فصل الخلافة القائمة بعد رسول الله(ص) وعدم اهلية عناصرها

حكم- فيما مضى اكملنا باب التولي واهلية عناصره من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الى الاثنى عشر الائمة المعصومين المظلومين الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم اجميعن واهليتهم لخلافة الارض الى يوم القيامة ووجوب توليهم والتمسك بحبلهم.
ثم شرعنا بالتبري ونقلنا بعض المديح السخيف الكاذب لعناصره والمتمثل بالثلاثة المنتصبين بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) , والآن سوف نشير ان شاء الله تعالى الى بعض ما فعلوه حتى استولوا على امور المسلمين واحداث السقيفة اللعينة وما قبلها وما بعدها ثم نختصر لكل واحد منهم بعض اعماله الآثمة وبعض تصرفاته المنحرفة وبدعه المتكثرة, قال الله تعالى: [اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ اللّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ124](1), ان الرسول ومن هو من ولاه من الاوصياء والاولياء هو بامر الله والله هو الذي يعلم اهليتهم لحكم عباده من عدم اهلية غيرهم والذي يبدل ويغير قانون الله واخباره فهو مجرم ولا يعقل ان الله أنزل في شرعه كل صغيرة وكبيرة الا احصاها وبينها واودعها في كتبه المنزلة وفي صدور انبيائه وأوصيائهم, وقد اهتم بان عين خلفاء الارض قبل ان يخلق اهل الارض فما يعقل ان يترك امه محمد وهي اعز امة عليه واعظم نبي عنده وائمته سادة الخلق ان يترك الامة بلا راعي بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتتلاعب بها النفوس الشريرة ويتضارب على السلطة المنافقون.
هذا وقد نص رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مراراً كثيرة على تخليف كتاب الله وعترة نبيه, وبشرهم ان الشاهد الذي يتلو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هو علي(ع) والائمة من ولده لا يخرجون اتباعهم عن هدى ولا يدخلونهم في ضلال وان المتخلف عنهم من الهالكين, وانهم لا يجهلون شيئاً مما يحتاج اليه الامة وانهم ليعلمون كل ما في القرآن والقرآن فيه علم كل شيء كما قال الله تعالى [وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ89](2), فهذا القرآن الكريم فلا يعقل ان يتخلف عليه اناس جهلة لا يعرفون تفسير آية واضحة منه ولا يعرفون الميراث ولا يفهمون الكلام ويتمحضون بالجهالات بكل شيء ويبعد عن الحكم بالقرآن من عبر عنه القرآن [وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ12](3), وقد اشار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الى الامام علي(ع) حين سأله بعض الاصحاب من الامام المبين, قال: (هذا الامام المبين)(4), فالائمة(ع) هم المفزع للامة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومرجعها, ومثلهم كباب حطة في بني اسرائيل, وكسفينة نوح(ع) ومن اتبع غير سبيلهم وهم سادة المؤمنين فهو قد شاقق الرسول غير الذين نصبهم, [وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا115](5), وما نطق القرآن في حق اهل البيت(ع) وكذا في حق علي(ع) كما نطقت به اسباب النزول والسنة الشريفة في تفسير آيات كثيرة قد اقر بها المخالفون فضلاً عن المؤلفين وقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هو كالقرآن الكريم, [لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ42](6), [وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ7](7), فان اتبعوا هذا واهتدوا والا فهم من المنافقين, [وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا61](8).
ولكن تخلصوا من اطلاق ذلك عليهم بان اولوا تأويلات للآيات والآيات وتمسكوا غالباً بالمتشابهات وساعدهم جماعة كثيرة من الكذبة والماكرين بالاسلام والمسلمين من الرواة ومن المحدثين خصوصاً من كبارهم الذين اسموا كتبهم بالصحاح وضلوا واضلوا شعوبهم من بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى اليوم, فلاحظ سيرة الخلفاء الثلاثة وما تأولوه او صرحوا بعناده وتغييره ومرروا لعبتهم على المخدوعين وعلى العارفين المقهورين, واني رأيت مقدمة النص والاجتهاد للسيد المجاهد عبد الحسين شرف الدين(قدس سره) فريدة في نوعها فاحببت نقلها للشروع في ذكر الشين من اعمال الثلاثة وجريمتهم في حق الأمة, ما رأيت كنصوص الخلافة صريحة متواترة صودرت من أكثر الأمة, والجرح لما يندمل والنبي لما يقبر, على ان حياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد النبوة كانت مليئة مفعمة بتلك النصوص منذ يوم الانذار في دار ابي طالب(9) فما بعده من الايام حتى سجي على فراش الموت والحجرة غاصة بأصحابه فقال: (أيها الناس يوشك أن أقبض قبضاً سريعاً فينطلق بي, وقد قدمت إليكم القول معذرة إليكم ألا اني مخلف فيكم كتاب الله عز وجل وعترتي اهل بيتي), ثم أخذ بيد علي فرقعها فقال: (هذا علي مع القرآن, والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا عليَّ الحوض), وكفى بنصوص الثقلين حكماً بين الفريقين وخصائص علي فيها كل نص جلي: [لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ37](10).
أستأثروا بالأمر يوم السقيفة, متأولين نصوصه لا يلوون على شيء, وقد قضوا أمرهم بينهم بدون ان يؤذِنوا به أحداً من بني هاشم وأوليائهم وهم أهل بيت النبوة, وموضع الرسالة ومختلف الملائكة, ومهبط الوحي والتنزيل, حتى كأنهم(ع) لو يكونوا ثقل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأعدال كتاب الله عزّ وجل(11), وأمان الامة من الاختلاف(12), وسفينة نجاتها من الضلال(13) وباب حطتها(14), وكأنهم لم يكونوا من الامة بمنزلة الرأس من الجسد, وبمنزلة العينين من الرأس(15), بل كأنهم إنما كانوا ممن عناهم الشاعر في المثل السائر:


