حكم- روى المحبون للشيخين عن ابن مسعود قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (ما من مولود الا وفي سرته من تربة التي خلق منها حتى يدفن فيها وانا وابو بكر وعمر خلقنا من تربة واحدة وفيها ندفن)(1).
ومعلوم انه لم يكن نسب الشيخين من نسب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) اذ بينهما حوالي عشرة اجداد مع ثبوت ان نسب عمر من الزنا المكرر والزنا بالمحارم من الام والاخت, والصحيح ان هذه الرواية قالها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في حق علي(ع) , قال الامام علي(ع) , قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (اني رأيت اسمك مقروناً باسمي في اربعة مواطن فانست بالنظر اليه لما بلغت بيت المقدس في معراجي الى السماء وجدت على صخرة لا اله الا الله محمد رسول الله ايدته بوزيره ونصرته بوزيره) فقلت لجبرئيل ومن وزيري؟ قال: علي بن ابي طالب(ع) , (فلما انتهيت الى سدرة المنتهى وجدت عليها اني انا الله لا اله الا انا وحدي ومحمد صفوتي من خلقي ايدته بوزيره ونصرته بوزيره), فقلت لجبرئيل ومن وزيري؟ قال علي بن ابي طالب, فلما جاوزت سدرة المنتهى وانتهيت الى عرش رب العالمين فوجدت مكتوباً على قوائمه اني انا الله لا اله الا انا محمد حبيبي من خلقي ايدته بعلي بوزيره ونصرته بوزيره, فلما هبطت الى الجنة وجدت مكتوباً على باب الجنة لا اله الا الله انا محمد حبيبي من خلقي ايدته بعلي ونصرته بوزيره)(2).
واما الدفن بجنب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي بيته بدون تمليك او اعارة او هبة من رسول الله او الوريث فهو غصب وحرام فضلاً عن ان يكون فضيلة ومنقبة ولو كان مجرد دفنهما بجنب الرسول فضيلة لكان نصب الاصنام في الكعبة فضيلة للاصنام وحجة على رضاء الله.
حكم- حكي ان فضال بن حسن الكوفي مر بابي حنيفة وهو في جمع كثيرين يملي عليهم شيئاً من فقهه فدنا منه فسلم عليه فرد القوم السلام فقال: يا ابا حنيفة رحمك الله ان لي اخاً يقول بان خير الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علي بن ابي طالب وانا اقول ابو بكر خير الناس وبعده عمر فما تقول انت رحمك الله, فاطرق ملياً ثم رفع رأسه وقال: كفى بمكانهما من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كرماً وفخراً انهما ضجيعاه في قبره فاي حجة لك اوضح من هذه؟ فقال له فضال اني قد قلت ذلك لأخي فقال والله لئن كان الموضع لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دونهما فقد ظلما بدفنهما في موضع ليس لهما فيه حق وان كان الموضع لهما فوهباه لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لقد اساءا وام احسنا إذ رجعا في هبتهما ونكثا عهدهما, فأطرق ابو حنيفة ساعة ثم قال: لم يكن له ولا لهما خاصة ولكنهما نظرا في حق عائشة وحفصة فاستحقا الدفن في ذلك الموضع بحق ابنتيهما, فقال له فضال قد قلت له ذلك فقال: انت تعلم ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مات عن تسع حشايا, فراش كناية عن النساء, ونظرنا فاذا لكل واحدة منهن تسع الثمن فاذا هو شبر بشبر او اقل فكيف يستحقان اكثر من ذلك, وبعد فما بال عائشة وحفصة يرثان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفاطمة بنته تمنع الميراث؟ فقال ابو حنيفة يا قوم نحوه عني فو الله أنه لرافضي(3).
وتحقيق المسألة ليس يخلو موضع قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من ان يكون باقياً في ملكه, فيلزم ارث السيدة فاطمة لانها الوريث الوحيد بحسب رأي الشيعة وهي والعباس بحسب مذاهب العامة ولم نجدهما ارضياً الوريثة او انتقل من ملك الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الى الصدقة فيجب باحتوائه جميع المسلمين او الفقراء منهم والابتياع منهم ولم يفعلا, او انتقل الى ملك حفصة وعائشة طالبناهما في دليل وحجة الانتقال بخصوصهما بدون بقية الازواج ودون فاطمة وهي البنت حيث انها اقرب من الزوجة مع عدم تصديق فاطمة بانتقال فدك الى ملكها مع انها كانت ذات يد وذو اليد لا يطالب على ما تحت يده مع انها جاءت بشهود هذا المضمون ما عن السيد المرتضى رحمه الله (4).
هذا التصرف بالنسبة للغريب انه يغصب بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويدفن فيه واما ابن رسول الله وهو الوارث الشرعي فيمنع ويضرب جنازته بسبعين نبلة بامر عائشة وعمل مروان مع ان القصد لزيارة جنازته لقبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وليس لدفنه في بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولذا قال ابن عباس لعائشة:
تجملت تبغلت وان عشت تفيلت |
|
لك التسع من الثمن وبالكل تملكت(5) |
فما ترى ان نقرأ لتصرفات هؤلاء الآثمين الا قوله تعالى: [وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ39 أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ40](6).