المعصية والجهالة الثالثة في خلافتهم: منع سهم ذوي قربى النبي(ص) من الخمس عن فاطمة وعلي والحسن والحسين(ع)

حكم- الانقلاب بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شمل كل شيء ولم يكتف الشيوخ ان يستلموا السلطة وانما محوا كل ما كان عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكثيراً مما نزل به القرآن الكريم واوائل ما غيروا منه منافع اهل بيته حقهم لاخضاعهم لهم بالكامل ولافقارهم حتى لا يستطيعوا اكرام الناس الذي من اسباب بقاء الناس التعلق بهم لبقاء المحسن امير على المحسن عليه كما عن أمير المؤمنين(ع) قوله: (احسن الى من شئت تكن اميره واحتج الى من شئت تكن اسيره واستغن عمن شئت تكن نظيره), ولا يهم عند الشيوخ ان تكون المخالفة لصريح القرآن ام لامر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وفعله واتباعهم يؤولون كل شيء لتصحيح عملهم وغسل عارهم وارجو من المحققين المخلصين من مذاهب السنة التحقيق عن ذلك والقاء التعصب الفارغ جانباً فقد قال تعالى: [وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ...41](1), اجمع المسلمون على ان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يختص له الخمس له ولاهل بيته حقهم وهم علي وفاطمة والحسنين وبعدم حصة الفقراء من بني هاشم والخمسة لا يشترط فيهم الفقر والحاجة ومن بعدهم فللفقير من بني هاشم كما في الصحيحين ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لوفد عبد القيس, شهادة ان لا اله الا الله وان محمد رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وصيام شهر رمضان وان تعطوا من المغنم الخمس(2), فلما تولى ابو بكر أسقط هذا الحق لاهل البيت(ع) ولبني هاشم(3), وباي وجه اسقاط حق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والآية مطلقة وليست مقيدة الحق بحياته وكذلك اهل البيت(ع) .
وعن ابن عباس انه يسخر من منع حق الخمس عن بني هاشم ويعلن سخطه ويقول لسائل: انك سألتني عن سهم ذي القربى الذين ذكرهم الله من هم؟ وانا كنا نرى ان قرابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هم نحن فابى ذلك علينا قومنا(4), وهو مذهب اهل البيت(ع) تبعاً لله ولرسوله, واما المذاهب المخالفة فقد اتبعوا شيوخ السلطة, فمنعوا سهم ذي القربى وجعلوا بني هاشم كسائر الفقراء والمساكين ومالك جعل كل السهم يقسم بنظر الامام وهو السلطان ومن يدعم سلطانه في القضاء والفتوى.
وابو حنيفة كما قلنا فقد اسقط سهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وذوي القربى ولم يفرقوا بين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) واهل بيته وسائر الناس, والشافعي جعله قسمة خمسة اقسام سهم للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يصرف في مصالح المسلمين, وسهما لذي القربى من بني هاشم وبني المطلب للذكر مثل حظ الانثيين والباقي لمطلق الفقراء والمساكين وابن السبيل.
واما الامامية فقسموا الخمس قسمين قسم الامام(ع) وقسم للفقراء من ذرية بني هاشم على الاصل كما قلنا كما عن الباقر(ع) والصادق(ع) في تفسير الآية قال: (خمس الله للامام وخمس الرسول للامام وخمس ذوي القربى لقرابة الرسول), وهو ايضاً الامام واليتامى يتامى الرسول والمساكين منهم وابناء السبيل منهم فلا يخرج منهم الى غيرهم(5).
وعن سليم بن قيس قال: سمعت امير المؤمنين(ع) يقول: (نحن والله الذين عنى الله بذي القربى والذين قرنهم الله بنفسه وبنبيه فقال: [مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ...7](6) منا خاصة ولم يجعل لنا سهماً في الصدقة اكرم الله نبيه واكرمنا ان يطعمنا اوساخ ما في ايدي الناس)(7), وبالنتيجة فالثابت في الصحاح وغيرها تحريم الصدقة على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اجماعاً وعلى اهل بيته وبني هاشم بالاستفاضة في المذاهب واجماعاً عند الشيعة.
وفي مقابل تحريم الصدقة مع انهم لا بد لهم من حقوق في الشرع اصل لهم الخمس وخصهم به, كما انه ثبت عند اهل البيت وشيعتهم ان الغنيمة من كل ما استفاده المسلم من التجارة والصناعة والزراعة والايجار وكل وجوه المعاش مما زاد على حاجته بعد اخراج مؤنة السنة, والآيات باطلاق الغنيمة فتخصيص بعض العامة بغنيمة الحروب لا حجة ولا وجه لهم ابداً وانما ككل المخالفات لله تعالى ولرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) .


(1) سورة الانفال 8/41.

(2) مسلم والبخاري: الخمس.

(3) كما في كشاف الزمخشري.

(4) صحيح مسلم في النساء الغازيات يرضخ لهم أخر كتاب الجهاد 2/105. و مسند احمد 1/294.

(5) وسائل الشيعة ب1 ح2 و4 قسمة الخمس.

(6) سورة الحشر 59/7.

(7) وسائل الشيعة ب1 ح2 و4 قسمة الخمس.