ويقضى الأمر حين تغيب تيم

 

ولا يستأذنون وهم شهود


أجل قضي الامر في السقيفة ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لقى بين عترته الطاهرة وأوليائهم ثلاثة ايام, وهم حوله يتقطعون حسرات, ويتصعدون زفرات, قد أخذهم من الحزن ما تنفطر به المرائر, ومن الهم والغم ما يذيب لفائف القلوب, ومن الرعب والوجل ما تميد به الجبال, ومن الهول والفرق ما اطار عيونهم وضيق الارض برحبها عليهم.
وأولئك في معزل عن المسجى ثلاثاً – بأبي وأمي – يرهفون لسلطانه عزائمهم ويشحذون لملكه آراءهم, لم يهتموا في شيء من أمره حتى قضوا أمرهم, مستأثرين به, وما ان فاؤوا الى مواراته حتى فاجؤوا أولياءه وأحباءه بأخذ البيعة منهم أو التحريق عليهم(16) كما قال شاعر النيل حافظ إبراهيم في قصيدته السائرة:


وقولة لعليّ قالها عمر
حرقت دارك لا أبقي عليك بها
ما كان غير أبي حفص بقائلها

 

أكرم بسامعها أعظم بملقيها
إن لم تبايع وبنت المصطفى فيها
أمام فارس عدنان وحاميها


فلو فرض ان لا نص بالخلافة على احد من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وفرض كونهم مع هذا غير مبرزين في حسب أو نسب, أو خلافة, أو جهاد, أو علم, أو ايمان, أو اخلاص, ولم يكن لهم السبق في مضامير كل فضل, بل كانوا كسائر الصحابة, فهل كان من مانع شرعي او عقلي, او عرفي يمنع من تأجيل عقد البيعة الى فراغهم من تجهيز رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟ ولو بأن يوكل حفظ الامن الى القيادة العسكرية موقتاً حتى يستتب امر الخلافة؟
أليس هذا المقدار من التريث كان أرفق بأولئك المفجوعين؟ وهم وديعة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لديهم, وبقيته فيهم, وقد قال الله تعالى: [لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ128](17), أليس من حق هذا الرسول – الذي يعز عليه عنت الامة, ويحرص على سعادتها, والرؤوف بها الرحيم لها – أن لا تعنت عترته فلا تفاجأ بمثل ما فوئجت به – والجرح لما يندمل, والنبي لما يقبر!!
وحسبها يومئذ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قارعة تفترش بها القلق, وتتوسد الارق وتساور الهموم, وتسامر النجوم, وتتجرع الغصص, وتعالج الرحاء, فالتريث الذي قلناه كان أولى بتعزيتها, وأدنى الى حفظ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيها, وأجمع لكلمة الأمة, وأقرب الى استعمال الحكمة, لكن القوم صمموا على صرف الخلافة عن آل محمد مهما كلفهم الامر, فخافوا من التريث أن يفضي بهم الى خلاف ما صمموا عليه, فان آل محمد إذا حضروا المشورة ظهرت حجتهم, وعلت كلمتهم, فبادر القوم بعقد البيعة, في سقيفة بني ساعدة بعيداً عن جنازة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وبدون حس المشتغلين بتجهيزها وكانت هذه المخالفة الاولى في استتباب الحكم لهم, واغتنموا اشتغال الهاشميين برزيتهم, وانتهزوا