعة.
وكيفية اسلام المغيرة معروفة انه قتل 13 نفساً من قومه غدراً وسلب مناعهم وقال امير المؤمنين(ع) فيه: (انه يلبس الحق بالباطل وانما كان اسلامه لفجره وغدره غدرها بنفر من قومه فتك بهم فهرب)(2).
وقنفذ العبد النذل الذي لطم الزهراء(عليها السلام) وكسر ضلعها ولاه على مكة!! وحاسب كل الولاة الا هذا العبد وامثاله جزاء لهم وشكر على هجومهم معه, وسلمه بن سلامه ولاه على اليمامة وهو الذي اتهم رجلاً بنكاح ناقته فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (مه افحشت على الرجل) ثم اعرض عنه(3), وكان مع عمر عند الهجوم على بيت فاطمة(عليها السلام)(4), وزياد بن لبيد والياً على حضرموت, وابو عبيدة الجراح الفهري الذي سموه امين الامة لانهم استأمنوه على صحيفة كتبوها بعدما نصب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) علياً(ع) في غدير خم ومضمون الصحيفة ان لا يجمع النبوة والخلافة لبني هاشم ومن ادعى منهم الخلافة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاقتلوه واودعوا هذه الصحيفة عند امينهم ابن الجراح, والمثنى بن حارثة, وعمرو بن العاص وهو ابن زنا لان العاص عقيم لا نسل له كما في سورة الكوثر انه ابتر ونسبه الاصحاب الى الالحاد بالله تعالى وامه بغية من ذوات العَلم, ونافع الخزاعي على مكة, وسفيان الثقفي على الطائف, وحذيف بن محيصن العلقائي تولى اليمامة, وابو موسى الاشعري على البصرة ثم على الكوفة سماه رسول الله منافقاً وهو ابن زنا وسماه امير المؤمنين(ع) والمؤمنون بالمنافق وهو ثبط اهل الكوفة عن نصرة امير المؤمنين في حرب البصرة وصفين وهو شريك عمرو بن العاص في خلع امير المؤمنين(ع) من الخلافة واثبات معاوية مكانه.
وعمير بن سعد على حمص, ومعاوية بن ابي سفيان على الشام, وهو الذي لعنه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مع ابيه واخيه وهو الذي سن اللعن على امير المؤمنين(ع) واباح دماء الشيعة لاعراضهم واموالهم وهدم بيوتهم, وفتنته سببت قتل 150 الف من المسلمين منها حوالي المئة الف في صفين حوالي الخمسين الف في بصوته الجيوش للحجاز والكوفة واليمن والانبار وغيرها, وعاهد الامام الحسن(ع) ثم سحق ورقة المعاهدة تحت قدمه مصرحاً بذلك ثم اغتال الامام الحسن(ع) بالسم بواسطة جعدة بنت الاشعث وهي بنت اخت ابي بكر (ام فروة), وهو الذي اكثر من الرشوة لمن يكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في احداث فضائل للخلفاء الثلاثة وفي ذم امير المؤمنين(ع) ونسبه فضائله لاعدائه.
وحساب الالف شهر لحكم بني أمية الذي اشارت اليه الآية [لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ3], ليلة القدر التي فيها اثبات استمرار نزول الملائكة على النبي والائمة الاثنى عشر الى يوم القيامة خير لاهل البيت(ع) من حكم بني امية الف شهر من اول خلافة معاوية من مقتل الامام الحسن(ع) حيث استتب الحكم لمعاوية سنة 50هـ, وسنذكر رواية الالف شهر في بني امية قريباً.
وعثمان بن ابي العاص الثقفي على البحرين, وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (اذا بلغ بنو العاص (بنو معيط) ثلاثين اتخذوا مال الله دولاً وعباده خولاً ودينه دغلاً), وقد ولاه عمر واعترف عمر بقوله (من استعمل فاجراً وهو يعلم انه فاجر فهو مثله)(5).
وابو بكرة نفيع بن الحرث بن كلدة الذي شهد على المغيرة بالزنا وهو من مسلمي الفتح ولم يذكر له صحبة أمره عمر على مكة تركها هو واستخلف مكانه مولاه عبد الرحمن بن الزي.
