جريمة ضرب الناس على البكاء على الاموات

حكم- البكاء من الدليل على عواطف النفوس الجياشة وتأثرها بالوقائع الواقعة على الناس, والبكاء هو عادة الخاشعين والمتعبدين من الانبياء والمرسلين(ع) والاوصياء والاولياء(ع) , والبكاء انه حالة صحية للعين لاخراج السموم والمياه السوداء والبيضاء وتعقيم العين وتخليصها من الرطوبات الزائدة, والبكاء انه من الرحمة والعطف وشدة الحب والتعلق من الباكي على المبكي عليه ووصل رحمه والتعاطف مع اهله وذويه ومحبيه كما ورد في الحديث والمنع للبكاء لا يكون الا من انسان ظالم متجاوز على حقوق الناس وهادر لكرامات المؤمنين متنكر لطبائع العقلاء خارق لنظام خلق الله تعالى متجاوز على الشرع كافر لقانونه وهذا رسول الله قد بكى على عمه حمزة بل شهق عليه(1), بل باشاعة البكاء على حمزة في اهل المدينة فقد ورد ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما رجع من احد جعلت نساء الانصار يبكين على من قتل من ازواجهن, قال: فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (لكن حمزة لابواكي له), وقال ايضاً في قتل جعفر: (على مثل جعفر فلتبك البواكي)(2), وعن اسامة بن زيد قال: ارسلت ابنة النبي اليه ان ابناً لي قبض فأتنا فقام ومعه جماعة فرفع الصبي الى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ونفسه تتقعقع ففاضت عينا رسول الله فقال سعد يا رسول الله ما هذا؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده انما يرحم الله من عباده الرحماء)(3), وتعالى وانظر سيرة عمر مع الباكين على الميت مهما كان عظيماً حتى البكاء على مثل ابي بكر الذي صدقه اكثر من تصديق الله ورسوله في حوادث كثيرة انه يضرب الباكي بالعصا ويرمي بالحجارة ويحثي عليه بالتراب فبالنسبة لابي بكر فقد جاء الخبر بان عائشة وعمتها ام فروة اقامتا عزاء على موت ابي بكر فهجم عمر على النساء الباكيات واخرج ام فروة وضربها وامر عبده بضربها بدرته(4).
هذا مع ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد نهاه بالخصوص مراراً كثيرة ففي موت ابنة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) او ربيبته وبكاء النساء عليها قال فجعل عمر يضربهن بسوطه فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : (دعهن يبكين) وقعد (النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ) على شفير القبر وفاطمة الى جنبه تبكي, قال: فجعل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يمسح عين فاطمة بثوبه رحمة لها(5), أي جراة على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) واي استهانة بوجوده انه يضرب الناس الباكين امام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الا يعلم ان رسول الله هو اعرف بحكم الباكي انه يستحق الضرب والاهانة ام بالعكس يستحق الرحمة والتواسي كما فعله الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في كل المواقف.
وعن ابي هريرة انه مر على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جنازة معها بواكي فنهرهن عمر فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (دعهن فان النفس مصابة والعين دامعة)(6), وسمع يوماً نائحة في بيت فدخل عليها في عهد خلافته فمال عليهن ضرباً بدرته حتى بلغ النائحة فضربها حتى سقط خمارها ثم قال لغلامه اضرب النائحة ويلك اضربها فانها نائحة لا حرمة لها(7).


(1) الاستيعاب في ترجمة حمزة.

(2) مسند احمد 2/40 و 335.

(3) البخاري 1/152 ومسلم 1/1 البكاء على الميت.

(4) تاريخ الطبري 4/ حوادث سنة 13 والكامل في التاريخ 2/204 وكنز العمال 18/118 كتاب الموت.

(5) مسند احمد 2/40 و 335.

(6) مسند احمد 2/40 و 335.

(7) شرح النهج 3/111.