انصرافهم بكلهم الى واجباتهم بتجهيز جنازتهم المفداة, واعان أولئك على ما دبروه دهشة المسلمين وذعرهم, وتزلزل أقدامهم, واجتماع أكثر الانصار في السقيفة يرشحون سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج, لكن ابن عمه بشير بن سعد بن ثعلبة الخزرجي, وأسيد بن الحضير سيد الأوس, كانا ينافسانه في السيادة على هذا الترشيح, وخافا أن يتم له الامر, فأضمروا له الحسيكة مجمعين على صرف الأمر عنه, بكل ما لديهما من وسيلة, وصافقهما على ذلك عويم بن ساعدة الأوسي, ومعن بن عدي حليف الأنصار, وقد كان هذان على اتفاق سري مع أبي بكر وعمر وحزبهما, فكانا من أولياء ابي بكر على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكانا مع ذلك ذوي بغض وشحناء لسعد بن عبادة(18), فانطلق عويم(19) الى ابي بكر وعمر مسرعاً فشحذ عزمهما لمعارضة سعد, واسرع بهما الى السقيفة, ومعهما أبو عبيدة, وسالم مولى ابي حذيفة, ولحقهم آخرون من حزبهم من المهاجرين, فاحتدم الجدال بين المهاجرين والانصار, واشتدت الخصومة حتى أرتفعت أصواتهم بها وكادت الفتنة أن تقع, فقام أبو بكر بكلام أثنى فيه على الانصار, واعترف لهم بالجميل خطاباً ودهم بلين ورقة, واحتج عليهم بأن المهاجرين شجرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبيضته التي تفقأت عنه, ورشحهم للوزارة, اذا تمت للمهاجرين الامارة ثم اخذ بضبعي عمر وابي عبيدة فأمر المجتمعين بمبايعة أيهما شاؤا, وما ان فعل ذلك حتى تسابق الى بيعته عمر وبشير, وما ان بايعاه حتى تبارى الى بيعته اسيد بن الخضير وعويم بن ساعدة, ومعن بن عدي, وأبو عبيدة بن الجراح, وسالم مولى ابي حذيفة, وخالد بن الوليد, واشتد هؤلاء على حمل الناس على البيعة بكل طريق, وكان اشدهم في ذلك عمر ثم اسيد وخالد, وقنفذ(20) بن عمير بن جدعان التميمي, وما بويع ابو بكر حتى اقبلت به الفئة التي بايعته تزفه الى مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) زفاف العروس(21) والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثمة لقىً بين أولئك المولهين والمولهات من الطيبين والطيبات فما وسع أمير المؤمنين(ع) حينئذ الا التمثيل بقول القائل:


وأصبح أقوام يقولون ما اشتهوا

 

ويطغون لما غال زيداً غوائل(22)


وكان(ع) على علم من تصميم القوم على صرف الامر عنه, وانه لو نازعهم فيه لنازعوه, ولو قاتلهم عليه لقاتلوه, وان ذلك يوجب التغرير في الدين, والخطر بالامة, فاختار الكف احتياطاً على الاسلام, وايثاراً للصالح العام, وتقديماً للاهم على المهم, عهد معهود من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صبر أمير المؤمنين على تنفيذه وفي العين قذى, وفي الخلق شجى(23) نعم قعد في بيته ساخطاً مما فعلوه, حتى اخرجوه كرهاً(24), احتفاظاً بحقه المعهود به اليه, واحتجاجاً على من استبد به, وما أبلغ حجته, إذ قال مخاطباً لأبي بكر:


فان كنت بالقربى حججت خصيمهم

فغيرك أولى بالنبي وأقرب

وإن كنت بالشورى ملكت أمورهم

فكيف بهذا والمشيرون غيبُ(25)


وقد كانت بيعتهم فلتة, وقى الله المسلمين شرها كما زعموا, لكن ذلك الوقاية إنما كانت على يد أمير المؤمنين بصبره على الاذى, وغمضه على القذى, وتضحيته حقه في سبيل حياة الاسلام, فجزاه الله عن الاسلام وأهله خير جزاء المحسنين.


(1) سورة الانعام 6/124.

(2) سورة النحل 16/89.

(3) سورة ياسين 36/12.

(4) الدرر المنثور للسيوطي وتفسير الصافي 4/247.

(5) سورة النساء 4/115.

(6) سورة فصلت 41/42.

(7) سورة الحشر 59/7.

(8) سورة النساء 4/61.

(9) اذ دعا عشيرته الاقربين لينذرهم, وكان آخر كلامه معهم ان اخذ بيد علي فقال: ان هذا اخي ووزيري ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له واطيعوا, فلتراجع المراجعة 20 ص118 والعتي بعدها من كتاب المراجعات.

(10) سورة ق 50/37.

(11) اشارة الى النصوص الصريحة في السنن الصحيحة, التي انزلت العترة منزلة الكتاب فجعلتهما معاً لأولي الالباب, وقد اخرجها مسلم في صحيحه وأخرجها الترمذي والنسائي والامام احمد في مسنده والطبراني في الكبير, والحاكم في مستدركه, والذهبي في تلخيص المستدرك, وابن ابي شيبة وأبو يعلى في سنتهما, وابن سعد في الطبقات, وغير واحد من اصحاب السنن بطرق متعددة واسانيد كثيرة والتفصيل في المراجعة 8 من مراجعاتنا.

(12) اشارة الى قوله(ص) (اهل بيتي امان لامتي من الاختلاف, فاذا خالفتهم قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب ابليس اخرجه الحاكم في ص149 من الجزء 3 من المستدرك, ثم قال: هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه.

(13) اشارة الى ما اخرجه الحاكم بالاسناد الى ابي ذر ص151 من الجزء 3 من المستدرك قال: قال رسول الله(ص) (ان مثل اهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق.

(14) اشارة الى ما اخرجه الطبراني في الاوسط عن ابي سعيد قال: سمعت رسول الله(ص) يقول: (انما مثل اهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وانما مثل اهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني اسرائيل من دخله غفر له).

(15) نقل الامام الصبان في كتابه (اسعاف الراغبين) والشيخ يوسف النبهاني في (الشرف المؤبد) وغير واحد من الثقات بالاسناد الى ابي ذي قال: قال رسول الله(ص) اجعلوا اهل بيتي منكم مكان الرأس من الجسد ومكان العينين من الرأس, ولا يهتدي الرأس الا بالعينين, ومن اراد تفصيل هذه الاحاديث وما يجري مجراها فعليه بمراجعاتنا ولا سيما المراجعة 6 وما بعدها حتى المراجعة 13.

(16) تهديدهم علياً بالتحريق ثابت في التواتر القطعي, وحسبك ما أخرجه ابو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة كما في ص130 وفي 134 من المجلد الاول من شرح النهج الحميدي واخرجه ابن جرير الطبري في موضعين في احداث السنة الحادية عشرة من تاريخ الامم والملوك, وذكره ابن قتيبة في اوائل كتابه (الامامة والسياسة), وابن عبد ربه المالكي في حديث السقيفة من الجزء الثاني من عقده الفريد, والمسعودي في مروج الذهب نقلاً عن عروة بن الزبير في مقام الاعتذار عن اخيه عبد الله, اذ هم بالتحريق على بني هاشم حين تخلفوا عن البيعة, وابن الشحنة حيث ذكر بيعة السقيفة في كتابه (روضة المناظر), وابو الفداء حيث اتى على ذكر اخبار لابي بكر في تاريخه الموسوم بالمختصر في اخبار البشر, ورواه الشهرستاني عن النظام عند ذكره للفرقة النظامية من كتاب (الملل والنحل), ونقله العلامة الحلي في (نهج الصدق) عن كتاب (المحاسن وانفاس الجواهر), وغرر بن خنزابة, وافرد ابو مخنف لبيعة كتاباً فيه التفصيل.