الحجاج بن عتيك الثقفي ولاه على الفرات, جزء بن معاوية عم الاحنف كان على سرق واختلف في صحبته للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) , بشر بن المحتقر كان على سابور, خالد بن الحرث من دهمان كان على بيت مال اصبهان, وعاصم بن قيس بن الصلت السلمي كان على المناذر, وسمرة بن جندب على سوق الاهواز, وهو الذي قتل كثيراً من الناس في البصرة واستلم 400 الف درهم من معاوية ليروي آية ذم في علي(ع) وآية مدح في ابن ملجم وهو النازلة فيه [وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى8 وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى9](6), عندما أذى جاره بسبب اكل اطفال الجار بعض ثمر شجرته المتدلية اغصانها في بيت الجار(7) وكان معيناً لزياد ابن ابيه في قتل شيعة الكوفة والبصرة وبشره النبي بان يموت حرقاً فوقع في قدر متفور ومات سنة 60هـ ولعن معاوية لانه عزله وقال لو اطعت الله كما اطعت معاوية لما عذبني ابداً.
النعمان بن عدي الكعبي كان على كور دجلة, مجاشع بن مسعود السلمي كان على البصرة وصدقاتها وكان على جيش يحاصر مدينة توج وفتحها وقد قتل يوم الجمل في صف جيش عائشة(8), شبل بن معيد البجلي على قبض المغانم, ابو مريم بن محرش الحنفي كان على مرام هرمز, وبعض الولاة كان قد اعتمدهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلا بأس فيهم او حصل انقلابهم وسوء تصرفهم بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مع ذلك اعتمدهم ابو بكر وعمر منهم عثمان بن ابي العيص الثقفي ولاه النبي البحرين ثم ابو بكر وعمر, والعلاء بن الحضرمي حليف بني أمية ولاه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) البحرين ثم ابو بكر وعمر, ومن المجرمين ويظن توبتهم يعلي بن منية (أمية) اسلم يوم الفتح استعمله عمر على اليمن واستعملهُ عثمان على صنعاء اليمن ايضاً وجاء لنصرة عثمان حيث هجوم المظلومين عليه فانكسرت رجله في الطريق وقال من خرج لحرب علي(ع) في مطالبته بدم عثمان فعلي جهازه فاعان الزبير باربعماءة الف وحمل سبعين رجلاً من قريش لحرب البصرة وكان الجمل لعائشة جمله ثم شهد هو وقعة الجمل ثم اهتدى الى امير المؤمنين(ع) وقتل في صفين في جيش علي(ع) (9).
ومن الولاة لعمر سعيد بن العاص وهو من الذين لعنهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) , وعبد الله بن ابي ربيعة المخزومي وهو مع عمر بن العاص كانا سفيرين لقريش الى ملك الحبشة لمحاولة ارجاع المسلمين الهاربين من ظلم قريش لهم وفي حنين وقف مع ابي سفيان يستهزئ بالمسلمين, استلم هذا الظالم الجاهل ولاية مهمة من عمر وولي الجند لعمر وجاء بهم لنصرة عثمان فمات قرب مكة, ومن اقوال عمر لاصحاب الشورى لا تختلفوا فانكم ان اختلفتم جاءكم معاوية من الشام وعبد الله بن ابي ربيعة من اليمن فلا يريان لكم فضلاً لسابقتكم, وبقي في جانب عثمان فقضى حياته كائداً بالاسلام والمسلمين.
وقدامة بن مظعون وهو خال حفصة وعبيد الله بن عمر وهو يشرب الخمر ويستحله حتى اقنع عمر بالتحليل بقوله تعالى: [لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ...93](10), ولكن امير المؤمنين(ع) كذبه لان الآية تقصد طعام المتقين.
وقنفذ بن جدعان وهو مولى لابي بكر وهو الذي هجم على بيت الزهراء(عليها السلام) مع عمر ولطم الزهراء(عليها السلام) وكسر ضلعها واحرقوا باب بيتها, واغرم عمر باكرامه لاجرامه فولاه مكة المكرمة ولم يأخذ منه من امواله التي سلبها في ولايته وقال ابن قتيبة وغيره: ان محسناً فسد من زخم قنفذ العدوي(11).
وزياد بن لبيد بن ثعلبة الخزرجي الانصاري وهو الذي هجم على عمر على بيت الزهراء وكب الزبير وطرحه حتى اخذوا سيفه وهددوه بالقتل وتولى على حضرموت وسبب ارتداد اهل كندة عن الاسلام.


(1) كما في ربيع الابرار 4/219.

(2) السيرة الحلبية 2/149 وسيرة ابن كثير 2/390.

(3) السيرة الحلبية 2/149 وسيرة ابن كثير 2/390.

(4) شرح نهج البلاغة 6/47 والسقيفة وفدك لابي بكر الجوهري.

(5) تاريخ عمر لابن الجوزي 56.

(6) سورة الليل 92/8 – 9.

(7) راجع جرائمه تاريخ الطبري 6/132 ولسان العرب لابن منظور 3/294 وشرح النهج 1/361.

(8) اسد الغابة 5/60.

(9) مختصر تاريخ ابن عساكر لابن منظور 28/58.

(10) سورة المائدة 5/93.

(11) ابن قتيبة بالطبقات الاخيرة وابن شهر آشوب.