المخالفة السادسة: قتال سادة المؤمنين ومنهم قوم مالك بن عروة باسم مانعي الزكاة

حكم- اناس من المؤمنين امتنعوا ارسال الزكاة الى ابي بكر لعلمهم بانه غاصب وليس بخليفة وان النص النبوي بالخلافة لعلي(ع) فاستشار ابو بكر بعض جماعته فالاكثر صنعوا من قتال المصلين فقال ابو بكر قولته المخالفة للاسلام والمناقضة للقرآن وهي عدم قتل وقتال المسلم بمجرد عدم اعطاء الزكاة, فقال ابو بكر (والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه الى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لقاتلتهم على منعه).
اقول باي قانون قال هذا وقد فعل وان في القرآن دستور من قبله انه حين عصى المنافق ثعلبة ومنع الزكاة وابتعد عن المدينة عصياناً للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يأمر الرسول بقتله زنزل القرآن بعصيانه قال تعالى: [وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ75 فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ76 فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا...77](1), ولم يقتله الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فبأي شريعة انت تقتلهم وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (امرت ان اقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله وان محمداً رسول الله فمن قالها عصم مني ماله ودمه الا بحقها وحسابهم على الله).
اذا عرفت ذلك فراجع الجرائم العظمى في حق مالك بن نويرة وهو من بني يربوع من علية العرب اسلم وهدى قومه للاسلام فولاه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على صدقات قومه فهو امين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا يجوز له ان يسلم الصدقات لكل من ادعى بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى يطمئن بشرعية خلافته.
وكيف يتصدق وبالامس قد بايع علياً في غدير بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبامره ومالك لم يشق عصا المسلمين ولم يرتب بالايمان ولم يخالف الاسلام وانما تريث بامر الخلافة خصوصاً وقد وصل اخبار المعرات الاجرامية بحق اهل البيت(ع) والهجومات على بيت فاطمة وقتلها وقتل جنينها, ومعلوم ان خالد اراد قتل امير المؤمنين(ع) فكيف لم يقتل المرتاب بالخلافة من اجل ما فعلوا مع امير المؤمنين(ع) فلما جاءت الغارة لبلدهم بقيادة خالد امر قومه بالتفرق لعدم مواجهة الغارة ومنعاً لحصول الحرب واتفق اهل السير بان خالداً حين احتل البطاح لم يجد فيها احداً من اهلها لان مالكاً قد فرقهم لئلا يصطدموا بالجيش وقال لهم اياكم والمناوأة ونصحهم بالبقاء على الاسلام(2), فلما لم ير خالد احداً ارسل سراياه فجاؤا بمالك وجماعة من قومه فحبسهم وعن ابي قتادة الانصاري انهم لما غشو القوم راعوهم تحت الليل فاخذ القوم السلاح فقلنا نحن مسلمون فقالوا نحن المسلمون قلنا فما بال السلاح معكم؟ قالوا لنا فما بال السلاح معكم؟ فقلنا فان كنتم كما تقولون فضعوا السلاح فوضعوا السلاح ثم صلينا وصلوا.
قلت وبعد الصلاة خفوا الى الاستيلاء على اسلحتهم وشد وثاقهم وسوقهم اسرى الى خالد وفيهم زوجة مالك ليلى بنت المنهال ام تميم وكانت من اجمل نساء العرب(3) فاجلسها خالد في جنبه وقال لمالك وهو مقيد اني قاتلك, قال له اوبذلك امرك صاحبك؟ يعني ابا بكر, ولماذا تقتلني وانا مسلم وقد صليت بصلاتكم؟ فكرر اني قاتلك, فقال مالك يا خالد ابعثنا الى ابي بكر فيكون هو الذي يحكم فينا فقد بعثت إليه غيرنا ممن جرمه اكبر من جرمنا والح ابو قتادة وعبد الله بن عمر ببعثهم الى ابي بكر فابى وقال لا اقالني الله ان لم اقتله وتقدم الى ضرار بن الازور الاسدي بضرب عنقه فالتفت خالد الى زوجته وقال هذه التي قتلتني فقال اه خالد بل الله قتلك برجوعك عن الاسلام, فقال له مالك اني على الاسلام, فقال خالد يا ضرار اضرب عنقه فضرب عنقه.
وما اكتفى بذلك اللعين وانما مثل برأسه والمثلة حرام في الاسلام فجعل رأسه اثقية تحت القدر وفجر بزوجته في نفس الليلة ومعلوم انه حتى لو كانت زوجته كافرة يجب ان يبرئ رحمها بحيضتين ولكنهم فجرة وقتلة ومجرمون, ثم قتلوا الاسرى أجمعين.
وثار ابو قتادة على فعلة خالد من الفجور بالمصحنة وقتل المسلمين والمثلة برؤوسهم وساعده عمر بن الخطاب للعداوة بين عمر وخالد, وبالجملة فخالد بقي في زناه ولم يفصل الخليفة عنه ليلى مع ان الثابت ان الداخل في ذات العدة تحرم عليه مؤبداً سواء مشتبهاً او زانياً متعمداً, فلو بقيت معه فهو زان مؤبد بامر خليفته.
وكان الحكم الشرعي ان يقتل حداً ويقتل ايضاً قصاصاً لمالك بن نويرة رحمه الله ويقتل كل من اعانه على قتل مسلم مع ظهور اسلام المقتولين.


(1) سورة البراءة 9/77.

(2) كتاب الصديق ابو بكر لحسين هيكل 144.

(3) عبقرية خالد لعباس العقاد واكثر كتب الحديث والسيرة ذكرت تلك الجريمة والاكثر اعترف بالزنا المحصن والقتل ظلماً.