(17) سورة التوبة 9/128.

(18) لهذه الشحناء سبب مذكور في كتاب القبائل لابي عبيدة معمر بن المثنى فليطلب من هناك كذا قال ابن أبي الحديد في ص8 من المجلد الثاني من شرح النهج حيث اورد القضية التي أوردناها في الاصل.

(19) كما نص عليه الزبير بن بكار في الموفقيات, لكن المدائني والواقدي ذكرا, ان معناً وعويماً اتفقا على تحريض ابي بكر, وان معنا كان يشخصهما اشخاصاً, ويسوقهما سوقاً عنيفاً الى السقيفة مبادرة الى الامر قبل فواته, قلت: وهذا كله موجود في ص8 من المجلد الثاني من شرح النهج الحميدي.

(20) كان هؤلاء من الجماعة الذين دخلوا بين فاطمة(عليها السلام) وحسبك ما هو منقول عنهم في ص19 من المجلد الثاني من شرح النهج الحميدي, وروى أحمد بن عبد العزيز الجوهري – كما في ص130 من المجلد الاول من شرح النهج – قال: لما بويع أبو بكر كان الزبير والمقداد يختلفان في جماعة من الناس الى علي وهو في بيت فاطمة, فخرج عمر حتى دخل على فاطمة فقال: يا بنت رسول الله(ص) ما من احد من الخلق احب البنا من ابيك, ومنك بعد ابيك, وايم الله ما هذا بمانعي ان اجمع هؤلاء النفر عندك ان امر بتحريق البيت عليهم, الحديث.

(21) نص على زفافه الزبير بن بكار في الموفقيات كما في ص8 من المجلد الثاني من شرح النهج.

(22) نقل تمثله بهذا البيت ابو بكر احمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة كما في ص5 من المجلد الثاني من شرح النهج الحميدي.

 

(23) وتفصيل هذه الامور كلها في رسالتنا – فلسفة الميثاق والولاية – وحسبك المراجعة 82 والمراجعة 84 من كتابنا – المراجعات – فان فيهما من التفصيل ما يثلج الغليل, كذلك التنبيه المعقود في الفصل الثامن من – فصولنا المهمة – فراجع.

 

(24) أخرج أبو بكر الجوهري في كتاب السقيفة – كما في ص19 من المجلد الثاني من شرح النهج الحميدي – عن الشعبي حديثاً قال فيه: فانطلق عمر وخالد بن الوليد الى بيت فاطمة فدخل عمر ووقف خالد على الباب, فقال عمر للزبير: ما هذا السيف؟ فقال: أعددته لابايع علياً, قال: وكان في البيت ناس كثير منهم المقداد وجمهور الهاشميين, فاخترط عمر السيف وضرب به صخرة في البيت فكسره, ثم أخرجوا الزبير الى خالد ومن معه, وكان معه جمع كثير ارسلهم ابو بكر ردءاً لعمر وخالد, ثم قال عمر لعلي: قم فبايع فتلكاً واحتبس فأخذ بيده فقال: قم, فأبى فحملوه الى خالد كما دفعوا الزبير وساقهما عمر ومن معه من الرجال سوقاً عنيفاً, واجتمع الناس ينظرون, وامتلأت شوارع المدينة بالرجال, فلما رأت فاطمة مع صنع عمر صرخت وولولت, واجتمع معها نساء كثير من الهاشميات وغيرهم, فخرجت الى باب حجرتها ونادت: يا ابا بكر ما اسرع ما اغرتم على اهل بيت رسول الله, والله لا اكلم عمر حتى القى الله...الحديث, ومن استقصى ما كان منهم يؤمئذ تجلت له الحقيقة في قول ابي بكر عند موته, وددت اني لم اكشف عن بيت فاطمة ولو اغلق على حرب, واخرج ابو بكر الجوهري في كتاب السقيفة ايضاً من حديث ابن لهيعة عن ابي الاسود: ان عمر واصحابه اقتحموا الدار وفاطمة تصيح وتناشدهم الله وأخرجوا علياً والزبير يسوقهما عمر سوقاً, واخرج ابو بكر الجوهري, ان عمر جاء الى بيت فاطمة في رجال من الانصار ونفر قليل من المهاجرين, فقال: والذي نفسي بيده لتخرجن الى البيعة او لاحرقن البيت عليكم فخرج اليه الزبير مصلتاً بالسيف فاجتمعوا عليه حتى ندر السيف من يده فضرب به عمر الحجر فكسوه, ثم اخرجهم بتلابيبهم يسوقهم سوقاً عنيفاً...الحديث فراجعه في ص19 من المجلد الثاني من شرح النهج, وكل ما ذكرناه هنا تجده هناك.

 

(25) البيتان في نهج البلاغة, وقد علق عليهما كل من الشيخ محمد عبده وعبد الحميد بن ابي الحديد في شرحيهما تعليقة يجدر بالباحثين ان يقفوا عليها, وقد نبهنا فيما علقناه عليهما حيث أوردناهما في المراجعة 80 من كتاب المراجعات وللعباس بن عبد المطلب احتجاج على ابي بكر كأنه مأخوذ من هذين البيتين, وذلك اذ قال له في كلام دار بينهما: فان كنت برسول الله طلبت, فحقنا أخذت, وان كنت بالمؤمنين طلبت, فنحن منهم متقدمون فيهم, وان كان هذا الامر انما يجب بك بالمؤمنين فما وجب اذ كنا كارهين, وقالله مرة اخرى – كما في ص2 من المجلد الثاني من شرح النهج الحميدي -: اما قولك نحن شجرة رسول الله, فانما انتم جيرانها ونحن اغصانها, وهذا مضمون قول امير المؤمنين(ع): احتجوا بالشجرة واضاعوا الثمرة, وقال الفضل بن العباس- فيما رواه الزبير بن بكار في الموفقيات كما في الصفحة الثامنة من المجلد الثاني من شرح النهج الحميدي: يا معشر قريش, وخصوصاً يا بني تيم إنما اخذتم الخلافة بالنبوة ونحن اهلها دونكم, ولو طلبنا هذا الامر الذي نحن اهله لكانت كراهة الناس لنا اعظم من كراهتهم لغيرنا – حسداً منهم لنا, وحقداً علينا, وانا لنعلم لن عند صاحبنا عهداً هو ينتهي اليه, وقال عتبة بن ابي لهب, كما في مختصر ابي الفداء, وآخر ص8 من المجلد الثاني من شرح النهج الحميدي:


ما كنت أحسب أن الامر منصرف
أليس أول من صلى لقبلتكم
واقرب الناس عهداً بالنبي ومن
من فيه ما فيهم لا يمترون به
ماذا الذي ردهم عنه فنعلمه

 

عن هاشم ثم منها عن ابي حسن
وأعلم الناس بالقرآن والسنن
جبريل عون له بالغسل والكفن
وليس في القوم ما فيه من الحسن
ها ان ذا غبن من اعظم الغبن


قال الزبير بن بكار – اذ نقل عنه هذه الابيات في الموفقيات: فبعث اليه علي فنهاه وأمره ان لا يعود وقال(ع): سلامة الدين احب الينا من غيرها, وروى الزبير في الموفقيات ايضاً: كما في ص7 من المجلد الثاني من شرح النهج الحميدي, ان ابا سفيان بن حرب مر بالبيت الذي فيه علي فوقف وانشد:


بني هاشم لا تطمعوا الناس فيكم
فما الامر الا فيكم واليكم
ابا حسن فاشدد بها كف حازم

 

ولا سيما تيم بن مرة او عدي
وليس لها الا ابو حسن علي
فانك بالامر الذي يرتجى ملي


فلم يكن لكلامه اثر عند عليّ, وكان مما قاله: ان رسول الله(ص) عهد الي عهداً فأنا عليه, قال الزبير: فتركه ابو سفيان وعدل الى العباس بن عبد المطلب في منزله, فقال: يا ابا الفضل انت لها اهل واحق بميراث ابن اخيك امدد يدك لابايعك, فضحك العباس وقال: يدفعها علي ويطلبها العباس؟! فخرج ابو سفيان خائباً.